Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اعتذارات الزعماء العرب تفرق "لم الشمل" قبل بدئه

الجزائر تنهي استعدادات استضافة القمة الـ 31 والتباينات تخيم على الأجواء

أعلام الدول العربية تزيّن قاعة المؤتمرات (أ ف ب)

بعد الخلافات والتباينات التي شهدتها الاجتماعات التحضيرية لوزراء الخارجية العرب خلال اليومين الماضيين، يبدو أن غياب عدد بارز من الزعماء والرؤساء العرب عن حضور القمة العربية الـ 31 التي تستضيفها العاصمة الجزائرية تحت شعار "لم الشمل"، والمقرر لها أن تنطلق مساء غد الثلاثاء وتستمر حتى بعد غد، تنذر بمزيد من التحديات أمام القمة التي تأجلت لسنوات ثلاث، بعد أن توقعت الجامعة العربية مشاركة 15 زعيماً عربياً من بين الدول الـ 22.

وعلى وقع مشهد إقليمي ودولي مضطربين، تستضيف الجزائر رابع قمة عربية في تاريخها بجدول أعمال مثقل بالملفات والتحديات التي فرضتها التطورات الدولية المتسارعة، وفي أجواء هيمن عليها خلاف مغربي - جزائري خلال الاجتماعات التمهيدية على مدى اليومين الماضيين.

 

الأزمات العربية
 
وبحسب ما حصلت عليه "اندبندنت عربية" من معلومات من مقر انعقاد القمة في المركز الدولي للمؤتمرات "عبداللطيف رحال"، يتصدر جدول أعمالها عدد من الملفات الرئيسة وعلى رأسها القضية الفلسطينية ومستجداتها، والأزمات التي تشهدها كل من سوريا وليبيا واليمن والسودان، إضافة إلى ملفي التدخلات الإيرانية والتركية في الشؤون العربية وكيفية صيانة الأمن القومي العربي وملفات الإرهاب وتأثيره في المنطقة وتداعيات الحرب الروسية - الأوكرانية وما خلفته من أزمات في مجالي الطاقة والأمن الغذائي، فضلاً عن ملف إصلاح الجامعة العربية الذي دفعت به الدولة المستضيفة.

 

غيابات واسعة بين القادة العرب

 

في المقابل بدأ اليوم الإثنين توافد الزعماء والرؤساء العرب أو ممثليهم إلى العاصمة الجزائرية للمشاركة في القمة تحت شعار "لم الشمل"، وبحسب بيانات أعمال القمة فإن حضور القادة العرب سيستمر حتى غد الثلاثاء، قبل انطلاق فعاليات القمة المقرر انطلاقها في السادسة من مساء اليوم ذاته بالتوقيت الجزائري، لتستمر حتى بعد غد.
 
 
وفي حين لم تعلن الجزائر أسماء الحاضرين والغائبين من القادة والزعماء للقمة العربية، وترجيح سابق للجامعة العربية أن تشهد القمة الحالية حضور 15 زعيماً عربياً بما يفوق العدد الذي شهدته القمة السابقة في تونس عام 2019 والذي بلغ 13، إلا أنه وفق ما رصدت "اندبندنت عربية"، يبدو أن دائرة الاعتذارات تتسع من قبل القادة العرب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 

فمن الخليج العربي ينتظر أن يمثل الشيخ تميم بن حمد أمير دولة قطر وفد بلاده في القمة العربية، بصفته أعلى مسؤول خليجي سيكون في القمة، بعد أن قررت السعودية أن يمثلها وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، فيما أوفدت الكويت ولي العهد الأمير مشعل الأحمد الجابر الصباح بعد اعتذار أمير البلاد لأسباب صحية.
أما الإمارات فأوفدت الشيخ محمد بن راشد نائب رئيس الدولة، ومن البحرين نائب رئيس مجلس الوزراء محمد بن مبارك آل خليفة، ولم تكن البحرين هي الوحيدة التي أرسلت نائب رئيس مجلس الوزراء، إذ أخذت سلطنة عمان خطوة مشابهة بأن أوكلت مهمة رئاسة وفد مسقط في الجزائر إلى أسعد بن طارق آل سعيد، فيما أرسل العاهل الأردني ولي عهده الأمير الحسين بن عبدالله الثاني.

 

الملك المغربي لن يحضر
 
وبعد أنباء عن حضور العاهل المغربي محمد السادس أشغال القمة، أعلنت الرباط أن وزير الخارجية ناصر بوريطة سيكون ممثلاً للمملكة. ووصل رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي والرئيس الفلسطيني محمود عباس، فضلاً عن رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، ومن المقرر بحسب المصادر التي تحدثت إلينا أن يصل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في وقت باكر من صباح غد، فيما يرتقب أن يصل رئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان مساء اليوم.
وعلى صعيد آخر ستكون القمة الحالية الأولى التي يحضرها للمرة الأولى عدد من الزعماء على رأسهم الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون الذي انتخب نهاية العام 2019، والتونسي قيس سعيد الذي انتخب في أكتوبر (تشرين الأول) من العام ذاته، والرئيس العراقي الجديد عبداللطيف رشيد ورئيس المجلس الرئاسي اليمني رشاد العليمي.

 

جدول أعمال مثقل للقمة
 
ووفق ما كشفته بعض المصادر الرسمية في الجزائر عن جدول أعمال القمة المرتقبة، وكذلك ملامح البيان الختامي المرتقب أن يعتمده القادة، فإن القضية الفلسطينية ستكون على رأس أولويات القمة، فضلاً عن التضامن مع لبنان ودعمه وتطورات الأزمة السورية، إضافة إلى تطورات الوضع في ليبيا واليمن ودعم السلام والتنمية في السودان والصومال وجمهورية جزر القمر المتحدة، وإدانة احتلال إيران للجزر الإماراتية طنب الصغرى وطنب الكبرى وأبو موسى، وكذلك رفض التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية وإدانة انتهاك القوات التركية السيادة العراقية وتدخلها في ليبيا، والعمل على دعم صيانة الأمن القومي العربي ومكافحة الإرهاب وتطوير المنظومة العربية لمكافحته، فضلاً عن الأمن الغذائي والمائي العربي وأزمة الطاقة وملفات تجارية، منها إقامة الاتحاد الجمركي العربي بهدف مواجهة أزمات غذائية خانقة لكثير من دول المنطقة.
 
 
وبحسب مصدر دبلوماسي عربي تحدث إلى "اندبندنت عربية"، فإن "حشد الجهود العربية في مواجهة التداعيات التي خلفتها الحرب الروسية - الأوكرانية، لا سيما على صعيد الأمن الغذائي، ستكون من بين أولوليات القادة العرب"، مضيفاً "أنه من المرتقب أن يخرج عن القمة قرار متعلق بالعمل على وضع استراتيجية متكاملة تشكل خريطة طريق بالنسبة إلينا كعرب في التعامل مع مشكلة الأمن الغذائي العربي، فهي مشكلة مزمنة ومتزايدة في عدد من الدول العربية".
ووفق المصدر العربي ذاته "فإنه وعلى رغم التباينات والخلافات التي شهدتها الاجتماعات التمهيدية، إلا أن هناك إدراكاً من الحاضرين لضرورة سرعة التحرك وضمان مواجهة التحديات العالمية التي تعيشها منطقتنا العربية والتي تؤثر في المواطن بشكل مباشر".
 
مشاورات
 
وفي سياق متصل قال وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة إن مشاورات وزراء الخارجية خلال اليومين الماضيين توصلت إلى نتائج توافقية تسهل عمل قادة القمة، في وقت تنبأت فيه الجامعة العربية بنجاح قمة الجزائر، مؤكدة تجاوز جميع التوترات التي شهدتها الجلسة الأولى من اجتماع الوزراء.
وجاءت تصريحات الأمين العام المساعد للجامعة العربية حسام زكي ووزير خارجية الجزائر رمطان لعمامرة لتبعث الشكوك حول جدية ما يجري عشية القمة التي راهنت الجزائر على أن تكون لـ "لم الشمل"، بعد أن خرجا في تصريحات تفيد بأن وزراء الخارجية العرب اتفقوا خلال اجتماعهم التحضيري لقمة القادة على كل المواضيع التي بحثت السبت والأحد، والتي سترفع إلى اجتماع القادة غداً الثلاثاء. 
وأكد وجود توافقات في شأن الملفات التي طرحت والأزمات في بعض الدول العربية، وأن كل الأمور التي طرحت تمت في شأنها توافقات، وما زاد الغموض والضبابية هو اعتراف مسؤول الجامعة العربية بوجود توترات تم احتواؤها، بحسب تعبيره، لكنه أبدى تحفظاً على الخوض في تفاصيلها ثم عاد ليؤكد أنه تم احتواء كل التوترات، وأن الاجتماعات جرت "في جو من الود والاحترام".
وبالعودة لما جرى خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب من توتر بين مسؤولين عدة بسبب أزمات واختلافات في وجهات النظر، بخاصة بين الجزائر والمغرب وليبيا ومصر، فإن التوافق الذي تحدث عنه وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة بالقول إن اجتماع وزراء الخارجية العرب سمح بالتوصل إلى نتائج توافقية بعد مشاورات ثرية ومعمقة، يجعل القمة المقرر عقدها غداً الثلاثاء محل ترقب مفاجآت.

 

هل تنجح القمة؟
 
وعلى رغم الجدول المثقل بالأعمال وتوسم عدد من المسؤولين العرب في أن تتمكن قمة الجزائر من إحداث اختراق نحو حلحلة بعض القضايا العربية ولم الشمل العربي في التصدي للمتغيرات الدولية المتسارعة، لا يبدو التفاؤل كبيراً لدى كثير من المراقبين الحاضرين على هامش القمة خلال حديثهم إلى "اندبندنت عربية"، إثر تباين المواقف لدى الدول الأعضاء.
ويقول أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية والسياسي الفلسطيني أسامة شعث إن "الدول العربية ومنظومة العمل العربي المشترك تمر بواحدة من أخطر مراحلها في التاريخ الحديث، وذلك في مواجهة كثير من القضايا السياسية والاقتصادية والاستراتيجية التي تهدد مستقبل الوحدة العربية والأمن القومي العربي، وفي مقدمها قضية العرب المركزية فلسطين، وأيضاً أزمة سوريا واليمن وليبيا وغيرها". 
واعتبر شعث أن "التحديات أكبر من قدرة الأقطار العربية على مواجهتها بشكل فردي، وأن هناك حاجة ملحة إلى الوحدة والتكامل العربي الشامل"، موضحاً أن "المشكلة الحقيقية لا تكمن في عقد القمة أو قراراتها وإنما في تنفيذ تلك القرارات".
ويشير أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية إلى العديد من القرارات والاتفاقات التي لم يتم تنفيذها، وهو ما يضع القادة العرب على المحك في قدرتهم على إصدار قرارات على قاعدة المصالح الدولية المتبادلة تكون قابلة للتنفيذ الفوري، معتبراً أنه "من دون ذلك فلا أمل في هذه القمة".

 

حرص على نجاج القمة
 
من جانبه يرى الباحث في الشؤون المغاربية آدم مقراني أن اتفاق وزراء الخارجية العرب على إقرار جدول أعمال القمة العربية بعد التباينات التي شهدتها، أعطى مؤشرات أولى حول الحرص على إنجاح هذا الموعد، وقال إن التصريحات التي أعقبت هذه الاجتماعات بينت أن الرئاسة الجزائرية للقمة شددت على تقريب مختلف وجهات النظر، وتم إدراج أبرز القضايا التي تنهك الجسم العربي في جدول أعمال القادة، لكن يبقى ذلك خطوة أولى قبل القمة في انتظار ما ستحمله نقاشات القادة العرب وما سيتضمنه البيان النهائي لقمة الجزائر.
وفي المقابل يعتقد أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية عبدالقادر عبدالعالي أنه تم التوصل إلى توافق في بعض القضايا بعد مناقشات حادة، إذ تم بموجبها استبعاد القضايا الخلافية ومن أهمها التدخل الإيراني والتركي في المنطقة لارتباطه بسيادة الدول العربية، مبرزاً أن من العوامل التي سهلت هذا الاتفاق أن القضايا المعنية محل إجماع مثل القضية الفلسطينية، وبعضها يمثل تهديداً مشتركاً ويتطلب تعاوناً تقنياً وميدانياً مثل الأمن الغذائي الذي هو أحد تداعيات الحرب الروسية - الأوكرانية، إضافة إلى أفكار قابلة للنقاش المؤجل مثل قضية إصلاح الجامعة العربية.
ومنذ الخميس الماضي بدأت التحضيرات لقمة الجزائر التي تقام في المركز الدولي للمؤتمرات "عبد اللطيف رحال" باجتماع المندوبين ثم وزراء الخارجية، قبل أن تلتئم القمة العربية للمرة الأولى للقادة العرب منذ قمة تونس عام 2019، وهدفت هذه الاجتماعات إلى ترتيب جدول أعمال قمة القادة الذي وصفه مسؤولون جزائريون وعرب بأنه "مثقل وواعد" في الشؤون السياسية والاقتصادية.
اقرأ المزيد

المزيد من متابعات