Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

دخول الفنانين للجزائر مشروط بـ"عدم الإساءة إلى البلاد"

قرار الحكومة الجديد يلفت الانتباه إلى الجدل المستمر بين الفن والسياسة

الشاب خالد استفز الجزائريين بصورته مع وزير العدل المغربي (مواقع التواصل الاجتماعي)

فتح قرار الجزائر منع استقدام فنانين لديهم مواقف مسيئة إلى البلاد أو مصالحها ملف العلاقة بين الفن والسياسة.

وعلى رغم أن الفنان جزء من المجتمع فإن تشديد القيود يكشف عن قدرة الفن على التأثير في المشهد العام الداخلي وأيضاً العلاقات بين الدول، كما يبين أن الفنان قد يكون عرضة للاستغلال السياسي ليدفع الفن الثمن.

ولم يسلم الفنان في الدول العربية من مشكلات بسبب مواقفه السياسية، سواء تعمد الإبانة عنها أو جاءت عن غير قصد، فتعاقبه جماهيره بالانتقاد والشتم والطرد في بعضها، أو ترحب به أخرى في أحايين كثيرة.

وجاء إصدار الحكومة الجزائرية مرسومين يحددان شروط استقدام الفنانين الأجانب بعد أن عرفت مناسبات فنية وثقافية مشكلات مع المدعوين كادت تعكر صفو العلاقات مع دول صديقة وشقيقة، ومنها على سبيل المثال ما حدث في مهرجان الفيلم العربي بمدينة وهران غرب الجزائر، إذ تم استقدام فنانين مصريين كانت لهم تصريحات مشينة ومسيئة ضد الجزائر خلال أزمة كرة القدم الشهيرة في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2009، وكذا محاولة استضافة المغني الفرنسي الداعم لإسرائيل أنريكو ماسياس.

شروط استقدام الفنانين

يحظر القانون الجديد استضافة أي فنان أجنبي ذي مواقف تمس تاريخ الجزائر أو سمعتها أو رموزها أو ثوابتها الوطنية أو تتعارض مع مصالحها، ويشترط الحصول على رخصة مسبقة من وزارة الثقافة بعد موافقة وزارتي الخارجية والداخلية.

كما شدد على وجوب احترام الفنان الأجنبي النظام العام والآداب العامة، وحصر إمكان استقدام الفنانين الأجانب في المؤسسات الثقافية الرسمية المعنية بالنشاط الثقافي والفني والمتعاملين في العروض الفنية.

ويستثني التشريع الجديد الفنانين الأجانب الذين يتم استقدامهم من قبل المراكز الثقافية الأجنبية بغرض تنظيم فعاليات فنية في المقار التابعة لها، وكذلك الذين يستقدمهم منتجون جزائريون أو أجانب لغرض التصوير السينمائي أو في أعمال سينمائية مشتركة، كما يشترط تقديم طلب قبل موعد الفعالية الفنية بثلاثة أشهر، مع تحديد المبالغ المالية التي سيتقاضاها الفنان الأجنبي بالعملة الصعبة على أن يدفع لحسابه الخاص الذي يتم توطينه عبر مصرف معتمد في الجزائر.

هفوات وأزمات

عرفت العديد من الدول العربية حوادث اصطدام فنانين مع جمهورهم بسبب بعض المواقف السياسية، وفي حين أنها تنتهي بالاعتذار من المحبين والمتابعين تبقى في السجل لدى السلطات الحكومية لتعرقل في كثير الأحيان النشاطات الثقافية والفنية لهؤلاء النجوم، فالظهور في صورة مع رئيس النظام السوري بشار الأسد وتبادل الضحكات سبب في اصطدام جورج وسوف بجمهوره للمرة الأولى في تاريخه الفني الطويل. 

كما أثار حمل الفنان اللبناني وائل جسار علم جبهة "بوليساريو" غضب الشعب المغربي كثيراً، بينما أغضبت المطربة اللبنانية إليسا جمهورها بسبب صورة مع السياسي اللبناني سمير جعجع.

 

وتعرّض صابر الرباعي إلى هجوم كبير من محبيه بعد تداول صورة له مع ضابط إسرائيلي بينما كان يستعد لإحياء حفل غنائي في رام الله.

أما النجم المغربي سعد لمجرد فاضطر للرد بعد توريطه في أزمة سياسية بين الجزائر والمغرب بسبب أغنيته "غلطانة" التي أثارت جدلاً واسعاً بسبب تضمينها إيحاءات سياسية بدت أنها موجهة ضد الموقف الجزائري من قضية الصحراء الغربية.

محل نقاش وجدل

الإعلامية الجزائرية المهتمة بالشؤون الثقافية وردة زهور غربي ترى أن ارتباط الفن بالسياسة موضوع يظل محل نقاش وجدل منذ زمن، فالفن على علاقة بالسياسة، إما بإقحام مواقف سياسية في أعمال فنية أو بتبني فنان موقفاً سياسياً معيناً.

وقالت غربي في تصريح إلى "اندبندنت عربية" إن "الأمثلة كثيرة في الغرب أو العرب"، مضيفة "تحضرني مواقف الفنانين المصريين بعد هزيمة منتخب بلادهم أمام نظيره الجزائري التي تسببت في إقصاء كثير منهم عن حضور فعاليات جزائرية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشارت إلى أن الأمثلة كثيرة مع سوريا والجزائر والمغرب وغيرها، فمع الثورة السورية انقسم الفنانون بين مؤيد ومعارض لنظام الأسد، مما دفع كثيراً منهم إلى مغادرة البلاد وتحمل نتائج مواقفهم السياسية.

وأوضحت أن القطيعة بين الجزائر والمغرب أدت إلى استبعاد فنانين من البلدين من احتفالات رسمية في الجهتين، لافتة إلى أن أغاني الجزائري الشاب خالد ممنوعة من البث بسبب صورة له مع وزير مغربي ونظيره الإسرائيلي.

وترى مغربي أن الفن لم ينأ بنفسه يوماً عن السياسة لأن الفنان جزء مما يحدث، مشيرة إلى أنه أحياناً ومن دون تصريح يمكن أن يبعث الفنان رسالة تبين موقفه فيتم تسييسه من حيث لا يدري.

مواطن داخل الدولة

ويشدد الفنان المصري عادل إمام على أن الفنان لا بد من أن يعلن عن آرائه السياسية في كل الأمور التي تخص مجتمعه، سواء في الأشياء البسيطة أو الأمور الكبرى التي تواجه الوطن، مثل أي مواطن داخل الدولة، وهذا حقه ويجب أن يحافظ عليه ولا يستطيع أحد أن يسلبه منه.

وقال في تصريحات سابقة، "جميعنا نعيش داخل وطن واحد وكلنا نبحث عن تحقيق مستقبل أفضل لهذا الوطن، وإعلاني آرائي السياسية يساعد في بناء بلد ديمقراطي قوي يسعى إلى تحقيق الحريات وإعطاء الفرصة لكل طوائف المجتمع في المشاركة ببناء الوطن".

وأضاف أن "آراء الفنان السياسية لا تعبر عن وجهة نظره الشخصية ولا تخص أطرافاً أخرى، وهو الوحيد المسؤول عن تلك الآراء ويجب على الجمهور ألا يتأثر بها سلباً أو إيجاباً".

جزء من بيئته

من جانبه، يعتبر المطرب الجزائري فرحات أمغار أنه "عندما أتحدث في السياسة أو أشارك في التظاهرات لا أنظر إلى نفسي كفنان بل كمواطن عادي".

وأضاف أمغار في تصريح إلى "اندبندنت عربية" أنه من واجب الفنان التعبير عن آرائه إزاء كل ما يحدث في الساحة سياسياً أو اقتصادياً أو اجتماعياً، على اعتبار أنه جزء من بيئته وليس منفصلاً عن الواقع، وقدم مثالاً عن الحراك الشعبي الذي عرفته الجزائر عام 2019.

وشدد على أنه شارك رفقة كل فئات الشعب في التظاهرات والمسيرات التي كانت ترفع مطالب سياسية بالدرجة الأولى وكان ذلك ضرورياً، وقال "إن الفنان بقدر ما يمثل واجهة المجتمع فهو أيضاً عنصر فعال في صناعة المشهد".

المزيد من تقارير