Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تصبح آكشنر المرأة الحديدية" في تركيا؟

نزلت حلبة السياسة وبإمكانها توجيه أكبر ضربة لأردوغان من خلال جذب مؤيدي "حزب العدالة والتنمية" لصفها

تسعى رئيسة حزب "الخير" مرال آكشنر لإعادة بناء النظام الديمقراطي الحر في تركيا (أ ف ب)

شخصية سياسية مهمة جداً في تركيا، هي رئيسة حزب "الخير" الحزب الجيد (İYİ PARTİ)، مَرَالْ آكْشَنَرْ،  في الواقع رأيت عدداً من الأخبار عنها في وسائل الإعلام العربية، ومع ذلك أعلم أن هناك فضولاً لدى المراقبين للشأن التركي تجاه هذه الشخصية التي تقود كتلة سياسية تعتبر أقوى حزب مرشح لأن يهز حكومة حزب "العدالة والتنمية". كما أن هناك تطلعاً لمعرفة رؤيتها تجاه الداخل التركي ومنطقة الشرق الأوسط والعلاقات مع العالم الغربي.

انتخابات "صعبة"

نمط حياتها وأسلوبها السياسي أظهرا أنها مستعدة لتصبح رئيس الوزراء 28 للبلاد بصفتها امرأة من الأناضول محافظة تعيش في الوقت نفسه في وئام مع العالم الحديث وتتصرف بشخصيتها القوية وموقفها الحازم ومبادئها. ويظهر للمتابِع لزياراتها الميدانية وحواراتها مع الجمهور أن المواطنين العاديين في تركيا، سواء صوتوا لحزب "الخير" أو لا، وأيضاً سواء كانوا أتراكاً أو أكراداً أو عرباً، يشعرون بأنهم قريبون من آكشنر. على أية حال لو أرادت مرال آكشنر أن تكون رئيسة الوزراء الآن، فسيكون من المتاح لها الحصول على ذلك بسهولة.

نعم، هذه ليست مزحة.

كيف؟

يدرك الرئيس رجب طيب أردوغان أن الانتخابات المقبلة ستكون صعبة للغاية. ولهذا السبب دعاها مرات عدة بشكل غير مباشر إلى التحالف الجمهوري الذي يقوده. بل إنه وفقاً لآخر المعلومات التي تلقيتها، سمعت أن أردوغان مستعد للتراجع بشأن عدد من القضايا بما في ذلك العودة إلى النظام البرلماني الذي تصر مرال آكشنر عليه.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن آكشنر ضربت كل الاقتراحات بعرض الحائط لتختار الخيار الأصعب، فرفضت منصب رئاسة الوزراء الجاهز لتحافظ على موقفها المبدئي بالوقوف ضد "النظام السياسي الإسلاموي" الذي يحاول أردوغان ترسيخه.

وبالأخص فإن تصريحها بأنها لن تترشح للرئاسة في الانتخابات المقبلة كان بمثابة التأكيد على أنها ترفض أن تكون جزءاً من النظام الذي يريد أردوغان تأسيسه متمثلاً في رئاسة قوية، بدلاً من نظام برلماني يكون فيه رئيس الوزراء مسؤولاً أمام البرلمان ويكون منصب الرئاسة رمزياً.

لن تصبح "جزءاً من النظام"

وأظهرت آكشنر بشكل واضح أنها لن تصبح جزءاً من "النظام السياسي الإسلاموي" كرئيسة للوزراء وهو ما تعارضه بشكل أساس.

ومن خلال تصريحها "سأكون رئيسة للوزراء" أظهرت تأكيدها السياسي وحزمها في ما يتعلق بإعادة بناء النظام الديمقراطي الحر الذي اقترحته على المجتمع.

ويبدو أنها لا تطلق هذا النوع من التصريحات كصفقة سياسية، بل كشرط لا رجوع عنه لتغيير محتمل للسلطة.

ويمكن تفسير ذلك أيضاً بأنها تهدف إلى أن تجعل حزبها (İYİ PARTİ)  بديلاً مفضلاً ومركز جذب ينافس "حزب العدالة والتنمية" في جلب الناخبين المصوتين لليمين الوسط والوصول إلى المركز الأول في انتخابات عام 2023.

وهذا ما جعل آكشنر بمرور الوقت تزداد شعبية في نظر المواطنين وتعطي انطباعاً أنها في عداد أقوى الزعماء الذين يمكنهم هزيمة الرئيس أردوغان. ولهذا السبب تولى رئيس "حزب الشعب الجمهوري" كمال كليتشدار أوغلو مهمة إطاحة أردوغان مع مرال آكشنر. وأثار اقتراح النظام الجديد الذي أعلنت عنه الأخيرة الحماسة لدى شريحة كبيرة. ويتضمن ثمانية بنود هي:

1.   رئيس نزيه.

2.   ديمقراطية تعددية، وحكومة تشاركية، وبرلمان قوي.

3.   الفصل بين السلطات، ورقابة لا هوادة فيها على أداء الحكومة.

4.   سيادة القانون والقضاء المستقل والنزيه.

5.   مراعاة الجدارة في مناصب الدولة.

6.   الحفاظ على حقوق الإنسان والحريات الفردية.

7.   دولة اجتماعية قوية، ومجتمع مدني قوي، وشباب قوي.

8.   الصحافة الحرة وانتخابات نزيهة وحرة.

وبعد متابعة طويلة لهذه الشخصية السياسية المؤثرة التي بزغ نجمها في السياسة التركية لم يكن من الطبيعي التغافل عن التعرف إلى استراتيجيتها في السياسة الخارجية ورؤيتها للقضايا الدولية.

وأعتقد أن تورهان تشومز الذي انضم إلى "حزب الخير" قبل بضعة أسابيع وعينته آكشنر شخصياً ككبير المستشارين كان الشخص المناسب للحديث عن هذه القضية بالتفصيل لأنه سياسي مهم أمضى 15 عاماً في المملكة المتحدة وشغل سابقاً منصب عضو في البرلمان في كتلة "حزب العدالة والتنمية" وكان طبيباً شخصياً ومستشاراً خاصاً للرئيس أردوغان.

السياسة الخارجية

في هذا اللقاء الذي عقدناه مع تشومز، شرح استراتيجيات "حزب الخير" في السياسة الخارجية تحت عناوين عامة، استناداً إلى البيان الخاص الذي أدلت به آكشنر.

فقد أكدت آكشنر، بحسب تشومز، أن "الخطوة الأولى التي ستتخذها في ما يتعلق بالسياسة الخارجية عندما تتولى السلطة هي وضع سياسة تركيا الخارجية على أرضية آمنة تخول العمل المشترك مع الأطراف الأخرى من خلال بعث الثقة إلى الدول التي تتعامل معنا".

وفي هذا الصدد وعدت بإقامة علاقات طيبة على أساس المبادئ وليس على أساس المصالح الشخصية مضيفة أن "إنشاء الثقة المتبادلة والاستقرار في المنطقة سيكونان مبدأنا الأساس" وأنها ستأخذ في الاعتبار التوازنات بمنطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص وستستثمر العلاقات التاريخية والدينية وعلاقات حسن الجوار مع الدول وحكوماتها في المنطقة ونوهت بالحاجة الملحة لإقامة علاقات شراكة جديدة وقوية وليس هشة تقوم على الثقة وبأنها مدركة لقيمة الدول الرائدة في منطقة الشرق الأوسط.

وذكرت أنهم عندما يصلون إلى السلطة، فسيتخذون خطوات جادة لإنشاء شراكات قوية واستراتيجية مع هذه الدول تصب في مصلحة الجميع.

وقال تشومز إنهم سيضعون العلاقات مع العالم الغربي على رأس قائمة أولوياتهم من خلال إعادة إقامة الحوار البناء وترميم ما تم تدميره، بخاصة في العلاقات مع الاتحاد الأوروبي من أجل تحقيق العضوية الكاملة في أقرب وقت ممكن وإنهم يريدون تعزيز الحوار الجيد مع المملكة المتحدة أيضاً.

وأضاف أن تناقضات أردوغان وسياساته الخارجية غير الآمنة بسبب هوسه بالإسلاموية في السياسة الخارجية تسببت في مشكلات خطرة بكل من تركيا والشرق الأوسط.

وقال إن تركيا ودول المنطقة دفعتا خلال 20 عاماً ثمن محاولة إدارة البلاد من وجهة نظرة ضيقة ومن دون الالتفات إلى وجهات النظر المختلفة والبناءة حول قضايا عدة.

احترام للقيم المعنوية للعالم

وصرح تورهان تشومز بأن مرال آكشنر "شخصية تعرف العالم الغربي عن كثب ولديها في الوقت نفسه احترام كبير للقيم المعنوية للعالم الإسلامي. ولكنها تتجنب بعناية استغلال تلك القيم لأغراض سياسية مثل أردوغان".

على سبيل المثال أدت شعائر الحج من دون أن تخبر بها أي جهة إعلامية أو صحافية. حتى إنني كصحافي لم أكن أعرف ذلك وكانت هذه هي المرة الأولى التي تتم مشاركتي في هذا الموضوع.

نعم إن أردوغان من خلال الجيش الإعلامي الذي يسيطر عليه يجعل الأمر يبدو وكأنه قوي للغاية فيفرض على الرأي العام التركي استطلاعات رأي مشتبه في موثوقيتها ليتلاعب بعقول الجماهير ويخيل لهم وكأن فوزه في الانتخابات المقبلة أمر مفروغ منه.

وختاماً أستطيع القول إن مرال آكشنر التي نزلت إلى الحلبة السياسية بعبارة "سأكون رئيس الوزراء" وفي الوقت ذاته مهدت الطريق أمام كمال كليتشدار أوغلو ليكون من أقوى المرشحين للرئاسة، هي الشخصية التي تستطيع أن توجه أكبر ضربة لأردوغان من خلال جذب المؤيدين لـ"حزب العدالة والتنمية" إلى صفها بشخصيتها التي جمعت بين الحداثة والقومية والمحافظة.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل