Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"صدمة صبراتة" تهز الشارع الليبي وتعيد للواجهة ملف المهاجرين

مقتل هؤلاء جاء بعد نشوب شجار بين مهربي البشر ودعوات أممية إلى فتح تحقيق سريع ومستقل

صورة من الأرشيف لجثة مهاجر غير شرعي في صبراتة الليبية (أف ب)

لا تزال الصدمة تسيطر على ليبيا التي استهل أهلها أسبوعهم الحالي بخبر محزن جديد، بعد انتشال قارب في صبراتة غرب طرابلس على متنه 15 جثة متفحمة، لمهاجرين قتلوا بدم بارد على يد أحد المهربين بعد شجار مع مهرب منافس له، بحسب الأخبار المتواترة التي تنتظر التأكيد بعد استكمال التحقيقات الرسمية.

وأثارت الجريمة ردود فعل محلية ودولية غاضبة كثيرة، وطالبت حكومة الوحدة في طرابلس بإجراء تحقيق سريع وشفاف يفضي إلى جر المتسببين في هذه الواقعة المؤسفة إلى العدالة لمحاكمتهم.

كما فتحت الحادثة من جديد الملف الأسود للمهاجرين غير القانونيين الذين يتدفقون من سواحل ليبيا إلى أوروبا بالآلاف سنوياً، والانتهاكات التي ترتكب بحقهم أثناء رحلتهم أو في مراكز الاحتجاز، إذا تعثرت مغامرتهم وانتهى بها الحال في هذه المراكز سيئة السمعة.

فتح تحقيق رسمي

وأعلن المتحدث باسم وزارة الداخلية عبدالمنعم العربي فتح تحقيق في حادثة مقتل المهاجرين في مدينة صبراتة، مؤكداً "ضبط مديرية الأمن في المدينة خمسة أشخاص يحملون الجنسية الإثيوبية، يعتقد أن لديهم معلومات عن ملابسات الحادثة، ويجري استكمال التحقيقات معهم في شأن هذه القضية".

وأوضح أن "من بين الناجين ستة مهاجرين يحملون الجنسية البنغالية تم إسعافهم من قبل الفرق الطبية، وأن وكيل وزارة الداخلية بشير الأمين وجه بإجراء التحقيق الفوري وتكليف عضو نيابة صبراتة بفتح التحقيقات".

استنكار محلي

واستنكرت بلدية صبراتة وحكماؤها ما جرى بحق المهاجرين قبالة سواحل المدينة، واصفين في بيان الحادثة بـ "الجريمة البشعة"، وطالبوا الجهات الأمنية بتحمل كامل المسؤولية وملاحقة الفاعلين.

بينما كشفت مصادر متطابقة أن مقتل هؤلاء المهاجرين جاء بعد نشوب شجار بين مهربي بشر، انتهى بإطلاق أحدهما الرصاص على 15 مهاجراً، وقتلهم داخل قارب للهجرة غير الشرعية ثم أضرم النيران في القارب.

فيما أعلن الهلال الأحمر الليبي بفرع صبراتة "انتشال 15 جثة بعضها متفحم لمهاجرين غير شرعيين بعد حرق قاربهم على شاطئ البحر".

وأوضح الهلال الأحمر أن "فرقه تحركت لمكان الحادثة عقب ورود بلاغ من السلطات المحلية بوجود قارب على متنه جثث متفحمة وجثث خارج القارب سليمة عددها 15".

وتقع مدينة صبراتة الساحلية على بعد 75 كيلومتراً غرب طرابلس، وتعتبر إحدى أهم النقاط لانطلاق قوارب المهاجرين نحو القارة الأوروبية في ليبيا.

وتشير تقارير كثيرة إلى نشاط عصابات محلية ودولية تمتهن الهجرة غير النظامية فيها عبر إعداد قوارب متهالكة في الغالب، يقومون من خلالها بنقل مهاجرين معظمهم من دول أفريقية إلى الشواطئ الأوروبية المقابلة لليبيا، قليل منها يصل إلى وجهته.

تحريك دعوى عاجلة

في المقابل طالبت رئيسة لجنة سياسات الهجرة في مجلس النواب ربيعة أبوراس، النائب العام بتحريك دعوى عاجلة في حادثة قتل المهاجرين غير الشرعيين في مدينة صبراتة.

ودعت أبوراس النائب العام إلى "ضرورة الكشف عن المتسببين في جريمة صبراتة البشعة التي لا تمثل أخلاق الشعب الليبي"، مطالبة "الشركاء الدوليين بالتعاون في مراقبة الحدود المشتركة مع ليبيا في البر والبحر، ومحاربة عصابات تهريب البشر في أفريقيا وليبيا وأوروبا".

واعتبر المرشح الرئاسي فضيل الأمين أن "مقتل 15 مهاجراً وطالب لجوء في صبراتة، إشارة إلى خطر المهربين المجرمين الذين يستفيدون من الاتجار بالبشر".

وقال الأمين في تغريدة عبر "تويتر"، "المشهد المروع يتحدث أيضاً عن غياب القانون والنظام في ليبيا".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إدانات دولية

من جانبها، دانت الأمم المتحدة والولايات المتحدة وبريطانيا بشدة الحادثة التي وصفته البعثة الأممية في ليبيا بـ "حادثة القتل الشنيعة".

ودعت البعثة في بيان لها السلطات الليبية إلى "ضمان إجراء تحقيق سريع ومستقل وشفاف لتقديم جميع الجناة إلى العدالة، خصوصاً أنه لم يتم الإفصاح عن تفاصيل الحادثة بعد"، مشيرة إلى "ورود معلومات تؤكد أن عملية القتل نتجت من اشتباكات مسلحة بين المتاجرين بالبشر المتنافسين".

واعتبرت البعثة أن "هذا الهجوم تذكير صارخ بضعف الحماية الذي يواجهه المهاجرون وطالبو اللجوء في ليبيا، والانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان التي ترتكبها شبكات تهريب وشبكات إجرامية تحتاج إلى وقف سريع ومقاضاة المتسببين فيها".

وفي وقت أيدت السفارة البريطانية في ليبيا بيان البعثة الدولية، دعت السفارة الأميركية في طرابلس "السلطات الليبية إلى التحقيق بسرعة في هذا الهجوم المروع، ومحاكمة المجرمين المتورطين، وكذلك تكثيف الجهود لمكافحة الاتجار بالبشر إلى أقصى حد".

نقد الشركاء الأوروبيين

وجاءت هذه الجريمة التي اتفق كل الليبيين على وصفها بالبشعة"، في وقت يتوقع أن يتفاقم ملف المهاجرين في البلاد مع وصول اليمين المتطرف إلى سدة الحكم في إيطاليا، الشريك الأبرز لليبيا في هذا الملف والأكثر تأثراً به، والذي يخشى معه المسؤولون الليبيون من أن ترفع روما يدها عن هذه القضية وترفض استقبال المهاجرين على أراضيها، وأن تعمل على إعادتهم للشواطئ الليبية.

هذه المخاوف والانتقادات لطريقة التعامل الأوروبي مع ملف الهجرة غير الشرعية عبّر عنها عضو المجلس الرئاسي موسى الكوني الذي وصف حادثة مقتل 15 مهاجراً وطالب لجوء في مدينة صبراتة بـ "المصاب الجلل والجريمة البشعة".

وأكد أن "هذه الجريمة البشعة لا يمكن أن نقبل بأي حال من الأحوال أن تحدث في ليبيا، وأن نتسامح مع هؤلاء المجرمين، وفي الوقت ذاته نحمّل الدول الأوروبية التي تعيد هؤلاء المهاجرين إلى ليبيا المسؤولية، وهم يعلمون الوضع الأمني في بلادنا".

وطالب الكوني تلك الدول بـ "عدم الزج بهؤلاء المهاجرين والدفع بهم نحو السواحل الليبية مرة أخرى"، كما دان الكوني "الإجراءات المتراخية التي تتخذها الدول المتاخمة للحدود الجنوبية لليبيا وتراقب اندفاع هؤلاء نحو بلادنا من دون أن تحرك ساكناً وهي تعلم بالوضع الأمني الهش في ليبيا".

وتابع، "نحمل تلك الدول المسؤولية ونطالبها بإقفال حدودها والكف عن إرسال المهاجرين بأعداد هائلة من دون أوراق ثبوتية، وهو الأمر الذي تسبب في أزمات داخل ليبيا سواء كانت بنقل الأمراض أو القيام ببعض الأعمال الإجرامية من أجل العبور إلى أوروبا".

وأشار إلى أن "ليبيا متضررة من عدم السيطرة على الحدود الجنوبية، وعليه ندعو المجتمع الدولي والاتحاد الأوروبي إلى توفير الإمكانات المتعلقة بتدريب حرس الحدود الصحراوية، وتوفير الإمكانات ودعمنا بالتقنيات الحديثة لتأمين الحدود، لنتمكن من حماية أراضينا وتخفيف الهجرة والحد من هذه الجرائم المروعة".

ودعا الكوني إلى "عقد اجتماع دولي أوروبي - أفريقي أو بمشاركة دول الجوار لوضع استراتيجية حقيقية قابلة للتنفيذ تعتمد على علاجات جذرية وناجحة لهذه المشكلة، لأن ليبيا هي الضحية الأولى لهذه الأزمة قبل الدول الأوروبية، ودفعت ثمناً غالياً بسبب هؤلاء المهاجرين وطالبي اللجوء، وتحتاج إلى تدريب مجموعات أمنية حتى تتمكن من القضاء على المجموعات الإجرامية المتاجرة بالبشر".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير