Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

من الشرير هانز غروبر إلى سنيب الساخر: الجاذبية اللانهائية لازدراء آلان ريكمان

مذكرات آلان ريكمان تنشر بعد سبعة أعوام من وفاته لتكشف عن أن نجم أفلام هاري بوتر و"داي هارد" كان شخصاً حازماً وجدياً للغاية ولا يتهاون في شأن عمله. ولكن ماذا لو كان أتيح له قدر أكبر من المرح؟

آلان ريكمان في عام 2015 (غيتي)

هناك مقابلة مع آلان ريكمان تعود إلى عام 1991، يمكنكم العثور عليها في "يوتيوب". في ذلك الوقت، كان ريكمان معروفاً بأدواره كتلك التي في فيلم "داي هارد" Die Hard بشخصية العقل المدبر الإجرامي هانز غروبر أو مأمور نوتنغهام المستبد في "روبن هود - أمير اللصوص"  Robin Hood: Prince of Thieves.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

"هل تحب لعب دور الأشرار؟" يسأله صحافي أميركي. يبدأ حينها الممثل بزم شفتيه. "بالطبع، كان ذلك ممتعاً". ثم يشرح بصبر أنه أدى أدواراً أخرى. يتابع الصحافي: "أنت لا تنوي الاستمرار في لعب دور هؤلاء المغالين في الشر في هوليوود"؟ يمكن افتراض أن ريكمان الآن يردد الشتائم في رأسه قبل أن يجيب قائلاً: "ربما لا "، لا يعتقد كممثل بأن هناك أي مكان آخر يمكن الذهاب إليه. يصبح الحديث أكثر متعة بمجرد أن تقرأ مذكراته المنشورة اليوم وهي تغطي حياته الشخصية وحياته المهنية منذ عام 1993 وحتى وفاته عام 2016. قلما غضب ريكمان من أي شيء بقدر ما أغضبته أسئلة صحافية تافهة، وربما يعود الأمر فقط إلى أن غروبر [الشخصية التي أداها ريكمان في فيلم داي هارد 1998]  كان من معجبي مجلة "تايم". 

لكن علامة الشرير تلك علقت به بالفعل. أي شخصيات ريكمان الشريرة أشد إيلاماً لكم؟ (طبعاً بالنسبة لي هي شخصية الزوج الخائن، الذي يهوى شراء الأقراص المضغوطة لـ جوني ميتشل في فيلم "الحب الحقيقي"  Love Actually). ربما من المثير للسخرية، بالنظر إلى أنه بدا حريصاً جداً على الهروب من تلك الشخصية أن انتهى المطاف بريكمان إلى أن تكون شخصية البروفيسور المزدري سيفيروس سنيب في هاري بوتر هي أكثر ما يذكر الجمهور به، أو ربما لأن الدور ناسبه.

كان سنيب الذي نطق برفق كلمات عن كيفية "خلب الألباب وسلب الحواس" بارداً ومستنكراً وغامضاً، كما اتضح، وليس مثلما بدا. لقد كان وغداً يتنكر في هيئة بطل. بدا ريكمان بصوته الحزين المميز ونظراته الثاقبة قاسياً من الخارج، ولكن بعد وفاته ظهرت قصص عن كرمه. "لقد أعطى المال لطلاب التمثيل". قالت النجمة جولييت ستيفنسن التي شاركته بطولة فيلم "بصدق، بجنون، بعمق" Truly, Madly, Deeply  بتأثر في برنامج نيوز نايت، مضيفة أن "الوسط الفني شعر بأنه "فقد عجلة القيادة في سيارته".

 تكتب إيما تومسون التي ظهر إلى جانبها في أفلام "العقل والعاطفة" Sense & Sensibility و "الحب الحقيقي" Love Actually وأخرجت فيلم "ضيف الشتاء" The Winter Guest، في مقدمة المذكرات، "كان فيه قدر من الحكمة، ولو امتلك قدراً أكبر من الثقة واستعداداً أكبر للفساد لكان من المحتمل أن يطلق دينه الخاص".

جلب حس ازدراء ريكمان سوء السمعة له، إلا أنه جعله محبوباً أيضاً. كانت خصلة تمكنت من عدم تنفير الناس، بل إنها في الواقع جذبتنا، ويبدو أنها دلت على إحساس بالتميز، إذ كانت الابتسامة التي تحصلت بشق الأنفس تلمح إلى شعور خاص بالمرح محكوم بعناية. كانت وفاته من سرطان البنكرياس غير متوقعة وصادمة، شعرت وكأن عموداً قد سقط. كان عمره 69 سنة ولكن رحيله بدا وكأنه قبل أوانه كما لو كان يجب أن يعيش أكثر من ذلك بكثير. كان هناك كثير ما زلنا نريد أن نعرفه عنه. إذاً فإن مذكراته تقدم لمحة لا تقاوم عن ذهن ممثل برع في لعب أدوار الرجال الكتومين.

 

لدينا غرابة أطواره، بالطبع، لكن مذكراته تكشف أيضاً عن شخص كان، وهذا مفاجئ، فراشة اجتماعية. كانت دائرة أصدقائه واسعة وانتقائية تضم روبي واكس ونيل كينوك وإدنا أوبراي، وبالطبع إيما تومسون. كان هو وزوجته ريما هورتون التي كتبت الكلمة الختامية للمذكرات، يستضيفان دائماً أشخاصاً على العشاء، وهي المناسبات التي بدا أنها تستمر أحياناً حتى الفجر. وغالباً ما يروي قصصاً عن الذهاب إلى المتاجر الفاخرة لشراء هدايا للناس. يبدو وكأنه كان صديقاً جيداً جداً. (أتمنى لو أنه كان صديقي، لكنه كان سيكرهني لأنني صحافية).

عدد من أحكامه قطعية بشكل غير متوقع، ولكن بعضها غير متوقع بشكل مبهج. كان فيلم "ماما ميا" Mamma Mia برأيه "ممتعاً، ولكن أمكن له أن يكون رائعاً لو أضيفت إلى مشاهده بعض تصاميم الرقص الحقيقي". يبدو أنه قضى آخر أشهره على الأريكة يشاهد مسلسل "لا تخبروا العروس" Don’t Tell the Bride  ومسلسل "قولي نعم للفستان" Say yes to the Dress .

تضج مذكراته بالحياة، لكنها أيضاً جعلتني حزينة جداً. بدا أن ريكمان لديه شعور بأنه يساء فهمه دوماً. أخذ عمله على محمل الجد بشكل لا يصدق وكان لا يحتمل ألا يفعل الآخرون ذلك. فهو يقول مثلاً عن تصوير فيلم "ميسمر" Mesmer عام 1993: "لا أعرف من هو المصيب أو المخطئ. أنا صعب، مزاجي، غير تواصلي، أما الآخرون فعاطفيون، مدفوعون بالتأثير وغير منضبطين".

لقد سعى إلى العظمة لدرجة أنه بدا مبالغاً جداً في بعض الأحيان، لطالما رفض كثيراً من المشاريع التي عرضت عليه. "عندما أفكر في كل كلمة نعم أو لا أو ربما التي قلتها في العام الماضي فإن عقلي يحتار. كل ما لدي هو غرائزي، لكنها مخففة بشكل مروع ويعاد توجيهها من خلال إعادة تخمين آراء الآخرين"، مثلما يقول في إحدى تدويناته. "أكتب إلى براين فريل – وقل لا لمسرحيته" عام 1994. وبعد بضعة أيام، في جملة أفزعتني، يقول: "في نهاية المطاف قراءة سيناريوهات فيلم  "إقناع" Persuasion وفيلم "جنون جورج." Madness of George. كلاهما لا." تخيل لو كان آلان ريكمان موجوداً في فيلم "إقناع"!

 

وغالباً ما فشلت المشاريع التي اختارها في تلبية التوقعات. فاز بجائزة إيمي للدور الرئيس في فيلم "راسبوتين: خادم القدر المظلم"  Rasputin: Dark Servant of Destiny، وهو فيلم عادة ما كان فيه على خلاف مع المخرج أولي إديل. بدا محرجاً نوعاً ما في خطاب جائزة بافتا عن فيلم روبن هود مصرحاً بأن الفوز "تذكير بأن البراعة ليست كل شيء". لم يكن مساوماً وربما كان عليه تقديم قدر أكبر من التنازلات. كانت أفلام هاري بوتر والحب الحقيقي وسويني تود والعقل والعاطفة من الأفلام البارزة، لكن ريكمان لم يكن النجم أبداً. فممثل محترم كهذا الممثل كان في قدر مدهش من الإخفاقات (الإنتاج المسرحي للمسرح الوطني الذي انتقد بشكل كبير في كل من مسرحيات أنطوني وكليوباترا وغامبيت والخادم والفوضى الصغيرة، التي أخرجها بنفسه) لم يفز أبداً بأوسكار. غير أنه لم يجد المشروع الصحيح أبداً، إذ لم يحصل بتاتاً على فيلمه الخاص من نوع أفلام خطاب الملك أو الساعة المظلمة أو حتى بادينغتون 2. تخيلوا لو كان آلان ريكمان في بادينغتون 2!

يبدو أن لا شيء كان أكثر أهمية لريكمان من المسعى لتقديم العمل العظيم. لقد أخذ تمثيله على محمل الجد بنحو كبير. هل على الممثلين "أن يكونوا دائماً محبوبين؟"، يتساءل متأسفاً في مرحلة ما. وحتى لو أنه اتخذ خيارات مختلفة وكان في أفلام أفضل فإن الجدية كانت في النهاية إرثه. الجدية وهانز غروبر بالطبع!

"بجنون، بعمق: يوميات آلان ريكمان" في المكتبات الآن

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من سينما