Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أوروبا تتكيف مع نقص إمدادات الغاز الروسية

الأسعار تواصل الانخفاض للأسبوع الرابع على التوالي مع وفرة المعروض وتراجع الطلب

يرجع بعض التحليلات انخفاض أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا (رويترز)

واصلت أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا الانخفاض للأسبوع الرابع على التوالي مع وفرة المعروض وتراجع الطلب نتيجة زيادة كميات الغاز الطبيعي المسال المستوردة، خصوصاً من الولايات المتحدة، وضعف الاستهلاك في ظل طقس دافئ حتى الآن، إضافة إلى أن مخزونات الغاز الطبيعي في الدول الأوروبية قرب مستوياتها الأعلى.

وهبط سعر الغاز الطبيعي في أوروبا دون الـ100 يورو للميغاواط في الساعة، أي إلى ثلث ما وصل إليه في نهاية أغسطس (آب) عند 300 يورو للميغاواط في الساعة. وفي إحدى جلسات التعامل في بورصة أمستردام للغاز الطبيعي انخفض سعر الميغاواط في الساعة دون الصفر ليصل إلى أن البائعين كانوا يدفعون ما يصل إلى 16 يورو للمشتري في البيع الفوري للميغاواط في الساعة.

ولم يستمر السعر دون الصفر إلا لفترة قصيرة، لكن في المتوسط دار سعر الغاز في أوروبا حول معدل 50 يورو للميغاواط في الساعة في البيع الفوري، و100 دولار في العقود الآجلة لما بعد شهر وإلى 140 دولاراً للميغاواط في الساعة لعقود تسليم نوفمبر (تشرين الثاني) 2023. وبحسب وكالة "بلومبيرغ"، شهد الأسبوع انخفاضاً في أسعار الغاز الطبيعي للأسبوع الرابع على التوالي. وتوقع محللو "بلومبيرغ" أن تستمر الأسعار منخفضة لما تبقى من العام، مستبعدين أن تواجه أوروبا مشكلة نقص في الغاز في أشهر الشتاء الأولى.

التكيف الأوروبي

وعلى رغم أن وكالة "رويترز" حذرت في تحليل لها من أن أوروبا يجب ألا تركن إلى هذا الانخفاض المستمر في أسعار الغاز الطبيعي نتيجة الانخفاض الهائل هذا الأسبوع، فإن تحليلات "بلومبيرغ" وغيرها ترى أن انخفاض أسعار الجملة قد ينعكس على أسعار الكهرباء والغاز للمستهلكين، بينما اعتبرت صحيفة "فايننشال تايمز" أن انخفاض أسعار الجملة للغاز الطبيعي في الأسابيع الماضية تشير إلى أن أوروبا تمكنت بالفعل من التكيف مع وقف روسيا إمدادات الغاز عبر خط أنابيب "نورد ستريم 1".

ويذهب التحليل الأخير إلى أن خطط الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لاستخدام الغاز كسلاح للضغط على أوروبا فشلت، وأن أوروبا تتجه نحو خفض الاعتماد على واردات الطاقة من روسيا في سياق الضغط على موسكو بسبب الحرب في أوكرانيا.

ومن الأمثلة على التكيف الأوروبي مع نقص الغاز الطبيعي أن صناعة عالية الاستهلاك للغاز مثل إنتاج سماد الأمونيا التي كانت ترفع الطلب على الغاز الروسي بقوة توقفت واستعيض عنها بالاستيراد من الولايات المتحدة، هذا إضافة إلى تحول دول أوروبا إلى تشغيل محطات طاقة تعمل بالفحم، على رغم تأثيرها الضار على البيئة والتغير المناخي بسبب انبعاثاتها الكربونية العالية، كبديل للغاز الطبيعي، وهذا ما جعل مستويات مخزونات الغاز الطبيعي في أوروبا تصل الآن إلى نسبة 93.6 في المئة. صحيح أن السحب من المخزونات قد يزيد في فصل الشتاء، ويحتاج لإعادة ملئها إلى واردات الغاز الطبيعي الروسي، إلا أن كميات الغاز المتوفرة الآن كافية لتقليل السحب من المخزون هذا الشتاء وقد لا يظهر الأثر السلبي سوى في فصل الشتاء العام المقبل.

أسباب الانخفاض

ويرجع بعض التحليلات انخفاض أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا إلى أقل من ثلث المستوى العالي الذي وصلت إليه نحو شهرين إلى دفء الجو حتى الآن، مما جعل الطلب على الاستهلاك المنزلي أقل. وأضيف إلى ذلك تراجع الطلب من الصناعات كثيفة الاستهلاك للغاز نتيجة ارتفاع الأسعار بقوة في الفترة السابقة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويمضي تحليل "فايننشال تايمز" إلى أن الارتفاع الهائل للأسعار، خصوصاً مع وقف انسياب الغاز الروسي من خط الأنابيب "نورد ستريم 1" بنهاية أغسطس أدى إلى تراجع الطلب، سواء من الشركات والمصانع أم من المستهلكين في المنازل. على سبيل المثال، وفي نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، انخفض الطلب على الطاقة من المصانع والبيوت بما بين نسبة 20 و25 في المئة عما كان عليه قبل عام. في الوقت ذاته، ارتفع إنتاج ألمانيا من الطاقة بنسبة 2.1 في المئة عما كان عليه قبل عام.

إضافة إلى الطاقة من الفحم، زاد إنتاج الدول الأوروبية من الطاقة المولدة من مصادر متجددة مثل الشمس والرياح. وكانت التوقعات السابقة تقدر انخفاض الطلب على الطاقة بشكل عام نتيجة الركود الاقتصادي المتوقع في أوروبا.

مخاوف الأزمة

مع تراجع الطلب توفرت للدول الأوروبية كميات كبيرة من الغاز الطبيعي المسال، وخصوصاً من الولايات المتحدة. وكان الرئيس الأميركي جو بايدن تعهد زيادة صادرات الغاز الطبيعي المسال مرتفع السعر إلى أوروبا لتصل إلى 15 مليار متر مكعب هذا العام. وهذا ما يكاد يجمع المحللون على أنه وراء الانخفاض الأخير في الأسعار في الأسابيع الماضية، لكن تحليلات كثيرة ترى أن أوروبا تظل تواجه مشكلة طاقة حتى لو تفادت انقطاعات الكهرباء والغاز في فصل الشتاء هذا العام وبداية العام المقبل. فما زالت منشآت تحويل الغاز الطبيعي المسال في القارة محدودة، هذا فضلاً عن الحاجة إلى استثمارات كبيرة في بناء خطوط أنابيب تبادلية تربط منافذ تفريغ الغاز الطبيعي المسال ومحكات الطاقة في بلدان أوروبا.

ومع زيادة فاتورة استيراد الغاز الطبيعي المسال عن الغاز الطبيعي عبر خطوك الأنابيب، هناك مشكلة أخرى تتمثل في اضطرار أوروبا إلى تخزين فائض العرض الحالي بتركه في الحاويات على الناقلات في عرض البحر. فمع النقص في ناقلات شحن الغاز الطبيعي المسال، تصبح كلفة مدفوعات "الأرضية" لإبقاء الشحنات في عرض البحر، لعدم وجود طاقة استيعابية، سواء في التخزين أم في محطات الطاقة، عالية جداً.

وستواجه أوروبا مشكلة الكلفة والحاجة إلى كميات أكبر من الغاز لإعادة ملء المخزونات بعد فصل الشتاء، وهذا ما جعل بعض المحللين في "رويترز" وغيرها يتوقعون أزمة طاقة وعودة أسعار الغاز إلى الارتفاع في فصل الشتاء المقبل نهاية عام 2023.

المزيد من البترول والغاز