Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خطة وزارة الشؤون الدينية التونسية لضبط المساجد التي تحولت "أوكارا" للإرهابيين

إصدار ميثاق وتعميمه على الجهات والمحافظات كافة يتضمن 13 نقطة يجب على الأئمة الخطباء احترامها

جامع الزيتونة (صفحة جامع الزيتونة)

على الرغم من تأكيد وزارة الشؤون الدينية التونسية استرجاع إشرافها على كل الجوامع في تونس، لكن بعض المساجد وفي عديد من المناسبات، شهدت إما خروجاً عن الخط المعتدل للإسلام في تونس، أو باتت وكراً لبعض المتطرفين أو حتى الإرهابيين أحياناً.

 عُثر الأربعاء 30 يوليو (تموز) 2019 على حوالى عشرة كيلوغرامات من المواد المتفجرة، كانت مُخبّأة تحت جذع شجرة في ساحة جامع "الغفران" في حي الانطلاقة، أحد أكبر الأحياء الشعبية في العاصمة تونس.

ونقلت الوحدات الأمنية المختصة المحجوز بعناية وأخضعت المواد للتحاليل الفنية وفتحت تحقيقاً في إمكانية ارتباط المواد المحجوزة بالتفجيرات الإرهابية الأخيرة، بحسب مصادر من إقليم الحرس الوطني في أريانة.

حالة انفلات

وأضاف المصدر ذاته أن "تعزيزات أمنية في المكان مشطت الجامع ومحيطه، بحثاً عن مواد متفجرة أخرى أو أسلحة محتملة، وذلك بعد القيام بسلسلة من التحريات في الآونة الأخيرة، حول وجود تحركات لعناصر إرهابية في غاية الخطورة، لاستهداف دوريات أمنية ومواقع حساسة في إقليم تونس الكبرى".

يذكر أن جامع الغفران كان خارج سيطرة الدولة عام 2015، وهناك رُفعت راية "العقاب" وهي راية "داعش" فوق صومعته إلى أن استُرجع في ما بعد وبات تحت سيطرة وزارة الشؤون الدينية.

ويبلغ عدد المساجد في تونس حوالى 5000 مسجد، بحسب إحصاءات رسمية صدرت عام 2017، ويشرف على تسييرها أكثر من 18 ألف مرجع ديني، من بينهم أكثر من 2400 إمام، ويتعهد بمهمة مراقبة الخطاب الديني وخصوصاً خطب الجمعة، سلك الوعاظ الذين يبلغ عددهم 600 واعظ، موزعين في أنحاء البلاد وكلهم تحت إشراف وزارة الشؤون الدينية.

وشهدت مساجد تونس بعد الثورة حالة انفلات غير مسبوقة، تمثلت في عزل أئمة عينتهم الدولة واستبدالهم بآخرين متشددين، أسهموا في نشر خطباً دينية متطرفة، تتضمن أحياناً تحريضاً على جهاز الشرطة أو بعض مكونات المجتمع، كالصحافيين والفنانين والسياسيين اليساريين. ويُذكر أن "فتوى قتل الشهيد شكري بلعيد خرجت من أحد جوامع تونس"، كما أسهمت مساجد عدة في تشجيع الشباب على الجهاد في سوريا وغيرها من بؤر التوتر.

مقرات للتنظيمات الارهابية

يدعو كثيرون من النشطاء في المجتمع المدني إلى فتح المساجد فقط أوقات الصلاة، كي لا تكون وكراً لصنع الفكر المتطرف.

وتعتقد الحقوقية والباحثة في الجامعة التونسية رجاء بن سلامة أن "السّلفيّة الجهاديّة تمثل حالة انفلات للمقدّس، تؤدي إلى أقصى أنواع العنف الموجه إلى البشر والدولة. هذا المقدس كان في السابق خاضعاً للأبنية الدينية والسياسية التقليدية، التي اهترأت مع ظهور تيارات الإسلام السياسي. الآن على الدولة أن تحدّ من هذا الانفلات بالقوانين المنظمة للحياة العامة، ولدور العبادة تحديداً. وهذا ما تفعله الدولة التونسية، عندما تجد مساجد لم تعد مساجد في الحقيقة، لأنها تحولت إلى مقرات للتنظيمات الإرهابية، بل ثكنات لتجميع السلاح أحياناً ومكاتب لترحيل الشباب إلى سوريا والعراق وليبيا. غلق المساجد الخارجة عن سيطرة الدولة ضروري، ولا يجادل فيه إلا من يريد التمسك بالخلط بين السياسة والدين، وبالمشروع الجهادي الإرهابي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ميثاق تحييد المساجد

وشرعت وزارة الشؤون الدينية في تطبيق ميثاق لضمان حياد المساجد خلال الانتخابات التشريعية والرئاسية المقبلة، إثر تصاعد دعوات المعارضة والمجتمع المدني إلى تحييد المنابر الدينية عن الاستقطاب الانتخابي والتوظيف الحزب، خصوصاً من قبل التيارات الإسلامية.

وقررت الوزارة إصدار ميثاق وتعميمه على الجهات والمحافظات التونسية كافة، وعقد لقاءات مع الأئمة والخطباء لتأمين حيادية المساجد، يتضمن 13 نقطة يجب على الأئمة الخطباء احترامها".

وينص البند السادس من الدستور على أن "الدولة راعية للدين، كافلة لحرية المعتقد والضمير وممارسة الشعائر الدينية، ضامنة لحياد المساجد ودور العبادة عن التوظيف الحزبي".

إمكانيات محدودة

 حكيم العمايري، رئيس وزارة الشؤون الدينية أفاد بأن الوزارة نجحت على الرغم من الإمكانيات والآليات المحدودة في مراقبة خطباء الجوامع، مضيفاً أن "حادثة وجود متفجرات في مسجد أو تحصن إرهابي داخل مسجد أمر عادي"، معتبراً أن "المسجد هو المكان الآمن الذي يلوذ إليه الجميع". وأشار إلى أن "وزارة الداخلية تلعب دوراً مهماً في مراقبة هؤلاء المتطرفين وتعقبهم داخل دور العبادة".

وأوضح أن "هنالك أسبوعياً أكثر من خمسة آلاف خطبة جمعة، وبالتالي الخروج عن السياق أمر عادي، ولكن الوزارة تتصدى لكل مخالفة بمقتضى العقوبات المنصوص عليها".

فرض "حياد المساجد"

وأضاف العمايري أن "الوزارة تتصدى لكل الحالات المخالفة لما يتضمنه الميثاق، وكل ما من شأنه توظيف المساجد للدعاية الحزبية أو التحريض أو التكفير أو نشر الفكر المتطرف"، وتابع "الوزارة تتخذ إجراءاتها التي تتراوح بين الإنذار والإعفاء، وذلك بعد البحث والتحقيق".

فقهاء الإرهاب

 إقبال الغربي، أستاذة التعليم العالي في الأنثروبولوجيا الدينية، وعضو اللجنة الرئاسية للحريات الفردية والمساواة، قالت إن "المسجد يلعب اليوم دوراً محورياً في نشر ثقافة العيش المشترك وفي تدعيم العقد الاجتماعي بين المواطنين".

واعتبرت أن "دور الخطاب الديني التنويري اليوم هو صياغة أخلاقيات جديدة تتضمن القيم الروحية الخالدة، وتخضع في الوقت ذاته إلى سلطة القانون. وهذه البيداغوجيا هي التي  ستمكننا من إرساء الديمقراطية التشاركية المنفتحة على الجميع والقائمة على الاختلاف والتنوع والاعتراف بالآخر المغاير".

وأضافت الغربي "هناك الإرهاب وهناك فقهاء الإرهاب، أي العقل المدبر للإرهاب، فلا تتحول الفكرة الإرهابية إلى فعل إرهابي إلا بفضل الفتاوى الدينية. فهذه الفتاوى هي التي تعطي العنف الشرعية اللازمة وتحوله من جريمة لا أخلاقية وبشعة إلى فريضة أو حد من حدود الله"، معتقدة أن "الإرهابي لا يمر إلى الفعل إلا في بيئة تنتهك حقوق الإنسان وتمجد الاستشهاد وتحرض عليه وتنمي لدى شبابها غريزة الموت على حساب غرائز الحياة".

تلعب فتاوى التكفير وكراهية الآخر دوراً محورياً في تحرير عدوانية الإرهابي وساديته، من الضوابط الأخلاقية المعهودة، أي التعاطف مع الضحية. هذه "الفتاوى تقدم للإرهابي تطمينات روحية تعفيه من أي مسؤولية ذاتية، فهو مجرد آلة تنفيذ صماء، تنسف لديه الشعور بالمسؤولية وتجفف ما تبقى لديه من ضمير أخلاقي ومن شعور صحي بالإثم".

         

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي