Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الضرب العنيف لمتظاهر يحرج السلطات في إيران

التحركات مستمرة في أنحاء البلاد رغم القمع والمحاكمات والمتظاهرون يكسرون المحظورات

أعلنت الشرطة الإيرانية فتح تحقيق في تصرف بعض عناصرها بعد انتشار شريط فيديو يظهر تعرضهم بالضرب المبرح لأحد الأشخاص على خلفية الاحتجاجات التي أعقبت وفاة الشابة مهسا أميني.
وانتشر على مواقع التواصل الاجتماعي الثلاثاء شريط فيديو يبدو أنه ملتقط من هاتف نقال، يظهر عناصر من شرطة مكافحة الشغب ينهالون بالضرب على شخص ممدد أرضاً، مستخدمين العصي والركل.
وحاول الشخص تغطية رأسه باستخدام يديه، بينما واصل العناصر الذين ارتدوا عدتهم الواقية بما فيها الخوذة، ضربه، بينما وقف زملاء لهم على مقربة منهم من دون أن يتدخلوا.
وتواجدت في المكان الذي بدا عبارة عن زقاق طويل، أكثر من عشر دراجات نارية على متنها عناصر مكافحة الشغب. وفي الأجزاء الأخيرة منه، سمع من بعيد ما يبدو إنه صوت إطلاق نار، قبل أن يبتعد العناصر على دراجاتهم، ويترك الرجل على الأرض من دون حراك.
وأفادت الشرطة إنه "تم إصدار أمر خاص فوري للتحقيق في التاريخ والمكان المحدد لحصول هذه الواقعة وتحديد المتورطين"، وفق بيان نشرته وكالة الأنباء الرسمية "إرنا" ليل الثلاثاء.
وأضاف البيان إن "الشرطة ترفض قطعاً التصرفات العنيفة وغير التقليدية، وستتعامل مع المتورطين بما يتوافق مع القواعد" المعمول بها.
وكانت شرطة طهران أعلنت في 14 أكتوبر (تشرين الأول)، فتح تحقيق في سلوك أحد عناصرها بعد انتشار شريط مصوّر يظهر قيامه بلمس مؤخرة امرأة أثناء محاولة توقيفها على هامش الاحتجاجات.
وأكدت الشرطة في حينه أن الحادثة وقعت وسط العاصمة، وتم "إصدار أمر خاص من أجل التعامل مع هذه المسألة"، وأن "كل مخالفة سيتم التعامل معها".

تحذيرات "الحرس الثوري"

جاء هذا الحادث بينما تتواصل حركة الاحتجاج في إيران للتنديد بالنظام القائم في البلاد، في تحد لحملة القمع التي تشهد حالياً محاكمة موقوفين يواجه عدد منهم عقوبة الإعدام.

ونظم الإيرانيون تحركات احتجاجية جديدة وواصل طلاب الجامعات إضرابهم، الثلاثاء الأول من نوفمبر (تشرين الثاني). وقالت وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان (هرانا)، إن الإضرابات تحدث في مدن عدة من بينها طهران وأصفهان، مضيفة أن قوات الأمن اعتقلت أربعة طلاب على الأقل من مدرسة إعدادية في مدينة سنندج.

وتشهد إيران منذ ستة أسابيع احتجاجات غير مسبوقة منذ الثورة في عام 1979، وحذرت السلطات المتظاهرين، الأسبوع الماضي، من أن الوقت قد حان لمغادرة الشوارع، لكن لم تظهر أي مؤشرات على تراجع الاحتجاجات التي تواصلت في مناطق سكنية وشوارع رئيسة وجامعات في جميع أنحاء البلاد.

وكان قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي حذر المتظاهرين من أن السبت سيكون آخر يوم ينزلون فيه إلى الشوارع، وذلك في أوضح إشارة إلى احتمال تكثيف قوات الأمن حملتها العنيفة على المحتجين في أنحاء البلاد.

وقال سلامي، في أحد التعليقات الأشد لهجة منذ بدء الأزمة التي تتهم السلطات الدينية الإيرانية خصوماً أجانب من بينهم إسرائيل والولايات المتحدة بالمسؤولية عنها، "لا تخرجوا إلى الشوارع! اليوم آخر أيام الشغب".

وأضاف "هذه الخطة الشريرة هي خطة مدبرة في البيت الأبيض والنظام الصهيوني". وأضاف "لا تبيعوا شرفكم لأميركا، ولا تصفعوا قوات الأمن التي تدافع عنكم على وجهها".

وذكرت منظمة حقوق الإنسان في إيران ومقرها أوسلو أن الاحتجاجات أسفرت عن مقتل 160 متظاهراً في الأقل. ولقي 93 شخصاً على الأقل حتفهم في تظاهرات منفصلة اندلعت في 30 سبتمبر في مدينة زاهدان في جنوب شرقي البلاد على خلفية تقارير أفادت بتعرض فتاة للاغتصاب من قبل مسؤول في الشرطة، بحسب المنظمة الحقوقية.

ويتفاقم التحدي بالنسبة إلى السلطات كلما يتم إحياء ذكرى مرور 40 يوماً على وفاة شخص ما في إيران جراء القمع، مع تحول مراسم الحداد إلى بؤرة احتجاج محتملة.

الإفراج عن ثمانية صحافيين

وأعلن إيمان شمسائي، المدير العام للإعلام المحلي في وزارة الثقافة والتوجيه الإسلامي، الثلاثاء، أن السلطات أفرجت عن ثمانية صحافيين تم توقيفهم خلال الفترة الماضية على خلفية الاحتجاجات.

وأشارت صحيفة "سازند" الإصلاحية في عددها الصادر الأحد إلى أن "أكثر من 20 صحافياً لا يزالون موقوفين" في مدن عدة أبرزها طهران. وأضافت أن صحافيين آخرين تم استدعاؤهم من قبل السلطات.

وأكد شمسائي أنه "تم الإفراج عن ثمانية أشخاص حتى الآن"، وذلك وفق ما أوردت وكالة "إيسنا".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأوردت صحف صادرة الأحد أن أكثر من 300 صحافي ومصوّر صحافي، وقّعوا بياناً ينتقدون فيه السلطات لـ"توقيف زملائنا وحرمانهم من حقوقهم بعد توقيفهم". وأشار البيان إلى أنه لم يتح للموقوفين "التواصل مع محامين، وتم استجوابهم وتوجيه اتهامات إليهم قبل عقد جلسة استماع علنية" لهم.

ورداً على سؤال عن توقيف "عدد كبير من الصحافيين والمصوّرين"، أكد شمسائي أن "أحداً لم يتم توقيفه في طهران بسبب نشاطه الإعلامي"، مضيفاً "نأمل... في حل المشكلات في أقرب فرصة ممكنة".

وفي تصريح نشرته صحيفة "اعتماد" الأحد، انتقدت نقابة الصحافيين في طهران "المقاربة الأمنية" حيال الصحافة، معتبرةً أنها إجراء "غير قانوني" و"يتعارض مع الحرية".

وشدد شمسائي على ضرورة "عدم مهاجمة مهنة الصحافة أو اتهام كل المجتمع الإعلامي بسبب تهمة واحدة أو جريمة".

"الموت للديكتاتور"

وردد سكان منطقة أكباتان في طهران في وقت متأخر الإثنين، شعارات الحركة الاحتجاجية بما في ذلك "الموت للديكتاتور"، في وقت استخدمت قوات الأمن القنابل الصوتية في محاولة لفض التحرك، وفقاً لمقاطع فيديو نشرت على موقع رصد "1500 تصوير" ومواقع أخرى.

وأفادت منظمة "هينغاو" لحقوق الإنسان التي تتخذ من النرويج مقراً بأن الجنازة التي أقيمت في مدينة سنندج الرئيسة في محافظة كردستان في شمال غربي إيران الإثنين، للفتاة سارينا سعيدي البالغة من العمر 16 سنة والتي قتلت خلال التحركات الاحتجاجية، تحولت إلى احتجاج تخللته هتافات معادية للنظام الإيراني، بينما قامت نساء بخلع حجابهن.

كذلك نشر موقع "1500 تصوير" مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي، يظهر طلاب طب يحتجون في مدينة تبريز الشمالية، وهم يقولون للسلطات "أنتم المنحرفون!"، في رسالة إلى شرطة الأخلاق.

أشارت عائلة مهسا أميني إلى أن وفاة ابنتها نتجت عن ضربة على الرأس أثناء احتجازها. وطعنت السلطات الإيرانية بهذا التفسير لكنها أمرت بإجراء تحقيق.

كسر المحظورات

ومع أن إيران شهدت احتجاجات خلال العقدين الماضيين، إلا أن الحركة الحالية تكسر المحظورات بشكل منتظم.

فقد أظهرت صور انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، لوحات جدارية للمرشد الأعلى علي خامنئي وسلفه روح الله الخميني، مطلية باللون الأحمر في مدينة قم.

كذلك شهدت الاحتجاجات عدداً لا يحصى من التكتيكات المختلفة، إذ أشار المراقبون إلى نزعة جديدة تتمثل في قيام الشبان بإزالة العمائم من على رؤوس رجال الدين في الشوارع.

ولفتت "هينغاو" إلى أن من بين الذين دفنوا الإثنين، قمار دارفتاده البالغ من العمر 16 سنة والذي يتحدر من بيرانشهر في شمال غربي إيران. وقالت إن قوات الأمن أطلقت عليه النار على مسافة ثلاثة أمتار وتوفي لاحقاً في المستشفى.

وأوقف آلاف الأشخاص في مختلف أنحاء البلاد خلال حملة قمع الاحتجاجات، بحسب ما أفاد ناشطون حقوقيون، بينما أعلن القضاء الإيراني أن ألف شخص وجهت إليهم اتهامات بالفعل في شأن صلتهم بما وصفه بأنه "أعمال الشغب".

محاكمة الموقوفين

وبدأت السبت في طهران محاكمة خمسة رجال متهمين بارتكاب جرائم يمكن أن يعاقب عليها بالإعدام، على خلفية الاحتجاجات.

وحكم على أحد هؤلاء الرجال، وهو محمد قبادلو، بالإعدام في الجلسة الأولى للمحاكمة، وفقاً لمقطع فيديو لوالدته نشره مركز "عبدالرحمن بوروماند" ومقره واشنطن، لكن لم يجر تأكيد هذا الأمر من قبل القضاء.

وبات مغني الراب الإيراني الشهير توماج صالحي أحدث شخصية بارزة يتم توقيفها، وفقاً لمركز حقوق الإنسان في إيران ومقره نيويورك.

في هذه الأثناء، يخوض الناشط البارز في مجال حرية التعبير والكاتب في صحيفة "وول ستريت جورنال" حسين روناغي، الذي اعتقل بعد وقت قصير على بدء الاحتجاجات، "إضراباً عن الطعام وهو ليس بخير"، بحسب ما كتب شقيقه حسن على "تويتر" بعد أن سمح للناشط لقاء والديه.

وسعت القوى العالمية إلى تشديد الضغط على إيران، مع إعلان كندا الإثنين عقوبات جديدة تستهدف الشرطة والمسؤولين القضائيين. من جهته، قال المستشار الألماني أولاف شولتز الإثنين إن الاتحاد الأوروبي يدرس فرض مزيد من العقوبات على طهران، معرباً عن صدمته لأن "الناس الذين يتظاهرون سلمياً في الاحتجاجات في إيران يموتون".

اقرأ المزيد

المزيد من الشرق الأوسط