Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الحاجة إلى تعويضات شاملة عن العبودية

الأضرار الناجمة عن الاستعباد والاستعمار الأفريقيين لا تشتمل على سلب الأرض والنهب القائم على استخراج الموارد الطبيعية لكوكبنا، بل تتضمن أيضاً تهميش أنظمة المعرفة الأصيلة وتدميرها

هناك تاريخ طويل من النشاط الشعبي للتعويضات في بريطانيا يعود تاريخه إلى القرن الـ18 (غيتي)

في هذا الشهر المخصص لإحياء ذكرى تاريخ السود، من المهم استكشاف تاريخ تنظيم التعويضات الأفريقية في بريطانيا، إضافة إلى فهم دعاة التعويضات الأفارقة للمصطلح، خصوصاً هؤلاء [الأعضاء] في "الحركة الاجتماعية الدولية للتعويضات الأفريقية" (ISMAR) في المملكة المتحدة.

وبالنسبة إلى الباحثين في مجال التعويضات مثل البروفيسور كيماني نيهوسي، فإن معنى مصطلح التعويضات "يتجاوز رد الدين لقاء خطأ سابق ومستمر، ليشمل التأهيل الذاتي من خلال التعليم والتنظيم والتعبئة".

ينص القانون الدولي على أن التعويضات الشاملة يجب أن تتضمن خمسة مكونات رئيسة هي: التوقف التام وضمانات عدم التكرار ورد الحقوق والتعويض والترضية وإعادة الاعتبار.

في كتابه "حكم المحور في أوروبا المحتلة"، قال رافائيل ليمكين الذي سن مصطلح "الإبادة الجماعية" وبدأ [بإعداد] "اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948" إن "للإبادة الجماعية مرحلتين: الأولى، تدمير النمط الوطني للمجموعة المضطهَدة. والآخر، هو فرض النمط الوطني للمضطهِد".

إن هذا السلب من الأرض والثروة والسلطة للأشخاص المتحدرين من أصل أفريقي، علاوة على إنكار حقوقنا في تقرير المصير والسيادة، يؤديان إلى بروز رؤى تعويضات بديلة للتحولات الشاملة المعروفة باسم "إصلاحات الكوكب"، وهي الصلة بين العدالة التعويضية والعدالة البيئية والعدالة المعرفية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وإصلاحات الكوكب ضرورية لأن الأضرار الناجمة عن الاستعباد والاستعمار الأفريقيين لا تشتمل على سلب الأرض والنهب القائم على استخراج الموارد الطبيعية لكوكبنا، بل تتضمن أيضاً تهميش أنظمة المعرفة الأصيلة وقتلها. وأدى ذلك إلى إلغاء الصفة الإنسانية لكل من "الناهبين" و"المنهوبين"، إذ يشار إلى الأخيرين في دراسة أجرتها البروفيسورة برناديت أتواهيني [بضحايا] "مصادرة الكرامة"، ويجب أن تعالج التعويضات الشاملة كل هذا.

ومنذ عام 2013، تركز اهتمام وسائل الإعلام وجامعات مثل غلاسكو وكامبريدج بشكل خاطئ حصرياً على خطة "لجنة تعويضات كاريكوم" [الكاريبية] Caricom Reparations Commission المؤلفة من 10 نقاط في برامج العدالة التعويضية الخاصة بها. غير أن تركيزاً من هذا النوع لا يؤدي فقط إلى تهميش أفريقيا، وهي منبع قضية حصول الأشخاص من أصول أفريقية على تعويضات، فضلاً عن تشكيلات التعويضات لأفريقيا القارية من نوع "ماتوبونتيميتاو-غافريك" Maatubuntimitawo-Gafric، ولكنه يقلل أيضاً من أهمية وجود "الحركة الاجتماعية الدولية للتعويضات الأفريقية" على مستوى القاعدة الشعبية وخطط التعويضات الخاصة بها التي تجمع بين المحلية والعالمية.

وهناك تاريخ طويل من أنشطة التعويضات التي قامت بها القاعدة الشعبية في بريطانيا، وترقى إلى القرن الـ18. وتعود أقدم الدعوات المعروفة للتعويضات في بريطانيا إلى "أبناء أفريقيا" التي شارك في تأسيسها أوتوباه كوغوانو Ottobah Cugoano، وهو أفريقي من دعاة إلغاء الرق، وكان سابقاً مستعبداً في البلاد التي تعرف اليوم باسم غانا.

وفي 1787، نشر كوغوانو كتاباً بعنوان "أفكار ومشاعر حول الاتجار الشرير والخبيث بالعبودية وتجارة جميع الأنواع البشرية" Thoughts and Sentiments on the Evil and Wicked Traffic of the Slavery and Commerce of the Human Species وهو أحد أكثر النصوص المؤيدة لإلغاء الرق راديكالية في ذلك العصر. وفي ملاحظة وضعها في نهاية طبعة 1791، أثار كوغوانو قضية التعويض المناسب و"التعويض عن الأضرار" التي لحقت بالأشخاص المستعبدين.

ومنذ ذلك الحين، استمر أبناء كل جيل من الأشخاص ذي الأصل الأفريقي في المملكة المتحدة بالمطالبة بالتعويضات. وفي الإعلان الصادر عن مؤتمرها التأسيسي عام 1993، دعت "حركة التعويضات الأفريقية" African Reparations Movement التي شارك في تأسيسها النائب الراحل بيرني غرانت ودوروثي كويا وآخرون، الحكومة البريطانية إلى "تقديم تعويضات" ومنح تعويض كامل "للشعوب ذات الأصل الأفريقي"، كما سلطت الضوء على مهمات الإصلاح الذاتي المجتمعية التي يتعين علينا [نحن] الأفارقة القيام بها من أجل أنفسنا، مثل ضمان "الإعلان عن الهوية الأفريقية والحفاظ عليها وتطويرها" و"إعادة أفريقيا إلى مركز السياسة العالمية".

وتمت دعوة جميع الأشخاص من أصل أفريقي إلى "تشكيل جبهة موحدة قوية قادرة على كشف الأذى النفسي والاقتصادي والثقافي الذي يلحق بنا ومواجهته والتغلب عليه".

استمر هذا المسار المحلي- العالمي لعموم أفريقيا في السعي إلى تأمين الإصلاح الكامل على يدي دعاة التعويض الأفارقة ومنظماتهم، بما في ذلك "تحالف عموم أفريقيا للتعويضات في أوروبا" Pan-Afrikan Reparations Coalition in Europe وحملة "أوقفوا مانغاميزي" Stop the Maangamizi و"برلمان الشعب الأفريقي العالمي" Global Afrikan People’s Parliament و"لجنة مارس لتعويضات يوم التحرر الأفريقي" Afrikan Emancipation Day Reparations March Committee والشبكة الدولية للباحثين والناشطين من أجل التعويضات الأفريقية" International Network of Scholars and Activists for Afrikan Reparations.

أسهمت كل هذه المنظمات في التأسيس التاريخي لـ"المجموعة البرلمانية من كل الأحزاب للتعويضات الأفريقية" All-Party Parliamentary Group for Afrikan Reparations برئاسة النائب بيل ريبيرو أدي التي سوف تنشئ "لجنة تحقيق برلمانية من كل الأحزاب من أجل الحقيقة والعدالة التعويضية" All-Party Parliamentary Commission of Inquiry for Truth & Reparatory Justice بدعم من حزب الخضر.

يدافع هؤلاء المطالبون بالتعويضات عن نموذج للإصلاحات الشاملة التي تعيد للشعوب الأفريقية سيادتها، وهو نموذج يتلخص بمصطلح "ماتوبونتومان" Maatubuntuman، أي أفريقيا ذاتية الإصلاح، من دون حدود استعمارية، تحوّل نفسها إلى اتحاد مجتمعات أفريقي فائق القوة. كما أنه يحفز حركات التعويضات للشعوب المستعمَرة الأخرى للمشاركة في إنشاء نظام عالمي لمرحلة ما بعد التعويضات يسمى "أوبونتودونيا" Ubuntudunia وهو عالم متعدد الأقطاب وعالم تسود فيه العدالة للجميع.

تتضمن اللبنات الأساسية لإنشاء "ماتوبونتومان"، "توحيد" المجتمعات المتصدعة ذات التراث الأفريقي في قارة أفريقيا وعبر الشتات الأفريقي المعروفين باسمي "سانكوفاهوميس" Sankofahomes و" ماتوبونتوياماس" Maatubuntujamaas على التوالي، أو "مجتمعات التراث الأفريقي لتقرير المصير الوطني" African Heritage Communities for National Self-Determination، بحيث يعيد الأشخاص من أصل أفريقي لشعبنا إرادته وقوته ليتحقق تغيير العدالة التعويضي الذي نسعى إليه.

كما يذكرنا البروفيسور روبن كيلي بأن "الحركات الاجتماعية التقدمية لا تنتج ببساطة إحصاءات وسرديات عن الاضطهاد، وبدلاً من ذلك، أفضلها... تنقلنا إلى مكان آخر، وتجبرنا أن نعيش الأهوال مجدداً، والأهم من ذلك، أنها تقوم بتمكيننا لتخيل مجتمع جديد".

ويجري التمهيد سلفاً لإنشاء هذا المجتمع الجديد هنا في المملكة المتحدة من خلال إضفاء الصفة المؤسساتية على "حلقات تدريب على تحصيل التعويضات لعموم أفريقيا" Pan-Afrikan Reparations Rebellion Groundings السنوي في 1 أغسطس (آب) الذي تم دعمه من جانب قوى التغيير في حركة "إكستينكشن ريبيليون" Extinction Rebellion على امتداد العامين الماضيين.

وباتخاذ خطوات عملية نحو هذا "المجتمع الجديد" بمبادراتهم الخاصة من أجل تحويل العدالة التعويضية إلى مؤسسات تعليم، في بريطانيا وخارجها، قاد الشباب من دعاة التعويض لعموم أفريقيا عملية إطلاق "برالر" Praler أي "الثورة التعليمية التربوية لإصلاحات الكوكب" في كلية الدراسات الشرقية والأفريقية بجامعة لندن.

وتشير دعوتهم من أجل وصول "جميع الشعوب إلى السلطة" إلى "أوبونتودونيا" Ubuntudunia التي تحفزها "الحركة الاجتماعية الدولية للتعويضات الأفريقية" ISMAR لضمان أن السعي إلى نيل التعويضات الأفريقية يعود بالخير على سكان المعمورة كلها.

إيستير ستانفورد- زوسي متخصصة قانونية في فلسفة التشريع وهي ناشطة في مجال التعويضات ومدافعة عن قضايا مجتمعية

© The Independent

المزيد من تحلیل