Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تعيد البنوك المركزية أخطاء السبعينيات للسيطرة على التضخم؟

الكلف طويلة الأجل ستعزز أزمات خدمة الدين واضطراب الأسواق

يقدر صندوق النقد الدولي أن الدين العام إضافة إلى الدين الخاص غير المالي ارتفع بنسبة 28 نقطة مئوية في عام 2020 (أ ف ب)

بعد أن أساؤوا تقدير قوة التضخم خلال العام الماضي، أصبح محافظو البنوك المركزية حريصين الآن على إيصال رسالة مفادها أنهم مصممون على عدم تكرار أخطاء السبعينيات، ويعتقد أن ذلك أفضل كثيراً لأن تلك الحقبة أخبرتنا أن الكلف طويلة الأجل للسماح للتضخم بالترسخ تفوق بكثير الكلف قصيرة الأجل لإخضاعه للسيطرة.

ومع ذلك، وعلى رغم أن التهديد الحالي من قوافي الركود التضخمي مع السبعينيات، فإن السياق الاقتصادي والمالي الأوسع عندما بدأ رئيس مجلس الاحتياط الفيدرالي بول فولكر في تشديد السياسة عام 1979 يختلف بشكل ملحوظ عن اليوم، فقد كان التضخم أعلى بكثير وكانت الاقتصادات المتقدمة تبدو مختلفة للغاية، وبالتالي فمن المهم التفكير في الأخطاء الجديدة المحتملة خلال العقد الأول من القرن الـ 21.

ويتمثل الاختلاف الوحيد الأكثر أهمية من حيث إعادة المسار إلى الأسعار المستقرة، خصوصاً مع التراكم الضخم للديون منذ ذلك الوقت، ففي الولايات المتحدة ارتفع الدين العام الإجمالي كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي من 34.3 في المئة عام 1982 إلى 127.0 في المئة عام 2021، وظهر اتجاه مماثل بجميع أنحاء العالم المتقدم، كما كانت مستويات الدين في قطاعي الشركات والأسر باتجاه تصاعدي خلال تلك الفترة، لكن لماذا؟

صدمة العرض

تقول "فايننشيال تايمز" إن أحد الأسباب الأساس كان صدمة جانب العرض، إذ انضمت الصين والهند وأوروبا الشرقية إلى الاقتصاد العالمي، مما أدى إلى انخفاض العمالة مقارنة برأس المال، وقد أدى ذلك إلى انخفاض الاستثمار وضعف الطلب في الاقتصادات المتقدمة، كما عوضت البنوك المركزية عن ذلك بسياسة نقدية أكثر مرونة أدت إلى تشويه أسعار الأصول إلى الأعلى، مقارنة بأسعار السلع مع تأمين نمو يعتمد على الديون.

في غضون ذلك، ظل التضخم هادئاً مما جعل من السهل على البنوك المركزية الحفاظ على أهداف التضخم التي تم تقديمها في حقبة ما بعد بول فولكر، في حين شجعت أسعار الفائدة المنخفضة الخطرة أخلاقياً على مزيد من الاقتراض، وهو تأثير تصاعد بعد الأزمة المالية 2007 - 2009 على خلفية أسعار الفائدة شديدة الانخفاض والسلبية في جميع أنحاء العالم، إلى جانب برامج شراء الأصول لدى البنوك المركزية، ثم أدى الدعم المالي أثناء الوباء إلى أكبر زيادة في الديون لمدة عام واحد منذ الحرب العالمية الثانية.

ويقدر صندوق النقد الدولي أن الدين العام، إضافة إلى الدين الخاص غير المالي ارتفع بنسبة 28 نقطة مئوية في عام 2020 إلى 256 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. 

الاقتراض المؤلم

وكان مثل هذا الاقتراض غير مؤلم نسبياً مع معدلات منخفضة للغاية، وأصبحت الآن نقطة ضعف مدمرة مع ارتفاع حالات العجز الناجم عن الوباء ورفع البنوك المركزية أسعار الفائدة وتقليص موازناتها لمعالجة التضخم المتزايد.

وتزداد كلف الاقتراض بشكل طبيعي في القطاع العام، وحيثما انخرطت البنوك المركزية في عمليات شراء الأصول على نطاق واسع فإن أسعار الفائدة المرتفعة ستقلل أيضاً تحويلات البنوك المركزية إلى الحكومات. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في الواقع استبدلت البنوك المركزية الدين طويل الأجل بالديون المربوطة بسعر الفائدة لليلة واحدة، وهو السعر على احتياطات البنوك التي مولت شراء الأصول.

ويقول بنك التسويات الدولية إنه نتيجة لذلك في أكبر الاقتصادات المتقدمة، فإن ما يصل من 30 و50 في المئة من الدين الحكومي القابل للتسويق بات ساري المفعول بين عشية وضحاها، وفي هذه العملية قد تثير الخسائر في بيع الأصول مع ارتفاع عائدات السندات وانخفاض الأسعار أسئلة محرجة سياسياً حول ما إذا كان ينبغي تعزيز موازنات البنوك المركزية بأموال دافعي الضرائب. 

عدم استقرار مالي

في القطاع الخاص تؤدي السياسة المتشددة إلى ارتفاع كلف خدمة الديون مع انخفاض أسعار المنازل والأوراق المالية، وتعني عولمة تدفقات رأس المال منذ الثمانينيات أيضاً أن الأسواق الناشئة المثقلة بالديون ستتضرر بشكل خاص من ارتفاع المعدلات. 

ويقول مايكل هويل من "كروس بوردر كابيتال" لاستراتيجيات الاستثمار، "تشير التغييرات في الهيكل المالي منذ حقبة فولكر إلى عدم الاستقرار المالي الذي يلوح في الأفق، في حين أن نمو أسواق المشتقات الغامضة وظهور بنوك الظل غير الخاضعة للتنظيم، وبيئة تنظيمية ما بعد الأزمة تقيد قدرة البنوك على نقل الأوراق المالية إلى موازناتها العمومية في أوقات الشدة هي سمات تثير الأعصاب للأسواق الحديثة".

ويشير هويل إلى أن الدور الرئيس للنظام المالي لم يعد يأخذ الودائع ومنح القروض، لكن إعادة تمويل الديون التي تدعم النمو والاستهلاك العالميين، فيما يعتمد هذا النظام المعقد بشكل متزايد على الضمانات الهشة.

وترى الصحيفة أن السيطرة الناجحة على التضخم تتطلب اتخاذ إجراءات وقائية، ومع ذلك تعلن البنوك المركزية أنها تعتمد على البيانات وتركز عن كثب على أرقام التضخم والعمالة، وهي مؤشرات متأخرة.

ولدى رئيس مجلس الاحتياط الفيدرالي جيروم باول، مثله مثل معظم محافظي البنوك المركزية الآخرين، أدنى اهتمام بأرقام عرض النقود، وهي مؤشرات مستقبلية.

ولاحظ تيم كونغدون من جامعة "باكنغهام" الذي يعد سجله التنبؤي في ما يتعلق بالتضخم الحالي أفضل بكثير من سجل البنوك المركزية، أن النمو النقدي الواسع في الولايات المتحدة قد توقف بشكل كامل تقريباً خلال الأشهر الستة حتى يوليو (تموز) من هذا العام، مما يجعل أمامنا وصفة مثالية للإفراط في النقد وأزمات سيولة.