Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إسرائيل تفرج عن 23 مركب صيد فلسطينيا… لم يبق منها غير هيكلها

طول مدة عدم عمل المراكب أثناء الاحتجاز ألحقت بها تلفاً كبيراً

على عجالة تجهّز عبد المعطي لاستقبال "عشيقته"، بعد غياب استمر خمس سنوات. مكان اللقاء الأوّل سيكون في معبر كرم أبو سالم الحدودي، الذي يربط قطاع غزّة بإسرائيل. لحظات حاسمة، دقّ فيها قلبه كثيراً، حتى رأى المشهد. "مركب متسخ فيه الكثير من الأعطال، فارغ من المعدات، تجره عربة". بلا إرادة خبط كفيه ببعضهما البعض من شدة الحسرة، وقال إن "الحلم تبدد. كنت أعتقد أني سأرجع إلى عملي في البحر".

كما مركب عبد المعطي، أفرجت إسرائيل عن 23 مركب صيدٍ، من أصل 65، قرصنتها من عرض مياه بحر قطاع غزّة في أوقاتٍ مختلفة، بدأت منذ عام 2014، واستمر احتجازها لسنوات متفاوتة، من دون تبريرٍ أو توضيحٍ لأيّ أسباب.

ظروف المصادرة

وبالعودة إلى عام 2016، يروي عبد المعطي تفاصيل الاحتجاز. "كانت الساعة 12 منتصف الليل، وأبحث عن رزقٍ لأطفالي في أحشاء البحر. وعلى غفلة، سمعت صوت إطلاق نار باتجاه جسم المركب. وبعدها، سمعت مكبرات صوت تقول اخلع كلّ ملابسك وانزل إلى المياه عار. حاولت التفاوض مع جنود البحرية الإسرائيلية لكن من دون جدوى. ومع استمرار إطلاق النار صوبي، قمت بتنفيذ ما طلبوه مني، وعملوا على قرصنة مركبي وأنا أسألهم ما هي الأسباب".

يعد مركب عبد المعطي من أضخم المراكب التي ترسو في ميناء غزّة. طوله 12 متراً، وهو يعمل بواسطة محركين ويحمل معدات باهظة الثمن. لكن أثناء قرصنة البحرية الإسرائيلية له، وعلى مدار سنوات احتجازه، وصلت خسائر المركب إلى حوالى 50 ألف دولار، بحسب تقديرات نقابة الصيادين.

يقول نقيب الصيادين نزار عيّاش إنّ طول مدة عدم عمل المركب أثناء احتجازه ألحقت به تلفاً كبيراً. كما أن جسم المركب يحتوي على عدّة طلقات نارية، ولا يوجد على متنه أيّ محرك، خصوصاً أن إسرائيل صادرت كلّ المعدات التي كان يحتويها. كما هي حال المراكب الأخرى.

مدير لجان الصيادين في جمعية اتحاد العمل الزراعي (منظمة غير حكومية) زكريا بكر يقول، إنّ سعر المركب الواحد، بالمحرك ومعدات الصيد، يقدر بحوالى 13 ألف دولار، بينما يقدر سعر المركب بشكل الذي أعيد به بحوالى 3 آلاف دولار، موضحاً أنّ ما تمّ الإفراج عنه هو جسم المركب فحسب.

من عرض البحر المتوسط صادرت إسرائيل 65 مركباً. وتمّ اعتقال جميع العاملين فيها لمدة تصل إلى أسبوع، في ظروف اعتقال مهينة للكرامة الإنسانية ومخالفة للقوانين والمواثيق الدولية. وتم توثيق حالات عدّة من التقييد والإجبار على التعري، والتفتيش الدقيق أثناء وجود الصيادين في المياه، وفقاً لبكر.

قرار إسرائيلي

جاء الإفراج عن المراكب استجابة لقرار أصدرته محكمة العدل العليا الإسرائيلية في مايو (أيّار) الماضي، بضرورة إعادة القوارب التي صادرتها البحرية الإسرائيلية إلى أصحابها في قطاع غزّة. وذلك بعد اعتراضٍ على الاحتجاز قدمه كلّ من مركز عدالة (مؤسسة حقوقية إسرائيلية) ومركز الميزان (منظمة حقوقية فلسطينية). ولم يكن ذلك ضمن التفاهمات بين حركة "حماس" وإسرائيل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبيّن بكر أنّ الإفراج عن 23 مركباً من أصل 65، يعد تحايلاً على قرار المحكمة الإسرائيلية، وهو مخالفة جديدة للقوانين وانتهاك لحقوق الفلسطيني.

ووفقاً للمؤسسات الحقوقية، فإنّ مصادرة المراكب من عرض البحر مخالفة للقانون الإنساني الدولي الذي يضمن حريّة الحركة أو العمل بظروف مرضية للإنسان، ومن دون تعرضه للخطر أو التهديد، وكذلك مخالفة لقانون العمل الدولي، الذي ينص على أن يعمل الإنسان في بيئة بعيدة من الخطر.

وكذلك تخالف المصادرة اتفاقية جنيف الرابعة، التي تتحدث عن حماية المدنيين في زمن الحرب، فيما كانت مصادرة المراكب في أوقات طبيعية. ولا تتفق أيضاً مع اتفاقية أوسلو 1993 (بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية)، التي تنص على إبحار الصيادين حتى 20 ميلاً بحرياً، في حين تمت المصادرة ضمن مسافة أقل من 6 أميال.

فقدان الأمل

وكان هؤلاء الصيادون يعيشون على أمل العودة إلى البحر، عند استعادة قواربهم، لكن بعد إعادتها تبدد الحلم. ما يزيد من معاناة حياتهم، خصوصاً أنّ دخل الصياد الشهري يقدر بحوالى 150 دولاراً فقط، ويعيش 95 في المئة منهم تحت خط الفقر المدقع، وفق الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.

ويقول بكر "لا توجد محركات في الأسواق نتيجة المنع الإسرائيلي. وفي حال توافرها، فإن سعر المحرك الواحد يصل إلى 7 آلاف دولار. كما أن أسعار المعدات مرتفعة جداً، ولا يستطيع أيّ صياد إعادة تجهيز مركبه".

وعلى الرغم من إنجاز التفاهمات بين "حماس" وإسرائيل بشأن عمل الصيادين، يشير بكر إلى أنّ هناك المزيد من الكمائن للاعتداء عليهم.

وأظهر بكر أنّ كمية الصيد ضعيفة، فحصة الفرد من الأسماك في قطاع غزّة الساحلي لا تتجاوز كيلوغرامين سنوياً، بينما حصة الفرد في الضفة الغربية غير الساحلية تتجاوز 2.5 كيلوغرام.

اقرأ المزيد

المزيد من الشرق الأوسط