Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تشرذم نواب "التغيير" يعيد رسم خريطة المجلس النيابي اللبناني

عقد 14 برلمانياً سنياً لقاء شددوا من خلاله على التمسك باتفاق "الطائف"

يواجه تكتل "التغيير" عاصفة من الانشقاقات بسبب تباين مواقفهم بعد ستة أشهر على الانتخابات النيابية (غيتي)

على رغم أن الانتخابات النيابية الأخيرة أفرزت واقعاً جديداً عبر انتزاع الأكثرية البرلمانية من "حزب الله" وحلفائه، ودخول كتلة نيابية من خارج القوى والأحزاب التقليدية أطلقت على نفسها اسم "التغيير"، فإن الواقع لم يعكس أي جديد، ويعتبر المراقبون أن نواب "التغيير" لم يتمكنوا من فرض أنفسهم كقوة تغييرية بسبب تشتتهم، وغياب مشروعهم السياسي والبرلماني، وفشلهم في خوض الاستحقاقات المفصلية داخل البرلمان، الأمر الذي سهل مهمة "حزب الله" وحلفائه في استعادة السيطرة على المجلس النيابي من خلال فوز مرشحيه في رئاسة ونيابة رئاسة المجلس، وهيئة مكتب المجلس ومعظم اللجان، إضافة إلى تمكنه من إعادة تكليف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لتشكيل الحكومة المرتقبة.

في المقابل، يبرر "التغييريون" هذه الإخفاقات بأنها نتيجة ممارسات "المنظومة"، وقدرتها على نسج تحالفات غير معلنة مع المعارضين وتلاقي مصالحهما بإبعاد قوى "التغيير" عن المشهد وإضعاف دورهم. إلا أن هذه التبريرات لم تعد مقنعة لا سيما بعد خروج الخلافات إلى العلن، وإعلان نائبين الانفصال عن التكتل، ومعلومات عن توتر شديد تشهده العلاقة مع حزب "تقدم" الذي يضم النائبين مارك ضو ونجاة صليبا وإمكان إعلان انفصالهما في أي لحظة.

وفي بيان لحزب "تقدم" وضعه البعض في خانة التحذير الأخير للتكتل، طالب فيه نواب "التغيير" إجراء مراجعة جدية وسريعة لطريقة عملهم، وذكرهم بالإنجاز التاريخي لقوى "17 تشرين" في الانتخابات النيابية إذ اقترع لها ما يفوق 300 ألف ناخب، متمنياً أن يعوا المسؤولية التاريخية والشعبية التي تقع على عاتقهم، وأن يترفعوا على أي اختلاف أو تباين لتفعيل عمل سياسي وتشريعي موحد وفعال وفق آليات ديمقراطية وتشاركية.

"ما خلونا"

وتعبر بعض الأوساط الاغترابية الداعمة لتكتل "التغييريين" عن خيبتها مما وصلت إليه الأمور داخل التكتل، ولفتت إلى أنه، ليل الـ15 من مايو (أيار) الماضي، سجلت فرحة غير متوقعة بفوز 13 نائباً من خارج الأحزاب والقوى التقليدية، كاشفة عن أن بعض تشكيل التكتل بدأ العمل لضم نواب مستقلين آخرين ليصبح عدد التكتل 25 نائباً، إلا أن قوامه بات الآن 11 مع إمكان انشقاق نواب آخرين، وقد يصل العدد إلى ستة نواب.

في المقابل، تصر مصادر النواب "التغييريين" على تحميل "المنظومة" السياسية مسؤولية الانشقاقات، عبر اختراقها وتحريض بعض النواب على التكتل، إضافة الى منعهم من المشاركة بجدية في اللجان النيابية، وعدم مناقشة اقتراحات القوانين التي يقدمونها، وغيرها من السبل التي تصب في إطار تحجيم دورهم.

مقاربة جديدة

ويرفض نائب "التغيير" ملحم خلف اعتبار أن التكتل وصل إلى مرحلة النزاع الأخير، مؤكداً أنه مستمر ولا توجد نية لحله على رغم خروج عدد من النواب والالتباسات التي أحاطت بتجربته ومساره أخيراً، مستغرباً التصويب على التكتل المؤلف من 13 نائباً في مقابل تجاهل ما يفعله الـ115 نائباً من مخالفات ومحاصصات، وبرر ضعف التنسيق بين نواب "التغيير" بحداثة وجودهم في الحلبة من ستة أشهر حيث يحاولون تفادي اللكمات وتنظيم صفوفهم قدر الإمكان على وقع تحديات متلاحقة وعرقلات الأحزاب.

وتشير المعلومات إلى أن حراكاً تقوده النائبة بولا يعقوبيان (من تكتل التغييريين) يهدف لإعادة ترميم التصدعات التي عصفت أخيراً بالتكتل عبر طرح مقاربة جديدة، وآلية مرتكزة على التصويت لاتخاذ القرارات داخله.

الرئاسة مقابل الوزارة

ووفق المعلومات، عقد لقاء، منذ أسابيع، عدة بين النواب "التغييريين" ومجموعات من الحراك المدني وداعمين لبنانيين من الاغتراب، كشف عن تناقضات كبيرة في مقاربة الاستحقاقات الداخلية، إذ أعلن عدد من الداعمين الاغترابين تنصلهم عن دعم هذا التكتل، الأمر نفسه انسحب على المجموعات المدنية التي تتحرك عادة في الشارع إلى جانبه ما يعكس عمق الخلافات، وتشير مصادر في التكتل إلى وجود مقاربتين، الأولى تطالب بالتنسيق مع القوى المعارضة والتفاهم معها على خوض الاستحقاقات الاستراتيجية ومنها انتخاب رئيس الجمهورية، ويؤيد هذا التوجه عدد من النواب أبرزهم النواب مارك ضو ورامي فنج ووضاح الصادق.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي المقابل، تبرز مقاربة معاكسة تماماً ترفض التنسيق الاستراتيجي مع التكتلات المعارضة تحت شعار "الالتقاء بالقطعة" مع الجميع ومن ضمنهم "التيار الوطني الحر" (رئيس النائب جبران باسيل صهر رئيس الجمهورية ميشال عون)، و"حزب الله"، ويحاول مناصرو هذه المقاربة الربط بين استحقاق رئاسة الجمهورية والحكومة، ويعتبرون أن من الممكن التفاهم على انتخاب رئيس مقابل المقايضة على موقع رئاسة الحكومة الذي يجب برأيهم أن يكون من تكتلهم، ومن أبرز داعمي هذا الرأي ما بات يعرف بجناح اليسار المؤلف من النواب حليمة قعقور وإبراهيم منيمنة وفراس حمدان وسينتيا زرازير.

بدوره، لفت عضو التكتل النائب وضاح الصادق إلى أن التكتل يفتقد لآلية العمل والتصويت للخروج بمقاربة واحدة في الاستحقاقات الأساسية، وثمة نائبان أو ثلاثة يريدون فرض آرائهم على باقي نواب التكتل، فإما يتم السير بخيارهم أو تتعرقل الأمور ما يلغي مبدأ الديمقراطية.

تكتل جديد

وفي مقابل التشرذم الحاصل على خط "التغييريين"، بدأت ملامح تلاق نيابي جديد تبرز على خريطة المجلس النيابي، إذ عقد 14 نائباً من الطائفة السنية لقاء في منزل النائب فؤاد مخزومي شدد على التمسك باتفاق "الطائف" والحفاظ عليه واستكمال تطبيقه. كما أكدوا التمسك بسيادة لبنان واستقلاله وعروبته، واتفق النواب الحاضرون على العمل معاً في مختلف المناطق في ظل غياب تام للدولة.

وتشير المعلومات إلى أن هؤلاء النواب سيجتمعون دورياً، كل أسبوعين، لمواكبة الاستحقاقات المفصلية والعمل لمنع تهميش الطائفة السنية وتغييب دورها، واتفق على تشكيل لجنة تنسيق بين النواب.

وفي السياق، أوضح النائب عبدالرحمن البزري أن أهمية اللقاء النيابي تكمن في التمسك باتفاق "الطائف" والحفاظ عليه واستكمال تطبيقه منطلقاً لسيادة لبنان واستقلاله وعروبته. وكشف أن الطابع الإنمائي كان حاضراً في اللقاء، إذ إن الهدف الأساس التأثير الفاعل في مطالب المناطق الإنمائية، خصوصاً أن معظم المناطق التي "نمثلها هي مغيبة إنمائياً بشكل كبير، وبالتالي أثر هذا سلباً على الواقع الاقتصادي والاجتماعي في تلك المناطق"، مشدداً على أن هذا اللقاء الإنمائي يعكس الرغبة في التعاون بين الجميع لرفع الصوت عالياً بوجه المظالم الإنمائية.

من ناحيته، أكد النائب بلال الحشيمي أن هذا التجمع النيابي مهم جداً، وهو استكمال للقاء دار الفتوى لافتاً إلى أن اللقاء "كان للم الشمل ووضعنا لأسس موحدة لانتخاب رئيس للجمهورية"، وأشار إلى أن من الضروري وجود لقاء جامع للسنة في هذه المرحلة لأن هناك تكتلات عدة موجودة، وبالتالي "إذا لم نوحدها، فلن نصل إلى النتائج المرجوة التي ينتظرها الشارع كانتخاب رئيس للجمهورية"، مشدداً على أن دار الفتوى حجر أساس، والمفتي عبداللطيف دريان حاول تقريب العلاقات لكنها تحتاج إلى وقت كي تنضج.

كما أعلن النائب أشرف ريفي أن قواسم مشتركة عديدة تجمع النواب الـ14 وأن هناك سعياً لضم نواب آخرين لتشكيل مجموعة نيابية لمتابعة كل القضايا في العاصمة بيروت، وطرابلس وعكار (شمال)، وإقليم الخروب (جبل لبنان)، والبقاع الغربي، وقال "لن نكون منفردين نهائياً فحزب الله يسعى للاستفراد بنا واحداً بعد الآخر، كما حصل مع مجموعة عرب خلدة".

المزيد من تقارير