Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا لم تنجح خطة النفط الاستراتيجي بخفض أسعار الطاقة في أميركا؟

المخزونات عند أدنى مستوى في 38 عاماً وعيون المستهلكين على فاتورة البنزين

لا يملك الرؤساء عصا سحرية لتجاوز موجة التضخم المرتفع، لكن لديهم أداة قوية يمكن أن تساعد في تخفيف آلام ارتفاع أسعار الغاز تتمثل في الاحتياطي البترولي الاستراتيجي، وقد اعتمد الرئيس الأميركي جو بايدن أكثر من أي من أسلافه، بقوة على مخزون النفط الطارئ لخفض أسعار الضخ المرتفعة التي يحتقرها الناخبون.

والاحتياطي الاستراتيجي من النفط هو سلسلة من كهوف التخزين تحت الأرض التي تحتوي على كميات هائلة من النفط الخام التي يمكن إطلاقها أثناء الحروب أو الأعاصير، ولم يتراجع بايدن عن فعل ذلك بالضبط، خصوصاً منذ بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا في فبراير (شباط) الماضي.

وقد انخفضت كمية النفط في احتياطي البترول الاستراتيجي بمقدار الثلث تقريباً بما يعادل نحو 36 في المئة منذ أن تولى الرئيس الأميركي جو بايدن منصبه في يناير (كانون الثاني) 2021، وقد ترك هذا المخزون النفطي الطارئ عند أدنى مستوى له منذ يونيو (حزيران) 1984، وهو الوقت الذي كان فيه الاقتصاد الأميركي بحاجة إلى الطاقة أقل بكثير مما هو عليه اليوم.

لكن بايدن لم ينته بعد، إذ قال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية إن الرئيس يعتزم الإعلان عن بيع 15 مليون برميل أخرى من احتياطي البترول الاستراتيجي خلال الأسبوع الحالي، وكشف بايدن لمستشاريه أنه على استعداد للسماح بالإصدارات المستقبلية لتحقيق التوازن في سوق النفط، إذا ما لزم الأمر.

الأهم من ذلك أن البيع الأخير الذي سيعلن عنه خلال الأسبوع الحالي ليس جديداً تماماً، إنه جزء من الخطة المعلنة سابقاً للإفراج عن 180 مليون برميل من النفط على مدى ستة أشهر.

 هذا الإصدار الطارئ الذي سجل أرقاماً قياسية، وتم تفصيله في أواخر مارس (آذار)، كان متأخراً قليلاً عن الجدول الزمني، ويبدو الآن أن الإدارة الأميركية ستصل إلى هدفها البالغ 180 مليوناً، لكن سيستغرق الأمر وقتاً أطول من المتوقع.

على الإدارة الأميركية أن تركز على أسعار البنزين

في الوقت نفسه، فإن العناوين الرئيسة لبنك الاحتياطي الاستراتيجي تثير قلق سوق الطاقة الذي هو بالفعل على حافة الركود المحتمل، وقد انخفضت أسعار النفط الأميركي بنسبة ثلاثة في المئة إلى 82.82 دولاراً في التعاملات الأخيرة، لتعود إلى المستويات التي شوهدت للمرة الأخيرة قبل انتشار الإشاعات بشأن تخفيضات إنتاج "أوبك +"، وألقى المحللون اللوم في عمليات البيع على أخبار الاحتياطي الاستراتيجي الأميركي.

ومن المفترض أن تساعد عمليات بيع أسعار النفط هذه وحدها في الحد من أسعار البنزين، التي يقول المحللون إنها كانت تتجه هبوطاً من دون اتخاذ بايدن مزيداً من الإجراءات، وعلى رغم صعوبة التحديد الدقيق لمدى التأثير الذي أحدثه إصدار احتياطي البترول الاستراتيجي على الأسعار، يشير مراقبون إلى أن استراتيجية بايدن كانت فعالة، مما ساعد على تخفيف الضربة ليس للحرب في أوكرانيا فحسب وإنما ضعف العرض من كل من "أوبك +" ومنتجي النفط في الولايات المتحدة أيضاً.

ويقول مايكل تران، العضو المنتدب لاستراتيجية الطاقة العالمية في "آر بي سي كابيتال ماركتس"، "لقد قاموا بعمل هائل في تحقيق هدفهم المتمثل في محاولة خفض أسعار الطاقة".

لكن حتى الآن فإن أسعار الغاز ليست رخيصة، فقد جلب غالوناً عادياً متوسط 3.87 دولار على المستوى الوطني، لكن هذا الرقم أقل بكثير من أعلى مستوى قياسي بلغ 5.02 دولار في يونيو (حزيران) الماضي.

ويشير توم كلوزا، الرئيس العالمي لتحليل الطاقة في خدمة معلومات أسعار النفط، إلى أن أسعار النفط لم تتجاوز أعلى مستوياتها المسجلة في عام 2008، لقد كان الاعتماد على الاحتياطي الاستراتيجي من النفط فعلاً حتى الآن، لكن على الإدارة الأميركية أن تركز على أسعار البنزين".

الانتخابات النصفية تلوح في الأفق

ويعتقد كلوزا أن هناك فرصة أفضل من 50/50 أن تنخفض أسعار الغاز مرة أخرى إلى أدنى مستوى لها أخيراً عند 3.67 دولار للغالون، ولكن بدلاً من الاعتماد على سياسة الولايات المتحدة فقد استشهد بقوى السوق ومخاوف الركود وإعادة فتح المصافي التي تهمشها الصيانة، وأضاف "لا أعتقد أنهم بحاجة إلى فعل أي شيء حتى عام 2023، تقوم السوق بمعظم العمل للبيت الأبيض... أعتقد أن البنزين متجه إلى الانخفاض".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولا يخفى على مراقبي سوق النفط أن الإعلان الأخير عن مبيعات احتياطي البترول الاستراتيجي يحدث قبل أسابيع من توجه الناخبين إلى صناديق الاقتراع في الانتخابات النصفية الحاسمة، ويقول آندي ليبو، رئيس شركة "ليبو أويل أسوشيتس" الاستشارية، "بالنظر إلى أننا على بعد أسابيع من انتخابات التجديد النصفي وخفض أوبك +، تحاول إدارة بايدن التأكد من أن أسعار الطاقة ليست في قمة اهتماماتنا".

لكن ليبو أشار إلى الإحباط في صناعة النفط من أنه على رغم الشكاوى حول ارتفاع أسعار الطاقة فإن إصدارات احتياطي البترول الاستراتيجي "لم تفعل شيئاً لتشجيع إنتاج النفط الإضافي".

ليس هذا فحسب، ولكن الإصدارات الطارئة القوية من بايدن قللت من احتياطي البترول الاستراتيجي، مما قد يحد من قدرة الحكومة على الاستجابة للصدمات المستقبلية، فالاحتياطي ليس حفرة نفطية لا قاع لها، إنه أكثر من مجرد تمويل للأيام الماطرة وكل إصدار يترك نفطاً أقل للأزمة التالية مهما كان ذلك ومتى كان.

الاحتياطي عند 400 مليون برميل

لهذا السبب تخطط الإدارة لتفصيل الجهود لإعادة ملء احتياطي الطوارئ ووضع علامة مهمة للمشاركين في السوق بالنظر إلى حجم الإجراءات الفيدرالية على مدار الأشهر الستة الماضية، وسيعلن بايدن أن الإدارة تعتزم إعادة شراء النفط الخام لاحتياطي الطوارئ عندما تكون الأسعار عند أو أقل بين 67 دولاراً و 72 دولاراً للبرميل.

وقال المسؤول الكبير في الإدارة الأميركية إن هذا التوجه سيكون بمثابة "إشارة مهمة للمنتجين" من خلال المساعدة في "الاعتدال والاستقرار" في الأسعار، ليس عندما تكون مرتفعة فحسب وإنما عندما تكون منخفضة أيضاً. وتخدم الخطة غرض مواجهة الانتقادات بشأن الحجم غير المسبوق لإصدارات احتياطي بايدن، التي قال المسؤولون إنها تؤكد نية الإدارة لإعادة ملئها عندما تجعلها ظروف السوق أكثر فائدة، وأضاف "نرى احتياطي البترول الاستراتيجي أحد أصول الأمن القومي المهمة بشكل لا يصدق، ونريد التأكد من أنه يخدم غرضه بشكل جيد في المستقبل"، مشيراً إلى أنه لا يزال أكبر احتياطي في العالم.

على رغم المبيعات الطارئة الأخيرة، لا يزال احتياطي البترول الاستراتيجي يحتفظ بأكثر من 400 مليون برميل من النفط، وهي قوة نيران كبيرة يمكن استخدامها في الأشهر المقبلة للرد على الاضطرابات التي سببتها الحرب في أوكرانيا، وقال المسؤول "400 مليون برميل هي كثير من البراميل".

وقال كلوزا إنه غير قلق من تقلص احتياطي البترول الاستراتيجي جزئياً لأنه منذ أكثر من عقود، تمتلك الولايات المتحدة وكندا القدرة على زيادة الإنتاج بشكل حاد، إذا لزم الأمر وإذا تم تحفيزهما من خلال ارتفاع الأسعار، وأضاف "في بعض الأحيان تصبح الاحتياطات قديمة... لن أقلق بشأنه حتى ينخفض قليلاً".

اقرأ المزيد

المزيد من البترول والغاز