Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الاستثمار الحكومي عوض التقشف يحفز الشركات الخاصة

يكتب كريس بلاكهرست قائلاً إن المعادلة بسيطة – إذا استثمرت الحكومة، كذلك ستفعل الشركات الخاصة. هنا يكمن النمو والوظائف

إذا كان سوناك جاداً في تحقيق النمو، يتعين عليه أن يزيد من الإنفاق على البحث والتطوير (رويترز)

لمدة أطول مما ينبغي استمر الشعور بأن كبار المحافظين في البرلمان يروجون لأهمية بريطانيا لكنهم لا يفعلون الكثير في الممارسة العملية. لقد أصبح الترويج أمر اليوم.

يسمعه المرء الوقت كله، في مقابلات مع الوزراء، حين يعلنون عبارات تبدو جيدة ويتحدثون بابتهاج عن تعزيز هذا الأمر أو ذاك، لكن هناك مؤشر ضئيل إلى التحسن.

إلى جانب افتراضهم أننا أغبياء وسنصدق أي شيء يقولونه، يبدو أنهم يفترضون أيضاً أن بريطانيا تعمل في عزلة مذهلة وأن سائر العالم غير مهم. وعلى هذا ليس من المهم أن تكون وعودهم ومفاخراتهم خاوية لأن بلداناً أخرى تعوزها الحماسة في شكل مماثل، ولدى بريطانيا تراث مجيد تستطيع أن تستند إليه. فتراثنا وتاريخنا المجيدان يخبراننا بأننا سنصل إلى ذلك الهدف.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

حسناً، هناك أخبار لمجموعة الأشخاص المهملة هذه: قد لا يدركون الأمر، لكن هذا العصر هو عصر العولمة، وبينما نضيع الوقت، يواصل منافسونا الدوليون بهدوء العمل كالمعتاد.

الدليل على ذلك هو بعض الأرقام المذهلة والمحبطة من معهد بحوث السياسات العامة. هي تظهر أن حصة المملكة المتحدة من الاستثمار في البحث والتطوير هبطت من 4.2 في المئة [من الإجمالي العالمي] قبل ثماني سنوات إلى 3.4 في المئة مباشرة قبل أن تحل الجائحة.

كان ذلك نهاية عام 2019. ومنذ ذلك الحين، ومع ما جرى كله والاضطرابات السياسية والاقتصادية في المملكة المتحدة، من قبيل الافتراض المنصف القول إن حصتنا تراجعت أكثر.

لقد حصل ذلك عندما شعرنا بالاطمئنان إلى أن بريطانيا في مرحلة ما بعد "بريكست" من المحتم لها أن تتحول إلى "قوة عظمى في مجال العلوم والتكنولوجيا". ليس وفق هذا البحث.

هذا وتحل المملكة المتحدة في المرتبة الحادية عشرة بين بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، المجموعة التي تضم بلداناً غنية، على صعيد الاستثمار الإجمالي في البحث والتطوير كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي، خلف بلدان مثل الولايات المتحدة والنمسا وسويسرا.

وهذا على رغم الحديث الموسع لرؤساء الوزراء المحافظين المتعاقبين عن أهمية الاستثمار في البحث والتطوير في دعم آفاق النمو في البلاد. لقد أشاد ديفيد كاميرون بـ"علوم الحياة" (كما يرد في دراسة معهد بحوث السياسات العامة) بوصفها "جوهرة التاج" في الاقتصاد البريطاني، لقد أعلن بوريس جونسون أن بريطانيا تتجه نحو التحول إلى "قوة علمية عظمى".

كذلك أصدر ريشي سوناك، رئيس الوزراء الأخير، عبارات مبتذلة، إذ قال حين كان وزيراً للمالية إنه سيزيد استثمارات القطاعين العام والخاص في البحث والتطوير كوسيلة مركزية لزيادة إنتاجية الاقتصاد البريطاني.

ووفق معهد بحوث السياسات العامة، إذا أردنا أن نتساوى مع إسرائيل، البلد الرائد عالمياً على صعيد حصة البحث والتطوير من الناتج المحلي الإجمالي، سيكون علينا أن ننفق في هذا المجال 62 مليار جنيه استرليني (72 مليار دولار) هذا العام.

على هذه الخلفية أيضاً، تراجع استثمار الشركات في بريطانيا. لقد أثار التصويت على "بريكست" حالاً من عدم اليقين، ثم بعد فترة ليست طويلة حل كوفيد. لا يزال استثمار الشركات يقل بنسبة ثمانية في المئة عنه قبل انتشار الجائحة. ولم تخلف محاولات الحكومة استخدام معدل منخفض لضريبة الشركات كحافز للشركات لدعم بريطانيا أثراً يذكر حتى الآن.

والآن نواجه موقفاً، بفضل الميزانية المصغرة المأساوية، التي يقال عنها إن الحكومة تفكر في تقليص ميزانية البحث والتطوير بها في محاولة للتوفير. كان مستهدفها على صعيد إجمالي الاستثمار في البحث والتطوير، من القطاعين العام والخاص، نسبة 2.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2027. يشار إلى أن مجموع الإنفاق، من الدولة والشركات، على البحث والتطوير في بريطانيا بلغ 38.5 مليار جنيه عام 2019، أي 1.7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

يتطلع القطاع الخاص إلى الحكومة بحثاً عن إرشاد. وإذا لم يقرن المسؤولون القول بالفعل، من غير المرجح أن تفعل الشركات ذلك. يفيد معهد بحوث السياسات العامة بأن استثمارات الدولة تشجع استثمارات القطاع الخاص. في مقابل كل مليار جنيه إضافية تستثمرها الحكومة في البحث والتطوير، سيضخ مستثمرو القطاع الخاص مبلغاً أكبر، فيسهمون بمبلغ إضافي قدره 1.4 مليار جنيه على مدى 10 سنوات.

بدلاً من خفض ضريبة الشركات، على الحكومة أن تستثمر في علوم الحياة (القطاع صاحب الحصة الأكبر من الإنفاق على البحث والتطوير في مختلف أنحاء العالم). وقالت شريا ناندا، الخبيرة الاقتصادية في معهد بحوث السياسات العامة وكاتبة التقرير: "شهد العقد الماضي انحداراً مداراً في المملكة المتحدة – انحداراً في اقتصادنا، وصحتنا، ومرونتنا.

"ويشكل الابتكار في البحث والتطوير أداة بالغة الأهمية في الاستجابة لهذا الانحدار. نحن نحض الحكومة على زيادة تمويل البحث والتطوير لاستعادة المركز العالمي الرائد الخاص بالمملكة المتحدة، وتشجيع استثمارات القطاع الخاص وتحقيق النمو الاقتصادي في نهاية المطاف".

هذه هي المشكلة، أن الحكومة تتصور أن الأمور الطيبة ستحدث بطريقة أو بأخرى، أن بريطانيا ستكون رائدة في العالم في مجال العلوم والتكنولوجيا، بسحر ساحر ربما. هي متلهفة للتمتع بالنجاح الوطني المتمثل في اكتشاف لقاح كوفيد، لكنها لا تدرك أن عدم الاستثمار لا يحد فقط من احتمال حدوث ذلك مرة أخرى بل يدفعنا أيضاً إلى الوراء في مجالات حيوية أخرى – المجالات التي إن أحسنا التعامل معها تستطيع أن تصبح محركات للنمو.

إنها معادلة بسيطة للغاية. إذا رغبت الحكومة في أن تتمتع المملكة المتحدة بالازدهار والوظائف التي تأتي مع كونها مركزاً للطاقة الاقتصادية العالمية، يتعين عليها أن تستثمر وأن تشجع الآخرين على الاستثمار وفق ذلك. إن فرص تحول النمسا وسويسرا والولايات المتحدة وإسرائيل والبلدان الأخرى التي تسبقنا في تصنيف منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وتحقق اختراقاً يمكنها استغلاله إلى مراكز كهذا أعظم من فرصنا.

وإذا كان سوناك جاداً في تحقيق النمو، يتعين عليه أن يزيد من الإنفاق على البحث والتطوير. وليس تجميد الإنفاق أو الأسوأ تقليصه هو الحل.

© The Independent