Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بوند في عيده الـ 60: كيف وصل العميل السري إلى الشاشة الفضية؟

لمناسبة احتفاء المعهد البريطاني للسينما بمرور 60 عاماً على وصول بوند إلى الشاشة الكبيرة بعدد من العروض خلال عطلة نهاية الأسبوع، يتأمل جيفري ماكناب بأول فيلم في السلسلة لمعرفة المؤهلات التي يريدها المنتجون في بطل العمل المقبل

"...لقد أسس [دكتور نو] حقاً لنوع جديد من صناعة الأفلام" (رويترز)

مرت 60 سنة منذ ظهر العميل السري 007 الذي يجسده شون كونري للمرة الأولى على الشاشة الكبيرة في فيلم "دكتور نو" Dr No عام 1962 في مشهد تدور أحداثه عند الساعة الثالثة فجراً بأحد كازينوهات منطقة مايفير بلندن. كان يلعب القمار ضد سيلفيا ترينش (الممثلة يونيس غرايسون) وفاز بكل الأموال التي راهنت بها. يكشف الرجل عن اسمه قائلاً: "بوند... جيمس بوند"، عندما أظهرت الكاميرا أخيراً وجهه الذي كان مغطى بضباب من دخان سيجارته.

يحتفل المعهد البريطاني للسينما خلال عطلة نهاية هذا الأسبوع بهذه الذكرى بعرض عدد من أفلام بوند، بما في ذلك "دكتور نو" وعرض تمهيدي للفيلم الوثائقي الجديد "صوت 007" The Sound of 007 للمخرج مات وايت كروس الذي يحكي قصة الموسيقى التصويرية الشهيرة لسلسلة الأفلام.

تأتي هذه الفعاليات بينما يتساءل الجميع... من سيلعب دور جيمس بوند في الفيلم المقبل؟ أنهى دانييل كريغ تجسيده للشخصية مع فيلم "لا وقت للموت" No Time to Die عام 2021. والآن، هناك موجة من الإثارة حول المتنافسين المحتملين على شخصية بوند. هناك أقاويل إن الشخص الذي سيتم اختياره سيلتزم لعب الدور لمدة عقد من الزمن.

لا يزال الممثل ضخم البنية هنري كافيل الذي لعب دور سوبرمان في السابق المرشح المفضل، يليه ريج جان باج بطل الموسم الأول من مسلسل "بريدجيرتون" Bridgerton، ثم إدريس إلبا الذي لعب الشخصية الرئيسة في مسلسل "لوثر" Luther، ويتبعه بفارق ضئيل توم هاردي الذي حاز أخيراً على لقب بطل رياضة الجوجيتسو في بلدة ميلتون كينز. تتساوى حظوظ جيمس نورتون مع إيدن تيرنر الذي اشتهر بدوره في مسلسل "بولدارك" Poldark وجيمي دورنان نجم فيلم "خمسون طيفاً من غراي" Shades of Grey 50.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لا يتوقع المتراهنون أن تلعب امرأة دور العميل 007. تم استبعاد سوران جونز التي شاركت في مسلسلي "كورونيشن ستريت" Coronation Street و"جنتلمان جاك" Gentleman Jack، وليديا ويست بطلة مسلسل "إنها خطيئة" It’s a Sin، ولاشانا لينش التي قدمت أداء يثير الإعجاب في "لا وقت للموت". على كل حال، دعا المخرج والمنتج سام مينديز الذي أخرج فيلمين في سلسلة بوند، إلى أن تقوم امرأة بإخراج العمل المقبل من الامتياز.

لكن بغض النظر عن الهستيريا الدائرة حول تتويج ملك الجاسوسية التالي، يزعم المنتجان باربرا بروكولي ومايكل جي ويلسون أن البحث عن بوند الجديد لا يزال في بداياته.

تخبرني بروكولي: "بادئ ذي بدء، نحن لا نقوم حالياً باختيار الممثلين بشكل فاعل... كما يمكنك أن تتخيل، نحن في وضع يفرض علينا إعادة إطلاق السلسلة بحلة جديدة بالكامل. هناك مهمة بأكملها يجب أن تنجز قبل بدء عملية الاختيار. يسعدنا وجود كثير من الاهتمام، ولكن فكرة وجود أسماء محتملة كما لو أننا نلتقي فعلياً بالممثلين ونتناقش معهم، غير موجودة على الإطلاق".

تتابع: "نريد الاحتفال بالذكرى الستين وسنبدأ العام المقبل بالحديث عن وجهتنا ونشرع في التفكير في القصص. بمجرد أن تتكون لدينا فكرة عن ذلك، سنبدأ فعلياً في اختيار الممثلين".

مع ذلك، يبحث المنتجون عن الممثل الذي سيلتزم أداء الشخصية في أفلام عدة. تكهن بعض المعلقين بأن هذا يعني أن إلبا البالغ من العمر الآن 50 سنة، سيكون أكبر من أن يتمكن من أداء الدور. إذاً، هل يبحثون عن شخص شاب؟

تجيبني بروكولي: "يعتمد هذا على مفهوم كلمة شاب هذه الأيام. رؤيتي للشباب تتغير. لكن جميع [من أدوا دور بوند في السابق] بدأوا وهم في الثلاثينيات من العمر. كانت الحال هكذا دائماً".

في غمرة كل اللغط المحيط بخليفة بوند، من الجدير العودة لبدايات الامتياز الذي تبلغ قيمته الآن 8 مليارات دولار، والسؤال كيف تم إعداد فيلم "دكتور نو" في المقام الأول.

تقول بروكولي عن أول عمل في السلسلة التي تضم 25 فيلماً: "ما كنا نصل إلى هنا اليوم لولا شون كونري وجميع الأشخاص الذين صنعوا الفيلم الأصلي... نحن نراجعه كثيراً. إنه فيلم رائع. لا يزال صامداً".

في المقابل، يستشهد ويلسون باللحظة التي قال فيها بوند "لقد استعملت طلقاتك الست" بعد نفاد الرصاصات من قاتله المحتمل. ثم يقوم بوند بقتل الرجل. يضيف ويلسون: "حتى تلك اللحظة، لم يقم أي بطل في السينما بإعدام شخص ما. لقد أسس [دكتور نو] حقاً لنوع جديد من صناعة الأفلام".

لم يكن تمويل هذا الفيلم أو صناعته سهلة. كانت هناك مشكلات متعلقة بالطقس في جامايكا. كانت موازنة الإنتاج الأصلية متواضعة جداً بقيمة 322069 جنيهاً استرلينياً، على رغم أن المنتجين كابي بروكولي وهاري سالتزمان أنفقا أكثر من ذلك بكثير وشجعا مصمم الرؤية الإنتاجية الذي يعمل معهما، كين آدم، على التفكير بخطط كبيرة. عندما تجاوزت موازنة الفيلم 70 ألف جنيه استرليني، تولت المشروع شركة تتعهد بإنجاز المشاريع في الوقت المحدد، وهي خطوة غالباً ما تعد مؤشراً إلى كارثة تلوح في الأفق.

ومع ذلك، كان سالتزمان وكابي بروكولي يمتلكان قدرات تسويقية سحرية وضعت الامتياز في حيز الوجود، مما خلق ترقباً كبيراً محيطاً به، لكنهما تأكدا من معرفة الجمهور بأقل ما يكمن من التحديات التي واجهتهم في الكواليس.

تتنهد بروكولي وهي تفكر في المعارك التي خاضتها شخصياً في بعض أفلام بوند اللاحقة، وتقول: "الشيء الذي أدهشني حقاً هو كيف أن الأمور لم تتغير... كانت لديهم موازنة صغيرة جداً. كانوا يواجهون مشكلات مع الطقس، ومشكلات في الجدولة، [كانوا] يخسرون مواقع التصوير، وما إلى ذلك من الفوضى، ولم يتغير شيء. لدينا المشكلات ذاتها. صارت الموازنات أكبر بكثير، ولكن المشكلات لا تزال قائمة".

ومن المفارقات، أن كابي بروكولي، والد باربرا، الذي دخل في شراكة مع سالتزمان صيف عام 1961، كان يريد في الأصل الممثل كاري غرانت للعب الدور. كان النجم الوسيم اختياراً بديهياً. عندما قام ببطولة فيلم "شمالاً إلى الشمال الغربي" North by Northwest  للمخرج ألفريد هيتشكوك 1959، كان قادراً على تنفيذ مشاهد الأكشن العنيفة بينما يظهر حساً فكاهياً لطيفاً من انتقاد الذات. وفي فيلم هيتشكوك "سيئ السمعة" Notorious (1946)، أظهر أيضاً شيئاً من السادية والقسوة الجنسية الملائمتين لـبوند.

تقول بروكولي عن رغبة والدها في إسناد الدور لـغرانت: "كان كابي صديقاً مقرباً جداً لـكاري غرانت. لقد كان [غرانت] ممثلاً رائعاً ورجلاً مذهلاً. في ذلك الوقت، كانا يحاولان صناعة الفيلم، وكما تعلم، تجرى محادثات كثيرة عندما تحاول صناعة فيلم... وفي كثير من الأحيان، يسهم وجود نجم في إنجاح العمل... لا أعتقد بأن تلك النقاشات استمرت طويلاً ولا أظن أن كاري غرانت شعر بأنه مناسب للدور. ما نعرفه هو أنه بمجرد رؤيتهما لـشون كونري، كانا مصممين على انضمامه على رغم أن الشركة المنتجة قالت لا".

كان بوند، كما وصفه مبتكره الروائي إيان فليمنغ "أداة حادة، تستخدمها إدارة حكومية... هادئاً، قاسياً، لا يرحم، ساخراً، وقاتلاً". شعر كل من كابي بروكولي وسالتزمان أن الممثل الاسكتلندي الشاب الذي لم يكن معروفاً نسبياً، خيار مثالي.

تقول بروكولي: "هناك قصة مشهورة عن حضور [كونري] إلى المكتب في 3  أودلي سكوير. عند مغادرته، سارع كل من كابي وهاري إلى النافذة لمشاهدته وهو يمشي عبر الشارع لأن مشيته كانت تشبه مشية النمر... كان يمتلك كاريزما حقيقية. كانت لافتة حقاً".

 

تتغافل الأساطير المحيطة بإسناد الدور لـكونري عن عامل مهم، لم يكن أجر الممثل الاسكتلندي باهظاً. لقد تقاضى 6 آلاف جنيه استرليني عن الدور، وهو مبلغ جيد في عام 1962، ولكنه يساوي جزءاً ضئيلاً من الأجور المدفوعة لنجوم هوليوود.  تلقت أورسولا أندريس 1500 جنيه استرليني مقابل لعبها شخصية هانيتشايل رايدر، وكسبت لويس ماكسويل 200 جنيه استرليني عن تجسيد دور الآنسة مونيبيني للمرة الأولى. يكشف المؤرخ السينمائي تشارلز درازين في كتابه عن تمويل "دكتور نو" أن الموازنة الكاملة لفيلم بوند الأول بلغت 21064 جنيهاً استرلينياً، وهو مبلغ زهيد.

لم يكن هناك ما يضمن إنتاج فيلم بوند ثان، لكن كابي بروكولي وسالتزمان تصرفا كما لو أن الامتياز موجود بالفعل منذ فترة طويلة. لا يمكنك إلا أن تعجب بجرأتهما. لا يضيع سيناريو فيلم "دكتور نو" وقته في تقديم خلفية لشخصية بوند أو كيف تم تجنيده في المكتب الخامس. نحن نتعرف إلى الشخصية وهي جاهزة. الأمر الوحيد الجديد كان مسدساً من طراز "والتر بي بي كيه" الذي أصر رؤساء العميل السري على أن يحمله بدلاً من سلاح "بيريتا" خفيف الوزن المفضل لديه.  

كانت معظم العناصر المألوفة التي تسهم في تكوين الصور اللاحقة موجودة بالفعل: الدعابة التي يتبادلها بوند مع مونيبيني كلما ذهب لرؤية رئيسه المتجهم دائماً "إم"، وتوظيف الموسيقى التصويرية الرئيسة لزيادة التوتر، والهوس الغريب بالسيارات والأسلحة، والشارة التي صممها موريس بيندر والتي تشمل تصميماً يظهر فيه بوند واقفاً في فوهة بندقية وصوراً تجريدية لنساء يرقصن.

كذلك، لا يشعر المشاهد أبداً بأن أداء كونري تجريبي، أو أنه يتعامل مع الدور بحذر. اللحظة الوحيدة في الفيلم بأكمله التي بدا فيها متوتراً هي عندما كان عنكبوت ضخم يزحف على جسده.

زعم المؤرخ ماكس هاستيغنز أخيراً أن الفيلم حصل في البداية على "مراجعات وإيرادات سيئة" وأنه حقق نجاحاً كبيراً فقط لأن قصته التي تدور "حول مليونير صيني عاشق للصواريخ يعيش في دولة كاريبية ويتقاضى مرتبه من موسكو" بدت فجأة معاصرة للغاية خلال أزمة الصواريخ الكوبية، التي بدأت في منتصف أكتوبر (تشرين الأول)، بعد أسبوعين من عرض الفيلم للمرة الأولى في المملكة المتحدة.

كما يوضح بروكولي وويلسون، يعد هذا الكلام صحيحاً جزئياً فقط. لقد حقق الفيلم نجاحاً كبيراً في المملكة المتحدة، ولكنه لم يعرض في أميركا إلا في أوائل صيف عام 1963 بعد أشهر عدة من انتهاء أزمة الصواريخ.

تقول بروكولي عن تحفظات الموزعين الأميركيين على "دكتور نو": "في أميركا، كانوا قلقين من الفيلم لأنهم اعتقدوا أنه إنجليزي أكثر من اللازم... خصصوا له العروض الثانوية في صالات السينما أو سينمات الهواء الطلق وما إلى ذلك. كانت عليهم إعادة إطلاقه لاحقاً عندما أحدث ضجة كبيرة. أعتقد بأن حقبة كينيدي وأزمة الصواريخ الكوبية وغيرهما ساعدت على الأرجح، لكنه كان فيلماً مذهلاً للغاية. كان فيه أكشن، وفيه جنس، وكل العناصر الرائعة. والأهم من ذلك أنه كان يضم شون كونري... وأورسولا أندريس".

أسهم الفيلم في منح دفعة لكثير من الأمور، من السياحة إلى جامايكا إلى مبيعات مايوهات البيكيني، وذلك بفضل المشهد الشهير الذي تخرج فيه أندريس من الأمواج مرتدية بيكيني أبيض في جزيرة كراب كي.

بعد مرور ستين عاماً، تم تكليف بروكولي وويلسون بإعادة ابتكار السلسلة مع الالتزام قدر الإمكان برؤية فليمنغ. إنها عملية موازنة شاقة تزداد صعوبة مع مرور السنين.

يقول ويلسون: "نحن نقدر الجماهير وتسعدنا رؤية أنها مهتمة جداً وتواصل اهتمامها... جزء من عملنا هو محاولة عدم تخييب أملها، ولكن في الوقت ذاته تقديم شيء جديد لم تشاهده من قبل".

لو كان لدى المنتجين أي شك، فإنهم يرجعون دائماً إلى الروايات والقصص القصيرة. يقول ويلسون الذي قام بكتابة سيناريو عدد من الأفلام في السلسلة: "الشخصية التي رسمها فليمنغ هي شخصية غنية. هناك دائماً شيء ما قد يساعدك، يذكرك بجوانب في الشخصية ربما لم تفكر فيها أو قد ترغب في إعادة ابتكارها".

الجاسوس السادي العنيف الذي ابتكره فليمنغ أصبح الآن ضيفاً في قصر باكنغهام. تم ذكر لقائه مع الملكة في بداية أولمبياد لندن عام 2012 تقريباً في كل نعي لجلالتها. بوند ليس الدب بادينغتون. إذاً، كيف تحول إلى شخصية عزيزة في الثقافة الشعبية البريطانية؟

تقول بروكولي: "أعتقد بأن سبب وجود هذا الارتباط [بين الملكة وبوند] هو أن كليهما تجسيد للخدمة. كما تعلم، بالتأكيد أمضت الملكة 70عاماً في الخدمة المتفانية، وبالنسبة إلى بوند، فإن الخدمة هي عمله. كان يكرس نفسه لخدمة الملكة والبلد. والآن، سيكرس وقته لخدمة الملك والبلد. أعتقد بأن هذا هو الشيء الذي يدركه الناس ويقدرونه"، جاعلاً الجاسوس المفضل لبريطانيا يبدو البطل الوطني المثالي.

أسألها عن سعي بوند خارج أوقات العمل إلى الحصول على المتعة على مدار العقود الستة الماضية، فتقدم بروكولي تفسيراً لذلك أيضاً، قائلة: "عناصر المتعة تكمن في كونه رجلاً يشعر بأن عمره قصير جداً. إنه قاتل لكنه أيضاً فريسة لقتلة آخرين... سيستفيد قدر الإمكان من اللحظات المتاحة له لأنه لا يعرف ما إذا كان سيبقى على قيد الحياة ليوم آخر. إنه يريد عيش الحياة إلى أقصى حد".

قد لا يكون لدى بروكولي وويلسون حتى الآن فكرة عن الممثل الذي سيتناول مشروب بوند المفضل في الفيلم المقبل، لكنهما متأكدان تماماً من حقيقة واحدة. تقول بروكولي مازحة: "إذا دخل شون كونري علينا اليوم، أعتقد أننا سنعطيه الدور".

تجرى فعاليات احتفالية "60 عاماً على إطلاق أفلام جيمس بوند" في صالتي المعهد البريطاني في ساوثبانك وآيماكس بلندن ما بين 30 سبتمبر (أيلول) و2 أكتوبر (تشرين الأول). مزيد من التفاصيل في الموقع الرسمي للمعهد: www.bfi.org.uk

© The Independent

المزيد من سينما