Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حراك الربع ساعة الأخير قبل ولادة الحكومة اللبنانية

تجاذب بشأن وزارة الإعلام والوزير السُني المعارض للحريري وغداء لأكثر من ثلاث ساعات بين الرئيس المكلف وباسيل

الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري أعرب عن أمله بأن يتم الانتهاء من تشكيل حكومة وحدة وطنية بعد أكثر من سبعة أشهر من الخلافات السياسية

يستعد لبنان لولادة الحكومة الثانية منذ انتخاب رئيس الجمهورية ميشال عون. وفي الربع الساعة الأخير لا تزال التجاذبات بشأن إسم الوزير الذي سيمثل بعض النواب السُنة المعارضين لرئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، وبشأن حقيبة وزارة الإعلام التي لم تجد فريقًا سياسيًا يرضى بها!
الحكومة اللبنانية العتيدة على قاب قوسين او أدنى من تأليفها بعد مضيّ ما لا يقل عن سبعة أشهر من السجالات وتداخل العوامل الداخلية بالخارجية وتمترس الأطراف اللبنانيين، كلّ، بعدد معيّن من الحقائب تبعا لما أفرزته الانتخابات النيابية من نتائج وأحجام موزعة بين الطوائف والأحزاب اللبنانية.
وفي جديد المواقف، شدد رئيس الجمهورية اللبناني العماد ميشال عون على أن تشكيل الحكومة بات أسرع من المتوقع، موضحا - خلال استقباله في قصر بعبدا وفدا برلمانيا فرنسيا ووفد المنظمة الانكليزية العربية - أن "هذا التشكيل يتطلّب في لبنان بعض الوقت لأن النظام اللبناني توافقي ويوجب إشراك الجميع في حكومة الوحدة الوطنية العتيدة"، مشددا على "أن مسار الإصلاح سيكتمل، بعد إقرار عدد من القوانين الضرورية، و"أن المشاريع الكبرى التي اعتمدتها خطة النهوض الاقتصادي سيتم الانطلاق بها فور تشكيل الحكومة.

 

بدء حلحلة العقد

أما الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري أعرب عن أمله بأن يتم الانتهاء من تشكيل حكومة وحدة وطنية الجمعة بعد أكثر من سبعة أشهر من الخلافات السياسية بشأن حقائب وزارية.
وعلى خط الحراك السياسي لفت عصر الجمعة اجتماع بين الرئيس المكلف سعد الحريري ورئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل دام ثلاث ساعات ونصف الساعة غادر بعدها باسيل من دون الإدلاء بأي تصريح.
 وعلمت "الاندبندنت عربية" أن محور الاجتماع تركز على وزارة الإعلام التي رفض الحزب التقدمي الاشتراكي وحركة "أمل" أن تكون من حصتهما، كذلك تطرق اللقاء إلى مسألة الوزير السني، فيما إذا يكون من ضمن حصة رئيس الجمهورية، أم سيشارك في اجتماعات "اللقاء التشاوري" الذي يعارض الحريري.
 

حل العقدة الدرزية

والاتفاق المنجز لتشكيل الحكومة سبقته أشهر عدة من العقد، ومن اللحظة الأولى لتكليف الرئيس الحريري رئيس الحكومة السابق تشكيل الحكومة العتيدة بدأت هذه العقد بالتوالي، بدءا مما عرف بـ"العقدة الدرزية" إذ أن تمثيل الطائفة الدرزية في لبنان يعود بالسواد الأعظم لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط.
 لكنّ هذا الأمر لم يسر كما تشتهي سفن الاشتراكي، ففي الأسابيع الأولى التي تلت تكليف  الحريري تشكيل الحكومة، كانت العقدة الدرزية التي تعيق عمليّة التشكيل تنحصر فقط بمسألة توزير رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان، ويومها كان رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل - وهو صهر رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون - يصر على تمثيل أرسلان انطلاقاً من أن لائحة تحالف التيار الوطني الحر التي يرأسها مع الحزب الديمقراطي برئاسة الوزير طلال أرسلان، حصدت في دائرة الشوف عاليه (أحد أقضية جبل لبنان) 4 مقاعد نيابية.
فيومها كان الحزب التقدمي الاشتراكي برئاسة النائب السابق وليد جنبلاط - ولا يزال حتى اليوم - يرفض توزير "ألأمير طلال أرسلان " انطلاقاً من مبدأ احترام نتائج الانتخابات التي يرى جنبلاط أنها أعطته فوزاً كاسحاً بكل المقاعد النيابية الدرزية باستثناء مقعد أرسلان الذي ترك شاغراً على لائحة تحالف الاشتراكي – القوات - تيار المستقبل، وحتى فوز عضو كتلة التحرير والتنمية النائب أنور الخليل، يعتبر الاشتراكيون أنهم شركاء فيه لأنهم كانوا من الداعمين له حتى لو أنه لا ينتمي إلى الحزب التقدمي الاشتراكي.
إلا أن هذه العقدة، أي العقدة الدرزية، حلّت بالاتفاق على أن يختار رئيس الجمهورية إسما من لائحتين إحداها قدمها الوزير طلال أرسلان والثانية قدمها جنبلاط.

حل العقدة المسيحية

وتلا العقدة الدرزية ما سمي لاحقا بـ"العقدة المسيحية" والتي تمثلت بمطالبة القوات اللبنانية التي يرأسها الدكتور سمير جعجع بعدد من الحقائب كما ونوعا بحسب ما حصده حزب القوات من عدد نواب في الانتخابات النيابية التي تمّت أخيرا، إلى أن رست بوصلة عدد وزراء القوات اللبنانية على أربعة وزراء موزعة بين نيابة رئاسة الحكومة ووزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة العمل ووزارة الثقافة، فيما كانت تطالب القوات بخمسة وزاء وبحقائب أكثر وزنا وثقلا وأهمية بالقاموس اللبناني.
وما إن حلّت العقدتان المسيحية والدرزية وصعد الرئيس المكلف إلى قصر بعبدا مقر رئاسة الجمهورية لتسليم التشكيلة الحكومية إلى رئيس الجمهورية، حتى رفض "حزب الله" إعطاء أسماء وزرائه بحجة أنه متمسك بحلفائه وهم نواب ما عرف بـ"اللقاء التشاوري" أو نواب "سنة 8 آذار" الذي اعتبروا أن لهم تمثيلا شعبيا وازنا وأن الرئيس المكلف لا يمثل وحده الطائفة السنية في لبنان، ومع هذه العقدة المستجدة أو التي ظهرت فور الإعلان عن حلّ العقدة المسيحية، عادت الأمور إلى مراوحتها السلبية إذ تارة رفض الرئيس الحريري ليس فقط توزير أحد هؤلاء النواب إنما حتى استقبالهم، وبدأت الوساطات ولا سيما من قبل الوزير جبران باسيل ورئيس الجمهورية وحتى الرئيس بري وآخرها وساطة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم إذ صعد الدخان الأبيض بعدها واتفق هؤلاء النواب على تسمية وزير يمثلّهم دون أن يكون من ضمنهم، وهكذا كان مع تشديد نواب اللقاء على أن الوزير الذي سيختارونه سيكون ممثلا حصريا للقاء التشاوري في كل الظروف، أي أنه لن يكون ممثلا عنهم ومن فريق رئيس الجمهورية كما كان متداولا سابقا.

 

 ولادة عسيرة

والنتيجة أن الحكومة ستولد في الساعات القليلة المقبلة بين اليوم الجمعة أو غدا السبت، فنواب اللقاء التشاوري سيقومون بزيارة رئيس الجمهورية راعي هذا الاتفاق، وهو الذي قام بالتنازل عن أحد وزرائه السنة لصالحهم، وهو أمر كان يعتبره فريق رئيس الجمهورية ومعه التيار الوطني الحر وهو تيار رئيس الجمهورية أيضا أن لهم حقا تمثيليا يفوّضهم الحصول على أحد عشر وزيرا أي الثلث المعطِّل أو الضامن في الحكومة اللبنانية المؤلفة من 30 وزيرا.
 وبذلك، ومع تنازل الرئيس عون عن أحد وزرائه السنة لمصلحة الفريق السني المناوئ للرئيس المكلف باتت الحكومة موزعة بالتساوي بين مختلف الفرقاء ، أي لا إمكانية لأحد بتعطيل أي مشروع أو تجميد عمل الحكومة رغم أن تكوين الحكومة أتى نتيجة النظام النسبي في بلد توافقي ديمقراطي ما يعني أن الأمور تعالج بالتوافق الطائفي بنسبة كبير.

تحديات اقتصادية 

ومعلوم انه نتيجة هذا التأزم السياسي والانحدار الاقتصادي، خفّضت وكالة "موديز" للتصنيفات الائتمانية نظرتها المستقبلية للبنان، من مستقرة إلى سلبية، وبني هذا التصنيف على معطيات لا تقل سلبية عن المعطيات والمؤشرات التي قد تدفع الوكالة نفسها، أو غيرها من وكالات التصنيف العالمية، إلى خفض تصنيف لبنان الإئتماني في الأشهر المقبلة، فيما لو استمر الحال على ما هو عليه اليوم.
وهكذا، فإن الحكومة اللبنانية العتيدة ستولد، ومعها تحديات اجتماعية وبيئية واقتصادية شديدة الخطورة، فضلا عن الاستفادة من مقررات مؤتمر "سيدر" الذي سيوفر للبنان قروضا وهبات بما لا يقل عن أحد عشر مليار دولار أميركي، لكن هذه الاستفادة لن تتحقق بغياب تشكيل الحكومة، فضلا عن تحدي أزمة النازحين السوريين وما تشكله من تبعات خطيرة على لبنان.
والسؤال هو: هل سيكون تشكيل الحكومة بداية حلّ ام مدخلا لأزمات تهدد لبنان، أمنيا وسياسيا واقتصاديا وتمهّد لمؤتمر تأسيسي جديد يعيد توزيع أدوار الطوائف في لبنان؟

المزيد من الشرق الأوسط