Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خفايا استقطاب عمال من كوريا الشمالية... أين العمالة السورية المهاجرة؟

قرارات أممية تحظر إبرام عقود مع عمال بيونغ يانغ وتطالب بعودتهم الى بلادهم بنهاية 2019

مساهمة كوريا الشمالية باليد العاملة لإعادة الإعمار في سوريا (اندبندنت عربية)

استرعى انتباه السوريين تصريح وزير خارجيتهم وليد المعلم حول استعداد كوريا الشمالية لإرسال عمالة متخصصة بالبناء وإعادة تطوير دمشق، بالتزامن مع تأهّب العاصمة السورية لإطلاق عجلة إعادة الإعمار بشكل واسع، فور انتهاء أتون الحرب الدائرة في الشمال.

حديثٌ يفتحُ الباب مُشرعاً حول واقع العمال السوريين في البلاد، ومستقبل العمالة السورية المهاجرة ونفق عودتها المظلم، مع لجوء قرابة ستة ملايين سوري خارجاً، جلّهم لجأوا مع اندلاع الحرب، لبلدان الجوار الأردن ولبنان وتركيا.

أبواب جديدة

وفي حديث لوزير الخارجية السوري تطرق بشرح مقتضب إلى نتائج زيارته، عبرَ الصفحة الرسمية لرئاسة الوزراء السورية، لكل من بيونغ يانغ في 21 يونيو (حزيران) 2019، بعد زيارة رسمية خلصت بإنشاء لجنة لـ "التشاور السياسي" بين البلدين، وقبلها زيارة لبكين واستمرت خمسة أيام، وحملت كلتا الزيارتين قضايا سياسية واقتصادية.

في وقت تبذل دمشق كل جهدها للإفلات ما استطاعت من وطأة العقوبات الأميركية، التي تُنفذ بحقها وبحق من يدعمها، طاولت حلفاءها الإيرانيين والروس، ما دفع بالسوريين إلى مساعٍ جديدة وأبواب صداقة سياسية امتدت حقبة سياسية لأربعة عقود من الزمن.

ويرى مراقبون أن توجّه البلدين لإعادة قطار العلاقات تجسد من خلال الزيارات المتبادلة، ليس فقط لتخطي قطيعة سابقة، بل لوجود حلفاء على الأرض السورية في الميدان العسكري خلال سنوات الحرب.

واشتكت كوريا الشمالية أمس الأربعاء من رسالة بعثتها الولايات المتحدة تحض دول العالم على إعادة العمال الكوريين الشماليين إلى بلدهم بينما كان الرئيس الأميركي دونالد ترمب يدعو الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون إلى محادثات.
وأفادت بعثة كوريا الشمالية في الأمم المتحدة أن الرسالة التي أُرسلت إلى جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أن واشنطن "عازمة على القيام بأعمال عدائية" ضد بيونغ يانغ، رغم أنها تسعى للحوار.
وأفادت البعثة أن الرسالة التي وقعت عليها كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا أُرسلت في 29 يونيو (حزيران)، وهو اليوم الذي قال فيه ترامب في تغريدة إنه يرغب بمصافحة كيم خلال زيارة إلى المنطقة المنزوعة السلاح بين الكوريتين. وذكرت الرسالة  أن 34 دولةً أرسلت تقارير إلى الأمم المتحدة بشأن إن كان سيتم اتخاذ تحرك لإعادة العمال الكوريين الشماليين إلى بلدهم.


وبالفعل، التقى ترمب بزعيم كوريا الشمالية الأحد الماضي وأصبح أول رئيس أميركي تطأ قدماه أرض الشطر الشمالي عند المنطقة المنزوعة السلاح. وأفاد بيان صحافي صدر عن بعثة كوريا الشمالية "ما لا يمكن تجاهله هو حقيقة أن بعثة الولايات المتحدة الدائمة لدى الأمم المتحدة أرسلت هذه الرسالة بأمر من وزارة الخارجية، في اليوم ذاته الذي اقترح الرئيس ترمب عقد لقاء القمة".
لكن في الواقع، الرسالة الأميركية جاءت في 27 يونيو وحثت كل الدول على تطبيق عقوبات تدعو لإعادة جميع العمال الكوريين الشماليين بحلول نهاية 2019.
ويقدّر خبراء الأمم المتحدة أن عشرات آلاف الكوريين الشماليين يتم إرسالهم إلى الخارج كل عام، معظمهم إلى الصين وروسيا حيث يعملون في ظروف أشبه بالعبودية لجلب عائدات بالعملة الصعبة إلى بيونغ يانغ.
وأفادت بعثة كوريا الشمالية "لسنا متعطشين لرفع العقوبات"، مضيفة أن اعتبار الولايات المتحدة العقوبات "الحل السحري لجميع المشكلات" هو أمر "سخيف للغاية".
وحظرت قرارات الأمم المتحدة بشأن العقوبات إبرام أي عقود جديدة مع العمال الكوريين الشماليين ونصت أن على جميع الدول التي لديها عمال من البلد الشيوعي إعادتهم بحلول نهاية العام 2019.
وتبنى مجلس الأمن الدولي سلسلة عقوبات رداً على اختبارات كوريا الشمالية الصاروخية والنووية.
 

تأثيرات الضربات الإسرائيلية الأخيرة في 1 يوليو (تموز) 2019، وإغارتها على مواقع في حمص ودمشق، لا تخفي غايتها تقويض تمدد القوات الإيرانية في البلاد، فيما يفسرها سياسيون سوريون، سعياً من تل أبيب لدفع دمشق كي تفتح جبهة في الجنوب وجرها لمعركتين في الشمال والجنوب السوري.

ما دفع طهران وبشكل سريع، إلى تحركات جديدة وتقليص وجودها على الأرض، وهذا ما يدفع بالسياسة الخارجية للتحرك والبحث عن حلفاء جدد والبقاء على التحالفات الروسية والإيرانية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أجواء اقتصادية

وتتوقع مصادر اقتصادية مطلعة أن الزيارة نجحت ببلورة تفاهمات وتحالفات جديدة، بعد انكفاء الداعم الإيراني وخوضه معارك دبلوماسية واسعة النطاق، أوروبياً وعربياً في الخليج العربي، انشغل فيها عن الحليف السوري، مقلصاً حضوره في مواقع انتشاره جنوب البلاد وبالقرب من العاصمة.

في حين ترجح مصادر مطلعة أن ثاني اقتصاد في العالم لن يكون على مستوى الإقبال المطلوب من سوريا، فهي لن تزيد حالة التوتر بينها وبين واشنطن، إذ تعمل الأخيرة على فرض عقوبات مالية واقتصادية على المتعاونين مع دمشق شركات وأفراد ودول.

من جانبها، لا تملك بيونغ يانغ إمداد الصديق السوري بالقدرات الاقتصادية الواسعة، كما رأس المال الصيني واستثماراته، وهو نفسه الداعم لكوريا الشمالية، لكنها تستطيع مساندة سوريا بالطاقة والخبرات العسكرية.

وفي شق متصل، يمكن أن تمد بيونغ يانغ دمشق كما أُعلن سابقاً، بخبرات وأيدٍ عاملة في مجال الإعمار، لكن الأمر يتعدى ذلك كما يرى مراقبون، لقضايا أكثر حساسية ربما تتعلق بالقدرات العسكرية، خصوصاً أن كوريا الشعبية تمتلك من الخبرة النووية الكثير.

العمالة المهاجرة

وفيما لم يذكر وزير الخارجية السوري تفاصيل أكثر عن ماهية العمال الكوريين، وإن كان ما يميزهم خبرات معينة في مجال البناء أو الترميم، لم يدلِ المعلم بشرحٍ أكثر عن طبيعة عملهم، مكتفياً بالقول "بيونغ يانغ مستعدة للمساهمة بالبناء، في انتظار استكمال الإجراءات القانونية لذلك".

وفي غياب أي توقيت يُؤذن بعودة اللاجئين وما تحمله من نسبة عالية لليد العاملة، وبالتوازي مع انعدام أي حل سياسي بالمنظور القريب، سيكون للشركات الصينية أو الروسية مشقّة الوصول لليد العاملة وحتى الشركات الأوروبية، التي وعدت الأخيرة بمساهمتها بالإعمار شرط تسوية سياسية عادلة.

أما روسيا فلم تتوقف مطالباتها لدول الاتحاد الأوروبي بتوفير الجهود الإغاثية الإنسانية المناسبة في الداخل السوري، لتأمين عودة إلى بلادهم، لا سيما عودة اليد العاملة التي يعوّل عليها في حركة العمران الجديدة، التي تتطلب 400 مليار دولار بحسب إحصاءات أممية، ومد البلاد المدمرة باليد العاملة وعلى أوسع نطاق.

الأمر الذي طالب به الرئيس فلاديمير بوتين في إحدى لقاءاته مع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في أغسطس (آب) 2018، حين حث الدول الأوروبية على التحرك لإعادة اللاجئين لديارهم لما يحملون عبئاً كبيراً على أوروبا.

في حين لا تملك الدوائر الحكومية السورية إحصاءات دقيقة عن اليد العاملة المهاجرة خارج بلادها، على مدار ثماني سنوات طوت معها عدداً هائلاً من العمال والصناعات وحتى المصانع، التي انتقل وهرب أكثرها إلى تركيا.

وهكذا ترسل دمشق وبيونغ يانغ رسائل حول العمالة المهاجرة، فيها تفاؤل لا يعدو سوى بصيص أمل عن انفراج قادم عبر إعادة الإعمار والتجهّز له.

ويبدو الجانب القاتم من الاعتماد على العمالة الكورية الشمالية يعني أن عودة اللاجئين ستطول، ولو بالمدى البعيد، وهذا ما يدفع لمزيدٍ من التوترات لحل مشكلة اللاجئين في دول الجوار، التي تعيش مع هذه القضية على صفيح ساخن، خصوصاً في بيروت حيث المطالبات بالحد من العمالة السورية غير الشرعية، وأنقرة التي تحرض من خلال أحزاب سياسية ضد السوريين المهاجرين.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي