Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فلسطين... ثقافة المجتمع تقيد كرة القدم النسوية

التقاليد عائق أمام مشاركة الفتيات في اللعبة والوصول لدرجات عالية من الاحترافية

"انضممت لكرة القدم، لأكون لاعبة محترفة في الدوري، ولأثبت أنها ليست للذكور فقط"، تقول طيبة مراد أبو زيد (13 سنة) التي تتدرب حالياً في أكاديمية للفتيات في محافظة رام الله والبيرة، وتنتظر العام المقبل حتى يكون بإمكانها الانضمام للمنتخب النسوي، واللعب على مستويات أعلى والمشاركة في بطولات دولية، وطيبة هي واحدة من مجموعة فتيات يتدربن على كرة القدم في أندية مدرسية عدة أو مؤسساتية من أجل المشاركة في دوريات محلية، ثم يختار الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم منهن لاحقاً من يمكنها الانضمام للمنتخبات الفلسطينية النسوية، ولكن من لحظة الانضمام للأندية وحتى الوصول للمنتخبات واللعب على صعيد دولي، فإن صعوبات كثيرة تنتظرهن.

تهميش كبير للاعبات المنتخب

ديما يوسف، وهي لاعبة في المنتخب العام لكرة القدم، ومدربة فريق في أكاديمية للفتيات، وحاملة لشهادة الدرجة الثالثة في التدريب من الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، ترى أن الرياضة النسوية وخصوصاً كرة القدم في فلسطين تواجه العديد من المشاكل تتمثل في سياسة التهميش التي تعاني منها اللاعبات الأكبر عمراً في المنتخب، ما يدفع الكثير منهن للاعتزال بدل الاستمرار للوصول للاحتراف عند سن 26 سنة، كما هي الحال عند الذكور، ومن ذلك ما يحدث حالياً في الدوري النسوي الحالي كما توضح ديما، إذ يجري استثناء مشاركة الفتيات اللواتي تجاوزن 18 سنة، إلا ضمن ضوابط معينة، مضيفة أن المنتخبات النسوية تواجه أيضاً مشكلة الإهمال الرسمي ما ينعكس على أدائها، فعلى الرغم من قلة عدد الأندية إلا أن هناك سوءاً في التنظيم واتباع اللوائح، هذا عدا عن مشكلة الالتزام بالتدريبات وكثافتها، وإعطاء الأولوية للرجال للتدرب في الملاعب التي هي في الأساس أعدادها قليلة نسبياً.

وكانت ديما بدأت مسيرتها في كرة القدم من الحي الذي انتقلت إليه في سنها الخامسة، وآنذاك لم تكن هناك فتيات تلعب معهن، فبدأت مع فرق الأولاد في أزقة الحي، وبعد ثماني سنوات انضمت إلى نادٍ نسوي وبدأت اللعب معه حتى اليوم، وشاركت بعد ذلك في مجموعة من البطولات كغرب آسيا بأربع نسخ مختلفة، وتصفيات كأس آسيا، إضافة إلى العديد من المباريات الودية مع منتخبات اليابان والأردن وغيرها.

العادات والتقاليد تقف أمام الكرة النسوية

وعن ثقافة المجتمع تقول ديما، إن كلام الناس وعدم تقبل البعض لهذا الأمر بات أمراً عادياً في حياتها، فهي لا تلعب من أجل الاحتراف بسبب إصابات تعرضت لها سابقاً أثناء اللعب، إضافة إلى عمرها، ولكنها تسعى لتغيير الثقافة السائدة وإعداد جيل الفتيات الصغيرات، ومساعدتهن لتحقيق طموحاتهن في هذه الرياضة وتغيير جزء من عادات المجتمع ونظرته.

أما رماح محمود وهي الآن المديرة الفنية للدائرة النسوية في الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، فكانت من أوائل الفتيات اللواتي لعبن في المنتخبات الفلسطينية النسوية، وعن ذلك تقول إنها ورفيقاتها بدأن التدريب عام 2010، أسوة بفريق الذكور في الملعب المجاور، ثم طلبن من الاتحاد حضور الدوري النسوي الخماسي، ليطورن لاحقاً من أدائهن، وتكون هي لاعبة في نادي العيساوية بالقدس، والمنتخب الفلسطيني لكرة القدم، ثم تنتقل لصف المدربات، بعد حضور تدريبات في الصين، وتؤسس هي ووالدها أكاديمية للفتيات في القدس.

لم تكن بداية رماح ورفيقاتها وردية، فتقبل الناس هذه اللعبة كان صعباً في البداية نظراً للانتقادات الكثيرة الموجهة لممارسات هذه الرياضة من الإناث، بحجة أنها تخالف العادات والتقاليد، هذا عدا عن الأسباب التي قد تدفع الفتيات للانقطاع عنها، إذ تقول رماح إن التدريبات غير منتظمة، بسبب الدراسة سواء المدرسية أو الجامعية، والغياب المتكرر في فترة الامتحانات، ثم السعي لإيجاد فرصة عمل بعد الجامعة أو أثناءها لأن اللعب ضمن هذه الأندية لا يوفر دخلاً لهن.

المجتمع وإسرائيل عوائق أمام الاحتراف

في فلسطين هناك أربعة منتخبات نسوية: واحد لمن هن دون 14 سنة، وآخر لـ 16 سنة، والثالث لـ 19، أما الأخير فهو المنتخب العام، إضافة إلى 22 نادياً نسوياً مسجلاً بشكل رسمي، وبحسب ما أوضحت مشرفة الدائرة النسوية في الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم سعاد علقم لـ "اندبندنت عربية"، فإن أول منتخب نسوي تشكل عام 2008، وشارك في مباراة ودية مع نظيره الأردني كانطلاقة للكرة النسوية في فلسطين، ثم انتقل للمشاركة في جميع بطولات الاتحاد الآسيوي، والفيفا وغرب آسيا الإقليمية وبطولات أخرى على الصعيد الدولي.

تقول علقم إن المنتخبات النسوية لم تصل للاحتراف حتى الآن لأسباب عدة تتمثل في الثقافة السائدة والعادات والتقاليد، وتوجه الفتيات للزواج عند سنّ 26 أو27، وهو ما يعيق مسيرة الكرة في فلسطين، وتضيف أن منع إسرائيل اللاعبات الفلسطينيات اللواتي يعشن خارج فلسطين من الدخول يؤثر في تطور الرياضة، هذا عدا عن منع العديد من الفرق من دخول فلسطين، ما يدفع الفرق للعب على أرض غير ملاعبها، ما قد يؤثر سلباً لاختلاف طبيعة المكان والمناخ.

سجل زاخر بالأهداف

وعلى الرغم من الصعوبات والمعوقات، إلا أن اللاعبات في فلسطين كان لهن سجل تهديف مليء بالإنجازات، فكلودي سلامة وهي لاعبة سابقة في المنتخب، كانت أفضل هدافة آنذاك، أما في الوقت الحالي فهناك كارولين صاهجيان وفي سجلها 28 هدفاً، في حين تتصدر الدوري الخماسي تحت سن 14 سنة اللاعبة ميرال قسيس بـ45 هدفاً تقريباً.

المزيد من تحقيقات ومطولات