Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"الاستيراد الموازي" يربك سوق السيارات في مصر

يتحايل تجار ووكلاء على قرارات البنك المركزي بجلب المركبات الأوروبية أو الكورية من الخارج وإعادة بيعها بالدولار

انخفضت مبيعات السيارات في مصر بأكثر من النصف خلال أغسطس الماضي (رويترز)

مع استمرار القيود التي فرضها البنك المركزي المصري على الاستيراد منذ مارس (آذار) الماضي، خصوصاً في قطاع السلع غير الأساسية، لجأ موزعو ووكلاء الشركات الأجنبية العاملة في مصر إلى كسر تلك القيود بالتحايل، وذلك عن طريق استيراد السيارات بنظام الأفراد عبر المناطق الحرة، ثم إعادة بيعها للمستهلكين بالدولار الأميركي لا بالجنيه المصري.

ولمعرفة هذا التوجه الجديد من وكلاء الشركات الأجنبية أو موزعي السيارات في مصر تحدثت "اندبندنت عربية" إلى المتخصصين والمحللين، ويقول رئيس الهيئة العامة المصرية للاستثمار والمناطق الحرة الأسبق علاء عمر "المنطقة الحرة نظام استثماري داخل حدود الدولة"، مستدركاً "إلا أنها تعامل قانونياً على اعتبارها منطقة أجنبية تحظى بحزمة كبيرة من الضمانات والحوافز الاستثمارية والضريبة والجمركية".

وأضاف عمر "أبرز الضمانات التي يحصل عليها المستثمرون بالمناطق الحرة عدم جواز إقامة الدعوى القضائية على المشاريع العاملة بنظام المناطق الحرة إلا بعد الرجوع للهيئة العامة للاستثمار، إضافة إلى عدم جواز تأميم المشاريع والمنشآت أو مصادرتها، إلى جانب أنه لا يجوز بالطريق الإداري فرض الحراسة على المشاريع أو الحجز على أموالها أو الاستيلاء أو التحفظ عليها أو تجميدها أو مصادرتها من غير الطريق القضائي".

وتابع "تتوسع  قوانين الاستثمار المصرية في منح المشاريع القائمة داخل المناطق الحرة حزمة كبيرة من الحوافز الاستثمارية والضريبية، منها على سبيل المثال إعفاء الأصول الرأسمالية كافة ومستلزمات الإنتاج اللازمة لمزاولة نشاط المشروع من أي رسوم جمركية أو ضرائب على المبيعات أو غيرها من الضرائب طوال فترة مزاولة النشاط حتى لو اقتضت طبيعة النشاط وجودها بصفة موقتة خارج المنطقة الحرة، إضافة إلى إعفاء صادرات وواردات المشروع من وإلى خارج البلاد من أية رسوم جمركية أو ضرائب، سواء كانت ضرائب على المبيعات أو غيرها من الضرائب أو الرسوم المعمول بها داخل البلاد"، مشيراً إلى أن "المعاملات المالية والنقدية تجري داخل المناطق الحرة بالدولار الأميركي فحسب، ما عدا السيارات المخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة التي يمكن شراؤها بالجنيه المصري".

كسر قيود المركزي المصري

من جانبه قال عضو الشعبة العامة للسيارات باتحاد الغرف التجارية علاء السبع إن "قيام بعض شركات السيارات أو وكلاء الشركات الأجنبية باستيراد السيارات الأوروبية أو الكورية من الخارج إلى داخل المناطق الحرة، ثم إعادة بيعها بالدولار الأميركي هدفه الرئيس هو كسر القيود التي فرضها البنك المركزي المصري على الاستيراد، خصوصاً بالنسبة للسلع غير الأساسية، ومنها بكل تأكيد السيارات"، موضحاً أن "التعامل داخل المناطق الحرة بعيد من القيود المفروضة من البنك المركزي بشأن توفير الدولار"، مؤكداً أن "الشركات بدأت في إخطار عملائها بإمكان شراء سيارات جديدة ودفع قيمتها بالدولار الأميركي على أن يتم التسليم في غضون شهر أو شهرين على الأكثر".

وفي مطلع مارس 2022 أوقف البنك المركزي المصري التعامل بمستندات التحصيل في عمليات الاستيراد، والعمل بنظام الاعتماد المستندي بدلاً منها، باستثناء 15 سلعة من السلع الأساسية، مما خلق أزمة لدى المستوردين، لعدم قدرتهم على توفير العملة الأجنبية، وتسبب القرار بتكدس البضائع في الموانئ المصرية، وبدأت آثاره تنعكس على السوق المحلية، بخاصة في ما يتعلق بندرة بعض السلع، واتجاه التجار إلى رفع أسعارها بنسب قياسية في القطاعات التجارية كافة.

من جانبه، حذر الأمين العام لرابطة مصنعي السيارات خالد سعد من التحايل على القوانين التي تجري في قطاع السيارات بمصر حالياً، موضحاً أن "عديداً من الشركات تتلاعب في الفترة الحالية باستيراد السيارات. ويأتي ذلك من خلال استيراد السيارات وإدخالها للمناطق الحرة، بما هو معروف باسم الاستيراد الموازي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف سعد "التلاعب يحدث عندما تقوم هذه الشركات بإخراج السيارات من المناطق الحرة ليس باسمها، لكن بأسماء أشخاص آخرين عاديين، إذ يتم بيع السيارات في السوق بهذه الطريقة"، مشيراً إلى أن "هذا الأمر تسبب في استخدام كثير من العملة الأجنبية في غير الموضع الذي تستهدفه الدولة"، لافتاً إلى أن "هناك شركات كثيرة حققت أرباحاً ضخمة من استخدام هذه الطريقة على حساب شركات أخرى رفضت اتباع الطريقة نفسها".

وفي الاتجاه نفسه قال محمود حماد، نائب رئيس رابطة تجار السيارات، إن "الفترة الماضية شهدت قيام بعض وكلاء الماركات الآسيوية والأوروبية بالترويج لطرازاتهم وبيعها من خلال المناطق الحرة، والإفراج عنها بأسماء أفراد بأسعار تتجاوز 150 ألف جنيه (7.6 ألف دولار أميركي) للسيارة، مقارنة مع سعر القوائم الرسمية المعتمدة، مع إعادة تداول بعضها في السوق مرة أخرى بعد إتمام الإجراءات الجمركية.

وأضاف حماد "بعض وكلاء السيارات لجأوا إلى ذلك، لمواجهة القيود المفروضة على الاستيراد، وتجنب المساءلات القانونية وتحرير محاضر بالمخالفات، إذ تمنع الإجراءات المنظمة الحالية دخول السيارات عبر المناطق الحرة واستخدامها في عمليات البيع التجاري".

في غضون ذلك استثنت وزارة المالية في وقت سابق من العام الحالي السلع الواردة عبر المناطق الحرة من الضوابط والإجراءات الخاصة بالتسجيل المسبق للشحنات التي تلزم جميع الجهات والأفراد بالحصول على الموافقات الحكومية قبل تنفيذ عمليات الاستيراد.

ومن جانبه قال رئيس رابطة تجارة السيارات أسامة أبو المجد، "إن الاستيراد عبر المناطق الحرة كأفراد هو حدث منفرد قام به عدد من التوكيلات في مصر"، مضيفاً أن "هذا التوكيل لجأ إلى الاستيراد الشخصي الذي لا يحتاج إلى اعتماد مستندي، لكن جرى ضبط هذه المخالفة"، مشيراً إلى أن "الأسعار زادت على مستوى العالم، ومن حق أي مواطن شراء أية سيارة من الخارج من دون الاعتماد على الوكلاء"، مؤكداً أنه "لا توجد رؤية واضحة حول عودة نشاط سوق السيارات في مصر لوضعه الطبيعي قريباً، خصوصاً في ظل استمرار الأزمة الروسية - الأوكرانية".

مبيعات السيارات تتراجع

في تلك الأثناء انخفضت مبيعات السيارات في مصر بأكثر من النصف خلال أغسطس (آب) الماضي، لتصل إلى 8.7 ألف سيارة في مقابل أكثر من 18 ألف سيارة خلال الشهر المماثل من العام الماضي بنسبة تراجع 52.5 في المئة، فوفقاً لبيانات مجلس معلومات سوق السيارات المصرية "الأميك"، انخفض حجم مبيعات السيارات ليصل إلى 148.5 ألف سيارة خلال الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى أغسطس من عام 2022 في مقابل 186.3 ألف سيارة خلال الفترة المماثلة من العام الماضي بنسبة تراجع 20 في المئة.

ونظراً إلى ما تمر به السوق المصرية للسيارات من ظروف صعبة أخطرت إحدى شركات السيارات في نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي الحاجزين بضرورة التوجه إلى مقر الشركة لتسلم مقدم الحجز، لعدم قدرة الشركة على توفير السيارات في الوقت الحالي، وفقاً لبيان رسمي للشركة.

وأضافت أنه "جرى التواصل مع العملاء من خلال الرسائل النصية لإبلاغهم بالحضور في الفروع المعلنة من أجل استرداد مبالغ الحجوزات، بدلاً من تحويلها للمحكمة". في غضون ذلك تعاني الحكومة المصرية شحاً في الدولار الأميركي مع تعثر الإمدادات الرئيسة من العملة الصعبة من المصادر الرئيسة، على رأسها السياحة والاستثمارات وتحويلات المصريين العاملين في الخارج، إضافة إلى تبخر أكثر من 22 مليار دولار من الأموال الساخنة منذ بداية العام، مما دفع الجنيه المصري إلى التراجع أمام الدولار الأميركي إلى أقل مستوى له عبر التاريخ، إذ يسجل حالياً 19.70 جنيه في مقابل الدولار لسعر البيع، في حين يسجل سعر الشراء 19.68 لسعر الشراء في الأسواق الرسمية.

اقرأ المزيد