Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السودان... تفاوض الحركات المسلحة مع المجلس العسكري يهدد تحالفها مع المعارضة

نجامينا وأسمره والقاهرة مرشحة لاستضافة محادثات سلام قريباً

تبنى المجلس العسكري الانتقالي في السودان خطوات سريعة للتواصل مع الحركات المسلحة في إقليم دارفور ومنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، وأجرى مفاوضات مع حركتي تحرير السودان برئاسة مني أركو ومناوي و"العدل والمساواة" بزعامة جبريل إبراهيم وأجرى اتصالات سرية مع مجموعات آخرى، ما سيباعد بين الحركات و"قوى الحرية والتغيير" المتحالفة معها.

بين نجامينا وأسمره

وينتظر أن يجري نائب رئيس المجلس العسكري الفريق محمد حمدان دقلو "حميدتي" لقاء برئيس "حركة العدل والمساواة" جبريل إبراهيم، بعد زيارة حميدتي العاصمة الإريترية أسمره الاثنين الماضي حيث ناقش مع الرئيس الإريتري أسياسي أفورقي القضايا الأمنية والسياسية المشتركة. ويتوسط أفورقي بين المجلس العسكري والفصائل المسلحة في شرق السودان.

ويأتي لقاء حميدتي وابراهيم استكمالاً لجهود التواصل مع الحركات المسلحة التي بدأت في العاصمة التشادية نجامينا بين نائب رئيس المجلس العسكري ومني أركو مناوي، وينتظر أن يبدأ التفاوض بين الطرفين الأسبوع المقبل.

فك ارتباط بين المسلحين والمعارضة

 في هذا الوقت، جددت "الجبهة الثورية السودانية" التي تضم الحركات المسلحة في دارفور ومنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، تهديداتها بالتفاوض مع المجلس العسكري بمعزل عن بقية قوى المعارضة في حال استمرار غياب الهيكل التنظيمي الذي يشمل تمثيل كل الأطراف الموقعة على ميثاق "قوى الحرية والتغيير".

وأكد رئيس "حركة العدل والمساواة" جبريل إبراهيم التمسك بعضويتها في "قوى الحرية والتغيير"، إلا أنه أكد أن هناك عدم رضا لدى الجبهة من أسلوب إدارة قوى المعارضة، في ظل غياب الهيئة التنظيمية المتفق عليها أو أي جسم مرجعي يرسم السياسات ويتخذ القرارات الأساسية. وقال "هناك لجنة صغيرة تكونت في ظروف غامضة، ولديها تمثيل محدود تسمي نفسها التنسيقية، اختطفت قرار قوى الحرية والتغيير، وجعلت من نفسها مرجعاً للجنة التفاوض ولجنة العلاقات الخارجية وكل اللجان التي تدعي وصلاً بقوى الحرية والتغيير".

أضاف أن الاستمرار في تغييب الجبهة الثورية السودانية من اتخاذ القرار والمفاوضات مع المجلس العسكري عن اللقاءات مع الوسطاء الاقليميين والدوليين سيضطر الجبهة "لشق طريقها بمعزل عن قوى الحرية والتغيير".

المسلحون أصل الثورة 

من جانبه، رفض مني أركو مناوي رئيس "حركة تحرير السودان" الانتقادات التي وجهت إليهم باستباق التفاوض مع المجلس العسكري من دون التنسيق مع "قوى الحرية والتغيير" الموقعين على ميثاقها، وقال لـ "اندبندنت عربية"، إنهم أصل الثورة وبدأوا النضال ضد نظام الرئيس المعزول عمر البشير منذ عام 2003 وقدموا أرتالاً من الشهداء والضحايا.

وأوضح مناوي أن حركته دخلت في مواجهات دامية مع قوات الدعم السريع بقيادة "حميدتي"، واتهم من ينتقدونهم بالمزايدة عليهم، وبأنهم لم يشاركونا في البكاء والآلام، لذلك من الأفضل لهم التزام الصمت، وعلى الجميع أن يعلم أن الثورة العسكرية سبقت الثورة المدنية وهي الأصل. ورفض اتهامهم ببيع الثورة وقال إنهم أكثر من دفع فاتورة الثورة، وأضاف "إذا كانت مسألة الجلوس مع الخصم من أجل السودان وأهلي والقوات التي أقودها وأسرى الحرب يعتبر بيعاً، فمرحباً به من بيع ونتشرف به كثيراً، لأنه أفضل من التواصل السري والتواصل الأناني الانتهازي".

وتابع مناوي "بحسب معلوماتي الدقيقة، فإن الجميع لديهم خطوطهم للتواصل مع المجلس العسكري، إما عبر قنوات سرية أو علنية، فقط نتميز نحن عن الآخرين بالشفافية، بفهمنا أنها صفة ثورية ونتمنى أن تؤدي كل الطرق إلى السلام بعيداً من المزايدات الإسفيرية".

وفي تطور لافت، أصدر رئيس المجلس العسكري الفريق عبد الفتاح البرهان عفواً عاماً عن أسرى حركة مناوي، ويبلغ عدد الأسرى المشمولين بالعفو العام 235 أسيراً وأمر بالإفراج عنهم فوراً.

ملف السلام يطوف 14 دولة

وتنقل ملف السلام السوداني بين 14 دولة في أوروبا، وأفريقيا وآسيا، ولم تكن الخرطوم من ضمن العواصم التي احتضنت مباحثات سلام إلا مرة واحدة عام 1997، حينما اختارت مجموعة من المتمردين الجنوبيين بقيادة كاربينو كوانين ورياك مشار الانسلاخ من "الحركة الشعبية لتحرير السودان" بقيادة جون قرنق وتوقيع اتفاق مع حكومة الإسلاميين وقتها، إلا أن هذا الاتفاق لم يصمد طويلاً ليكون سبباً في رفض معارضي نظام البشير إبرام اتفاقات سلام في الخرطوم، لعدم ثقتهم في نظامها الحاكم ودمغه بعدم الوفاء بالتزاماته وتعهداته.

التاريخ يشير إلى أن طرق السودانيين أبواب الوساطات الخارجية منذ 47 عاماً، بدأ في العهد المايوي الذي أبرم اتفاقاً في مارس (آذار) 1972 مع حركة أنيانيا 2 بقيادة جوزيف لاقو وأبيل الير في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.

وفي منتصف عقد التسعينات من القرن الماضي، وبعد تباعد الخطى بين الفرقاء السودانيين، فإن الخيار أمام المعارضين لنظام البشير كان اللجوء إلى حمل السلاح وتشكيل "التجمع الوطني الديموقراطي"، الذي اتخذ من أريتريا منصة لشن هجماته العسكرية على المدن السودانية.

رحلة ملف السودان

وبدأت في النصف الثاني من عقد التسعينيات من القرن الماضي رحلة ملف السودان، حيث بدأ بلقاءات بدولة سويسرا جمعت بين رئيس حزب الأمة الصادق المهدي وزعيم الإسلاميين حسن الترابي، والدولة نفسها احتضنت لقاءات وفد حكومي بقيادة أحمد هارون ووفد من "الحركة الشعبية الشمال" تقدمه عبد العزيز الحلو.

وقبل أن نغادر أوروبا، لا بد من التوجه ناحية ألمانيا وتحديداً مدينة فرانكفورت التي استضافت أيضاً عدداً من الجولات التفاوضية بين حكومة نظام البشير ومعارضية أشهرها بين الدكتور علي الحاج ممثلاً للحكومة ولام أكول ممثلاً لـ "الحركة الشعبية"، وكذلك فإن باريس احتضنت لقاءات كتلك التي شهدتها لندن بين الفرقاء السودانيين.

أفريقيا الأكثر استضافة

ولكن أفريقيا كانت الأبرز في استضافة مفاوضات السلام بين فرقاء السودان، أشهرها كينيا التي شهدت عام 2005 توقيع اتفاق السلام الشامل بين الحكومة السابقة و"الحركة الشعبية"، وهو الاتفاق الذي أفضى لاحقاً إلى انفصال جنوب السودان وميلاد دولة عام 2011، وأيضاً أوغندا وإثيوبيا ونيجيريا وجنوب أفريقيا وتشاد وإريتريا، شهدت محادثات سلام حول دارفور ومنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق وفصائل شرق البلاد.

على الصعيد العربي فإن ملف السلام السوداني تجول في عدد من العواصم منها القاهرة التي كانت شاهدة على اتفاق الحكومة السابقة مع "التجمع الوطني الديمقراطي"، وكذلك جدة مع الحزب الاتحادي الديمقراطي برئاسة محمد عثمان الميرغني. أما جيبوتي فقد رعت الاتفاق الذي أبرمته حكومة البشير مع الصادق المهدي، وكان لقطر دور في سلام دارفور حينما قادت الأطراف المتنازعة إلى توقيع اتفاق عام 2011.

المزيد من العالم العربي