Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

 هل تشريع "نوبك" الأميركي تهديد حقيقي أم مناورة؟ 

كبار منتجي النفط يرفضون تسييس قرار "أوبك+" ويؤكدون أن الاتفاق كان لحماية الاقتصاد العالمي من تقلبات السوق

أعلنت السعودية رفض اعتبار قرار"أوبك+" بمثابة انحياز في صراعات دولية" (رويترز)

عاد قانون "نوبك" الأميركي المثير للجدل، إلى الواجهة من جديد مع زيادة التوتر بين الولايات المتحدة و"أوبك+" على خلفية قرار الأخيرة بخفض سقف الإنتاج بمقدار مليوني برميل يومياً في أكبر تخفيض من نوعه في أكثر من عامين.

وعلى مدى أكثر من عقدين من الزمن، لم ينجح ساسة الولايات المتحدة في إقرار مشروع القانون المسمى "قانون عدم إنتاج وتصدير النفط" أو "نوبك"، الذي سيُمكن وزارة العدل الأميركية من رفع دعوى قضائية للتصدي للاحتكار ضد "أوبك" لمحاولتها السيطرة على إنتاج النفط أو التأثير في أسعار الخام، ويمكن عمل ذلك عن طريق تعديل "قانون شيرمان لمكافحة الاحتكار" لعام 1890، وهو القانون الذي استُخدم منذ أكثر من قرن مضى لتفكيك إمبراطورية النفط التابعة لرجل الأعمال الأميركي جون دي. روكفلر.

في ذات صلة رفضت الدول المنتجة للنفط "تسييس" قرار خفض الإنتاج واعتبرته ذات أهمية لحماية الأسواق من التقلب، وأعلنت السعودية رفض اعتبار قرار"أوبك+" بمثابة انحياز في صراعات دولية"، وقالت القرار اتخذ بالإجماع ومن منظور اقتصادي يراعي توازن العرض والطلب في الأسواق ويحد من التقلبات".

تبعات اقتصادية

وأضافت الخارجية السعودية "المملكة ترفض اعتبار قرار أوبك+ مبنياً على دوافع سياسية ضد أميركا"، وأعربت عن رفضها التام للتصريحات الأميركية التي لا تستند إلى الحقائق، وقالت "التصريحات التي تنتقد السعودية لا تستند إلى الحقائق وتعتمد على محاولة تصوير قرار أوبك خارج إطاره الاقتصادي البحت"، وتابعت أن "المملكة أوضحت خلال تشاورها مع الإدارة الأميركية أن تأجيل قرار خفض الإنتاج شهراً بحسب ما تم اقتراحه ستكون له تبعات اقتصادية سلبية".

ومن شأن مشروع القانون المسمى أن يُعرّض الدول الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) وشركاءها للمساءلة، بموجب قوانين مكافحة الاحتكار، وذلك لتنسيقها خفضاً في الإمدادات بما يرفع أسعار النفط العالمية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويهدف مشروع قانون "لا لتكتلات إنتاج وتصدير النفط" المعروف اختصاراً باسم "نوبك" إلى حماية المستهلكين والشركات في الولايات المتحدة من الارتفاعات المتعمدة في أسعار البنزين وزيت التدفئة، لكن بعض المحللين يُحذرون من أن تطبيقه قد يكون له بعض التداعيات الخطرة غير المقصودة.

وكانت دول تحالف "أوبك+" قررت خلال اجتماعها الأسبوع الماضي، في فيينا خفض حصص الإنتاج بشكل كبير، بهدف دعم الأسعار المتضررة من مخاوف حصول انكماش.

واتفق ممثلو الدول الأعضاء الـ 13 في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وحلفاؤهم العشرة على خفض بمقدار "مليوني" برميل في اليوم لشهر نوفمبر (تشرين الثاني).

من جانبها أكدت "أوبك+" التي تضم 23 دولة بقيادة السعودية وروسيا أن القرار يأتي "في ضوء عدم اليقين الذي يحيط بآفاق الاقتصاد العالمي وسوق النفط، والحاجة إلى تعزيز التوجيه طويل المدى للسوق النفطية.

كان البيت الأبيض قد ذكر الأسبوع الماضي أنه سيتشاور مع الكونغرس بشأن "أدوات وسلطات إضافية لتقليل سيطرة أوبك+ على أسعار الطاقة، في إشارة على ما يبدو إلى الدعم المحتمل لتشريع "نوبك"، وسبق أن أثار البيت الأبيض مخاوف بشأن مشروع القانون.

وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي في اليوم ذاته، إن الولايات المتحدة بحاجة لخفض الاعتماد على "أوبك+" ومنتجي النفط الأجانب، وذلك بعد أن اتفقت مجموعة منتجي النفط على أكبر تخفيضات في الإنتاج منذ جائحة "كوفيد-19" في عام 2020.

كارثة كاملة 

ووفقاً للمسودة التي أرسلها البيت الأبيض إلى وزارة الخزانة، يوم الاثنين الماضي، فإنها وصفت احتمال خفض إنتاج النفط بأنه "كارثة كاملة"، وحذرت من أنه يمكن اعتباره "عملاً عدائياً".

وفي أعقاب التخفيضات التي أعلنت عنها "أوبك+"، هددت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أنها قد تكون على استعداد لدعم مشروع القانون، الذي يحظى بتأييد واسع في كلا الحزبين.

وعلق تشاك شومر، زعيم الغالبية الديمقراطية بمجلس الشيوخ الأميركي، في تغريدة على "تويتر"، إن قرار خفض الإنتاج جاء لمساعدة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في حربه ضد أوكرانيا، وأشار إلى أن الكونغرس يبحث جميع الأدوات التشريعية للتعامل بشكل أفضل مع هذا الإجراء، بما في ذلك مشروع قانون "نوبك."

وقال السناتور الجمهوري تشاك جراسلي، الذي يرعى "نوبك"، إنه يعتزم إرفاق الإجراء كتعديل لقانون تفويض الدفاع الوطني المرتقب.

ما هو مشروع قانون "نوبك"؟ 

 يستهدف "نوبك" المقدم من الحزبين الرئيسين، تغيير قانون مكافحة الاحتكار الأميركي لإلغاء الحصانة السيادية التي تحمي "أوبك" وشركات النفط الحكومية في دولها الأعضاء منذ فترة طويلة، من الدعاوى القضائية.

وإذا أصبح "نوبك" قانوناً سارياً، سيكون بمقدور المدعي العام الأميركي مقاضاة منظمة "أوبك" أو أعضائها أمام محكمة اتحادية، كما سيمكنه كذلك مقاضاة منتجين آخرين متحالفين مع "أوبك"، يعملون مع المنظمة على خفض الإمدادات في إطار ما يعرف باسم مجموعة "أوبك+".

ولم يتضح كيف يمكن لمحكمة اتحادية تنفيذ أحكام قضائية لمكافحة الاحتكار على دولة أجنبية، لكن عدداً من المحاولات لسن قانون "نوبك" أثارت قلق دول منتجة كبرى انتظاراً للتطورات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي مايو (أيار) الماضي، حصل "نوبك" بسهولة على موافقة اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ بتأييد 17 عضواً في مقابل رفض أربعة وإذا تم تمريره في الكونغرس ووقعه الرئيس جو بايدن، فإن "نوبك" سيغير قانون مكافحة الاحتكار الأميركي لإلغاء الحصانة السيادية التي تحمي أعضاء "أوبك+" وشركات النفط الوطنية في تلك الدول من الدعاوى القضائية.

ولازم الفشل "نوبك" في الكونغرس على مدى نحو 22 عاماً، ففي عام 2007 وقفت له إدارة الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش بالمرصاد بعد أن جرت الموافقة على نسخ من مشروع القانون على يد مجلسي النواب والشيوخ.

وفي عهد الرئيس السابق دونالد ترمب تعثر القانون مرة أخرى، حيث أيد فكرة "نوبك" قبل توليه منصبه، كما هاجم "أوبك" بشكل متكرر على صفحته بموقع "تويتر"، لكن خلال فترة ولايته التي امتدت 4 سنوات، لم يُطرح التشريع مطلقاً للتصويت في أي من المجلسين. ومع ذلك يقول مؤيدوه إن "المشروع قد يرى النور أخيراً هذا العام، بسبب أفعال روسيا التي كانت تنتج أخيراً نحو 10 في المئة من نفط العالم".

ومن غير المؤكد حالياً أن يحظى التشريع بالدعم الكافي لتمريره. ومن غير المرجح أن ينظر الكونغرس في تشريعات رئيسية قبل انتخابات التجديد النصفي في الثامن من نوفمبر، بحسب وكالة "رويترز".

وإذا كانت واشنطن ستقاضي دولاً أخرى بتهمة التواطؤ، فقد تواجه الولايات المتحدة انتقادات لمحاولاتها التلاعب بالأسواق، على سبيل المثال، من خلال إطلاقها كميات قياسية من النفط من احتياطيات الطوارئ بين مايو ونوفمبر.

انتكاسة غير مقصودة 

وقال محللون نفطيون إن الإسراع بسن القانون قد يؤدي إلى انتكاسة غير مقصودة تشمل إمكانية أن تتخذ دول أخرى خطوات مماثلة ضد الولايات المتحدة لخفضها إمدادات منتجات زراعية لدعم الزراعة المحلية على سبيل المثال.

وكان الأمين العام لمنظمة "أوبك" هيثم الغيص قد ذكر في تصريحات سابقة أن قانون "نوبك" ليس جديداً على "أوبك"، فهو محاولة قائمة منذ أكثر من 20 عاماً لتشريع قانون في الكونغرس الأميركي لمقاضاة وفرض عقوبات على الدول المنتجة للنفط، وليس على دول المنظمة فقط، بل حتى الدول التي تمارس ما يسمى بالممارسات الاحتكارية في مجال التنقيب والإنتاج وتخفيض الإمدادات النفطية لرفع الأسعار أو احتكار الإنتاج.

وأضاف الغيص أن هناك تحركات سياسية ودبلوماسية واضحة من قبل "أوبك" للحوار مع بعض الجهات المؤثرة في الصناعة النفطية في أميركا والتي هي أصلاً ضد قانون "نوبك"، حيث ترى أنه سيؤثر في الصناعة النفطية عالمياً وبالتالي سيضر الصناعة النفطية كذلك في أميركا، وهذه الجهات تضغط لثني أعضاء الكونغرس والإدارة الأميركية عن تمرير قانون "نوبك" لتأثيراته السلبية في الاقتصاد.

وبحسب الغيص، عندما يتسبب مثل هذا القانون بتأثيرات سلبية على الدول النفطية سيسهم ذلك بلا شك في تقليل الاستثمارات، ما سيدفع أسعار النفط لمستويات أعلى.

وأكد الأمين العام لأوبك أن المنظمة لا تتحكم بالأسعار لكنها تمارس ما يسمى بضبط الأسواق من حيث العرض والطلب، وهذا واضح من خلال عملها في إطار "أوبك+"، إذ تم ضبط الإمدادات النفطية لتتماشى مع مستويات الطلب العالمي على النفط بحيث لا يكون هناك فائض أو نقص بالإمدادات، وهذا يصب في مصلحة الجميع في نهاية الأمر بما فيها الصناعة النفطية عالمياً والدول المنتجة والمستهلكة للنفط وبالتالي الاقتصاد العالمي.

معارضة قطاع النفط الأميركي 

وعارض كل من معهد البترول الأميركي وغرفة التجارة الأميركية بشدة مشروع القانون، خشية اتخاذ إجراءات انتقامية ضد الشركات الأميركية في الخارج إذا أصبح قانوناً.

وفي السابق، أبدى المعهد وهو أكبر تكتل في قطاع صناعة النفط في الولايات المتحدة، اعتراضه على مشروع قانون "نوبك"، قائلاّ إنه "قد يضرّ بمنتجي النفط والغاز في الداخل".

ومن مخاوف القطاع أن يؤدي مشروع قانون "نوبك" في نهاية المطاف إلى زيادة إنتاج "أوبك" عن حاجة السوق، ما ربما يخفض الأسعار إلى درجة تجد معها شركات الطاقة الأميركية صعوبة في تعزيز الإنتاج. ولدى السعودية ودول أخرى من أعضاء "أوبك" بعض من أرخص الاحتياطيات النفطية وأسهلها في الاستخراج.

فيما يستفيد منتجو النفط الصخري في الولايات المتحدة من انضباط إنتاج منظمة "أوبك" في تعزيز أسعار الخام عالمياً.

وقالت مجموعة "كلير فيو إنرجي بارتنرز" البحثية في مذكرة بحثية، إن "الإشارات على نية الإدارة الأميركية استخدام صلاحيات جديدة في حالة إقرار "نوبك" ستشكل تدخلاً مثيراً، وقد تدفع تحالف "أوبك+" إلى إعادة النظر وربما التخلي عن دوره في موازنة السوق، مما يؤدي إلى موجة بيع واسعة النطاق واستنفاد المخزونات الاحتياطية العالمية".

وأضافت أن "أي ضخ إضافي للنفط من منتجي "أوبك"، حتى في وقت تهيمن عليه المخاوف من نقص إمدادات روسيا، قد يجمد أنشطة الحفر في الولايات المتحدة، ما قد يعرض للخطر أمن الطاقة المحلي وكذلك انتعاش الاقتصاد الأميركي".

المزيد من البترول والغاز