Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

موضة "التهكم" عبر "تيك توك" تجعل الزواج يبدو جحيما

هل المنصة مكانا مناسبا للتعبير عن الإحباط من الحياة الجنسية أو أسوأ عادات الشريك؟

تقول مستشارة العلاقات ناتاشا سيلفرمان إن بعضهم يلجأ إلى مواقع التواصل الاجتماعي للبحث عن الدعم والإحساس بالقيمة  (تيك توك)

في مقطع مصور قصير، نرى امرأة تدخل إلى مطبخ منزلها وتبدو راضية تماماً. إلى أن تلقي نظرة حولها، فتدرك أن شيئاً ما لا يبدو على ما يرام. ها هو زوجها، لعنة حياتها، قد ترك أبواب الخزائن مفتوحة مرة أخرى. يا لها من فوضى!

بات هذا الجدال شائعاً جداً لدرجة أن أغنية "سأترك الباب مفتوحاً" Leave the Door Open لـ برونو مارس Bruno Mars انتشرت مثل النار في الهشيم عبر منصة "تيك توك" العام الماضي بسبب الزوجات المنزعجات. نشرت النساء مقاطع فيديو بأعداد كبيرة، يفتحن فيها بطريقة درامية أبواب جميع الخزائن والدروج في المنزل بينما يغنين "سأترك الباب مفتوحاً/ سأترك الباب مفتوحاً يا فتاتي"، مرفقة بهاشتاغ "فكاهة الحياة الزوجية" #marriedlifehumour.

يستفيد هذا النوع من المحتوى الذي يركز على الفكاهة الزوجية بسخريته من المضايقات البسيطة للعيش معاً على المدى الطويل، من وجود مواضيع لا تنتهي على ما يبدو. الجوارب المتسخة المرمية عشوائياً بجوار سلة الغسيل التي لا تشوبها شائبة، الواجبات غير المنجزة والمهملة بسبب التشتت، الصراعات الصامتة على مسؤولية إخراج القمامة. أثبت هذا النوع من المحتوى أن له شعبية كبيرة وكثيرين يرون انه انعكاس [ يمثل أصداء تتردد في] حياتهم لدرجة أن هاشتاغ "فكاهة الحياة الزوجية" حصل على ثلاثة مليارات مشاهدة على "تيك توك"، مع قيام الأزواج بنشر آلاف مقاطع الفيديو التي يستهدف فيها بعضهم بعضاً. في كثير من الأحيان، لا تدور هذه المقاطع حول الحب (هناك هاشتاغ مخصص لذلك هو "أهداف الثنائي" #couplegoals)، ولكن عن الأمور التي لا يحبها الناس، بل ويكرهونها، في شركاء حياتهم.

يستخدم الأزواج الصور الساخرة المنتشرة (ميم) memes أو المقتطفات الصوتية snippets للإشارة إلى أكثر عادات شريك حياتهم إزعاجاً. يوظفون لذلك على سبيل المثال طرفة ألقيت في عرض ستاند أب كوميدي أو أحدث "ميم" لكلب دودج، حيث يضعه الناس جنب أشياء لا يريدون القيام بها وللإشارة إلى أكثر عادات الآخرين إزعاجاً. وغالباً ما تكون العادات غير ضارة إلى حد ما، مثل الشخير، أو ترك الأشياء في مكان لا ينبغي أن تكون فيه، أو شغل مساحة كبيرة من السرير. لكن في النهاية، ما الحياة الزوجية من دون قليل من الاحتكاك العدواني البليد لتوضيح وجهة نظرك؟ لكن بعض مقاطع الفيديو تحتوي على مقالب ونكات لئيمة تجعل المتابع يتساءل، هل يحب هؤلاء الأشخاص بعضهم بعضاً؟

خذوا مثلاً أحد المقاطع، نشرته سيدة تدعى أليسون لويس عبر حسابها على "تيك توك" الذي تلخصه بأنه صفحة "فكاهة حياة الزوجة". يستخدم فيه تعليق صوتي من حلقة من سلسلة "دادهولز" Dadholes الرائجة على يوتيوب للممثل الكوميدي كريس وايلد. نرى في الفيديو، ويل، زوج أليسون وهو يحدق بنظرة جامدة في الكاميرا، بينما تجلس بجانبه وتحرك شفتيها بالتطابق مع كلمات التعليق الصوتي. "كم مضى على زواجك"؟ "42 سنة". "كيف يعقل ذلك"؟ ثم يلقي زوجها الجملة المهمة التالية "أنا أعد سنوات بعدد سنوات [حياة] الكلب، لأن زوجتي كلبة [ساقطة]". كم هو مضحك!

وفي مقطع آخر على "تيك توك"، يقوم مستخدم يحمل حسابه اسم بيج 40، بتصوير رد فعل زوجته أثناء تشغيله مقطعاً صوتياً يرد فيه، "يمارس الرجل الأميركي العادي الجنس مرتين إلى ثلاث مرات في الأسبوع. من ناحية أخرى، فإن الرجل الياباني العادي يمارس الجنس مرتين إلى ثلاث مرات في السنة. وهو أمر مقلق للغاية، لأنه لم تكن لدي أي فكرة عن كوني يابانياً". فتبتسم زوجته بسأم.

من البديهي أن الإحصاءات الواردة في التسجيل الصوتي غير صحيحة، ومشاهدة شخص ما، حتى على سبيل المزاح، يتحدث على الملأ عن عدم رضاه عن حياته الجنسية الزوجية لا يعبر عن كثير من الاحترام تجاه شريكه. ومع ذلك، شوهد هذا الفيديو أكثر من 8 ملايين مرة، بينما حصدت مقاطع فيديو أخرى مماثلة أعداداً ضخمة من المشاهدين.

ولعل أشهر مثال على ذلك هما الثنائي مايك وكات ستيكلر، اللذان تجاوز عدد متابعيهما على "تيك توك" خلال قمة شهرتهما 5.4 مليون شخص. اشتهرا بصناعة مقاطع فيديو ساخرة ومبالغ فيها عن بعضهما بعضاً، بينما كان يصران دائماً على أن زواجهماً كان سعيداً. في مارس (آذار) عام 2021 أعلنا انفصالهما، قائلين إنهما يمضيان قدماً بينما يكنان "الحب والاحترام" لبعضهما بعضاً، لكن ذلك ألمح إلى واقع أكثر تعقيداً خلف الدعابة الظاهرة.

بالطبع، من منا لم يتذمر من شريك حياته بسبب الأشياء المزعجة التي يفعلها؟ في بعض الأحيان، تكون طريقة لطيفة لبدء محادثة حول المنغصات الخفيفة والاعتراف بأسلوب لبق بعيوب بعضنا. لكن الخبراء يعتقدون أن تعريض الشريك للنقد بشكل فاضح على وسائل التواصل الاجتماعي قد يشير إلى أن العلاقة في خطر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تقول ناتاشا سيلفرمان، مستشارة علاقات في مؤسسة ريلايت Relate الخيرية المعنية بشؤون العلاقات، "من المهم البدء بالقول إن هذه الطريقة للتفاعل قد تكون طبيعية بالنسبة إلى بعض الأزواج. لا بأس بها إذا كانوا سعداء وهي ضمن سياق ديناميكية العلاقة التي تربطهم". لكنها لاحظت أيضاً أنه بالنسبة إلى بعض الأزواج الذين يصنعون مقاطع الفيديو هذه، "يأتي كثير من الشكاوى غالباً من إحساس المرء بأن صوته غير مسموع أو ربما ليس لديه قيمة".

تقول إنه من المفهوم ربما لجوء بعضهم إلى وسائل التواصل الاجتماعي "للبحث عن الدعم والإحساس بالقيمة، وقد يمنحهم هذا شيئاً من الشعور بالقوة".

وماذا عن الشخص الذي يتم تصويره، الشريك الذي يشتكى منه؟ بينما قد ينسجم بعض المتابعين مع المزحة، هناك أيضاً احتمال أن تتأذى مشاعرهم حقاً إذا تمت المبالغة في النكتة. تقول ريتشيل ماكلين، الرئيسة التنفيذية لوكالة ماكلين MacLynn للوساطة في العلاقات [مؤسسة تقوم بمواءمة بين الأشخاص ليرتبطوا في علاقة]، "المقلق هو التأثير اللاواعي في الحالة العاطفية للشريك إذا كان التذمر فجاً للغاية. هناك خط رفيع بين الإغاظة المرحة والشيء الذي يمكن اعتباره إساءة عاطفية من خلال الإذلال العلني".

تشجع بعض مقاطع الفيديو هذه أيضاً الدعابة المستهلكة نفسها التي يستخدمها الأزواج منذ زمن طويل لتوضيح كم زوجاتهم مضجرات. خذوا على سبيل المثال مقطع فيديو نشره شون يانتز على "تيك توك"، يصور فيه نفسه وهو يستمع إلى زوجته التي تحكي قصة بطريقة متعرجة. من الواضح أن تعبيره ساخط، ويرفق الفيديو بتعليق "أنا أستمع إلى زوجتي وهي تروي قصصاً مثل هذه لمدة 14 عاماً... أنا أستحق ميدالية". يوافقه أزواج آخرون الرأي، وكتب أحدهم في التعليقات قائلاً "آسف يا صاحبي لأنني لم أستطع الاستماع إلى المقطع حتى النهاية. لقد عادت زوجتي للتو إلى المنزل وعلي الاستماع إلى قصتها".

تقول سيلفرمان إن "الازدراء والنقد هما من أكثر الأشياء السامة التي قد يقوم بها المرء في العلاقات". إنها تشير إلى بعض الإيماءات مثل إشاحة النظر بتذمر أو التنهد، التي تسمح للازدراء "بالتسرب"، إضافة إلى "النقد المزمن" الذي يمكن أن يؤدي إلى شروخ في أساس العلاقة. وتضيف أن الشكوى على الملأ من شريكك لن تؤدي إلا إلى تفاقم مشكلات "الثقة وحسن النية".

لكن، وعلى رغم الطبيعة العدوانية السلبية لهذا النوع الناشئ من المحتوى على "تيك توك"، فمن الصعب تجنب ما ينشر تحت عنوان كوميديا الحياة الزوجية. يمكن لأي شخص مرتبط منذ مدة طويلة أن يصادق على تحديات العيش مع شخص آخر. تصنع الغالبية العظمى من مقاطع الفيديو هذه بواسطة أزواج مغايري الهوية الجنسية، وتمثل النساء نسبة 61 في المئة من المستخدمين النشطين في "تيك توك" مقارنة بنسبة 39 في المئة من الرجال، وهناك جمهور مستعد للمشاهدة. بغض النظر عن الدعابة الظاهرة، من المرجح أن يتم تأييد المحتوى الضمني القائل إنه يجب على المرأة المتزوجة العبء العاطفي وغير الظاهر [العمل الذي ينطوي على إبقاء الآخرين مرتاحين وسعداء].

لكن ماكلين تنبه إلى ضرورة توخي الأزواج الحذر بشأن كيفية استجابتهم لهذا المحتوى، قائلة "يمكن أن تخرج اتجاهات كهذه عن السيطرة بسهولة. قد ينخرط ثنائي ما في مزاح بريء عبر الإنترنت، ما يلهم أزواجاً آخرين لفعل الشيء نفسه، بالتالي خلق تأثير متتابع، الذي يتحول إلى موضة. قد يصل هذا إلى زوجين ربما لا يمتلكان الوعي الكافي فيتجاوزان الخط الفاصل بين المزاح والتنمر، بينما يعتبران ذلك طبيعياً لأن ’الجميع يفعلون ذلك‘. كما أن الفيديوهات لا تقدم أي حلول، بالتالي توفر دعماً ضئيلاً أو لا مساعدة حقيقية على الإطلاق للأزواج الذين يواجهون صعوبات".

لدى سيفرمان رأي مؤيد، إذ تخشى من أنه "قد يتم تطبيع أساليب التواصل السلبية بسبب ’تيك توك‘ و’إنستغرام‘". وتوضح أن تأثير هذا قد يكون مثل كرة الثلج، إذ "يقول الناس لأنفسهم، إذا كنت أرى أزواجاً آخرين يفعلون ذلك، فلماذا لا يمكنني التحدث عن شريكي بهذه الطريقة؟ لكن مجرد قيام الآخرين بشيء ما لا يجعله مناسباً لعلاقتك".

كون الانزعاج من بعضنا عنصراً حتمياً في العلاقات الطويلة هو حقيقة حلوة ومرة. لكن هناك جانباً إيجابياً في هذا أيضاً، عندما تكونون قادرين على صياغة لغة خاصة بكم وتتعلمون كيفية التعايش مع بعضكم. هل تريدون معرفة سر الزواج السعيد؟ إنه الاحترام. التواصل جيد. ونعم، ربما قليل من الفكاهة. فقط تأكدوا من إغلاق أبواب الخزائن، جميعها.

نُشر في اندبندنت بتاريخ 1 أكتوبر 2022

© The Independent

المزيد من منوعات