Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

انهيار مبنى المختبر الوطني ببغداد يفتح أبواب الفساد في الإجازات الاستثمارية

يحتل العراق المركز 157 في مؤشر مدركات الفساد العالمي لعام 2021

تسببت حادثة انهيار مبنى المختبر الوطني في العاصمة العراقية بغداد السبت الماضي، في جدل واسع حول الإجازات الاستثمارية التي تمنح للمستثمرين، إذ شكلت جزءاً رئيساً وباباً من أبواب الفساد الذي انتشر في العراق بعد عام 2003. وبحسب باحثين، فإن الفساد يعمل كضريبة غير مباشرة على الأعمال التجارية، مما يؤدي إلى زيادة التكاليف وتقليل جودة الأعمال المنفذة لغرض زيادة ربحية الاستثمارات.

فتح تحقيق

رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، أمر بفتح تحقيق في حادثة انهيار مبنى مركز التحليلات المرضية في منطقة الكرادة وسط بغداد. وقال في تغريدة على حسابه في "تويتر"، "وجهنا الدفاع المدني باستنفار أقصى الجهود لإنقاذ المحاصرين في المبنى المنهار، راجين أن يمن الله بالصحة عليهم". وأضاف "وجهنا بفتح تحقيق بالحادث والإجازة الممنوحة في الحكومات السابقة".

وتابع الكاظمي "الحادث يؤكد صحة جهود مكافحة الفساد، وإيقاف منح الإجازات العشوائية، وقد واجهت -للأسف - بسببها انتقادات عدة".

ملك خاص

وأكدت "هيئة الاستثمار الوطنية" أن "مبنى المختبر الوطني المنهار لم يبن وفق قانون الاستثمار وإنما هو ملك خاص"، موضحة أن الإجازة الاستثمارية منحت لشراء الأجهزة الطبية في المختبر. وقالت رئيسة "هيئة الاستثمار الوطنية"، سهى النجار في تصريح متلفز إن "الهيئة شكلت لجنة تحقيق بشأن المبنى المنهار في منطقة الكرادة"، مؤكدة أن "المبنى لم يشيد وفق قانون الاستثمار وإنما بالبناء الخاص، حيث إن المبنى قائم منذ عام 2009 والإجازة الاستثمارية منحت في عام 2018". وأضافت أن "إجازة الاستثمار منحت لشراء الأجهزة الطبية في المبنى"، لافتة إلى أن "الجانب الاستثماري في مبنى المختبر الوطني هو شراء الأجهزة الطبية الخاصة بالمختبر". وقالت النجار "نواصل التحقيق لمعرفة أسباب انهيار مبنى المختبر الوطني"، مبينة أن "تغييرات داخلية وخارجية أجريت على البناء وعدم إجراء أعمال الصيانة أديا إلى انهيار المبنى". وذكرت رئيسة "هيئة الاستثمار الوطنية" أن "قاعدة مبنى المختبر الوطني لم تشيد وفق ضوابط قانون الاستثمار". وأكدت النجار أن "الهيئة الوطنية ليس لديها سلطة على هيئات الاستثمار في المحافظات ومن ضمنها بغداد"، مشيرة إلى أن "المشاريع الممنوحة من الهيئة الوطنية منذ 19 عاماً لا تتجاوز 40 مشروعاً".

وكان نائب رئيس لجنة الصحة والبيئة النيابية النائب ماجد شنكالي، دعا إلى فتح تحقيق حكومي موسع وعاجل في حادثة انهيار مبنى المختبر الوطني للتحليلات المرضية.

وقال شنكالي في بيان له إن "ما حصل من حادثة انهيار بناية تم بناؤها بالطرق الحديثة واستغلالها كمختبر وطني للتحليلات في منطقة الكرادة وسط بغداد بالتعاون بين هيئة الاستثمار الوطنية ووزارة الصحة، يمثل كارثة كبيرة ويثير عديداً من علامات الاستفهام حول الأسباب التي أدت إلى هذه الحادثة"، متسائلاً "هل هناك أياد خفية أو دوافع مقصودة لما حصل، سواء من جانب الفساد خلال مراحل الإنشاء أو ما تبعها إلى يوم الحادثة".

وذكر في بيانه أن "الحادثة تسببت في حصول خسائر بشرية والأعمال ما زالت مستمرة للبحث عن العالقين تحت الركام"، مشدداً على ضرورة ألا "يمر هذا الأمر مرور الكرام".

وطالب شنكالي بـ"تشكيل لجنة تحقيق حكومية موسعة وعاجلة بمشاركة ممثل عن لجنة الصحة والبيئة النيابية لضمان شفافية التحقيق وعدم حصول أي تسويف أو تلاعب في مراحل التحقيق".

وأكد أهمية "محاسبة جميع المتورطين في هذه الحادثة بعيداً من المجاملات أو التسويف، مع التأكيد على تدقيق جميع المشاريع التي تم إنشاؤها حالياً على نفس شاكلة إنشاء البناية المنهارة كإجراء استباقي لضمان عدم تكرار أية حوادث مماثلة على المدى القصير أو البعيد".

من جهتها طالبت عضو لجنة النزاهة النيابية سروة عبد الواحد في بيان هيئة الاستثمار الوطنية، بـ"توضيح آلية إعطاء إجازات الاستثمار للمختبرات والعيادات والمستشفيات الأهلية". وقالت عبد الواحد إن "ما حدث اليوم في بغداد من انهيار مبنى للعيادات الطبية بسبب هندسي، يحتم إعادة النظر بكل الموافقات التي تمنحها هيئة الاستثمار وخصوصاً إضافة بناء على المباني المتهالكة، التي تستوجب الحصول على الموافقات الهندسية من أمانة بغداد، أو المحافظة ضمن خطط مدروسة وليست عشوائية".

وشددت "لجنة النزاهة البرلمانية ستفتح هذا الملف للكشف عن جميع المخالفات المتعلقة به، سواء في بغداد أو المحافظات الأخرى، وإحالة المخالفين إلى القضاء".

وأعلنت الدائرة الإعلامية لمجلس النواب استضافة لجنة النزاهة مسؤولي هيئة الاستثمار لمناقشة يوم الأربعاء المقبل الخامس من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، رئيسة هيئة الاستثمار الوطنية ومحافظ بغداد ومدير استثمار بغداد لمناقشة ملابسات انهيار المبنى.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


مؤشر للفساد

في المقابل، كشف الباحث الاقتصادي بسام رعد عن أن "العراق يحتل المركز 157 في مؤشر مدركات الفساد العالمي لعام 2021، ويمثل انهيار مبنى المختبر الوطني مؤشراً حقيقياً على صحة هذا الموقع المتأخر في المؤشر. إذ يعمل الفساد كضريبة غير فعالة على الأعمال التجارية، مما يؤدي إلى زيادة التكاليف وتقليل جودة الأعمال المنفذة لغرض زيادة ربحية الاستثمارات، وباتت فاتورة هذا الفساد كبيرة ويدفعها المواطن بشكل شبه يومي والجميع يعلم حجم الفساد المشتري، لكن لا أحد يستطيع القضاء عليه وأصبحت مواجهته أشبه بعلاج مرض السرطان منتشر في كل أجزاء البلد".

وتابع "فشلت الحكومات السابقة في مواجهته، وأمام الحكومات القادمة مهمة مستحيلة للقضاء عليه، ولكنها ضرورة حتمية من أجل تحقيق النمو والتنمية الاقتصادية المنشودة"، إذ إن "هناك علاقة بين الفساد والاستثمار فكلما كانت معدلات الفساد منخفضة في دولة ما، ترتب على ذلك تداعيات إيجابية تتمثل في ارتفاع درجة الاستقرار الكلي في البلد، ويقابلها ارتفاع درجة ثقة المستثمر في هذا البلد، بالتالي تؤثر إيجاباً في قراره الاستثماري".

إهمال إجراءات السلامة العامة

إلى ذلك يقول أستاذ الاقتصاد الدولي نوار السعدي، "تابعنا وبأسف بالغ حادثة انهيار بناية المختبر الوطني يوم السبت الماضي في بغداد، وما سبقها من حوادث مماثلة لاسيما الحرائق في أبنية المستشفيات الحكومية، بشكل يعكس إهمالاً كبيراً في إجراءات السلامة العامة، فضلاً عن وجود فساد يشوب إجراءات الإنشاء وضعف رقابة الجهات المانحة لإجازات البناء وما يتبعها من إجراءات فحص متانة الأبنية".

ويلفت السعدي إلى أن "ما حصل من انهيار المبنى في ساحة الواثق يمثل كارثة كبيرة، تثير عديداً من علامات الاستفهام حول الأسباب التي أدت إلى هذه الحادثة، إذ تسببت في خسائر بشرية كبيرة والأعمال ما زالت مستمرة للبحث عن الآخرين تحت الركام. أتمنى ألا يمر هذا الأمر مرور الكرام وعلى الحكومة تحمل المسؤولية ومحاسبة جميع المتورطين في هذه الحادثة".

تماهي وتغافل السلطات

في السياق عد الباحث السياسي والاقتصادي نبيل جبار العلي بأن "انهيار بناية المختبر الوطني في بغداد سلط الضوء على الإجراءات التي تتبعها مؤسسات منح الاستثمارات داخل العراق، وكذلك المؤسسات القطاعية المشرفة على تنظيم منح إجازات البناء كأمانة بغداد ووزارة البلديات والأشغال". وأضاف "إذ يجب أن تمر مراحل الموافقة على إنشاء أية بناية، سواء كانت معروضة كفرصة استثمارية أم كانت بناية خاصة، بمراحل مهمة من أجل منحها موافقة البناء والتشييد، وعلى رأسها مرحلة التصاميم، حين يطلب من المستثمر التعاقد مع مكاتب أو شركات استشارية هندسية، وبعدها تدقيق للتصاميم الذي يجري أيضاً من مكاتب وشركات استشارية أخرى ذات رتبة أعلى، ثم التعاقد مع جهة تشرف على مراحل التنفيذ وضمان المنشأ ضمن حدود المواصفات القياسية". ويصف العلي إن "ما يجري اليوم في العراق، هو تماهي السلطات وتغافلها عن تقييد المستثمرين وأصحاب المنشآت بتلك الاشتراطات، فعادة يتعاقد المستثمر والمنشئ للبناية مع مكاتب استشارية من أجل وضع تصاميم وإجراءات شكلية، والأسوأ والأخطر هو التساهل واللامبالاة في الإشراف على التنفيذ، فضلاً عن إجراءات التغيير في التصاميم أثناء مرحلة التنفيذ من دون الرجوع إلى المصممين والمدققين للتصميم الأولي للمبنى".

المزيد من متابعات