Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا تتجاهل الأمم المتحدة معسكرات الاعتقال في الصين ومصير مليوني إنسان؟

أنتمي إلى أقلية الأويغور وأعرف أن الناس يتعرضون إلى ضغوط وغسيل دماغ كي ينسوا ثقافاتهم ودياناتهم وهوياتهم. وعلى الرغم من هذا كله تقف الأمم المتحدة موقف المتفرج

شباب من الأويغور ينظرون الى قوات أمن صينية وهي تدخل منطقتهم في أورومتشي بإقليم شينجيانغ (رويترز)

يخذل مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة مسلمي الصين من الأويغور. تجمّع المحتجون من جماعتنا قرب نصب الكرسي المكسور في جنيف أثناء انعقاد الجلسة الحادية والأربعين لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان على أمل أن تصل صرخاتهم إلى الدول الأعضاء الجالسين على مقربة من مكانهم. لم يطل الوقت قبل أن تحلّ بهم الخيبة.

ففي خطابها الافتتاحي، موّهت المفوضة السامية لحقوق الإنسان الفظائع التي تُرتكب في الصين. ثمّ فقدنا ثقتنا في اليوم الثاني من انعقاد جلسات مجلس حقوق الإنسان حين تسنّى لنائب محافظ مقاطعة شينجيانغ اعتلاء المنبر والترويج للدعاية التي تنشرها بكين عن أن معسكرات الاعتقال لديها ما هي سوى "مراكز للتدريب المهني".

كان المحتجون يأملون في أن يوصلوا صوت أكثر من مليوني شخص محتجزٍ في تلك المعسكرات، صوت العاجزين عن الدفاع عن أنفسهم الذين يشاع أنهم يتعرضون للتعذيب لأنهم من المسلمين الأويغور. كانوا يأملون في تسليط الضوء على الإبادة الجماعية المحتملة التي باتت تلوح في الأفق داخل الصين، وإدانتها؛ وحسِبوا أنّ العالم سيتحرك في هذه اللحظة بدل أن يكتفي بإطلاق شعار "أبداً بعد اليوم". 

ابتلعت المعسكرات أعداداً كبيرة من الأويغور. يتعرض الناس لغسيل دماغ كي ينسوا ثقافاتهم ودياناتهم وهوياتهم. يُفصلون عن عائلاتهم. وتتعرض النساء للاعتداءات الجنسية فيما يكابد الرجال ساعات من التعذيب لعجزهم عن تذكّر خطابات شي جينبينغ أو أغاني الحزب الشيوعي الصيني.

تزعم الصين أنّها تأهّلهم كي يستطيعوا الحصول على الوظائف. لكن ما حاجة الباحثين والأطباء والعلماء والفنانين الأويغور للوظائف. ما التدريب الذي يعوزهم كي يحصلوا على وظائف يمتلكونها أصلاً؟ لمَ يُرسلون إلى هذه المعسكرات في الأساس؟ حتى أن الإبعاد طال لاعبي كرة القدم من الأويغور الذين غيّبوا عن الأنظار.

كيف يُعقل أن يخضع مجتمعٌ بأسره لنوع من "التدريب" من دون أن يكون مسموحاً له التحدث مع أيٍ كان أو الاتصال بأحد أو العودة إلى المنزل؟ المنظمة الوحيدة القادرة على كسر هذه الدورة من الأحداث القاتمة هي مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، لكن الحوادث الأخيرة تشير إلى غياب الرغبة بذلك.

هل تتحكم الصين بأكبر منظمة مهمتها الدفاع عن حقوق الإنسان؟ إن كان الجواب إيجابياً فعلينا التشكيك في كل معتقداتنا عن العالم الحرّ.

يوماً بعد يوم يزداد عدد الشهادات التي يقدّمها المعتقلون السابقون والباحثون، كما تتوافر الأدلة على وجود المعتقلات في صور التقطتها الأقمار الصناعية وتناولتها التحقيقات الإعلامية- حتى أنّ الأمم المتحدة نفسها أوفدت مسؤولاً روسياً رفيع المستوى في زيارة غير مخطط لها إلى مقاطعة شينجيانغ الشهر الماضي.

لكن في أعقاب الزيارة أصدرت وزارة الخارجية الصينية بياناً قالت فيه، إنها توصّلت إلى "إجماع كبير" مع الأمم المتحدة على قضايا مكافحة الإرهاب. ومنذ تلك اللحظة التزمت الأمم المتحدة الصمت إزاء الأوضاع الإنسانية المتردية.

تقدّم بكين حالياً مساهمة قدرها 10.25 في المئة من الميزانية الإجمالية لبعثات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة. لا عجب إن كانت هذه المساهمة، إضافة إلى انسحاب الولايات المتحدة من مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، هي ما ساعد الصين على بروز دورها وتصدره في المنظمة الأممية. فبعد عقود من الزمن اكتفت الصين خلالها بالجلوس في المقاعد الخلفية وإعلان آرائها بهدوء فحسب، ها هي اليوم تسعى لأن تكون محط الأنظار وأن تحظى بالتأييد أيضاً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتمادى هذا البلد لدرجة اقتراحه إزالة جملة "المدافع عن حقوق الإنسان" من قاموس الأمم المتحدة. في شهر مارس (آذار) 2018، طرحت الصين قراراً بعنوان "تعزيز التعاون ذي المنفعة المتبادلة في مجال حقوق الإنسان من طريق تعاون ربح- ربح"، أي تعاون مثمر للجميع من دون خاسر. ووفق ورقة عمل أعدّها تيد بيكوني من معهد بروكينغز "شدّد القرار على السيادة القومية، ودعا إلى الحوار الهادئ والتعاون بدلاً عن التحقيقات والدعوات الدولية للتحرك، وروّج للنموذج الصيني في التنمية التي تقودها الدولة على أنّه سبيل الارتقاء برؤيتهم لحقوق الإنسان الجماعية والاستقرار الاجتماعي".

يقول تقرير منظمة هيومن رايتس واتش لعام 2017، "تعرّض موظفو الأمم المتحدة وخبراء المعاهدات الدولية والخبراء المستقلون المختصون بقضايا محددة في مجال حقوق الإنسان بعض الأحيان لمضايقات وترهيب من جانب المسؤولين الصينيين".

تصدّرت الصين قوائم منتهكي حقوق الإنسان في كافة تقارير منظمة هيومن رايتس ووتش، ولكنها لا تزال تحتفظ بمكانة عالية في الأمم المتحدة وفي مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان. إذا أتيحت الفرصة أمام بكين لزيادة نفوذها بعد، فلن يطول الأمر قبل أن يتحول البلد هذا إلى قوة متنمرة فعلية في مجال حقوق الإنسان تفرض آراءها ومستعدّة لمضايقة أي بلد لا يوافق على رؤيتها "المثمرة للجميع". حتى الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مثل المملكة المتحدة سيواجهون طعناً في مفهومهم عن حماية حقوق الإنسان. 

صمت الأمم المتحدة في مسألة الأويغور في الصين مدوٍّ. والأخطر أنه سيؤدي على الأرجح إلى تعرّض آخرين للمعاملة نفسها. إذا كان العالم اليوم غير مستعدٍ للوقوف إلى جانب الأويغور فهل سيقوى على الدفاع عن نفسه غداً؟

يمكن تمييز تأثير الصين بشكل أوضح في البلاد التي تتمتع بكين بنفوذ أكبر فيها. ففي كازاخستان تعجز منظمات حقوق الإنسان عن معارضة اعتقال الكازاخ غير القانوني في الصين لأن حكومتهم نفسها تمنعهم من ذلك. وفي باكستان، حجبت أجهزة الرقابة وسائل الإعلام التي تنتقد الصين بشدة فيما يتم الإتجار بالفتيات الباكستانيات واقتيادهن إلى الصين عبر الزيجات المزيّفة الخادعة. 

يرمي مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إلى تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها. ولكن إذا ما سمح للصين بقيادته سرعان ما ستتحول الغاية من المجلس هذا إلى ترجيح كفة منتهكي حقوق الإنسان وحمايتهم. يجب أن تكون معاملة الصين لمجتمع الأويغور تحذيراً قوياً للعالم، وحريّ به أن يتحلى بالشجاعة الكافية لانتقاد الصين وتسمية الأشياء بأسمائها.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء