كشف تحليل ظهر أخيراً عن الوضع الصادم للمستشفيات في بريطانيا، كما سلّط الضوء على تدفق مياه الصرف الصحي في أروقتها، وتهاوي السقوف في أقسام الولادة، واحتجاز الممرضات في المصاعد ساعات طويلة.
وأفاد حوالى نصف إدارات المستشفيات عن حدوث تأجيل أو صعوبة في رعاية المرضى خلال العام الماضي، نتيجة مشاكل في الأبنية أو التجهيزات وفق وثائق استُخرجَتْ في إطار حريّة الاطلاع على المعلومات.
وحذّر القادة الطبيون من أنّ تلك المشاكل تضع غرف العمليات خارج الخدمة وتخلق مزيداً من التأخير لحوالى 4,3 مليون مريض عالقين في لوائح الانتظار لدى "هيئة الصحة الوطنية" ما يتسبّب في مزيد من التدهور في حالاتهم الصحيّة.
وأنحى التقرير باللائمة في أوضاع المستشفيات المتهالكة على الوزراء الذين عمدوا خلال السنوات الخمس الماضية إلى سحب أموال من موازنات "هيئة الصحة الوطنية" كانت مخصّصة للمباني الجديدة والإصلاحات والتكنولوجيا، واستعمالها لمجرد استمرارية تشغيل الخدمات الصحية.
وأعلن 76 من أصل 170 هيئة إدارية في المستشفيات أجابوا على الاستطلاع (= 45 في المئة) أنّهم شهدوا "حادثة أثناء تقديم خدمة سريرية" خلال فترة 2018-2019 نتيجةً لمشاكل في البنى التحتية.
ومن بين المشكلات التي جرى تحديدها:
* أفادت إدارة مستشفى في منطقة "يوركشاير وهامبر" عن وجود مرحاضٍ مسدود ما يعني أنّ "البراز كان يخرج عبر الأرضية" في قسم "الموجات فوق الصوتية" خلال فترةٍ امتدّت لبضعة أسابيع.
* تحتّم على إحدى إدارات المستشفيات في لندن أن تغلق قسم الحوادث والطوارىء بسبب "تسرّب حاد في مياه الصرف الصحي".
* عانت إحدى إدارات المستشفيات في شمال غرب لندن من انهيار سقفٍ في أحد الأقسام، وتسرّب مياه أدّى إلى انهيار السقف خارج جناح الولادة فضلاً عن مصعدٍ معطّل احتُجزت ممرّضتان داخله.
* عانى مستشفيان في غرب "ميدلاندز" من تسرّب حاد في سقف قسم الولادة، أدّى إلى غرق المعدّات وتضرّر التوصيلات الكهربائية، ما جعل الجناح المخصّص للتوليد بارداً جداً، فصار غير مأمون استعماله للاعتناء بالأطفال.
وبرزت مشاكل في الأبنية والتجهيزات في حوالى 230 هيئة مستشفى في انكلترا، إلى الواجهة مع مطالبة حملة التقشّف التي أطلقتها الحكومة بتخفيضاتٍ هائلة في وقتٍ سجّلت فيه احتياجات المرضى مستوياتٍ قياسية.
وفي وقتٍ سابق من العام الجاري، كشف شريط وثائقي أجرته "بي بي سي" بعنوان "هوسبيتال" (مستشفى Hospital) عن الظروف "البائسة" التي تسبّب بها فيضان المياه في أروقة "مستشفى ليفربول الملكي" الذي تأثّر بشدّة جرّاء إفلاس شركة المقاولات البريطانية "كاريليون" Carillion.
وعلى الرغم من تعهّد رئيسة الحكومة السابقة تيريزا ماي رفع التمويل إلى 20,5 مليار جنيه استرليني (حوالى 25,7 مليار دولار) خلال السنوات الخمس المقبلة، جاء ذلك التمويل جزئياً من اقتطاعات في أموال الموازنات، وانتقد مستشار الحكومة السير روبرت نايلور تلك الخطوة لأنها عطّلت محاولات تحديث النظام الصحي.
وصرح متحدّث بإسم "كلية الجراحين الملكية" أن "ثمة عوامل تؤخّر العلاج بشكلٍ أكبر، مثل إقفال غرف العمليات جرّاء أعطالٍ في البنى التحتية والصرف الصحي، وتلك أمور مقلقة للغاية. يمكن للوقت المستغرق في انتظار عملية جراحية أن يكون فترة مرهقة للغاية في حياة المرضى. ويمكن أن يخلّف أثراً هائلاً على نوعيّة حياتهم وقد يؤدّي إلى تدهور إضافي في صحّتهم."
منذ العام 2017-2018 بلغ تراكم كلفة "الصيانة العالية المخاطر" الذي حددته المستشفيات، بمعنى أنه كلفة معالجة أكثر مشاكل البنى التحتية خطورة، مليار جنيه استرليني (حوالي 1,26 مليار دولار) مقارنةً بـ947 مليون جنيه استرليني (1190,7 مليون دولار) خلال 2016-2017.
في المقابل، تبلغ الفاتورة الإجمالية ستّة أضعاف ذلك الرقم، وأوضح القائمون على اللجان في "هيئة الصحة الوطنية" الذين يمثّلون إدارات المستشفيات، أنّ الاقتطاعات من أموال الصناديق لم تعد محتملة.
وأشارت سافرون كورديري، نائبة الرئيس التنفيذي لـهيئة "مقدمو خدمة الصحة الوطنية" إلى إنّ "إدارة المستشفيات تحتاج إلى الحصول بشكلٍ طارىء على التمويل لحلّ المشاكل المتفاقمة المرتبطة بسلامة المرضى ونوعية الرعاية".
وأوضح جوناثان أشورت وزير الصحة في حكومة الظل الذي قدّم حزبه طلبات الحصول على المعلومات بموجب قانون متخصص بحريتها، إنّ "سنوات من الاقتطاعات التي أجراها حزب المحافظين أدّت بالمستشفيات إلى الخراب والدمار. تواجه "هيئة الصحة الوطنية" فاتورة إصلاح تبلغ 6 مليارات جنيه استرليني (7,5 مليار دولار)، تُعتبر 3 مليارات جنيه استرليني (3,7 مليار دولار) منها مخاطر "عالية" أو "كبيرة". يستحقّ المرضى أن يحظوا بمعاملة ضمن مرافق صحية عالية الجودة ومع أكثر التجهيزات تطوراً، وحتّى الآن فشل حزب المحافظين تماماً في الاستثمار في موازنات البنى التحتية."
وأفاد متحدّث بإسم وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية إنّه من المفيد "أن يحظى المرضى برعاية ذات مستوى عالمي، ولذا نستثمر 3,9 مليار جنيه استرليني (حوالي 4,9 مليار دولار) لتحديث المرافق الصحية بما يحسّن أقسام الطوارىء، ويشتري التكنولوجيا المتطوّرة ويضيف المزيد من الأسرّة في الأجنحة الاستشفائية عبر البلاد. وتتضمن الخطّة الطويلة الأمد التي وضعتها "هيئة الصحة الوطنية" والتي تحظى بدعم مقداره 33,9 مليار جنيه استرليني (42,6 مليار دولار تقريباً) سنوياً بحلول 2023 - 2024، إرساء أسس للطموحات بتحديث الخدمة الصحية على مدار السنوات العشر القادمة. وسنعمل على دراسة اقتراحات عن تمويل مقدّم من "هيئة الصحة الوطنية" مُدرَجٌ في تقرير "مراجعة الإنفاق" في وقتٍ لاحق من العام الجاري."
© The Independent