Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يسعى الرئيس التونسي إلى تأجيل الانتخابات البرلمانية؟

الهيئة العليا مددت آجال الترشح والمعارضة تعدها خطوة على طريق الفشل  

المخاوف تحيط بتأجيل انتخابات البرلمان التونسي بعد تمديد آجال الترشح  (رويترز)

أثارت تصريحات لحزب حراك 25 يوليو (تموز) في تونس بشأن إعلان محتمل للرئيس قيس سعيد تأجيل الانتخابات البرلمانية المقرر تنظيمها في 17 ديسمبر (كانون الأول) المقبل جدلاً، لا سيما أنها تزامنت مع إقرار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تمديد آجال قبول الترشحات لهذا الاستحقاق.

لكن المتحدث الرسمي باسم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التليلي المنصري نفى ذلك لـ"اندبندنت عربية"، وقال إن "الهيئة ليس لها أي معطى في هذا الصدد. تأجيل الانتخابات أمر مستبعد لأننا وصلنا إلى مرحلة نهاية قبول الترشحات والهيئة بصدد تنفيذ الرزنامة".

ومساء الأحد نقلت وسائل إعلام محلية عن المتحدث باسم حزب حراك 25 يوليو فاروق الخلفاوي قوله إن الرئيس سعيد سيعلن في خطاب تأجيل الانتخابات البرلمانية.

"فرصة جديدة"

جاء إعلان حزب حراك 25 يوليو الداعم للرئيس سعيد قبل ساعات من إعلان هيئة الانتخابات تمديد آجال الترشح للانتخابات البرلمانية لثلاثة أيام، مما فاقم من الجدل بشأن دلالات ذلك.

وقالت الهيئة، في بيان نشرته عبر صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، "يمكن خلال هذه الفترة للمرشحين الذين أودعوا ملفات ترشحهم من استكمال البيانات والوثائق المطلوبة، كما يمكن للراغبين في الترشح تقديم ترشحهم".

ونفى المنصري وجود علاقة بين تمديد الآجال وحديث بعض الأطراف السياسية عن إمكان تأجيل الانتخابات قائلاً "بالنسبة إلينا نواصل تنفيذ الرزنامة، ونستبعد أن يتم تأجيل الانتخابات".

وأشار إلى أن "قرارنا بشأن تمديد آجال قبول الترشحات يعود لسعينا إلى إعطاء فرصة جديدة للمرشحين من أجل استكمال جمع التزكيات للتقدم بطلب الترشح فنحن حريصون على ضمان مشاركة واسعة في هذا الاستحقاق النيابي، وفي ما بعد أن يفشل المرشح بالصندوق أفضل من أن يتم إقصاؤه خلال هذه المرحلة".

وينص القانون الانتخابي الذي عدله الرئيس سعيد على ضرورة أن يجمع المرشح المحتمل للانتخابات 400 تزكية بالتناصف بين الرجال والنساء، وأن تكون تلك التزكيات موقعة في البلديات. وأثار هذا التوجه مخاوف من إمكان توظيف "المال السياسي" في سياق استمالة التونسيين من قبل المرشحين من أجل تزكيتهم.

ورحب المتحدث باسم حزب التيار الشعبي، وهو من الأحزاب القومية الموالية لسعيد التي أعلنت مشاركتها في الانتخابات، محسن النابتي بتمديد آجال الترشح للانتخابات. واعتبر أن "التزكيات شرط معمول به من أجل ترشيد الترشحات، لكن الطريقة التي تم اعتمادها هذه المرة كانت سيئة، إذ أظهرت أن الذين يقفون خلف إقرارها لا يعرفون الواقع التونسي".

وأردف النابتي، في تصريح خاص، أنه "كان على هيئة الانتخابات مثلاً اعتماد التزكيات بطريقة أخرى أي من خلال الرقمنة، مثلا نحن رشحنا عضواً في حزبنا يعيش في العاصمة المصرية القاهرة عن دائرة الدول العربية، لكننا تفطنا في آخر لحظة أنه يجب عليه أن يقدم ملف ترشحه في أبوظبي وليس مصر، وهو ما سيجعل من المستحيل أن يدخل هذا السباق لأن التنقل إلى الإمارات سيكون مكلفاً، علاوة على أن الوقت لم يعد يسمح بذلك".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكان الرئيس التونسي أقر في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي بوجود ما سماه تلاعباً بالتزكيات المخصصة للمرشحين للانتخابات البرلمانية. وقال خلال لقائه رئيسة الحكومة نجلاء بودن "يجب تعديل القانون الانتخابي بعد أن تبين أن عدداً من أعضاء المجالس المحلية لم يقوموا بالدور الموكول لهم قانوناً وصارت التزكيات سوقاً تباع فيها الذمم وتشترى".

لكن القانون الانتخابي لم يعدل، وبات من الصعب تعديله الآن حيث دخلت العملية الانتخابية مسارات حاسمة بتقديم الترشحات. وقال المنصري إن "الوقت لم يعد يسمح الآن، إمكان تعديل القانون الانتخابي أصبح من الماضي".

"عنوان للفشل"

تمديد الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في آجال الترشح قد تتخذه المعارضة سلاحاً جديداً بيدها لتكثيف انتقاداتها لسعيد والمسار الذي يقوده منذ أكثر من سنة.

وقال أحمد نجيب الشابي، رئيس جبهة الخلاص الوطني التي تتألف من عدة أحزاب معارضة على غرار حركة النهضة، إن "ما حصل هو عنوان للفشل. خطوة هيئة الانتخابات جاءت بسبب عزوف المواطنين عن هذه العملية وعدم المشاركة فيها والصعوبة الكبرى التي يواجهها المرشحون المحتملون في جمع التزكيات".

وواصل الشابي، "المسار الانتخابي فاشل وما قرار التمديد إلا دليل على هذا الفشل، لكن ما نلاحظه في المقابل هو غياب دولة القانون، إذ قام سعيد بتغيير القانون الانتخابي بنفسه وهيئة الانتخابات مددت في الآجال أيضاً بمفردها، ناهيك على أن مراسيم الرئيس نفسها غير قانونية، دولة القانون والمؤسسات غائبة في تونس اليوم".

وحول إمكان تأجيل الانتخابات، قال الشابي إن "الغموض يلف ذلك، لا يمكن أن نؤكد ولا ننفي تأجيل الانتخابات، ولا نعرف ما قاله حراك 25 يوليو هل هو استباق لقرار ما أم مجرد اجتهاد أو تكهن من طرفهم؟ لا يمكن الحسم بذلك".

تأتي هذه التطورات في وقت تسعى فيه المعارضة إلى حشد الشارع من أجل عرقلة خطط الرئيس سعيد من دون النجاح فعلياً في إرباكه من خلال ثنيه على المضي قدماً نحو الانتخابات البرلمانية التي ستكون المحطة الثانية في خريطة طريق أطلقها الرئيس التونسي في 13 ديسمبر الماضي.

واعتبر المحلل السياسي هشام الحاجي أن الرئيس سعيد لم يدرس بشكل كاف العدد المرتفع للتزكيات، مشيراً إلى أن ذلك "أوقعه والمقربين منه في إشكال، إذ يبدو أن التمديد هو حل وسط بعد أن أعلن الرئيس عزمه تنقيح القانون قبل أن يقدر فيما بعد أن ذلك يعطي رسالة على وجود ارتباك في مستوى الرئاسة، وأيضاً يضرب ما بقي من نزاهة الانتخابات التي حولها عديد من التحفظات".

وأضاف الحاجي "هذا التمديد الذي يبدو أنه لخدمة أطراف من دون غيرها، لأننا نتابع ونعرف أن المقربين من الرئيس وجدوا صعوبات في إعداد قائماتهم، هذا التمديد مؤشر سلبي ودليل على ارتباك وعلى أن هذه الانتخابات لن تسهم في فتح أفق لتجاوز الأزمة السياسية بل ستعمقها".

وستزيد الخطوة التي أقدمت عليها هيئة الانتخابات على الأرجح من حدة الاستقطاب السياسي بين الرئيس سعيد والمعارضة، بخاصة مع بدء العد التنازلي للاستحقاق المقرر في ديسمبر المقبل، الذي سيفرز برلماناً جديداً ستكون صلاحياته محدودة بشكل كبير بمقتضى الدستور الجديد، وهو دستور أعاد تونس إلى النظام الرئاسي.

ويقود سعيد منذ 25 يوليو 2021 ما يقول إنها إصلاحات سياسية ودستورية ضرورية لتصحيح مسار ثورة 14 يناير 2011 التي أطاحت الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، لكن خصومه يتهمونه بالقيام بـ"انقلاب" وهو ما ينفيه الرجل الذي يعد بحماية الحقوق والحريات التي انتزعها التونسيون بعد الثورة المذكورة.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير