Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تتراجع حدة ارتفاعات الأسعار بعد قرارات "المركزي المصري"؟

يتوقع مراقبون امتصاص جزء كبير من السيولة المتاحة عبر شهادات الاستثمار الجديدة

طالبت بنوك استثمار البنك المركزي المصري بضرورة رفع أسعار الفائدة (أ ف ب)

في وقت تشير فيه الأوضاع الحالية إلى أن السوق المصرية لم تستوعب حتى الآن القرارات التي أعلنها البنك المركزي المصري نهاية الأسبوع الماضي، تصاعدت وتيرة الحديث عن ارتفاعات الأسعار، وشهدت منصات التواصل الاجتماعي عديداً من المنشورات والنقاشات حول مستقبل التضخم وحجم الارتفاعات المرتقبة في أسعار السلع.

وكان البنك المركزي المصري قرر خلال اجتماع استثنائي تنفيذ سياسة سعر الصرف المرن أو ما يطلق عليه التعويم الثاني للجنيه المصري خلال العام الحالي، كما قرر رفع أسعار الفائدة بنسبة اثنين في المئة. وفيما يتعلق بملف البضائع المكدسة في الموانئ المصرية أعلن أنه سيتم إلغاء تدريجي لنظام الاعتمادات المستندية الذي تسبب في تكدس الواردات المصرية في الموانئ بسبب شح الدولار.

ويستهدف "المركزي المصري" من حزمة القرارات الأخيرة عدة أهداف أولها السيطرة على معدل التضخم الذي سجل مستوى 15 في المئة خلال شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، وذلك عبر رفع أسعار الفائدة للمرة الثانية خلال العام الحالي، وقيام ثلاثة بنوك تابعة للحكومة المصرية بإصدار شهادات استثمار بعائد سنوي يبلغ 17.25 في المئة، وهو ما سيعمل على تقليص حجم السيولة النقدية المتاحة، بالتالي تقليص حجم الطلب على السلع والخدمات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتعمل القرارات أيضاً على جعل السوق المصرية أكثر جاذبية للاستثمارات الأجنبية في أدوات الدين المصرية، حيث يتوقع أن تقدم سندات الخزانة لأجل الـ12 شهراً معدل فائدة حقيقياً إيجابياً بنسبة 2.36 في المئة مقارنة بنسبتها عند 0.66 في المئة قبل رفع سعر الفائدة ومقارنة بعائد حقيقي سلبي في الولايات المتحدة.

وتسهم قرارات البنك المركزي في شأن بعض القواعد المنظمة لسعر الصرف، عبر السماح للبنوك المحلية باستخدام مشتقات العملات الأجنبية وإلغاء الاستيراد بخطابات الضمان تدريجاً، في توافر العملة الأجنبية بشكل أكبر في السوق ويساعد على استعادة النشاط التجاري في مصر، إضافة إلى أن طرح شهادات ادخار مرتفعة العائد، إضافة إلى التعويض المتوقع في أسعار عائد الأذون والسندات الحكومية من شأنه أن يدعم ربحية البنوك.

ورغم التأثير غير الإيجابي لرفع الفائدة على سوق الأوراق المالية، فإنه من المرجح أن تتفاعل البورصة بشكل إيجابي مع القرارات بسبب تقييمات الأسهم المنخفضة للغاية، والتي كانت تعكس تباطؤ النشاط الاقتصادي في مصر، فيما أسهمت الإجراءات والقرارات الأخيرة في تسريع وإنهاء المفاوضات الخاصة بالحصول على تمويل من صندوق النقد الدولي وعدة مؤسسات دولية، وهو ما يعد شهادة ثقة للاقتصاد المصري.

متى يتماسك الجنيه المصري مقابل الدولار؟

أما في سوق الصرف، فيقدر الباحثون سعر صرف الدولار بين 22 و25 جنيهاً مصرياً بحلول نهاية العام المقبل. وعلى المدى القريب، يتوقع الباحث الاقتصادي هاني جنينة أن يتراوح سعر صرف الدولار بين 25 و27 جنيهاً على أن يستقر في النهاية عند 25 جنيهاً للدولار الواحد بنهاية عام 2022. وأشار إلى أن "حدة صعود الدولار ستبدأ في التراجع عقب حصول مصر على التمويلات الدولارية التي تم الاتفاق عليها مع صندوق النقد الدولي وعدد من المؤسسات والشركاء الدوليين".

في المقابل، يتوقع آخرون، بما في ذلك "غولدمان ساكس"، أن يشهد الجنيه المصري مزيداً من الضعف على المدى القريب. وفي تعاملات الخميس الماضي، تجاوزت التداولات الدولارية في "الإنتربنك" 10 أضعاف المتوسط اليومي خلال الشهرين الماضيين، وهو مؤشر قوي إلى أن سعر صرف الدولار المتوازن يتراوح بين 22.5 و23.5 جنيه.

فيما يشير استخدام البنك المركزي المصري لكلمة "دائم" قبل "سعر الصرف المرن" إلى عزمه الحفاظ على مرونة سعر الصرف، على الأقل لفترة من الوقت. وكانت مرونة سعر الصرف شرطاً رئيساً من صندوق النقد الدولي لإبرام الاتفاق الجديد، كما كانت سبباً جزئياً لامتداد المباحثات مع الصندوق لأشهر.

وفي تصريحاته، قال وزير المالية المصري محمد معيط إنه كان لسعر الصرف المستقر آثار سلبية على احتياطات مصر والاقتصاد ككل، لا سيما في ضوء الصدمات الاقتصادية العالمية الخارجية، مشيراً إلى أنه لهذا السبب يرى صندوق النقد أن سعر الصرف المرن أمر بالغ الأهمية بالنسبة إلى الاقتصاد المصري.

كيف تنحرك معدلات التضخم؟

على صعيد التضخم، من المرجح أن تتسبب قرارات البنك المركزي المصري، وبخاصة ما يتعلق منها برفع أسعار الفائدة بنسبة اثنين في المئة، إضافة إلى إطلاق شهادات استثمار بعائد سنوي يبلغ 17.25 في المئة، أن تتراجع السيولة النقدية في السوق المصرية، مما يمهد الطريق إلى خفض معدلات التضخم. وكان "المركزي" قد أعلن أنه يعتزم تعديل مستهدفات التضخم التي تقدر بنحو سبعة في المئة في الوقت الحالي.

وفي مذكرة بحثية حديثة يرى بنك "غولدمان ساكس" أن التضخم سيبلغ ذروته بالقرب من 19 في المئة خلال شهر يناير (كانون الثاني) المقبل، فيما رجحت شركة "نعيم" للوساطة في الأوراق المالية أن يبلغ التضخم ذروته عند مستوى 20 في المئة بنهاية شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، الأمر الذي قد يتطلب زيادة أخرى بمقدار 100 نقطة أساس.

ومع ذلك، من المرجح أن يكون الارتفاع "عابراً"، وفقاً لمحللي بنك "غولدمان ساكس". وكان التضخم قد بلغ أعلى مستوى له في أربع سنوات بنسبة 15 في المئة خلال شهر سبتمبر (أيلول) الماضي وسط ارتفاع مستمر في كلفة المعيشة بسبب الحرب في أوكرانيا وضعف الجنيه المصري مقابل الدولار الأميركي.

وكانت بنوك استثمار ومحللون ماليون قد طالبوا البنك المركزي المصري بضرورة رفع أسعار الفائدة بعد قيامه بتثبيتها خلال اجتماعين متتاليين على رغم استمرار البنوك المركزية على مستوى العالم في تشديد السياسة النقدية لاحتواء موجة التضخم. وفي ظل استمرار البنك المركزي الأميركي في رفع أسعار الفائدة على الدولار، وتهاوي حصص الاستثمار الأجنبي، كان من المرجح أن يقوم البنك المركزي المصري برفع أسعار الفائدة، وبالتوازي يقوم بخفض قيمة الجنيه المصري حتى يصل إلى قيمته العادلة، في محاولة لعودة الأموال الساخنة التي خرجت من السوق المصرية خلال العام الحالي، والتي تصل وفق البيانات الرسمية إلى 20 مليار دولار.