Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما الجديد الذي سيجلبه سوناك إلى سياسات الهجرة البريطانية؟

الزعيم الجديد لحزب "المحافظين" سيجد أن من الصعوبة بمكان الوفاء بتعهده "وقف" عبور المهاجرين للقنال الإنجليزي

تعهد سوناك بوضع حد لعمليات عبور المهاجرين عبر القنال الإنجليزي في حال وصوله إلى رئاسة الوزراء (رويترز) 

يتمتع رئيس الوزراء الجديد في المملكة المتحدة ريشي سوناك بخلفية سياسية ومهنية شبه محصورة بمجال الأعمال التجارية والتمويل، لكنه كان قد وضع ما سماها "خطة مواجهة الهجرة غير الشرعية" إلى بريطانيا، في صلب حملته الأولى للترشح لمنصب رئيس الحكومة في الصيف الماضي، ولم يقدم على تعديل أي من أفكاره في هذا المجال.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي تلميح إلى نهج سياسي قائم على الاقتصاد، وضع سوناك اقتراحاً خطياً قال فيه إنه سيجعل "المساعدات والتجارة والتأشيرات مشروطة" باستعداد الدول الأخرى لقبول عودة مواطنيها من طالبي اللجوء ومتجاوزي القانون.

إلا أنه كما هو معلوم، فإن إجبار طالبي اللجوء على العودة إلى الدول التي يزعمون أنهم معرضون فيها للخطر، يعد انتهاكاً للقانون الدولي، ومن المرجح أن تقاوم حكومات الدول مثل هذه الشروط في الصفقات التجارية.

في مقطع فيديو عملت عليه حملة ريشي سوناك في يوليو (تموز) الماضي، وصف أزمة الهجرة بأنها "حال طوارئ ثانية" في البلاد تقتضي المعالجة، والتي تأتي مباشرة بعد مشكلة تراكم حالات انتظار تلقي العلاج في مرافق "الخدمات الصحية الوطنية"  NHS - مكرراً تعابير وزيرة الداخلية السابقة بريتي باتيل عن "النظام المعطل" و"الحدود الخارجة عن السيطرة".

وفيما تحدث عن معارضته في جعل هذه القضية شماعة يلقى باللوم عليها ويتم وصفها بأنها "معقدة أخلاقياً"، أيد من جهة ثانية تطبيق سلسلة من السياسات المتشددة، متعهداً تنفيذ المخطط المتعثر القاضي بترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا.

وقال سوناك في هذا الإطار إن "سياستنا في ما يتعلق بالترحيل إلى رواندا فكرة سليمة، لكن فقط إذا تم تنفيذها بشكل صحيح". وتعهد بأنه "سيقوم بكل ما يلزم من أجل إنجاح سياسة (إبعاد اللاجئين) إلى رواندا، قائلاً إن "من الضروري أن يعرف أي شخص يفكر في محاولة التسلل إلى بريطانيا، أن رحلته ستقوده في نهاية المطاف إلى كيغالي، وليس إلى ضاحية كينغز كروس (في وسط لندن)".

بعد انقضاء ثلاثة أشهر [على هذه الوعود]، يبدو أن التزام هذا التعهد يزداد صعوبة. فهناك 4 طعون قانونية على صفقة رواندا كان قد تم تقديمها للمحكمة، ولم تقلع بعد أي رحلة جوية إلى كيغالي، لا بل جرى إطلاق سراح طالبي لجوء كانوا قد اختيروا للترحيل.

وأدى النزاع القضائي أمام "المحكمة العليا" إلى نشر عديد من الوثائق الحكومية التي أظهرت أن وزارة الخارجية البريطانية والمفوض السامي للمملكة المتحدة في رواندا، كانا قد نصحا بعدم عقد أي اتفاق مع كيغالي بسبب سجل حقوق الإنسان هناك ومزاعم الفساد.

أما لجهة كلفة تمويل مخطط الترحيل فهي باهظة، حيث تم حتى الآن تسليم حكومة كيغالي 140 مليون جنيه استرليني (158 مليون دولار أميركي) على شكل دفعات مقدمة، في وقت امتنعت فيه الحكومة البريطانية عن الكشف عن المبلغ الذي ستدفعه المملكة المتحدة لكل شخص يغادر إلى كيغالي لدعمه بغية طلب اللجوء في رواندا بدلاً من بريطانيا.

وكان ريشي سوناك قد أشار في مقطع فيديو نشره في يوليو (تموز) الماضي، إلى عدم ارتياحه لطريقة وضع المخطط غير المسبوقة خلف أبواب مغلقة، وبمعزل عن رقابة البرلمان، قائلاً إن الخيارات "ينبغي ألا تترك بعيدة عن التدقيق العام والنقاش السياسي".

لكنه صنف عمليات عبور المهاجرين بقوارب صغيرة إلى المملكة المتحدة، بأنها "حال طوارئ حقيقية يجب معالجتها". وقال في وصفها: "إن تلك الزوارق تفد على البلاد الواحد تلو الآخر، وهي مليئة بالمهاجرين غير الشرعيين الآتين من دول أوروبية آمنة، ويبدو أن وحدات البحارة البريطانية وقوى خفر السواحل لدينا تقف عاجزة عن إيقافهم".

وشدد سوناك على وجوب "وضع حد لذلك"، قائلاً "في حال وصولي إلى رئاسة الوزراء سيتوقف هذا الأمر. وهذا ليس مجرد كلام فارغ أو فصاحة".

وكان تعهد وزيرة الداخلية السابقة بريتي باتيل جعل عمليات عبور القنال الإنجليزي "غير ممكنة"، قد شكل مسؤولية سياسية ثقيلة [على حزب المحافظين]، مع مواصلة أعداد المهاجرين في تحطيم أرقام قياسية جديدة، على الرغم من محاولة باتيل إطلاق عمليات صد في المياه، والادعاء بأن استخدام دوريات "البحرية الملكية" سيكون عاملاً رادعاً.

أما خليفتها سويلا برافرمان، فلم تكن لها أي فاعلية في الحد من هذه الظاهرة خلال الأسابيع الستة القصيرة التي قضتها في المنصب، في وقت قضى فيه غرانت شابس أقل من يوم في المنصب قبل أن تستقيل رئيسة الوزراء ليز تراس.

ومع عودة برافرمان إلى منصب وزيرة الداخلية من جديد، من المتوقع أن يتم العمل على "خطة من 10 نقاط"، كان قد وضعها سوناك، لمعالجة أزمة عبور اللاجئين القنال الإنجليزي وبمشاركة جميع الأحزاب السياسية في البلاد لحل هذه القضية.

وتضمنت الخطة تعهداً بـ"إصلاح قوانين اللجوء المعطلة"، بما فيها "تشديد قيود تعريفنا للأفراد المؤهلين للحصول على اللجوء في المملكة المتحدة"، وتعزيز صلاحيات "احتجاز المهاجرين غير الشرعيين ووسمهم ومراقبتهم".

وكانت الوزيرة برافرمان قد أطلقت مساراً للبحث في طرق تطبيق "قانون حقوق الإنسان" Human Rights Act و"اتفاقية اللاجئين" Refugee Convention على ملتمسي اللجوء، بهدف إنفاذ خطة الترحيل إلى رواندا وبدء عمليات الإبعاد، لكن هذه السياسة كانت لا تزال قيد التطوير عندما استقالت من حكومة ليز تراس.

إلى ذلك، يريد سوناك وضع سقف يحدد عدد اللاجئين المقبولين الوافدين "عبر طرق آمنة وقانونية"، لكن مخططات إعادة التوطين التي اقترحها تمثل جزءاً ضئيلاً من إجمالي طلبات اللجوء.

يشار إلى أن القانون البريطاني ينص على وجوب أن يكون الفرد موجوداً شخصياً في المملكة المتحدة للتقدم بطلب اللجوء، لكن لا توجد في الواقع أي تأشيرة تتيح للمهاجرين الوصول إلى البلاد لهذا الغرض.

وقد تعهدت خطة ريشي سوناك بأنه "لن تتاح لشخص بالغ دخل إلى المملكة المتحدة بطريقة غير قانونية، أي وسيلة للبقاء على الأراضي البريطانية"، لكن عبور طالبي اللجوء للقنال الإنجليزي أصبح يعتبر جريمة جنائية هذا الصيف فقط. وقد قال إنه سيعمد إلى تأمين "آلاف من الأسرة الجديدة" لطالبي اللجوء، للحد من الكلفة الباهظة المترتبة عن وضعهم في فنادق، من دون أن يعطي تفاصيل عن طريقة قيامه بذلك.

وخلال فترة عمل سوناك وزيراً للخزانة، أفادت معلومات بأنه اقترح لهذه الغاية، أثناء جائحة "كورونا"، استخدام السفن الشاغرة المخصصة للرحلات البحرية السياحية، لكن لم يتم المضي قدماً بهذه الخطة لجملة أسباب قانونية ومالية.

في المقابل، تتضمن خطة الرئيس الجديد للوزراء لمواجهة عمليات العبور إلى بريطانيا والمؤلفة من 10 نقاط، بعض المقترحات الأكثر قابلية للتطبيق من الناحية العملية، بما فيها زيادة عدد العاملين في قضايا اللجوء، لتسريع البت بالطلبات في ظل تراكم الملفات العالقة على نحو قياسي.

وقال سوناك إنه "سيكلف لجنة النظر في إجراء إصلاحات جوهرية في وزارة الداخلية وقوة حرس الحدود Border Force"، لكن هذه الجهود قد تكون أقل أهمية من حيث الأولوية في التعامل مع التحديات المعروفة الراهنة.

يشار إلى أن المراجعات الأخيرة اقترحت توصيات عدة لتحسين الأداء، بعد أن تبين أن استجابة الحكومة لعبور القوارب الصغيرة كانت "غير فاعلة وعديمة الجدوى على حد سواء".

إضافة إلى ذلك، تبين لـ"لجنة الشؤون الداخلية" Home Affairs Committee في البرلمان، أن الحكومة انتهكت نظام اللجوء البريطاني نفسه، من خلال سلسلة إخفاقات ارتكبتها في مرحلة ما بعد خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، وتعثر أنظمة وزارة الداخلية، مطالبة بوجوب إصلاح المشكلات الداخلية بدلاً من محاولة إيجاد "حلول سحرية" مثل مخطط ترحيل اللاجئين إلى رواندا.

أخيراً يأمل موظفو الخدمة المدنية أن يستخدم ريشي سوناك مرحلة رئاسته للوزراء، من أجل إجراء تحسينات ملموسة، بدلاً من إضافة مزيد من السياسات المجهولة التي تستنزف الوقت والمال العام.

© The Independent

المزيد من تحلیل