Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مادة سامة قد تسبب كارثة للحياة البحرية على سواحل بريطانيا

بحث جديد ينقض رأي الحكومة البريطانية بأن الطحالب أحدثت نفوقاً جماعياً لحيوانات مائية قرب مصب نهر تيس

الحياة البحرية ومخاطرها (غيتي)

تواجه الحكومة البريطانية تساؤلات جديدة حول كارثة بيئية شهدها الساحل في شمال شرقي إنجلترا بعد أن كشف عدد من العلماء أن الحيوانات البحرية ربما نفقت نتيجة مادة سمية من صنع الإنسان. وقد يكون المركب الكيماوي الـ"بيريدين" pyridine الذي يستخدم في العمليات الصناعية، السبب وراء نفوق جماعي آلت إليه حيوانات سلطعون البحر والكركند منذ أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، بحسب فريق من العلماء من جامعات "دورهام" و"نيوكاسل" و"هال" و"يورك" الإنجليزية، وفق مشروع تقرير اطلعت عليه "اندبندنت".

وكذلك يلفت أن النتائج تتناقض مع تقرير مشترك بين هيئات عدة، أعد تحت إشراف "وزارة الأغذية والزراعة والشؤون الريفية" [اختصاراً "ديفرا" Defra] في المملكة المتحدة، ووجد أن المادة السمية لم تكن موجودة في المنطقة، حيث جرفت المياه حيوانات البحر النافقة من مصب "تيس" على الساحل، إلى المدينتين الساحليتين "ويتبي" و"سكاربورو". على النقيض من ذلك، ذكر ذلك التقرير إن تكاثر الطحالب ربما يكون السبب المحتمل الذي يعزى إليه موت الحيوانات، وذلك على رغم العثور على كميات من "بيريدين" في عينات مأخوذة من السلطعونات النافقة.

في تصريح أدلى به في هذا الشأن، أوضح الدكتور غاري كالدويل، وهو عالم في "جامعة نيوكاسل"، إن "نتائجنا تظهر أنه يتعذر الآن الدفاع عن موقف ديفرا". وفي نفس مماثل أشار جو ريدفيرن عالم في الأحياء البحرية وصياد إلى "ضرورة تغير النتائج التي خلصت إليها التحقيقات الأخيرة طريقة تفكيرنا في حوادث الوفيات الجماعية الأخيرة التي ألحقت الضرر بساحلنا، بل أيضاً طريقة تفكيرنا في أعمال التجريف والتلوث البحري في مختلف أنحاء العالم".

وتأتي الأدلة الجديدة في أعقاب تحقيق مستقل كشف عن مزاعم صادرة من مسؤولين تفيد بأنهم تعرضوا لضغط سياسي من أجل إبداء الموافقة على الفرضية التي ترى أن تكاثر الطحالب أودى إلى نفوق الحيوانات البحرية في وقت استدعت الحوادث، في نظرهم، إجراء مزيد من التحقيقات حول تلك الفرضية. وفي يوليو (تموز) الماضي، ذكر مسؤول اشترط عدم الكشف عن هويته أنه وزملاءه لم يكونوا "واثقين من أن تكاثر الطحالب يشكل السبب المطلق في نفوق الحيوانات خلافاً لرأي السياسيين". وبحسب مسؤول آخر "لقد مورس ضغط سياسي واضح علينا من أجل العثور على إجابة، من ثم نالت الفرضية الأقل حساسية من الناحية السياسية الأولوية الكبرى".

في سياق متصل، أثار نشطاء بيئيون ومجموعات الصيادين مخاوف من أن مركب "بيريدين" الذي تركته الصناعة الثقيلة التاريخية في "تيس" ربما حركت ركوده عمليات التجريف التي تتضمن عادة رفع الرواسب من قاع البحر بغرض تعميق قنوات السفن أو أعمال البناء، المرتبطة بإدارة المجمع البحري "تيسبورت" Teesport التي تشرف عليها مجموعة الموانئ "بي دي بورتس"، وتدعمها شركة مالية بنحو 613 مليار جنيه استرليني (680 مليار جنيه استرليني) من الأصول الخاضعة للإدارة. وقد أشارت "بي دي بورتس" إلى أنها لا تعتقد أن اللوم يقع على التجريف. وأشار النشطاء البيئيون أيضاً إلى أوجه خطورة أخرى يطرحها التطوير المقبل للميناء الحر المتصل بـ"بريكست" [خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي] الذي من المزمع استحداثه في تلك المنطقة، وسيتطلب إجراء مزيد من أعمال التجريف المكثفة. ومن المقرر أن يقدم الفريق المستقل من العلماء نتائجه الكاملة إلى الحكومة البريطانية والهيئات ذات الصلة، الخميس.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في الإطار نفسه، وجد العلماء في "جامعة نيوكاسل" أن "بيريدين" كان موجوداً في رواسب قاع البحر عند مستويات وأعماق عدة، مما يعني أن التجريف يزعزع استقراره بسهولة. ووجد الباحثون أن حيوانات السلطعون تواجه نوبات تشنج ثم تصاب بالشلل بعد تعرضها لـ"بيريدين". وفي نهاية المطاف، فإنها تفارق الحياة وقد بدت عليها تلك الهيئة الموثقة نفسها للسلطعونات النافقة التي وجدت طريقها إلى الشاطئ.

معلوم أن هذه المادة الكيماوية تعتبر سماً بالنسبة إلى الحياة البحرية، وتضر بالبشر أيضاً. أبلغ صيادون وأشخاص مارسوا السباحة في البحر، عن معاناتهم حكة في العينين والتهاباً في البشرة بعد أن احتكوا بالمياه والقشريات الميتة في المناطق المتضررة. وتتطابق هذه التجارب مع المخاطر المرتبطة بالـ"بيريدين"، وفق "الجمعية الكيماوية الأميركية".

تنص مسودة التقرير على ما يلي، "تدعم النتائج الاقتراح القائل إن "بيريدين" والتجريف ربما أديا دوراً رئيساً في الحوادث المرصودة من النفوق الجماعي". وكذلك استعان العلماء بنماذج حاسوبية افتراضية تحاكي الظروف وأعمال التجريف، والتيارات البحرية في وقت قريب من حوادث هلاك الحيوانات البحرية، كي يتبينوا إن كانت المادة السامة، بعد أن زعزعت أعمال التجريف استقرارها، قد وجدت طريقها إلى مناطق من الساحل عثر فيها على أعداد من السلطعونات والكركند وقد نفقت أو تلفظ أنفاسها الأخيرة.

واستطراداً، استخدم التحليل مستويات من "بيريدين" أقل من تلك التي أشارت إليها عينات وفحوص مخبرية أخرى، من أجل التوصل عمداً إلى تقييم متحفظ للتأثير المحتمل المتصل بهذه المادة الكيماوية. وفي النتيجة، تبين أن المستويات المعتمدة كانت لتقتل ما يصل إلى 50 في المئة من مجموعات سلطعون البحر في "ريدكار" و30 و10 في المئة منها في المناطق المجاورة بهذه الطريقة.

تواصلت "اندبندنت" مع "دي بي بورتس" للحصول منها على تعليق في هذا الشأن.

وفي ذلك الصدد، ذكر متحدث باسم "ديفرا"، أن "تحقيقاً شاملاً تضمن العام الماضي فحوصاً مكثفة لمواد كيماوية وملوثات أخرى من قبيل "بيريدين". ووجد في النهاية أن التكاثر الطبيعي للطحالب كان السبب الأكثر ترجيحاً". ووفق ذلك المتحدث نفسه "نحن نعي المخاوف المتعلقة بأعمال التجريف، لكننا لم نعثر على دليل يشير إلى أنها السبب المحتمل. لم تحصل أي مواد لا تلبي المعايير الدولية على ترخيص يقضي بالتخلص منها في البحر في هذه المنطقة". وكذلك أعرب المتحدث باسم "ديفر" عن ترحيبه "بالبحوث التي تنهض بها الجامعات"، موضحاً أنهم سيواصلون التعاون معها، بما في ذلك دراسة هذا التقرير بروية وعناية".

نشر في "اندبندنت" بتاريخ 30 سبتمبر 2022

© The Independent

المزيد من بيئة