Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بعد تولي سوناك السلطة كم من الوقت ستحتاج بريطانيا للعودة إلى مسار النمو؟

حلول الركود السنة المقبلة أمر شبه محتم فيما سيكون الأداء المالي على المدى المتوسط في حال يرثى لها

الأمر الجدير بالملاحظة هو استجابة السوق لخطوة تعيين رئيس الوزراء نظراً لخبراته السابقة (أ ب)

رحبت الأسواق بحفاوة بوصول ريشي سوناك إلى موقع رئاسة الوزراء في المملكة المتحدة، لكن من غير المؤكد أن يستقبله الناخبون على نحو مماثل. لا داعي فعلياً إلى التدقيق في الأرقام المالية الآن، ما هو السبيل إلى ملء الثقب الأسود في حسابات الحكومة المالية، البالغة قيمته 40 مليار جنيه استرليني، إن كانت هذه قيمته فعلاً. سنعرف مزيداً من التفاصيل عن كل هذه القضايا يوم الإثنين المقبل، مع صدور البيان المالي الذي سيكون أمراً يرثى له.

تجدر الإشارة إلى رد فعل السوق على تعيين سوناك، حيث بلغت عائدات السندات الحكومية لمدة 10 أعوام نحو 3.6 في المئة، فيما تخطت يوم الجمعة الماضي أربعة في المئة. صحيح أنه في أغسطس (آب)، كان هذا المعدل أقل من اثنين في المئة، لكن المعدلات ارتفعت في كل مكان. تستطيع المملكة المتحدة أن تقترض الآن مقابل سعر أقل من الولايات المتحدة وإيطاليا، مع أنها ستضطر إلى أن تدفع أكثر من ألمانيا أو فرنسا. سيخفف ذلك من وطأة تكلفة الاقتراض قليلاً، بالنسبة إلى الجميع، ويشمل هذا أي شخص مجبر على أخذ قرض عقاري أو تجديده.  

لكن هذا التحسن الطفيف لا يغير من واقع أن ارتفاع أسعار الفائدة عالمياً، إضافة إلى مشكلات الطاقة في أوروبا، وفوقها النقص في رقائق أشباه الموصلات وكل الأمور الأخرى، ستؤدي على نحو شبه حتمي إلى ركود اقتصادي العام المقبل، هذا ما كان يشير إليه رئيس الوزراء الجديد في خطابه الأول حين قال، إن البلاد تواجه "أزمة اقتصادية عميقة". 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

نحن نعلم ذلك، لكن ما لا نعلمه هو شكل الانكماش العام المقبل، ما حجمه، وإلى متى يستمر؟ وبالتالي، شكل التعافي المحتمل. قد يبدو الوقت مبكراً جداً لكي نحلم بالتعافي حتى، لكن ذلك مهم جداً من الناحية السياسية. إذا نجح ريشي سوناك في الاحتفاظ بمنصبه حتى خريف عام 2024، وهذا أمر يترك التعليق فيه للمعلقين السياسيين، قد تتمكن حكومته من استخدام حجة قابلة للتصديق، وهي أنها أعادت وضع البلاد على مسار النمو. ماذا يمكننا أن نقول إذن؟

أولاً، يبدو أن هناك دورة اقتصادية لا يمكن للعالم الإفلات من براثنها. سيكون شيئاً لطيفاً أن يتحلى خبراء الاقتصاد بذكاء كاف لإلغاء هذه الدورة أساساً، لكنهم ليسوا على هذا القدر من الذكاء. وفي الحقيقة، ربما تؤسس التدابير التي يتخذونها للتخفيف من حدة الانكماش للمشكلات التي تؤدي إلى الانكماش الذي يليه. تذكروا معدلات الفائدة الشديدة الانخفاض التي تبعت الانهيار المصرفي، ثم فكروا بالتضخم الهائل الآن.

وثانياً، يظهر أن فترات الركود لديها مدة حياة طبيعية. يقول التعريف الرسمي إنها ربعان متتاليان من النمو السلبي. والترجمة المبسطة هي: عندما ينكمش الاقتصاد لمدة ستة أشهر أو أكثر. وغالباً ما يستمر الركود لفترة أطول، تتراوح عادة بين 9 و18 شهراً، مع أن فترة الكساد الكبير في الولايات المتحدة امتدت طيلة ثلاثينيات القرن الماضي. وأحدث مثال على الركود في الولايات المتحدة، ذلك الذي ارتبط بالانهيار المصرفي في 2008 واستمر 19 شهراً، وكان الأطول منذ ثلاثينيات القرن الـ20.

تختلف تجربة المملكة المتحدة قليلاً عن الولايات المتحدة، لكن النقطة المهمة هي أنه من غير المرجح أن يدوم الركود أكثر من عام. لذلك، إن كنا نسير حقاً الآن باتجاه الركود، فمن المنطقي أن نتوقع التعافي منه في 2024.

لكن ذلك لا يوضح لنا أبداً شكل الركود. فالمتغيرات كثيرة. إن حدث وقف لإطلاق النار في أوكرانيا خلال الأشهر القليلة المقبلة، فمن المحتمل جداً أن تكون أسعار الطاقة قد تجاوزت بالفعل أعلى مستوياتها. وهو ما سيخفف بعض الضغط على التضخم، لكن العكس صحيح كذلك، والنقص في إمدادات الغاز إلى أوروبا هذا الشتاء قد يسبب عرقلة كبيرة.

في أغلب حالات الركود، ترتفع معدلات البطالة على نحو هائل بسبب العبء الذي تسببه خسارة عدد هائل من الوظائف، لكن الطلب على اليد العاملة الآن كبير لدرجة قد تمنع هذا الأمر من الحدوث. ولو صح ذلك، فستنخفض الأجور الحقيقية كما يحدث بالفعل لكن معظم الأفراد سيحتفظون بوظائفهم.

سوف تخرج بعض البلدان من هذا الوضع وهي أفضل حالاً من غيرها. يبدو أن الولايات المتحدة هي أول من سيعاني الركود أو هذا على الأقل ما يقوله استطلاع رأي خبراء اقتصاد الأعمال، لكن هذا يعني أنها قد تكون أول من يخرج من الركود أيضاً. ربما يكون اقتصاد المملكة المتحدة القائم على الخدمات مقاوماً أكثر من الاقتصاد الألماني الذي يستند إلى التصنيع، لكننا نعاني كذلك من مجموعة مشكلات كبيرة ترتبط بتبعات "بريكست"، وقد سببت فوضى الأسابيع الماضية إضعاف الثقة بقطاع الأعمال على نحو عام. سيمثل اختيار ريشي سوناك رئيساً للوزراء عاملاً مساعداً لكن لا تتوقعوا فورة استثمارات مفاجئة. لو كان علي اختيار مؤشر واحد يبين لنا مدى خطورة هذا الانكماش، سأختار أسعار المنازل. لو ظلت مستقرة أو حتى ارتفعت قليلاً خلال الأشهر القليلة المقبلة، ستوفر بعض الحماية للإنفاق الاستهلاكي. وهذا بدوره يدعم الاقتصاد على نحو عام، لكن في حال انهيار أسعار المنازل، كما يحدث في بعض البلدان ومنها السويد، ستزيد معاناة الاقتصاد للخروج من الركود.

طبعاً، من الناحية الاجتماعية، سيكون من الجيد أن تصبح المنازل أقرب إلى متناول السكان. فأي بلد لا يمكن لشبانه أن يأملوا بامتلاك منزلهم الخاص، هو بلد يعاني مشكلة كبيرة، لكن من الناحية الاقتصادية لو ظلت سوق المنازل متينة خلال السنتين المقبلتين، فستساعد على دعم النشاط الاقتصادي، ومن الناحية السياسية قد تساعد كذلك رئيس وزرائنا الجديد على تقديم حجة مقنعة بأنه حول "الأزمة الاقتصادية العميقة" إلى تعاف لا بأس به.

© The Independent

المزيد من آراء