Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خلاف بين الحكومة المصرية ومجتمع الأعمال حول "ملكية الدولة"

انتقادات حول غياب استراتيجية واضحة وثابتة للصناعة وتضارب في القرارات والسلطات بين الوزارات المختلفة

الحكومة المصرية تعد وثيقة تساعد في تمكين القطاع الخاص بحيث يكون قاطرة النمو الاقتصادي الغني بالوظائف (أ ف ب)

كيف تدير الحكومة المصرية الشركات المملوكة للدولة؟ وهل تخرج منها لصالح القطاع الخاص؟ وكيف سيحدث ذلك؟ تلك الأسئلة وغيرها تجيب عنها أحدث نسخة لـ"وثيقة سياسة ملكية الدولة" التي تعبر عن خطة ممنهجة أطلقها رئيس الوزراء مصطفى مدبولي في مؤتمر صحافي عقده في مايو (أيار) الماضي، وناقشها الإثنين الماضي ضمن فعاليات اليوم الثاني للمؤتمر الاقتصادي، وتتعهد فيها الدولة التخارج من الاستثمارات القائمة أو الجديدة، جزئياً أو كلياً، بشكل تدريجي، باستثناء المشروعات أو الاستثمارات التي تتعلق بالأمن القومي المصري.

بداية، عرضت الحكومة المصرية أحدث نسخة لـ"وثيقة سياسة ملكية الدولة" بعد انعقاد نحو 40 جلسة حوارية وورش عمل متخصصة على مدار ثلاثة أشهر بحضور ما يزيد على 1000 مشارك من مجتمع المال والأعمال حول أهمية تلك الوثيقة. وقال نائب وزير المالية أحمد كجوك إن "الدولة تستهدف رفع تنافسية القطاعات الإنتاجية، وزيادة مساهمات الصناعة والتصدير والزراعة وتكنولوجيا المعلومات في الناتج المحلي، لتحقيق أهداف التنمية الشاملة والمستدامة، إذ تمتلك مصر بنية تحتية وتشريعية وإمكانات تؤهلها لتعظيم الفرص الاستثمارية للقطاع الخاص المحلي والأجنبي".

وأوضح أن "الوثيقة تساعد في تمكين القطاع الخاص بحيث يكون قاطرة النمو الاقتصادي الغني بالوظائف، على نحو يسهم في إرساء دعائم حياة كريمة للمواطنين، وتحسين الخدمات المقدمة إليهم، مع تحقيق عوائد كبيرة من أصول الدولة، تمكننا من التوسع في برامج الحماية الاجتماعية والتنمية البشرية وخفض المديونية الحكومية"، مضيفاً أن "الدولة تستهدف زيادة استثمارات القطاع الخاص لتصل إلى 65 في المئة من الاستثمارات المنفذة للوصول إلى حلم 100 مليار دولار صادرات سلعية سنوياً".

وأشار كجوك إلى أن "الدولة ستتخارج من 79 قطاعاً، وتقلل استثماراتها في 45 قطاعاً آخر على نحو يسهم في جذب 10 مليارات دولار كل عام مع تحسين جودة الإنتاج وتوفير مزيد من فرص العمل، وتعزيز آليات المنافسة العادلة، وتمكين الدولة من الإنفاق على الارتقاء بمستوى معيشة المواطنين.

انتقادات

في المقابل، انتقد بعض المشاركين في الجلسة من المتخصصين والمحللين بعض ما ورد في وثيقة "سياسة ملكية الدولة"، إذ قال وزير التجارة والصناعة الأسبق منير فخري عبدالنور، "يجب ألا ننبهر بالعناوين، بل ننظر إلى التفاصيل"، موضحاً أن "أسلوب تخارج الدولة من الشركات الحكومية عن طريق جذب مستثمرين ماليين ينصب اهتمامهم على الحصول على نسب من الأرباح بدلاً من مستثمرين استراتيجيين يشتركون في إدارة الشركات ويستمرون في ضخ مزيد من الاستثمارات لتحقيق معدل نمو اقتصادي".

وأضاف عبدالنور أن "وثيقة سياسية ملكية الدولة لن تحقق المرجو منها إلا في حالة اتساق السياسات المعمول بها مع الأهداف التي ترمي إليها الوثيقة"، قائلاً "لا نرى ذلك محققاً في الوقت الحالي". وتابع أنه "في الوقت الذي تسعى فيه الدولة إلى تشجيع المستثمرين والمنتجين على ضخ استثمارات مباشرة تحمل عليهم الدولة ضرائب ورسوماً كبيرة تقتطع من ربحهم"، مشيراً إلى أن "السياسة النقدية تقيم الجنيه المصري بقيمة أعلى من قيمته الحقيقية، مما يمثل عائقاً كبيراً أمام المصدرين إلى الخارج، إذ إن ذلك يقوض من قدرتهم على المنافسة عالمياً ومحلياً".

وانتقد رئيس البنك التجاري الدولي والرئيس الأسبق للهيئة العامة للرقابة المالية شريف سامي غياب الحوار المجتمعي عند اتخاذ أي قرار وزاري أو تعديل في لائحة، والذي يفاجأ به رجال الأعمال، قائلاً إن "التعديلات الأخيرة في وثيقة سياسة ملكية الدولة أظهرت للرأي العام أنها وثيقة تخارج الدولة على غير الحقيقة"، موضحاً أن "الهدف يجب أن يكون تحديد نطاق وجود الدولة في المشروعات الهادفة للربح"، مطالباً بألا يكون قياس الوجود بعدد الكيانات الاقتصادية أو رؤوس الأموال، وإنما بالحصة السوقية.

غياب استراتيجية الصناعة

من جهته، قال رئيس المجلس التصديري للصناعات الغذائية هاني برزي إن "الأوضاع الحالية قد تكون منفرة للاستثمار"، منتقداً عدم وجود استراتيجية واضحة للصناعة لا تتغير بتغير الوزراء، مشيراً إلى أن "هناك تضارباً في القرارات والسلطات بين الوزارات المختلفة"، مستشهداً بالتضارب الواضح بين وزارتي الصناعة والزراعة، قائلاً "التضارب ظهر فجأة مما يهدد صادرات الفراولة المجمدة أخيراً"، متابعاً أن "اتخاذ قرارات بفرض رسوم بشكل مفاجئ يعد من أبرز العقبات التي تواجه القطاع الخاص، وكذلك غياب الدعم للتصدير أو دعم التسويق للمنتجات المصرية".

وتعقيباً على ما دار بجلسة وثيقة "سياسة ملكية الدولة" كلف رئيس الوزراء مصطفى مدبولي رجال الأعمال التعاون مع وزارة الصناعة والتجارة لوضع استراتيجية لتطوير الصناعة خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، تكون صالحة لمدة 10 سنوات مقبلة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي اليوم الأول من أيام المؤتمر الاقتصادي رفض نائب رئيس الوزراء الأسبق زياد بهاء الدين تخارج الحكومة وانسحابها من النشاط الاقتصادي في الوقت الحالي. وقال في كلمته خلال إحدى جلسات المؤتمر "لسنا بحاجة إلى تشريعات جديدة لجذب الاستثمارات، لكننا نحتاج إلى مراجعة التشريعات التي صدرت منذ فترة"، مشيراً إلى أن "استقرار الأوضاع الأمنية ووجود بنية تحتية جيدة للدولة من أهم العوامل التي تؤدي إلى زيادة الاستثمار، لكن تلك العوامل الجيدة تحتاج إلى إعادة النظر في منظومة الضرائب، سواء ضريبة الدخل أو ضريبة القيمة المضافة وغيرهما".

غير واضحة

من جهته، قال رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين علي عيسى إنه "لم يفهم ما الهدف من إطلاق وثيقة سياسة ملكية الدولة حتى الآن"، مضيفاً أن "الحكومة خرجت علينا بتلك الوثيقة في مايو 2022، وعلى رغم مرور خمسة أشهر لم نعرف تفاصيلها والغرض منها وما القطاعات التي سيشارك بها رجال الأعمال والمستثمرون". وأضاف أن "الأهم من تخارج الدولة من الاستثمارات هو تذليل العقبات أمام المستثمرين وتهيئة المناخ العام للاستثمار وإقرار حزمة حقيقية من الحوافز الاستثمارية والضريبية والجمركية".

في هذه الأثناء، أعلنت وزيرة التعاون الدولي رانيا المشاط أن "الدولة تتخارج حالياً من شركة (مصر لريادة الأعمال)، مما يتيح الفرصة لدخول رؤوس أموال جديدة من مؤسسات التمويل الدولية". وأشارت في جلسة بعنوان "فرص وآفاق التمويل الدولية لدعم القطاع الخاص" ضمن فعاليات اليوم الثاني للمؤتمر الاقتصادي إلى دعم الوزارة ريادة الأعمال عبر شركة مصر لريادة الأعمال التابعة لها، والتي تملك عدداً من حاضنات الأعمال"، موضحة أن "هذه الحاضنات تشمل حاضنات فلك، وEFGEV، وFlat6labs، إلى جانب دور الحاضنات في التخارج من هذه الشركات بعد نموها".

وحقق صافي الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر أدنى مستوى له في آخر خمس سنوات خلال عام 2021، بعد أن سجل العام الماضي نحو 5.1 مليار دولار مقابل 5.9 مليار دولار في عام 2020، بنسبة تراجع بلغت 12.5 في المئة، بينما سجل أعلى مستوى له في عام 2019، إذ بلغ تسعة مليارات دولار، بينما سجل في عام 2018 نحو 8.1 مليارات دولار مقابل 7.4 مليارات دولار في عام 2017، وفقاً لبيانات البنك المركزي المصري.