بدأ مقدمو الرهن العقاري رفع أسعار الفائدة إلى مستويات لم نشهدها منذ الأزمة المالية إذ حذر الاقتصاديون من أن تكاليف الاقتراض المتزايدة ستؤدي إلى انخفاض حاد في أسعار المساكن. وعلق مصرفا "أتش أس بي سي" و"سانتاندير" صفقات الرهن العقاري الجديدة وأصبحت "نيشن وايد" المؤسسة المالية الكبرى الأولى التي تزيد الصفقات ذات السعر الثابت، وارتفع سعر الفائدة لمدة عامين إلى 5.59 في المئة، وقبل ثلاثة أشهر عرضت رهناً عقارياً مشابهاً بنسبة 2.54 في المئة.
هذه الزيادة تعادل ما تنفقه أسرة لديها رهن عقاري قيمته 500 ألف جنيه استرليني (533.4 دولار)، 881 جنيهاً استرلينياً (940.4 دولار) إضافياً شهرياً على السداد.
ومن المتوقع أن يحذو مقرضون آخرون حذوها وسط توقعات بأن يرفع بنك إنجلترا سعر الفائدة الأساسي إلى ستة في المئة العام المقبل. وقال سماسرة الرهن العقاري، إن بعض صفقات القروض إلى القيمة الأعلى يمكن أن يتم سحبها بالكامل بسبب المخاوف في شأن القدرة على تحمل التكاليف واستقرار سوق العقارات.
استجابة سياسة نقدية
وقال كبير الاقتصاديين في بنك إنجلترا هوو بيل، إنه ستكون هناك "استجابة سياسية نقدية كبيرة" في محاولة لدعم الجنيه بعد أن أعلن وزير المالية كواسي كوارتنج عن تخفيضات ضريبية تزيد على 45 مليار جنيه استرليني (47.9 مليار دولار)، وجاءت هذه الاستجابة على النحو التالي:
-حذر المحللون في "كريديت سويس" من أن الجمع بين ارتفاع أسعار الفائدة والتضخم وخطر الركود قد يؤدي إلى انخفاض أسعار المساكن بنسبة تتراوح بين 10 و15 في المئة.
-تعافى الجنيه الاسترليني من أدنى مستوياته القياسية، وارتفع بنسبة 0.8 في المئة مقابل الدولار إلى 1.07 دولار، لكنه ظل دون المستوى الذي كان يتداول عنده قبل الميزانية المصغرة.
-اتضح أن ليز تراس رئيسة الوزراء قاومت في البداية اقتراحات بضرورة أن تصدر الحكومة بياناً لتهدئة الأسواق، لكن كوارتنج أقنعها بذلك.
-حذر رئيس صندوق التحوط، الذي وظف وزير الخزانة ذات مرة، من أن الجنيه الاسترليني سيضعف أكثر.
-انتقد صندوق النقد الدولي التخفيضات الضريبية التي فرضها وزير المالية قائلاً "نظراً إلى ضغوط التضخم المرتفعة في العديد من البلدان، بما في ذلك المملكة المتحدة، لا نوصي بالحزم المالية الكبيرة وغير المستهدفة في هذه المرحلة."
سمعة المحافظين "الاقتصادية" في خطر
ووسط القلق المتزايد في شأن حجم أزمة الإسكان المحتملة، حاول كوارتنج طمأنة النواب المحافظين بأن الحكومة لديها خطة موثوقة للنمو ويمكن أن تغير الاقتصاد قبل الانتخابات المقبلة. ودافع عن الميزانية المصغرة، الأسبوع الماضي، قائلاً إن قرار إلغاء أعلى معدل ضرائب يبلغ 45 بنساً كان "الخيار الصحيح" للحفاظ على قدرة بريطانيا على المنافسة، كما أشار إلى أن الأسواق بالغت في رد فعلها وبدأت تستقر.
ومع ذلك قال مصدر من حزب المحافظين، إن النواب كانوا "مذعورين" ويخشون أن يتحمل المحافظون اللوم السياسي عن أزمة غلاء المعيشة. وأضاف المصدر "الحقيقة أننا كنا نعلم دائماً أن أسعار الفائدة سترتفع ولكن التصور الآن هو أن كل ذلك نتيجة لميزانيتنا لخفض الضرائب، هذا مكان سيئ للغاية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال ميل سترايد رئيس لجنة الخزانة في مجلس العموم، الذي دعم ريشي سوناك للقيادة، إن سمعة الحزب في الاقتصاد "في خطر". أضاف أن البلاد كانت في "وضع صعب للغاية"، مع تكاليف اقتراض أعلى من إيطاليا أو اليونان، وأنه من الضروري إعادة بناء الثقة بعد الوعود الضريبية "غير الممولة" من وزير الخزانة.
وقال لصحيفة "ذا وورلد آت وان" على إذاعة "بي بي سي الرابعة" "أعتقد أن هذا حقاً هو الجزء الذي أخاف الأسواق، لأنه يجب دفع ثمن تلك التخفيضات الضريبية".
الفائدة ورفع معدلات الرهن العقاري
وكان بنك إنجلترا قد تحرك بعد انخفاض الجنيه الاسترليني عقب الميزانية المصغرة لتهدئة الأسواق، مشيراً إلى استعداده لرفع أسعار الفائدة في الاجتماع المقبل للجنة السياسة النقدية في نوفمبر (تشرين الثاني). وقال ميل إنه لا يمكن أن تكون الحكومة "غير مبالية" باضطراب السوق الناجم عن تخفيف السياسة المالية ولمح إلى زيادة كبيرة أخرى في أسعار الفائدة. أضاف في خطاب ألقاه أمام منتدى "باركليز" والشبكة الأوروبية للباحثين في السياسة الاقتصادية الدولي CEPR للسياسة النقدية "من الصعب عدم التوصل إلى نتيجة مفادها بأن كل هذا سيتطلب استجابة سياسية نقدية كبيرة". وقال إن "لدى بنك إنجلترا مصلحة ومسؤولية كبيرة للغاية في الحفاظ على عمليات السوق المنظمة والجيدة الأداء، زملائي يأخذون هذه المسؤولية على محمل الجد".
ويتوقع المحللون أن يرفع البنك سعر الفائدة الأساسي، البالغ 2.25 في المئة في الوقت الحالي، إلى 3.5 في المئة في نوفمبر. ويتوقع البعض أن يرتفع المعدل الأساسي إلى أكثر من ستة في المئة العام المقبل.
وقال كبير محللي العقارات في "كابيتال إيكونوميكس" أندرو ويشارت إنه إذا رفع البنك أسعار الفائدة إلى 6.1 في المئة، فقد ترتفع معدلات الرهن العقاري المقتبسة من 3.6 في المئة، الشهر الماضي، إلى نحو 6.6 في المئة وهو مستوى وصل إليه آخر مرة في عام 2008. أضاف، أن ديون الرهن العقاري أصبحت الآن أكبر مما كانت عليه في عام 2008، وأن المعدلات المرتفعة ستضع ضغطاً أكبر على الموارد المالية لأصحاب المنازل.
وقال مدير في بنك "كريدي سويس" أندرو جارثويت، إن مزيج الركود وارتفاع أسعار الفائدة وارتفاع التضخم سيجتمع لتوجيه ضربة خطيرة لسوق العقارات، مضيفاً "في معدلات المقايضة الحالية، سيكون متوسط الرهن العقاري 6.3 في المئة". وتابع أن "أسعار المساكن يمكن أن تنخفض بسهولة بنسبة 10 في المئة إلى 15 في المئة."
وقال نيل هدسون محلل سوق الإسكان ومؤسس شركة "بيلت بلاس" الاستشارية لـ"ذا تايمز"، إن سوق الإسكان أصبحت "مخيفة". أضاف "ما زلت غير متأكد من أن السوق ستنهار، لكن المخاطر أكبر مما كانت عليه منذ عقد على الأقل".
وأدت المخاوف من الارتفاع السريع في معدلات الرهن العقاري إلى محاولة العديد من مالكي المنازل عقد الصفقات. وقال أحد الوسطاء مايكل الدريدج، إن العميل كان على استعداد لدفع رسوم قدرها 40 ألف جنيه استرليني (42.7 ألف دولار) لتأمين صفقة جديدة الآن، لأنهم كانوا قلقين في شأن المبلغ الذي سيدفعونه عند انتهاء صفقتهم.