Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عدوى الخلافات بين أحزاب كردستان تصيب الأجهزة الأمنية

اتهامات متبادلة في قضية اغتيال ضابط بمكافحة الإرهاب توسع فجوة الصراع التقليدي

مسعود بارزاني وبافل طالباني (وسائل إعلام عراقية)

اتخذت حرب الاتهامات المتبادلة بين الحزبين الرئيسين في إقليم كردستان منحنى متصاعداً، متجاوزة الخلافات السياسية لتشمل الأجهزة الأمنية والاستخبارية المنقسمة بين مناطق نفوذ الطرفين.

يأتي التصعيد الجديد على خلفية قضية اغتيال ضابط في جهاز الاستخبارات بمدينة أربيل، في وقت بلغ فيه الصراع بين الحزبين على منصب رئاسة الجمهورية ذروته قبل ساعات من انعقاد جلسة لانتخاب رئيس جديد للبلاد.

وكانت السلطات الأمنية في محافظة أربيل، الخاضعة لنفوذ الحزب "الديمقراطي" بزعامة مسعود بارزاني، أعلنت الأسبوع الماضي مقتل الضابط في جهاز "الحماية والمعلومات" التابع لحزب "الاتحاد الوطني" بزعامة بافل طالباني العقيد هاوكار عبدالله رسول وإصابة أربعة من أفراد من أسرته في أربيل، إثر انفجار عبوتين لاصقتين في سيارته.

يذكر أن عبدالله كان مقرباً من الرئيس المشارك السابق في حزب "الاتحاد" لاهور شيخ جنكي نجل عم زعيم الحزب الحالي بافل طالباني، إذ سبق لجنكي أن ترأس جهاز "المعلومات ومكافحة الإرهاب" التابع للحزب، بينما كان يتولى عبدالله مسؤولية إدارة مكتب الجهاز بمحافظات أربيل ودهوك ونينوى، وذلك قبل وقوع أحداث الثامن من يوليو (تموز) العام الماضي، عندما أقال طالباني كل من جنكي وعبدالله.

عمل إرهابي

حرب البيانات بدأها "مجلس أمن الإقليم" الذي يديره حزب بارزاني عندما أعلن يوم أمس الأربعاء اعتقاله ستة متهمين باغتيال العقيد هاوكار، معتبراً العملية "عملاً إرهابياً نفذ بأمر مباشر من مسؤول مكافحة إرهاب السليمانية (مركز نفوذ حزب طالباني)، وهاب مجيد باقي المعروف بوهاب حلبجيي، وكارزان محمد رشيد مسؤول استخبارات مكافحة إرهاب السليمانية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأوضح المجلس أن "الفريق المشرف والمنفذ للعملية ضم 10 متهمين هم ضباط وموظفون في مكافحة إرهاب السليمانية، بإشراف المتهم الموقوف ياسر فيصل حسين مسؤول مكتب مكافحة إرهاب السليمانية في أربيل، مع خمسة متهمين موقوفين من فريق المراقبة، إلى جانب أربعة من منفذي العملية"، مبيناً أن "المنفذين استخدموا أربع سيارات لمراقبة تنقلات الضحية هاوكار، وتمكن أربعة من المتهمين من الفرار إلى السليمانية بعد التنفيذ".

وخلص البيان إلى أن "تصوير كاميرات المراقبة يظهر بشكل مفصل ودقيق تفاصيل العملية، وكذلك اعترافات المتهمين، من بينهم ياسر فيصل حسين الذي كان حل محل العقيد هاوكار عبدالله رسول (القتيل) قبل سبعة أشهر"، مطالباً الأجهزة الأمنية في السليمانية بـ"تسليم المتهمين إلى الأجهزة الأمنية بأربيل، تنفيذاً لأمر قاضي تحقيق في مديرية أمن أربيل".

ويعيش الإقليم حالاً من الانقسام الإداري نتيجة للخلاف الممتد تاريخياً بين الحزبين التقليديين، الذي كان بلغ ذروته منتصف تسعينيات القرن الماضي عندما دخلا في حرب أهلية وصراع محتدم على النفوذ والإيرادات، وما زالا يواجهان عقبات صعبة في توحيد إدارتيهما المنقسمتين وفق مناطق النفوذ في أربيل والسليمانية، بخاصة على الصعيدين المالي والعسكري.

سيناريو في ظرف مربك

في المقابل رد جهاز مكافحة الإرهاب التابعة لحزب طالباني الاتهامات، محذراً جهاز مجلس أمن الإقليم الذي يقوده حزب بارزاني من "ممارسة أسلوب التضليل".

وقال الحزب في بيان مطول إن "جهازنا هو قوة وطنية رسمية لعب دوراً تاريخياً في مجابهة الإرهاب وموثوق لدى قوات التحالف الدولي، في حين تنهمك قوة استخباراتية مضللة ديدنها الفرار من جبهات حماية إقليم كردستان وتتبع جهة متآمرة وفاشلة، في حبك السيناريو الذي يمليه عليها سياسيوهم الفاشلون، إذ طالما تحيك السيناريوهات والمؤامرات العدائية لإخفاء إخفاقاتهم على الصعد السياسية والإدارة والعمالة للأجنبي عبر كيل التهم لجهة وطنية أخرى، في وقت يمر فيه العراق بظرف حساس".

وربط الجهاز الاتهامات بالصراع الدائر بين الحزبين على منصب رئاسة الجمهورية، متسائلاً "هل كنتم ستنشرون هذه الاعترافات لو كان حزب الاتحاد سحب هذه الليلة، الأربعاء 12 أكتوبر (تشرين الأول) مرشحه للمنصب؟".  

وفشلت مشاورات اللحظات الأخيرة بين الحزبين للاتفاق على مرشح مشترك لمنصب الرئاسة، قبل ساعات من عقد البرلمان الاتحادي جلسة لانتخاب رئيس جديد للبلاد اليوم الخميس 13 أكتوبر.

وتمسك حزب بارزاني بموقفه الرافض لإعادة ترشيح الرئيس الحالي برهم صالح، على رغم إعلانه سحب مرشحه للرئاسة ريبر أحمد، إثر تعثرت القوى السياسية العراقية في الاتفاق على رئيس وحكومة جديد، بعد مرور سنة على إجراء الانتخابات التشريعية.

تهديد بالرد

كما شدد الجهاز التابع للاتحاد على أن "مجمل أحداث عملية الاغتيال نفذت عبر مؤامرة خططت لها وكالة الحماية (التابعة لحزب بارزاني) وفريق معين يعمل منذ مدة تحت مظلة ما يسمى مجلس أمن الإقليم في أربيل، وقد تم توجيههم لتنفيذ مآربهم الخبيثة".

وأردف "طالما أعلنا أنه على الحزب الديمقراطي ومؤسساته الاستخباراتية الانتباه إلى نوايا تلك الشبكة الخارجة عن القانون التي تعمل الآن في أربيل لصالح الدول الإقليمية".

وختم بيان الجهاز بالدعوة إلى "تكليف فريق محايد من القوات الاتحادية وقوات التحالف والاتحاد الأوروبي، وبإشراف من برلمان الإقليم لحسم السيناريو"، مهدداً بأنه "سيرد الصاع صاعين في حال عدم تصحيح مسار القضية وفق للقوانين، ومؤكداً "أننا سنقضي على أية قوة أو مجموعة خارجة عن القانون تسعى إلى الإخلال بسمعة أمن الإقليم".

من جانبها قالت الناطقة باسم كتلة "الاتحاد" في البرلمان الاتحادي سوزان منصور إن "شعب الإقليم يدرك جيداً حقيقة الجرح الذي يعانيه الحزب الديمقراطي ويحاول بشتى السبل معالجته، في هذا الظرف الحساس ونحن مقبلون على جلسة انتخاب الرئيس، بعد فشل كل محاولات الديمقراطي لفرض إرادته على حزب الاتحاد، لذا رأينا كيف اضطر إلى تأليف سيناريو في قضية اغتيال العقدي هاوكار".

وأضافت منصور أن "اتهام جهاز مكافحة الإرهاب وحزب الاتحاد مؤشر على أن الديمقراطي فقد أمله في تحقيق مكسب في مسألة منصب رئاسة الجمهورية"، وشددت على أن "الاتحاد لا يبقى صامتاً تجاه التهم الموجهة ضده من باب الشعور بالمسؤولية".     

استغلال للأجهزة الرسمية

في موقف لافت دعا الرئيس السابق لوكالة "المعلومات والحماية" التابعة لحزب طالباني والمقيم في أربيل حالياً أجي أمين، في أعقاب بث اعترافات المتهمين إلى "معاملة منفذي عملية الاغتيال كإرهابين، وليس تعريفهم كأفراد في جهاز مكافحة الإرهاب".

وقال أمين عبر حسابه في "فيسبوك" إن "الجميع يعلم بما يحصل من اعتداءات وجرائم وفساد وإهانة للمؤسسات الرسمية والنواب والنشطاء السياسيين والمدنيين، وبعض الانتهاكات الأمنية والفوضى والاضطراب التي حدثت بعد الاستيلاء على السلطة والمؤسسات الأمنية والعسكرية والاستخباراتية في المنطقة الخضراء (منطقة نفوذ حزب الاتحاد)".

وتابع "نرى بوضوح كيف تستغل هناك الأجهزة الأمنية والاستخباراتية والعسكرية في شن عمليات قمع وقتل واعتداء لحسم الخلافات الداخلية، إلى حد لم يتبق معنى وقيمة للحياة المدنية والسياسية".

وأوضح أمين أنه "من حسن الحظ انكشفت أسباب الخلافات التي كانت بيننا، في وقت نحن الكرد نحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى وحدة الصف والقرار لحماية التجربة الديمقراطية بالإقليم، في ظل الأوضاع والمتغيرات التي يشهدها العراق وبلدان الجوار والمنطقة".

وأشار إلى أن "طاقم إدارة المنطقة الخضراء بعد عديد من القرارات الخاطئة وخرق القوانين يظهر من خلال الاعترافات أنهم يستغلون المؤسسات الرسمية لتنفيذ أعمال إرهابية، مما يضعنا جميعاً أمام خطر كبير، وما حدث هو جزء من مخطط هذا الطاقم، إذ هناك عديد من الأدلة التي ستعلن".

يذكر أن الوكالة كانت أعلنت في أغسطس (آب) الماضي إعفاء أمين عن منصبه قائلة إنه "لم يعد له صلة بالوكالة نهائياً". وأكدت رفضها "لأي بيان أو بلاغ يصدره أمين باسم الوكالة".

وتولى أمين، واسمه الرسمي سلمان أمين نادر، رئاسة الوكالة في أغسطس العام الماضي بقرار من بافل طالباني قبل أن يقيله لاحقاً، على وقع خلافات دفعته لمغادرة السليمانية والإقامة في أربيل.

المزيد من العالم العربي