بعد أشهر من موجات ارتفاع درجات الحرارة وحرائق الغابات المدمرة في كافة أنحاء العالم، يعد 2018 العام الرابع على التوالي الأكثر ارتفاعًا في درجة الحرارة، وفقًا لوكالة أرصاد جوية متخصصة تابعة للأمم المتحدة.
وأظهرت الأرقام الصادرة عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن حرارة كوكب الأرض سجلت ارتفاعا من درجة مئوية واحدة فوق معدلات ما قبل الثورة الصناعية خلال الأشهر العشرة الأولى من هذا العام.
وسجلت السنوات العشرين الماضية ارتفاعات هي الأكبر في درجات الحرارة بعد قياسها على مدار 22 عامًا. وفي الأعوام الخمسة المنصرمة، زاد الاحتباس الحراري إلى أكثر من درجة مئوية واحدة، مسجلاً أعلى مستوياته على مر التاريخ.
وينتاب العلماء شعور بالقلق نظرًا لغياب تجاوب عالمي يترجم خطوات إيجابية ملموسة لخفض هذا الارتفاع في درجات الحرارة، والعمل على الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية وفقًا لأهداف اتفاقية باريس في هذا الشأن.
وأشارت السيدة "إلينا مانينكوفا"، نائب الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، إلى "أن ما نعرضه هو أكثر من مجرد أرقام."
وأوضحت أن "كل جزء صغير من درجة الحرارة المرتفعة يحدث فرقًا في صحة الإنسان ويؤثر في حصوله حصته من الطعام والمياه العذبة، وكذلك يؤثر في انقراض الحيوانات والنباتات والحفاظ على الشعاب المرجانية والحياة البحرية...فأي ارتفاع ضئيل بها يضر."
ويعود تسجيل درجات الحرارة العالمية إلى عام 1880، حين بدأ تسجيل تقديرات موثوقة لدرجات الحرارة في جميع أنحاء العالم. ويأتي هذا العام في المرتبة الرابعة بعد الأعوام 2016 و2015 و2017 في قائمة الاعوام الأكثر ارتفاعا في درجات الحرارة على الإطلاق.
ومع توقعات بعودة حدوث ظاهرة "النينو" في الأشهر المقبلة، من المرجح أن تشهد درجات الحرارة ارتفاعا مرة أخرى في العام المقبل نتيجة الزيادة الطبيعية في حرارة المحيطات والتغيير المناخي الذي يتسبب فيه الإنسان.
وقال البروفيسور "تيم أوزبورن" من وحدة أبحاث المناخ بجامعة "إيست أنجليا" والتي تزود المنظمة العالمية للأرصاد الجوية بالبيانات المستخدمة في تحليلاتها، إن الاحتباس الحراري الذي يسببه انبعاث الغازات أصبح الآن واضحًا للغاية.
وأضاف: "كانت السنوات الأربع الأخيرة الأكثر ارتفاعًا في درجات الحرارة على مر التاريخ؛ حيث قام البشر، على مستوى العالم، باستخراج الفحم والنفط والغاز من الأرض، وحرقه، مما تسبب في إنبعاث تريليون و نصف تريليون طن من ثاني أكسيد الكربون إلى الغلاف الجوي للكرة الأرضية."
وقد دقت نواقيس الخطر هذا الصيف في أغلب أنحاء العالم بعد أن أظهرت درجات الحرارة المرتفعة والطقس السيء عينة مما سيبدو عليه مستقبل كوكبنا نتيجة التغير المناخي.
فقد عمت حرائق الغابات كاليفورنيا واليونان، بينما ضربت موجات الحرارة المرتفعة نصف الكرة الشمالي من أوروبا حتى اليابان، وتعرض شرق أفريقيا والهند لفيضانات جارفة غير مسبوقة.
وأصبح العلماء اليوم أكثر ثقة من أي وقت مضى في ربط مثل هذه الأحداث الكارثية بارتفاع درجات الحرارة العالمية وتأثيرها على أنماط الطقس العالمية.
وأشار البروفيسور "تيم أوزبورن" مجددًا إلى "أن الآثار السلبية غير المباشرة التي بدأت تظهر على الأوضاع المناخية الإقليمية، والتقلبات الجوية القاسية هي نتيجة لتغير المناخ."
ومن المقرر أن يشكل البيان المبدئي للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية بشأن حالة المناخ في عام 2018 دليلاً قويًا اضافيا للمفاوضات المناخية المهمة التي تجريها الأمم المتحدة الأسبوع المقبل في بولندا.
هذا وحذرت منظمة بيئية تابعة للأمم المتحدة من أن الالتزامات العالمية بخفض الانبعاثات يجب أن تتضاعف ثلاث مرات لتصل إلى الهدف الذي حددته اتفاقية باريس بواقع درجتين مئويتين ، تزيد بمقدار خمس مرات لتصل إلى الهدف المتمثل في الحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى 1.5 درجة مئوية.
الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ التابع للأمم المتحدة كان قد حذر في أكتوبر الماضي من أن تحقيق هذا الهدف مازال ممكنًا من الناحية الفنية، ولكنه سيتطلب إجراء تغييرات "غير مسبوقة" لكل نمط من أنماط الحياة البشرية.
وقال "بيتري تالاس"، الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية: "ما زلنا بعيدين عن تحقيق أهداف مواجهة تغير المناخ، والسيطرة على ارتفاع درجات الحرارة."
وأضاف: "غازات الاحتباس الحراري ارتفعت بشكل مركز مرة أخرى إلى مستويات قياسية، وإذا استمر الأمر على ذلك، قد نرى زيادة في درجات الحرارة بواقع 3 إلى 5 درجات مئوية بنهاية هذا القرن."
وقال: "إذا قمنا باستغلال جميع الموارد المعروفة لدينا من الوقود، سيزيد ذلك من الارتفاع في درجات الحرارة. وتجدر الإشارة إلى أننا أول جيل يدرك تمامًا التغييرات المناخية، وآخر جيل يمكنه ان يفعل شيء لمواجهتها."
© The Independent