في جنوب جزيرة جربة التونسية، وداخل واحة كبيرة، وبين أمواج البحر وأشجار النخيل يرتفع "مركز الفنون - جربة". هذا المركز كان، كما قال مؤسسه المسرحي الكبير فاضل الجزيري، تحقيقاً لحلم قديم، ظل يراوده منذ سنوات. حلم إقامة فضاء تتلاقى فيه كل الفنون على تنوعها واختلافها، ويكون نافذة ينظر من خلالها المشاهد التونسي إلى كل ثقافات العالم في مختلف تجلياتها.
لم يكن تحقيق هذا الحلم سهلاً فقد افترض بناء المركز سنوات طويلة من العمل، وتطلب مبالغ مالية قدرت بـ30 مليون دينار، أي 10 ملايين دولار، وفوق هذا استدعى استشارة خبرات فنية وتقنية شتى حتى يحقق أهدافه.
أقيم المركز على مساحة تقدر بـ80.000 متر مربع، وقد أراده مؤسسه أن يكون جزءاً من معمار الجزيرة وبعضاً من معالمها. فاستعار أساليبها الهندسية، وطرائقها في تشكيل الفضاء، حتى يكون منسجماً مع معمار الجزيرة، متفقاً مع قوانينها الفنية والجمالية. وأشار الفنان فاضل الجزيزي إلى أن افتتاح هذا المركز سيتم رسمياً في 10 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، أي قبيل الدورة الـ18 للقمة الفرنكوفونية التي ستعقد في جزيرة جربة في 19 و20 نوفمبر 2022. وقال لـ"اندبندنت عربية" إن اختيار موعد الافتتاح كان اختياراً مدروساً بإحكام، "لأن غايتنا تتجه نحو إبراز الإشعاع الثقافي التونسي على العالم والترويج للثقافة التونسية".وبهذه المناسية سيتم تدشين معرض كبير للفن التشكيلي يضم 100 لوحة من الحجم الكبير أنجزها الفنان طاهر مقدميني.
وقال الفنان التونسي إن هذا المركز الجديد سيكون فضاء "للإبداع وتقديم عروض موسيقى ورقص ومسرح وسينما وفنون تشكيلية". وسيحتضن ملتقيات حول العلوم الإنسانية والاجتماعية وسواها، وسيتيح الفرصة لرواده لتذوق أصناف شتى من فنون الطبخ التونسية والمتوسطية.
فن وبيئة
أقام فاضل الجزيري هذا المركز في منطقة رطبة مشمولة باتفاق "رمسار" الدولية، لهذا تضمن مشروعه بعداً بيئياً، إذ تتجه النية إلى غرس نباتات متنوعة تحتويها الجزيرة، والعناية بها وفق التقنيات القديمة التي حذق بها المزارعون المحليون. واتفاق "رامسار" هو معاهدة دولية تهدف إلى مساعدة المتعاقدين، على العناية بالمناطق المنتسبة إلى قائمتها، قائمة "رامسار"، والمحافظة على خصائصها البيئية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويضم المركز مسرحاً يتسع لثلاثة آلاف شخص، وقاعة تمارين تمتد على مساحة ألف متر مربع، ومكتبة ومحترفات لإعداد مستلزمات الأعمال المسرحية والسينمائية، من ديكور وإكسسوارات، إضافة إلى مطعم مؤهل لاستضافة ثلاثة آلاف شخص تقدم فيه الأكلات التقليدية التونسية والمتوسطية.
وأوضح الجزيري أن المركز شرع في وضع برنامج ثقافي متكامل يضم أعمالاً مسرحية وسينمائية، منها مثلاً مسرحية "كاليغولا 2" وفيلم يتناول سيرة حياة النقابي التونسي الشهير فرحات حشاد.
يعد فاضل الجزيري من رواد المسرح الجديد في تونس، عمل مخرجاً وممثلاً وأسهم في تأسيس وإدارة عدد من الفرق المسرحية داخل تونس وخارجها، بخاصة في فرنسا. كان من مؤسسي فرقة الجنوب في مدينة قفصة مع فاضل الجعايبي وجليلة بكارومحمد إدريس، وأسس مع فاضل الجعايبي فرقة "المسرح الجديد" وأسهم مساهمة فاعلة في تطوير السينما التونسية، فتقلد فيها كثيراً من الأدوار، وأخرج عدداً من الأفلام لعل أهمها فيلم "ثلاثون".
