Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"أبل" تشارف على الاستغناء عن الصين و"هواوي" تتكيف مع العقوبات

الشركة الأميركية الرائدة تطوي صفحة تعاونها الوثيق مع المصانع بكين وتوجه إلى بلدان نامية

كان التعاون بين "أبل" والشركات الصينية وطيداً وبدأ بعد الجائحة ينحسر (كالت أوفماك.كوم)

لفتت مجلة "إيكونوميست" في مقال إلى أن عوامل مثل جائحة "كوفيد-19" والكلفة والتوترات الجيوسياسية تجعل "أبل" الأميركية تبتعد عن الصين وتبحث عن تصنيع أجهزتها وأدواتها وبيعها في أماكن أخرى. وأشارت في مقال ثانٍ إلى أن رئيس "هواوي" الصينية رين جينغفي يطبق خططاً شاملة ليساعد شركته على الازدهار في ظل العقوبات الأميركية عليها.

وأكدت المجلة أن النجاح غير العادي الذي حققته "أبل" في العقدين الماضيين – زادت الإيرادات 70 مرة، وارتفع سعر السهم بمقدار 600 ضعف، وبلغت القيمة السوقية 2.4 تريليون دولار – "يعود في بعض منه إلى رهان كبير على الصين"، فقد اعتمدت "أبل" على المصانع الموجودة في الصين، والتي تنتج الآن أكثر من 90 في المئة من منتجاتها، واستقطبت المستهلكين الصينيين، الذين أسهموا في بعض السنوات بما يصل إلى ربع إيراداتها. ومع ذلك، تجبرها التحولات الاقتصادية والجيوسياسية على البدء في انفصال سريع والنأي عن مصانع إمبراطورية الوسط. "ويمثل تحولها بعيداً من الصين تحولاً كبيراً لـ(أبل)، ورمزاً لتحول أكبر للاقتصاد العالمي".

في الصين، يدير 150 من أكبر موردي "أبل" منشآت إنتاج، وفق المقال الأول في "إيكونوميست". وكان تيم كوك، رئيس عمليات "أبل" قبل أن يصبح الرئيس التنفيذي عام 2011، رائداً في نهج الشركة في التصنيع التعاقدي، تعهيد عمليات التصنيع إلى طرف ثالث. "فبصفته زائراً منتظماً للصين، حافظ السيد كوك على علاقات جيدة مع الحكومة الصينية، وامتثل لمتطلباتها الخاصة بإزالة تطبيقات والاحتفاظ ببيانات المستخدمين الصينيين محلياً، حيث تكون متاحة للسلطات".

وبحسب المقال، تعد الهند وفيتنام البلدين المستفيدين الرئيسين من التحول الاستراتيجي للشركة الرائدة في عالم التكنولوجيا. فعام 2017 أدرجت 18 مورداً كبيراً فيهما، والعام الماضي قفز العدد إلى 37، وفي سبتمبر (أيلول)، وسط ضجة كبيرة محلية، بدأت في صنع "آيفون 14" الجديد في الهند، إذ كانت تصنع سابقاً طرزاً أقدم فقط. والشهر السابق، أعلن أن الشركة ستبدأ قريباً في صنع كمبيوترات "ماكبوك" المحمولة في فيتنام. وما يقرب من نصف سماعات "إيربود" الخاصة بها تصنع في فيتنام، وبحلول عام 2025 سترتفع النسبة إلى الثلثين، كما يتوقع "جاي بي مورغان تشايس". ويعتقد المصرف أن أقل من خمسة في المئة من منتجات "أبل" اليوم تصنع خارج الصين، لكن الرقم سيكون 25 في المئة بحلول عام 2025.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

والسبب الأكثر إلحاحاً لهذه المسارعة إلى مغادرة الصين هو الحاجة إلى توزيع المخاطر التشغيلية، وفق المجلة، فقبل عقدين، عززت صناعة الملابس عملياتها خارج الصين بعد أن تسبب وباء "سارس" في إصابة سلاسل الإمداد بالشلل. دافع آخر هو احتواء الكلفة، فقد تضاعف متوسط الأجور في الصين في العقد الماضي. وترى "أبل" أيضاً في شكل متزايد أن السكان المحليين عملاء محتملون، ولا سيما في الهند، ثاني أكبر سوق للهواتف الذكية في العالم. في ذروتها عام 2015، كانت الصين تستحوذ على 25 في المئة من مبيعات الشركة السنوية، أي أكثر من أوروبا. ومنذ ذلك الحين تقلصت حصتها بشكل مطرد إلى 19 في المئة، ويود شي جينبينغ، رئيس الصين، أن يرى انخفاضاً أكبر لصالح المنتجين الصينيين المنافسين.

وهذا يشير إلى أبرز سبب وراء تحول "أبل": السبب الجيوسياسي، بحسب "إيكونوميست". فالتوترات الصينية - الأميركية المتصاعدة تجعل من الصين مكاناً شائكاً غير مناسب للعمل والاستثمار. "وتضيف الحساسية الصينية المتزايدة الاحتكاك، فالشركة، كما قيل، اضطرت هذا الصيف إلى مطالبة المصنعين التايوانيين بتصنيف منتجاتهم بأنها (صنعت في تايبيه الصينية) لإرضاء مسؤولي الجمارك الصينيين الذين صاروا أكثر تشدداً أخيراً (وفي مقابل المجازفة بإغضاب التايوانيين)". وأصبحت أميركا أكثر شراسة في منافستها مع صناعة التكنولوجيا المحلية في الصين. وكانت "أبل" على وشك إبرام صفقة لشراء رقائق ذاكرة من شركة صينية تدعى "واي أم تي سي" ymtc، يمكن أن تقدم أسعاراً منخفضة بفضل الدعم الحكومي الصيني جزئياً، لكن بعد فرض ضوابط التصدير الأميركية، جمدت الصفقة.

لكن شركات مصنعة صينية تنال حصة متزايدة من أعمال "أبل" خارج حدود الصين، وفق المقال الأول في المجلة. وسترتفع حصة الشركات الصينية من إنتاج إلكترونيات "آيفون" من سبعة في المئة هذا العام إلى 24 في المئة بحلول عام 2025، كما يعتقد "جاي بي مورغان تشايس". وفي الوقت الحالي، من غير المرجح استهداف الشركات الصينية العاملة خارج حدود الصين بعقوبات أميركية لقلة البدائل، لكن مع مرور الوقت، قد يتغير ذلك، إذ إن دولاً مثل الهند وفيتنام تحرص على تنمية مورديها.

"هواوي" من شركة صغيرة إلى الريادة العالمية

في المقال الثاني أشارت "إيكونوميست" إلى أن "هواوي" أبصرت النور عام 1987 ببيع مفاتيح الهاتف من شقة في مدينة شنتشن الصينية الجنوبية، وتفوقت شركة التكنولوجيا الصينية عام 2012 على "إريكسون" السويدية لتصبح أكبر جهة مصنعة في العالم لمعدات الاتصالات. وبحلول عام 2020، تجاوزت حصتها السوقية 30 في المئة، فتساوت تقريباً مع "إريكسون" و"نوكيا" الفنلندية، منافستيها الرئيستين، مجتمعتين. والعام نفسه، تجاوزت "سامسونغ" كأكبر جهة مصنعة للهواتف الذكية. وبدأت أعمالها السريعة النمو في مجالي البرمجيات والحوسبة السحابية في التنافس مع "آي بي أم" و"أوراكل" في أميركا.

وأضافت المجلة: "كانت لدى الحكومة الأميركية خطط أخرى. اعتبرت الإدارات المتعاقبة أن (هواوي) تمثل خطراً على الأمن القومي، زاعمة أن لها صلات عميقة بجيش التحرير الشعبي، الجيش الصيني، وأن معداتها يمكن استخدامها للتجسس (مزاعم لم تثبت وتنفيها "هواوي"). وحظرت الحكومة الأميركية منتجات الشركة في الداخل وحضت الحلفاء على التخلي عنها من شبكات الهاتف المحمول من الجيل الخامس. وتتلخص الخطوة الأكثر عرقلة في أن الولايات المتحدة استخدمت ضوابط التصدير للحيلولة دون حصول الشركة على التكنولوجيا والمنتجات الأميركية، بما في ذلك رقائق الكمبيوتر التي تعتمد عليها عديد من الشركات المصنعة. وفي أحدث صفعة، قالت وزارة العدل في 24 أكتوبر (تشرين الأول) إنها وجهت اتهامات إلى جاسوسين صينيين بمحاولة الحصول على معلومات داخلية حول تحقيق فيدرالي في شأن الشركة".

وبحسب "إيكونوميست"، بعد سنوات من النمو المستمر، انهارت مبيعات "هواوي" بنسبة بلغت 30 في المئة تقريباً عام 2021، من ذروة ساوت 140 مليار دولار تقريباً العام السابق. وقالت "هواوي" في 27 أكتوبر (تشرين الأول) إن انخفاض إيرادات أعمالها في مجال الأجهزة تباطأ في الأشهر التسعة الأولى من عام 2022. ونما إجمالي الإيرادات بنحو 6.5 في المئة في الفصل الثالث على أساس سنوي. ومع طرح البلدان في أنحاء العالم كله للجيل الخامس، يبدو أن حصة "هواوي" في سوق شبكات الاتصالات – أعمالها الرئيسة – في طريقها إلى الانخفاض. ويقول مطلعون إن أعمالها الدولية في مجال الهاتف المحمول انتهت. وأخبر مؤسس الشركة ورئيسها، رين، البالغ من العمر 78 سنة، الموظفين أخيراً في مذكرة داخلية تسربت إلى الإعلام أن الشركة في صراع من أجل البقاء.

"وللفوز في تلك المعركة"، تفيد المجلة، "يعمل السيد رين لتحويل الشركة من مؤسسة تركز على عدد قليل من منتجات الاتصالات الأساسية إلى مزود للتكنولوجيا والخدمات لمجموعة متنوعة من القطاعات، من تصنيع السيارات إلى الأعمال الزراعية". وإذ تتزايد الحملة الأميركية لمنع صعود الصين كقوة تكنولوجية عظمى، تبدو الشركة كدراسة حالة حول مدى فاعلية العقوبات الأميركية حقاً، وكيف يمكن للشركات الصينية التكيف مع النظام العالمي الجديد، وفي النهاية، ما إذا كانت الصين لديها فرصة للفوز في سباق التكنولوجيا. وفي مجال الحظر الأميركي لـ"هواوي" في شأن شبكات الجيل الخامس، تنجح استراتيجية أميركا في الأسواق الغربية الغنية التي تعود لحلفائها، لكن العالم النامي لا يزال منفتحاً على معدات "هواوي" الرخيصة. "تتولى هذه الشركة تزويد إندونيسيا والسعودية وجنوب أفريقيا وتركيا بالمعدات شبكات الجيل الخامس. وموقف البرازيل متذبذب، وهي قد تكون سوقاً كبيرة أخرى، لكن لا يبدو أنها مستعدة لحظر "هواوي". ويتباهى المسؤولون التنفيذيون في "هواوي" بأكثر من خمسة آلاف عقد تجاري في مجال الجيل الخامس على مستوى العالم، بدءاً من النشر الكامل لشبكات الجيل الخامس لصالح الشركات الوطنية إلى ترقية الشبكات القائمة وتطويرها".

"هواوي" في الزراعة والطاقة البديلة

ووفق "إيكونوميست"، تغامر الشركة بما هو أبعد من الأدوات والاتصالات. "هي تصنع أجهزة استشعار لمراقبة ظروف التربة لمساعدة المزارعين على ضبط أنظمة الري وتقليص الأسمدة. وتبني مشروعاً تجارياً في أنظمة لتوليد الطاقة النظيفة. وأصبحت أيضاً مورداً كبيراً للبرمجيات والإلكترونيات لشركات صناعة السيارات، إذ تعاونت معها لتطوير أنظمة مختلفة بحسب الطلب، مثل إدارة الطاقة للسيارات الكهربائية". وتوسع الشركة قسم الخدمات المؤسسية الذي يبني مراكز بيانات وأعمال حوسبة سحابية حول العالم. "وتبدو آفاقها قوية في الصين، إذ سيكون المصدر الرئيس للطلب على مدار العقد المقبل هو الحكومة (تحدث سلطات المقاطعات والمدن أنظمتها لتقديم مزيد من الخدمات العامة عبر الإنترنت) والشركات المملوكة للدولة (التي ترقمن إداراتها وترسي إنترنت الأشياء الصناعية وتركبها بوتيرة محمومة بلا هوادة)".