Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قانون الانتخابات التونسي: فوضى تشريعية أم تصد لبيع الذمم؟

يشكك المعارضون في نزاهة العملية الانتخابية ومؤيدون: التعديلات تقضي على المال الفاسد

الرئيس التونسي أعلن تعديل القانون الانتخابي للمرة الثانية على التوالي في أقل من شهرين (أ ف ب)

أحدث قرار الرئيس التونسي قيس سعيد بتعديل القانون الانتخابي انقساماً في الساحة السياسية بين مرحب به لوضع حد للتلاعب بالتزكيات، ورافض على اعتبار أن أي تعديلات في فترة الانتخابات تخالف المعايير الدولية.

وأعلن سعيد تعديل القانون الانتخابي للمرة الثانية على التوالي في أقل من شهرين، خلال استقباله رئيسة الحكومة نجلاء بودن، الجمعة السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2022، وذلك قبل أسابيع من موعد الانتخابات التشريعية، المقررة في 17 ديسمبر (كانون الأول) 2022، التي ستفرز أول برلمان بعد 25 يوليو (تموز) 2021.

وبرر الرئيس التونسي تعديل المرسوم المتعلق بالانتخابات التشريعية بـ"وضع حد للتلاعب بالتزكيات التي يفرضها القانون الانتخابي على كل مرشح، وهي تجميع 400 تزكية، بينهم 200 امرأة و200 رجل، على ألا تقل نسبة الشباب عن 25 في المئة".

وأكد سعيد في بيان نشرته رئاسة الجمهورية ضرورة "تطبيق القانون على الجميع على قدم المساواة، ووضع حد لظاهرة المال الفاسد، وتعديل المرسوم المتعلق بالانتخابات، بخاصة بعد أن تبين أن عدداً من أعضاء المجالس المحلية لم يقوموا بالدور الموكول إليهم قانوناً، وصارت التزكيات سوقاً تباع فيها الذمم وتشترى"، وفق البيان.

وكان سعيد أصدر في سبتمبر (أيلول) الماضي مرسوماً لتنقيح القانون الانتخابي يتضمن نظام اقتراع على الأفراد بدل القائمات، للمرة الأولى في تاريخ تونس.

مخالفة للمعايير الدولية

وتعتبر المنظمات الناشطة في المجال الانتخابي، أن تعديل القانون الانتخابي في فترة الانتخابات من شأنه أن يمس نزاهة العملية الانتخابية وشفافيتها.

واعتبر رئيس الجمعية التونسية من أجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات، بسام معطر، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، تعديل القانون الانتخابي "مخالفاً للمعايير الدولية المتعارف عليها، علاوة على أنه يشكل مساساً بمبادئ النزاهة والشفافية والديمقراطية للعملية الانتخابية".

وقال معطر، "الرئيس التونسي اختار منذ البداية مساراً انفرادياً لا تشاركياً، ونحن الآن نجني تبعات المنحى الانفرادي"، مشيراً إلى أن "تبريرات تنقيح القانون الانتخابي تبدو في جزء منها مفتعلة، والغاية منها إقصاء فئة أخرى من التونسيين لهم حق الترشح وهم أعضاء المجالس البلدية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف، "التزكيات إجراء صعب التحقيق لأن الإدارة التونسية ستجد نفسها أمام عدد كبير من المزكين، كما يواجه المرشحون صعوبة في تجميع التزكيات، وهو ما فتح الباب أمام المال السياسي الفاسد"، بحسب تعبيره.

وحذر معطر من أن "المناخ السياسي العام يتسم بالانقسام، وهو ما سيفرز عزوفاً كبيراً من التونسيين عن العملية الانتخابية، علاوة على أن القانون الانتخابي الجديد غير مفهوم بالنسبة إلى الناخب"، داعياً إلى "ضمان تكافؤ الفرص بين جميع التونسيين في المشاركة في العملية السياسية"، في إشارة إلى إمكان إقصاء رؤساء البلديات من المشاركة في الانتخابات، في التعديل الجديد للقانون الانتخابي.

فوضى تشريعية

من جهته قال "الحزب الجمهوري" المعارض لمسار رئيس الجمهورية، في بيان، إن "قرار الرئيس قيس سعيد بتعديل القانون الانتخابي للمرة الثانية يعد إيذاناً بدخول الدولة مرحلة الفوضى التشريعية".

وأضاف أن "اللجوء إلى تعديل القانون الانتخابي في هذا الظرف بالذات هو إقرار من قبل سلطة الأمر الواقع بإخفاق خياراتها، وهو عنوان لتخبطها السياسي وترسيخ حكم فردي لا تقيده القوانين". بحسب البيان.

وتابع "السلطة اضطرت إلى الإعلان مرة أخرى عزمها تغيير قواعد المنافسة الانتخابية، بعد دخول البلاد رسمياً الفترة الانتخابية وبدء المرشحين المفترضين في تجميع التزكيات في مناخ طغى فيه الحديث عن تفشي الفساد المالي، وتنامي ظاهرة اللوبيات المحلية على حساب الرؤى والبرامج".

وجدد الحزب مقاطعته للانتخابات التي وصفها بـ"المهزلة"، داعياً كل الديمقراطيين إلى "تنسيق الجهود وتوحيدها لفرض العودة إلى مسار دستوري وديمقراطي".

مرحلة استثنائية

في المقابل يعتبر سرحان الناصري، رئيس حزب "التحالف من أجل تونس"، أن "تونس في مرحلة إصلاح ومرحلة انتقالية استثنائية، وبما أن رئيس الجمهورية هو من صاغ القانون الانتخابي بمفرده من دون التشاور مع الأطراف السياسية، وهو ما أفرز قانوناً به إخلالات وأخطاء، لذلك وجب التعديل لإنجاح الانتخابات والمرحلة المقبلة".

 ورحب الناصري بأي تعديل يجريه الرئيس التونسي، من أجل "القضاء على المال الفاسد ووضع حد لعمليات البيع والشراء لذمم التونسيين في سوق التزكيات، من أجل انتخاب برلمان يليق بصورة تونس، ويمثل الشعب التونسي".

ورفض رئيس حزب "التحالف من أجل تونس"، ما صرحت به الأحزاب المعارضة حول تعديل القانون الانتخابي، معتبراً أنها "أحزاب تاجرت بالبرلمانات السابقة، وأوصلت تونس إلى الأزمة الراهنة".

وكان المتحدث الرسمي باسم هيئة الانتخابات محمد التليلي منصري اعتبر في تصريح خاص، أن "الهيئة ملتزمة بتنفيذ ما جاء في قانون الانتخابات، وتعمل على تنفيذ الرزنامة التي أعلنتها للرأي العام"، مستبعداً "تنقيح القانون الانتخابي أثناء تنفيذ الرزنامة الانتخابية".

المزيد من تقارير