Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ترمب وحلفاؤه في قناة فوكس نيوز احتضنوا كيم جونغ-أون ..علينا نحن الآن أن نحذو حذوهم

ما فعله ترمب حتى الآن يجعل كوريا الجنوبية واليابان وربما الولايات المتحدة موضع خطر

الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع نظيره الكوري الشمالي كيم جونغ أون في المنطقة المنزوعة السلاح بين الكوريتين 30 يونيو 2019 (رويترز)

 

حين عبر دونالد ترمب المنطقة المجردة من السلاح إلى كوريا الشمالية، كان الرئيس يصنع التاريخ فعلاً. لكن لسوء الحظ، ليست الاحداث التاريخية إيجابية دائماً، وزيارة ترمب التي تشبه وقائعها برنامجاً لتلفزيون الواقع لم تجعل كوريا الشمالية أقل خطورة على كوريا الجنوبية واليابان، بوجه خاص.

عقد ترمب لقائين سابقين مع زعيم كوريا الشمالية لم يؤديا إلى أي زيادة تُذكر في مدى تأثير الولايات المتحدة على نظام كيم. وفيما كانت الإدارة الأميركية تحاول إضفاء طابع ايجابي على اللقاء الثالث وكأنه بادرة حسن نية، فإنه كان يجب ألا يُعقد مالم يكن الرئيسالأميركي قد نجح بانتزاع تنازلات مهمة من كيم في اللقاءين الأوليين.

قضى ترمب في هذه الجولة وقتا طويلا وهو يقوم بما هو بارع فيه: الشكوى من التغطيات الإعلامية التي ردّدت على حدّ تعبيره "أخباراً زائفة" عن عدم تحقق أي تغيير على أرض الواقع بين البلدين، منذ اللقاء الأول في هانوي بينه وبين كيم. وحين حوصر بالأسئلة عن هذه التغييرات، ردّ ترمب بأنها تشبه "النهار والليل". وأضاف أنه قبل لقائهما الأول كانت كوريا الشمالية تجري تجارب نووية وتجارب إطلاق صواريخ بالستية.  

صحيح أن كوريا الشمالية لم تُجرِ أي تجارب نووية منذ عام 2017، ولكنّ نظامها مستمر في بناء قدراته النووية، وقام بثلاث تجارب صاروخية في شهر مايو (أيار) الماضي. ودار نقاش عمّا إذا كانت تلك التجارب الثلاث تُشكّل معاً تجربة صاروخية "بالستية"، وهو إجراء يمثل خرقاً مباشراً لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، لو حصل فعلاً. وبينما أنكر ترمب أن تكون تلك التجارب "بالستية"، وأصرّ على أنها مجرد صواريخ قصيرة المدى، قال خبراء إنهم على ثقة تامة بأن من الممكن تصنيفها كتجارب بالستية.

والأسوأ من هذا، هو مشاهدة موكب أنصار ترمب، وهم يصدّقون ما يقوله، من دون أن يكون لديهم أي إحساس بالوعي حين يتعلق الأمر بآرائهم حول الأنظمة الديكتاتورية. ولا يحتاج المرء إلى العودة بعيدا في الماضي ليجد آراءً مختلفة حين كان هناك شخص اسمه باراك أوباما في البيت الأبيض.

على سبيل المثال، غردت لورا إنغرام، وهي مقدمة برامج في قناة "فوكس نيوز"، على صفحتها في تويتر، قائلة إنها "إشارة للقوة" أن يسعى ترمب إلى تحقيق "السلام". مع ذلك فإنها كتبت في عام 2016، تغريدة على تويتر، جاء فيها "إنها الخامسة مساء بتوقيت الشرق (الأميركي)، وهذا يعني أن الرئيس أوباما يجب أن يكون الآن مجتمعاً بديكتاتور ما في مكان ما. هل بقي أحد منهم؟".

أما شون هانيتي فقال عن اللقاء الاول للرئيس الأميركي مع كيم بأن "ترمب يستحق الكثير من الإطراء لرغبته في التحدث مع شخص اعتقد الجميع أن التحدث إليه فكرة سيئة". غير أنه أعرب عن غضبه في عام 2013 حين صافح أوباما الزعيم الكوبي راوول كاسترو خلال تشييع جنازة نيلسون مانديلا في جنوب أفريقيا، متسائلاً  "هل أنا الوحيد الذي يظن أن الرئيس أوباما أكثر استعدادا لقضاء وقته مع أعدائنا بدلا عن أصدقائنا؟".          

قد يضع هذا النفاق حول الأمن القومي والسياسة الخارجية، الحلفاء وربما الولايات المتحدة في خطر. فترمب يهتم فقط بما هو ظاهري، ولا يدرك أن صحافة كوريا الشمالية، التي يهيمن عليها كيم، ستصور هذا اللقاء الأخير باعتباره استسلاما من قبل الولايات المتحدة.

في هذه الاثناء، بقي كيم متمسكا بموقفه الذي لم يتغير عندما تسلم ترمب مقاليد الحكم. فليس هناك أي دليل على أن النظام الكوري الشمالي، قام بأي خطوات لنزع سلاحه النووي، ولمَ لا؟ فالسلاح النووي هو الورقة التي يمكن لكوريا الشمالية أن تعتمد عليها أكثر من غيرها حالياً ، ما دامت العقوبات الاقتصادية مفروضة عليها.  

إضافة إلى ذلك، هناك سجل كيم الرديء في المجال الإنساني. فاستعمال كلمة "طاغية" لم يعد شائعاً هذه الأيام، لكنها مناسبة جداً لوصف الرئيس الكوري الشمالي.  فهو يحكم بقبضة من حديد، وهذا يشمل اعتقالات عشوائية وأحكام بالسجن والتعذيب أثناء الاحتجاز والإعدامات لإبقاء السكان رازحين تحت كابوس الخوف والاستمرار في السيطرة عليهم. وهناك ما يقدر بـ 150 ألف إلى 200 ألف معتقل في سجون ومعسكرات اعتقال كوريا الشمالية، وهؤلاء لا يهتمون كثيرا إذا كان كيم وترمب "على وفاق".   

لا بد لهذه التصرفات المتهورة أن تنتهي. وإذا كان ترمب يريد سياسة خارجية مربحة، فيجب عليه أن يجعل كوريا الشمالية توافق على السير في طريق سليم نحو نزع سلاحها النووي. وإذا لم يكن ذلك ممكنا، فإن كل الأبهة والظروف التي أحاطت بالقمتين الأوليين، وعبور ترمب للمنطقة المجردة من السلاح، ستكون بدون جدوى.

وإذا خسر ترمب الانتخابات المقبلة؟ سيكون على الرئيس الجديد تنظيف كل الفوضى التي سيخلّفها وراءه.

© The Independent

المزيد من آراء