Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجزائر تواجه الفوارق الاجتماعية بزي مدرسي موحد

مؤسسات تربوية تبنت الفكرة ودعوات إلى تعميمها على كل المباني التعليمية بالبلاد

من الناحية النفسية والسيكولوجية يُساعد توحيد اللباس المدرسي على تعزيز الانضباط (مواقع التواصل الاجتماعي)

في وقت شغلت فيه "الموضة" كل شرائح المجتمع، وطاولت حتى فئة الأطفال وبألبسة باهظة الثمن زادت من أعباء الأولياء، تدفع جمعيات مدنية في الجزائر نحو فرض زي موحد لطلاب المدارس يذيب الفوارق الطبقية بين التلاميذ ويساوي بينهم، إذ يكون التنافس على أساس التحصيل العلمي بدلاً من الانشغال بماذا ارتدى هذا التلميذ أو ذاك.

وبخلاف المواسم السابقة تميز الدخول المدرسي لعام 2022 في الجزائر بتبني مؤسسات تربوية الفكرة وتجسيدها على أرض الواقع، إذ ظهر تلاميذ بزي موحد في مشاهد لقيت استحساناً في الأوساط التربوية والشعبية التي دعت إلى تعميمها.

اللافت أن هذه المبادرات انتشرت في مدن من عمق الجزائر، أو ما يعرف بـ "الجزائر العميقة"، أو "مناطق الظل"، كما وصفها الرئيس عبدالمجيد تبون، وهي الولايات (المحافظات) التي تضم أحياءً وتجمعات سكانية تفتقر إلى مشاريع تنموية وفضاءات ترفيهية، وترتفع فيها معدلات البطالة بسب غياب فرص العمل.
 
وشملت مبادرات توحيد اللباس مدرسة البشير الإبراهيمي، في مدينة ورقلة جنوب البلاد، إذ ظهر التلاميذ وهم يرتدون لباساً موحداً أخضر اللون كتب عليها اسم المدرسة في مبادرة قادتها مديرة المؤسسة التربوية بالتنسيق مع أولياء التلاميذ وورشة خياطة في المنطقة، إضافة إلى مدارس في مناطق مختلفة من البلاد.
 
من توحيد المئزر إلى الملبس
 
يقول البرلماني السابق الذي شغل منصب عضو لجنة التربية والتعليم العالي والبحث العلمي والشؤون الدينية بالمجلس الشعبي الوطني مسعود عمراوي "نعتقد أن اللباس الموحد في المدرسة فكرة ممتازة ونثمنها، وهي قابلة للتنفيذ"، مبرزاً "يشعر التلاميذ من أبناء العائلات الفقيرة بالدونية من لباسهم، مما يؤثر على نفسيتهم في مسارهم الدراسي، والزي الموحد يزيل هذه المشكلة النفسية وكل الفوارق الاجتماعية والطبقية بين أبنائنا المتمدرسين".
 
ويضيف عمراوي إن كان "أبناء الأسر الميسورة أو الغنية يريدون إظهار زينتهم فلا مانع أن يفعلوا ذلك خارج أسوار المؤسسات التعليمية".
 
وناضل فاعلون تربويون من أجل هذا المطلب لسنوات كما يقول البرلماني السابق "بذلنا كل جهدنا من أجل توحيد لون المئزر، وهو ما تجسد فعلاً، والذي قضى على نوع من الفوارق بين التلاميذ، لكن الطموح حالياً أكبر، وهو توحيد الزي المدرسي على غرار ما قامت به دول". 
 
وبالفعل، يلبس حالياً تلاميذ المدارس الابتدائية مآزر باللون الأزرق بالنسبة إلى الذكور ووردي إلى الفتيات في حين يرتدي طلاب المدرس المتوسطة والثانوية مآزر باللون الأبيض.
 
 
 
 
ويمكن تجسيد الفكرة من خلال دعم الدولة لهذا اللباس، بالنسبة إلى الفئات الهشة كما يقول عمراوي "على اعتبار أنها تحوز على إحصاءات عن العائلات المعوزة على مستوى البلديات، ويقترح أن تكون شركات النسيج الجزائرية الراعي الرسمي للألبسة، حيث تمنح مجاناً للفقراء فيما تشتري العائلات الميسورة الملابس من هذه الشركات". ويوضح "أملنا كبير أن يتحقق هذا المطلب حتى يكون كل التلاميذ سواسية والتنافس على أساس التحصيل العلمي لا غير".
 
وفي اللباس الموحد منافع
 
ومع كل دخول مدرسي تنتشر صور لأطفال يدخلون الأقسام بهندام ممزق وقديم أحياناً، وفي المقابل هناك تلاميذ يتميزون عنهم بمظاهر الغنى والثراء ويفتخرون بآخر صيحات الهواتف النقالة والمحافظ والأحذية والألبسة باهظة الثمن.
 
من جهة ثانية، تزايدت ظاهرة التنمر في الوسط المدرسي بسبب الفوارق الاجتماعية، وبعد أن كان أبناء العائلات الفقيرة والمعوزة يتعرضون للسخرية من قبل زملائهم في المدرسة بسبب لباسهم الممزق باتوا في ظل التطور التكنولوجي عرضة لانتهاك خصوصيتهم من خلال نشر صورهم على مواقع التواصل الاجتماعي التي تعرف انتشاراً واسعاً، وإن كان ناشروها يقولون إن مشاركتها يأتي بعرض مساعدتهم، لكن إظهارهم بملابس رثة ونعل بلاستيكي، وأحياناً يحملون كراريس في أكياس بلاستكية، من شأنه أن يعرض صحتهم النفسية لعدم الاستقرار، كما يقول متخصصون. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكشف الدخول المدرسي الجديد عن معاناة بعض أولياء التلاميذ مع مصاريف تعليم أبنائهم، وعن وجود عائلات جزائرية عاجزة تماماً عن شراء الألبسة والأدوات المدرسية لأبنائهم، في ظل الغلاء وارتفاع الأسعار، إذ عدد الأستاذ الجامعي خليل بن عزة، في مقال نشره في صفحته على "فيسبوك" منافع الهندام الموحد الذي اتجه عديد من دول العالم إلى انتهاجه في السنوات الأخيرة، مبرزاً أنه "يساعد من الناحية النفسية والسيكولوجية على تعزيز الانضباط لدى التلاميذ والمتمدرسين، كما يحسن من المظهر العام، أما من الناحية الاجتماعية، فيسهم اللباس الموحد في إذابة الفوارق الاجتماعية ومختلف أشكال التمييز القائم على المظاهر والتمظهرات، كما يقلل من أعباء الآباء من محدودي الدخل، والذين يشكلون الفئة الأوسع من دون شك".

 
لا مانع تربوياً أو تنظيمياً
 
وتفاعلاً مع مبادرات مؤسسات تعليمية لاعتماد "زي مدرسي موحد"، قال وزير التربية الجزائري عبدالحكيم بلعابد إن كل مبادرة "يزكيها أولياء التلاميذ مرحب بها ولا يوجد مانع تربوي أو تنظيمي في ذلك".
 
وفي السياق ذاته، اقترحت رئيسة الفيدرالية الوطنية لجمعيات أولياء التلاميذ جميلة خيار دراسة جيدة لمشروع تطبيق توحيد اللباس في المدارس الجزائرية، وذلك من خلال مشاركة واسعة مثل جمعيات الحي والجمعيات الخيرية، ورؤساء البلديات وبعض المستثمرين الذين يملكون ورش خياطة. 
 
ويذهب تربويون إلى اعتبار أن اللباس الموحد في المدارس ينبغي أن يكون بلون واحد لكل طور تعليمي يميزهم عن باقي طلاب المدارس من حيث الهيئة الخارجية، وليكون شعاراً خاصاً بالمدرسة يظهر على اللباس.
اقرأ المزيد

المزيد من تقارير