Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا يؤجج بايدن صراعا تجاريا محموما مع الصين؟

حرب محفوفة بالمخاطر مع توجه واشنطن نحو فرض ضوابط منفردة على تصدير أشباه الموصلات لبكين

ذكرت صحيفة "فايننشال تايمز" أن اتساع نطاق الضوابط الأميركية كان بمثابة تقدم كبير بالنسبة للإجراءات السابقة التي اتخذها ترمب (أ ف ب)

كانت الإدارات الأميركية المتعاقبة تتأرجح بشأن تطويق الاقتصاد الصيني أو الالتفاف عليه أو مواجهته مباشرة، وهو أمر مذهل للغاية. لقد حقق إعلان إدارة بايدن في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، عن ضوابط جديدة لتصدير أشباه الموصلات إلى الصين، ما فشل دونالد ترمب في تحقيقه خلال أربع سنوات من عدم الالتزام بالسياسة التجارية - فقد هدّد بفصل قطاعي التكنولوجيا الفائقة بين أميركا والصين بالقوة. ويبدو الآن أن البلدين دخلا مرحلة استغلال الروابط التجارية والمالية لممارسة الضغط الجيوسياسي. 

وذكرت صحيفة "فايننشال تايمز" أن اتساع نطاق الضوابط كان بمثابة تقدم كبير بالنسبة للإجراءات السابقة التي اتخذها ترمب. وخصت بذلك الحظر المفروض على المواطنين الأميركيين وحاملي "البطاقة الخضراء" (Green Card) العاملين في صناعة أشباه الموصلات في الصين والتي قادت إلى توقف مئات الموظفين، بما في ذلك من الشركة الهولندية الرائدة عالمياً "أي أس أم أل" (ASML)، عن العمل في غضون أيام. 

وعلى رغم ذلك وصفت الصحيفة خطوة بايدن بـ "المحفوفة بالمخاطر"، ليس فقط لأسباب واضحة مثل "الانتقام المباشر"، حيث ترى أنه يمكن لبكين بالفعل منع صادرات المواد الحيوية إلى الولايات المتحدة أو إغراق العالم برقائق أساسية رخيصة لزيادة حصتها في السوق وتشجيع التبعية. وتضيف أن "الخطر الأكثر جوهرية هو أن الولايات المتحدة، التي تعمل إلى حد كبير من دون حلفاء، تؤجج صراعاً تجارياً وتقنياً كبيراً قد لا تفوز به دائماً، بخاصة في الوقت الذي تعمل فيه الصين بالفعل على بناء القدرات التكنولوجية المحلية من خلال استراتيجية التداول المزدوج للرئيس الصيني شي جينبينغ، وهو تحوّل نحو الاعتماد على الذات في الاقتصاد الصيني.

وأشارت "فايننشال تايمز" إلى قيام الولايات المتحدة تقليدياً بتحديد ضوابط على التصدير للسماح للشركات الأميركية بالحفاظ على أرباحها الخارجية مع إبقاء الصين مُتخلفةً من الناحية التكنولوجية جيلاً أو أكثر. وأوردت أنه "في حال تخلت واشنطن عن ذلك من أجل ضوابط صارمة وسباق تقني شامل، فإنها تحتاج إلى زيادة الكفاءة إلى أقصى حد في شبكات التوريد الدولية. على سبيل المثال، دمج ريادة أوروبا في أبحاث الرقائق في المراحل المبكرة وتصنيع الآلات".

الضوابط الأميركية قد تضر بالشركات الأوروبية  

ورأت الصحيفة أنه "إذا كنت ستبدأ معركة، فمن الأفضل أن تكون الولايات المتحدة جزءاً من تحالف، حيث أن سلاسل توريد أشباه الموصلات معقدة للغاية. فيما قد يؤدي قطع الطريق على الصين إلى الكشف فجأة عن نقاط ضعف لم تكن الولايات المتحدة تعلم بوجودها". وأضافت "يبدو أن قانون الرقائق الأميركية، على رغم أنه يُفترَض أنه منسق مع نسخة الاتحاد الأوروبي، فهو مُصمّم لخلق ازدواجية من خلال إنشاء سلاسل توريد موازية". 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتابعت الصحيفة، "لكي نكون منصفين، أمضت الولايات المتحدة شهوراً في محاولة إقناع الاتحاد الأوروبي وحلفاء آخرين بتبني ضوابط تصدير مماثلة بالطريقة التي نسقوا بها الحظر التجاري على روسيا. ومع ذلك فإن نهج الاتحاد الأوروبي في الضوابط يظل قائماً على الاستهداف الدقيق للمنتجات المستمَدة من قائمة متعددة الأطراف للتقنيات المقيَّدة بدلاً من نهج الولايات المتحدة واسع النطاق". وزادت أنه "بعد أن فشل النهج الأميركي، مضت واشنطن قدماً من تلقاء نفسها من دون حلفاء. ربما بسبب هذا الجهد الدبلوماسي، خفت صيحات الخيانة من الاتحاد الأوروبي، حيث يُمكن أن تضر الضوابط الأميركية بالشركات الأوروبية بطرق عدة، بما في ذلك تقييد استخدام المكونات الأميركية في الآلات وتقييد بيع الرقائق المخصصة لأجهزة الكمبيوتر العملاقة الصينية، فضلاً عن ردع توظيف المواطنين الأميركيين. لكن كما هي الحال مع الإعفاءات الضريبية للسيارات الكهربائية المصنوعة في أميركا الشمالية في قانون بايدن للحد من التضخم (IRA)، يسعى الاتحاد الأوروبي والحلفاء المتضررون الآخرون إلى الحصول على توضيحات واستثناءات بدلاً من تهديد التقاضي في منظمة التجارة العالمية أو أي شيء أقوى". 

واعتبرت الصحيفة أنه "من المفيد أن يكون لديك محاوِر بنّاء نسبياً في إدارة بايدن بعد نزوة البيت الأبيض في عهد ترمب". وذكرت أنه "بعد الشكاوى، أصدرت الولايات المتحدة بسرعة إعفاءات موقتة لعمليات أشباه الموصلات التي تتخذ من الصين مقراً لها لشركتي سامسونغ و أس كي هاينكس الكوريتين".
وقالت الشركة الهولندية "أي أس أم أل"، جوهرة تاج الاتحاد الأوروبي، أنها لم تتأثر كثيراً بالضوابط الجديدة. وأشارت إلى غياب تنسيق دائم بين الحلفاء.
فقد أعلنت كريستيا فريلاند، وزيرة المالية الكندية، أنها "من المعجبين بتكوين صداقات، أو بناء شبكات التوريد مع البلدان ذات التفكير المماثل". كما أشادت فريلاند بتمديد الإعفاءات الضريبية عن مكونات بطاريات السيارات الكهربائية لأي بلد أبرمت معه الولايات المتحدة اتفاقية تجارية. لكن الاعتمادات الخاصة بتجميع السيارات نفسها لا تزال مقتصرة على السيارات التي صُنعت في أميركا الشمالية. وتم تمديد الإعفاء الضريبي المخصَص بدايةً للإنتاج الأميركي ليشمل كندا والمكسيك. وقد يعكس ذلك للاتحاد الأوروبي واليابان وكوريا الجنوبية، التي لا تزال مستبعَدة من دائرة التفضيل الضريبي، أن "بعض الأصدقاء أقرب من غيرهم". 

وبالعودة إلى "فايننشال تايمز"، فإن "التعامل مع أوروبا على أساس التجارة والأمن القومي يمكن أن يكون مثيراً للغضب، حيث تجاهلت ألمانيا عقوداً من التحذيرات بشأن الاعتماد على الغاز الروسي. ويتعين على الاتحاد الأوروبي التعامل مع قضية الصين بحسن نية، وليس تحت ضغط لوبي التصدير. التعاون سيكون جيداً لكلا الجانبين. فكلما زاد تعقيد نظام الإمداد الذي يقع ضمن تحالف الأمن القومي المُنسَّق، زادت قدرته على الصمود أمام الإكراه من حكومات البلدان المعادية أو الصدمات من الأوبئة أو قوى الطبيعة الأخرى". وختمت الصحيفة بالتحذير من أن الولايات المتحدة أقدمت على مخاطرة كبيرة، ومن الأفضل عدم مواجهتها منفردة.