Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إيران تكثف قمع الاحتجاجات بنشر "قوات الصاعقة"

الشرطة تفتش منازل وتعتقل عشرات والقضاء يتوعد بمعاقبة "مثيري الشغب" ورئيسي يتهم أميركا بـ"زعزعة الاستقرار"

كثفت قوات الأمن الإيرانية حملات القمع على المناطق الكردية الليلة الماضية ونشرت قوات الصاعقة مع استمرار السلطات في إخماد الاحتجاجات التي عمت أرجاء البلاد، وكانت أشعلتها وفاة مهسا أميني على يد شرطة الأخلاق.

وبعد مرور ما يقرب من أربعة أسابيع على اعتقال أميني، وهي كردية إيرانية تبلغ من العمر (22 سنة)، في طهران بسبب "ملابسها غير اللائقة"، لا يوجد أي مؤشر على تراجع الاحتجاجات في تحد جريء لحكام إيران من رجال الدين حتى لو كانت الاضطرابات لا تبدو قريبة من الإطاحة بهم.

وسلطت الاحتجاجات الضوء على الإحباط المكبوت بشأن الحريات والحقوق في إيران مع انضمام عديد من النساء لها. وأصبحت الأنباء الواردة عن مقتل عديد من الفتيات المراهقات في أثناء تظاهرهن بمنزلة صرخة للخروج في مزيد من الاحتجاجات.

ونشرت إيران عناصر من ميليشيا الباسيج، وهي قوات تكون عادة في الطليعة لقمع الاضطرابات الشعبية بالمناطق الكردية، إذ قتل سبعة أشخاص في احتجاجات خرجت الليلة الماضية.

وأظهرت مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، لم يتسن لـ"رويترز" التحقق منها، ما بدا أنها عناصر من الباسيج تضرب المتظاهرين في المناطق الكردية.

وقال مصدران في سنندج، عاصمة إقليم كردستان بإيران، لـ"رويترز" إن عناصر الباسيج وشرطة مكافحة الشغب تهاجمان المتظاهرين.

وأبلغ شاهد "رويترز" أن المئات من شرطة مكافحة الشغب وقوات الباسيج نقلوا من أقاليم أخرى إلى كردستان لمواجهة المحتجين.

وأضاف الشاهد "قبل أيام قليلة، رفض بعض عناصر الباسيج من سنندج وبانه تنفيذ الأوامر وإطلاق النار على الناس، الوضع في سقز هو الأسوأ، قوات الباسيج هذه تطلق النار على الناس والمنازل حتى لو لم يكن هناك متظاهرون".

كما قال الشاهد إن من قتلوا سحبوا إلى منازلهم لئلا تبقى جثثهم ملقاة في الشوارع.

ويقول محللون إن عدد المتطوعين للعمل في الباسيج التابعة للحرس الثوري ربما يقدر بملايين ومن بينهم مليون عضو ناشط.

اعتقالات

على رغم أن الاحتجاجات الأخيرة مستمرة منذ أسابيع، تتمتع السلطات الإيرانية بخبرة في قمع موجات أطول من الاضطرابات. ففي عام 2009 استمرت تظاهرات اندلعت على مستوى البلاد بسبب انتخابات متنازع على نتائجها لمدة ستة أشهر قبل أن تسيطر عليها السلطات في النهاية.

وبينما كانت نبرة عديد من المسؤولين حادة، نقل عن مستشار كبير للزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي تساؤله عما إذا كان ينبغي على الشرطة فرض ارتداء الحجاب، وهو انتقاد نادر لجهود الدولة لفرض الحجاب.

وأفادت جماعات حقوقية بمقتل أكثر من 200 شخص في حملة قمع ضد الاحتجاجات التي كانت مكثفة بشكل خاص في المناطق الكردية، إذ أخمدت قوات الأمن اضطرابات الأقلية الكردية في الماضي.

وأكراد إيران جزء من أقلية عرقية منتشرة بين دول عدة في المنطقة، وأدت تطلعاتها للحكم الذاتي إلى صراعات أيضاً مع السلطات في العراق وسوريا وتركيا.

وقال ماريفان، وهو متظاهر شاب في المنطقة الكردية، إن الناس يشعلون الحرائق بالشوارع كل ليلة لمحاولة إبعاد شرطة مكافحة الشغب عن دخول أحيائهم.

وأضاف ماريفان "لا رحمة لديهم، يطلقون النار بشكل عشوائي، المتاجر مغلقة، مدينتنا تتحول في الليل إلى ساحة حرب، الناس يرمون الحجارة وترد قوات الأمن بإطلاق النار عليهم".

ومع وجود أكراد يتراوح عددهم بين ثمانية إلى عشرة ملايين نسمة في إيران، تخشى طهران من تزايد الضغوط من أجل الاستقلال بين أقلية لها تاريخ طويل في الكفاح لنيل حقوقها السياسية.

وتقول منظمات حقوقية إن الأكراد، الذين يشكلون نحو 10 في المئة من التعداد السكاني، يتعرضون للتمييز، إضافة إلى أقليات دينية وعرقية أخرى، في ظل حكم المؤسسة الدينية الشيعية بإيران، بينما تنفي طهران ذلك.

وأبلغ مصدر في سنندج "رويترز" أن شرطة مكافحة الشغب تفتش المنازل وتعتقل عشرات الشباب، قائلاً إن "الوضع يسوده التوتر الشديد مع وجود مئات من ضباط الشرطة في شوارع المدينة"، وطلب عدم الكشف عن هويته خوفاً على سلامته.

الحجاب

قالت جماعة "هنجاو" الحقوقية، التي تعد تقارير عن المناطق الكردية في إيران، إن المحتجين في 10 مدن واجهوا "عنفاً شديداً من قوات الأمن" مساء أمس الأربعاء.

وتابعت أن النيران المباشرة من قوات الأمن قتلت شخصين في مدينة كرمانشاه، ونشرت صورة لجثة شاب يبلغ من العمر 18 سنة قالت إنها لأحد القتلى.

وأظهر مقطع فيديو نشر على مواقع التواصل الاجتماعي من كرمانشاه في ساعة متأخرة من مساء أمس الأربعاء حريقاً مشتعلاً على الطريق، ويمكن سماع صوت يقول "كرمانشاه جحيم، إنها حرب، إنها حرب".

وأضافت "هنجاو" أن ثلاثة من أفراد قوات الأمن قتلوا أيضاً في كرمانشاه وأصيب نحو 40 آخرون.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ونفى المسؤولون أن تكون قوات الأمن أطلقت النار على المتظاهرين، وقالوا من قبل إن حوالى 20 من أفراد قوات الأمن قتلوا خلال الاضطرابات التي عمت البلاد.

ولم يتسن لـ"رويترز" التحقق بشكل مستقل من مقاطع الفيديو والتقارير.

وخلال الاحتجاجات، يقوم كثير من النساء بخلع حجابهن على الملأ ويلوحن به ويحرقنه، احتجاجاً على القواعد المحافظة التي قادت إلى إلقاء القبض على أميني.

وقال علي لاريجاني مستشار خامنئي ورئيس البرلمان السابق "إذا كان 50 في المئة من نساء بلادنا لا يرتدين حجاباً كاملاً، فلا ينبغي أن تتدخل الشرطة".

وأضاف في تصريحات لصحيفة "اطلاعات" اليومية، "السؤال هنا، هل يتعين أن تتدخل الحكومة في أمور مثل هذه؟".

تعليمات للقضاة

تلقى القضاة الإيرانيون تعليمات بعدم التساهل في الأحكام التي سيصدرونها بحق من يظهر أنهم "العناصر الأساسيون للشغب"، وفق ما أفاد الموقع الإلكتروني للسلطة القضائية، الخميس 13 أكتوبر (تشرين الأول)، في ظل احتجاجات تشهدها البلاد منذ زهاء شهر في أعقاب وفاة مهسا أميني.

واندلعت منذ 16 سبتمبر (أيلول) احتجاجات تلت وفاة الشابة الكردية أميني (22 عاماً) بعد ثلاثة أيام من توقيفها من قبل شرطة الأخلاق لعدم التزامها القواعد الصارمة للباس. وقضى العشرات على هامش هذه الاحتجاجات بينهم عناصر من قوات الأمن، بينما أعلنت السلطات توقيف المئات لضلوعهم في "أعمال شغب".

وأورد موقع "ميزان أونلاين" التابع للسلطة القضائية، إن رئيسها غلام حسين محسني إجئي، "أعطى توجيهاته للقضاة بتفادي تبسيط المسألة وإبداء تعاطف غير مبرر وإصدار عقوبات مخففة للعناصر الأساسين لأعمال الشغب هذه". ورأى أن عقوبات مخففة بحق هؤلاء هي "ظلم بحق الشعب والمستقبل".

إلا أن رئيس السلطة القضائية شدد على ضرورة إبداء ليونة بحق من يشاركون في الاحتجاجات من دون إثارة أعمال شغب. وأوضح، "يجب أن تتم مراعاة بعض مراحل التساهل مع الناس الذين يمكن إدراجهم ضمن العناصر الأقل ذنباً".

وأشار إلى أن ذلك يشمل "الإفراج عنهم إلى حين بدء إجراءات المحكمة"، وإصدار أحكام مخففة "في حال أبدوا (خلال الإفراج) ندمهم"، مؤكداً أنه "في حال أظهروا سلوكاً حسناً وبات مؤكداً أنهم لن يرتكبوا جريمتهم مجدداً (بعد صدور الحكم بحقهم)، سيتم إبداء تساهل قضائي إضافي معهم".

وكان القضاء الإيراني وجه الأربعاء اتهامات إلى أكثر من 100 شخص من "مثيري الشغب" على خلفية الاحتجاجات، وذلك فقط في طهران ومحافظة هرمزكان الجنوبية، وفق "ميزان أونلاين".

وعكس محسني إجئي في تصريحاته الخميس، موقفاً مماثلا للمرشد الأعلى لإيران علي خامنئي بشأن دور "العدو" في "أعمال الشغب". وقال، "بلا أدنى شك، أحداث كهذه حيث يمكن فيها رؤية يد الأعداء خلف الكواليس، لا يجب أن توقفنا عن المضي قدماً والتقدم في مجالات مختلفة".

اتهام الأميركيين

اتهم اليوم الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي الولايات المتحدة باتباع سياسة "زعزعة استقرار" تجاه إيران. قال رئيسي "الآن بعد فشل الولايات المتحدة في العسكرة (ضد إيران) والعقوبات، لجأت واشنطن وحلفاؤها الى السياسة الفاشلة لزعزعة الاستقرار"، وذلك في كلمة خلال قمة دول مؤتمر التفاعل وإجراءات بناء الثقة في آسيا ("سيكا") التي تستضيفها كازاخستان، وفق ما نقل عنه موقع الرئاسة.

يأتي هذا الموقف بينما استمرت الاحتجاجات التي بدات شهر سبتمبر (أيلول) المنصرم، وأظهرت تقارير على مواقع التواصل الاجتماعي استمرار الإيرانيين في الاحتجاجات المناهضة للحكومة، الأربعاء 12 أكتوبر (تشرين الأول)، على رغم تزايد قتلى حملة القمع التي تنفذها الحكومة، في وقت وصف المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي التظاهرات بأنها "أعمال شغب متفرقة" خطط لها أعداء إيران.

حركات التحدي

وتحولت الاحتجاجات التي أشعلت شرارتها وفاة مهسا أميني (22 عاماً) على إثر احتجاز شرطة الأخلاق الإيرانية لها في 16 سبتمبر (أيلول) إلى واحدة من حركات التحدي الأجرأ التي تواجه القيادة الدينية منذ ثورة 1979.

وأظهر مقطع مصور 100 شخص على الأقل وهم يغلقون طريقاً في وسط طهران، وهتف المشاركون "بالمدفع أو الدبابة أو الألعاب النارية، يجب أن يسقط الملالي". وأظهر مقطع مصور آخر عشرات من رجال شرطة مكافحة الشغب منتشرين في أحد شوارع طهران حيث يشتعل حريق.

كذلك نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي إطلاق الغاز المسيل للدموع خلال احتجاج أمام نقابة المحامين في طهران، حيث هتف المتظاهرون الذين بدا أنهم بالعشرات "النساء، حرية، الحياة".

وفي مدينة بوكان، شمال غربي البلاد، أطلقت قوات الأمن النار على المتظاهرين ما أسفر عن إصابة 11 شخصاً، بحسب منظمة "هنجاو" لحقوق الإنسان التي أفادت أيضاً بوقوع إطلاق نار في مدينة كرمانشاه.

وفي سنندج، المدينة الرئيسة في إقليم كردستان حيث تنتمي أميني، قال متظاهر إنه تم إطلاق رصاص أيضاً، وأضاف "أصيب متظاهرون عدة. شرطة مكافحة الشغب في كل مكان".

حركة منسقة

وفي حركة منسقة على ما يبدو، دعت مجموعات ناشطة المحتجين إلى التجمع من وقت مبكر بعد الظهر، في كسر لنمط التظاهرات الليلية السائد منذ بدء الاضطرابات التي تجتاح إيران منذ ما يقرب من أربعة أسابيع.

وفي حين لا يعتقد المراقبون أن الاحتجاجات على وشك الإطاحة بالحكومة، إذ صمدت السلطات في مواجهة احتجاجات استمرت، ستة أشهر في عام 2009 على انتخابات متنازع على نتائجها، فقد أبرزت الاضطرابات خيبة الأمل المكبوتة بشأن الحريات والحقوق.

"شرطة الأخلاق"

ولامست وفاة أميني وتراً حساساً، ما أدى إلى نزول أعداد كبيرة من الإيرانيين إلى الشوارع، حيث عبر المحتجون عن غضبهم من القسوة الشديدة لـ"شرطة الأخلاق"، وقالوا إنه كان من الممكن أن تكون والدة أو شقيقة أو ابنة أي شخص في مكان الضحية.

وقالت منظمة "هنجاو"، ومقرها النرويج، إن عدد القتلى ارتفع إلى 201 على الأقل من المدنيين خلال الاضطرابات بينهم 23 قاصراً. وقدر التقرير السابق للمنظمة الصادر، في الثامن من أكتوبر، عدد القتلى بنحو 185 شخصاً. وقالت السلطات إن نحو 20 فرداً من قوات الأمن قتلوا. وتقول إيران إن خصومها، ومن بينهم الولايات المتحدة، يقفون وراء إثارة الاضطرابات.

وتأتي الاضطرابات وسط معاناة عامة الشعب في إيران، حيث أثارت التدخلات باهظة التكلفة في حروب مثل ما يجري في سوريا انتقادات في السنوات الأخيرة. ولا يزال الاقتصاد يعاني من سوء الإدارة ومن تشديد العقوبات الغربية بسبب برنامج إيران النووي، ما يجعل طهران أقرب ما يكون إلى روسيا والصين.

"نقف إلى جانب" المتظاهرين

ومع استمرار موجة الاحتجاجات في هذا البلد التي تواجه بقمع شديد، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن فرنسا تقف "إلى جانب" المتظاهرين في إيران. ورداً على سؤال خلال مقابلة على قناة "فرانس 2"، أبدى ماكرون "إعجابه" بـ"النساء والشباب" الذين يتظاهرون منذ وفاة الشابة أميني بعد ثلاثة أيام من اعتقالها لدى "شرطة الأخلاق" في طهران، معتبراً أن هؤلاء المتظاهرين يحملون "الطابع الكوني لقيمنا"، وشدد على "أننا نقف إلى جانب النساء والرجال الذين يناضلون من أجل هذه القيم"، مؤكداً "الدفاع عما يحصل في إيران ودعمه"، وقال "في شكل واضح جداً، إن فرنسا تدين القمع الذي يمارسه النظام الإيراني اليوم"، كذلك، وصف الفرنسيين الخمسة المعتقلين في إيران بأنهم "رهائن".

المزيد من الشرق الأوسط