Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يهرع الأوروبيون نحو "شمس تونس" هربا من شتاء الحرب؟

"أزمة الغاز" تعد بفرص إضافية لتنشيط السياحة المتعثرة ومطالبات بتوفير رحلات جوية منتظمة

كان القطاع السياحي في تونس شهد عدداً من التقلبات والاضطرابات جراء تداعيات جائحة فيروس كورونا (اندبندنت عربية)

مع اقتراب فصل الشتاء زاد التوتر والخوف في أوساط الحكومات الأوروبية بسبب أزمة الغاز الناتجة عن إيقاف روسيا ضخ غازها نحو أوروبا بشكل كامل ونهائي، إذ ارتفعت أسعار الغاز في أسواق العالم بنسبة 30 في المئة، بزيادة 400 في المئة مقارنة مع السنة الماضية.

وتشهد مختلف الحكومات في أوروبا حال استنفار قصوى مع اقتراب فصل الشتاء، لذلك وضعت عدداً من المخططات لتفادي أزمة الغاز، وفي مقدمة هذه المخططات الحرص على التقليص قدر الإمكان من استهلاك الطاقة لتوفير الكهرباء والغاز وتحمل برودة الطقس.

ثلاثة محاور

خطة "المفوضية الأوروبية" لتعويض الغاز الروسي ستعتمد على ثلاثة محاور أساسية، أولها "ممر الغاز الجنوبي" الذي يمر عبر أذربيجان وجورجيا وتركيا واليونان وبلغاريا وألبانيا والبحر الأدرياتيكي، وسيتم تسليمها إلى إيطاليا عبر خطوط أنابيب تمتد إلى أكثر من 3500 كيلومتر.

أما المحور الثاني فهو الاعتماد على البحر الأبيض المتوسط كمنصة من أجل وصول الغاز نحو أوروبا، وهنا تتحدث "المفوضية الأوروبية" عن كل من الجزائر ومصر وقبرص لتوريد الغاز إما عبر الأنابيب أو باستيراد الغاز المسال.

المحور الثالث يتمثل في استيراد الغاز الطبيعي المسال وتخزينه، وهنا تحدد "المفوضية الأوروبية" ثلاثة مصادر أساسية هي الولايات المتحدة وقطر وشرق أفريقيا.

السياحة ملاذ رابع

لكن في المقابل، هناك خيار رابع يمكن لتونس أن تقدمه، وهو حسن توظيف المناخ الدافئ والمشمس في أشهر نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول) ويناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) لاستقطاب آلاف الأوروبيين الباحثين عن ملاذات أكثر دفئاً تقيهم تداعيات أزمة الغاز الروسي.

وإن كان القطاع السياحي في تونس شهد عدداً من التقلبات والاضطرابات جراء تداعيات جائحة فيروس كورونا عامي 2020 و2021، فإن للقطاع حظوظاً كبيرة لتتدارك الوضع وتوظيف أزمة الغاز الروسي لصالحه بالعمل على إرساء مخطط عملي اتصالي عاجل يشجع الأوروبيين على التفكير في التوجه إلى تونس لقضاء بضعة أسابيع والابتعاد عن شتاء أوروبا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في الواقع، يتطلب الأمر القيام بجهود كبيرة وشاقة من أجل بلورة استراتيجية قصيرة المدى تستغل تأثيرات أزمة نقص إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا لإقناع كبرى وكالات السياحة العالمية بأن الوجهة التونسية قد تكون حلاً بديلاً يجنب عشرات الآلاف من الأوروبيين قساوة المناخ بالسفر إلى وجهة أكثر دفئاً، لا سيما للأشخاص الذين يعانون أمراض الكهولة وعددهم مئات الآلاف في القارة العجوز.

بإمكان آلاف الأوروبيين قضاء عطلة عيد ميلاد المسيح وعطلة آخر السنة بعيداً من أوطانهم هرباً من قساوة الطقس وتشدد الحكومات الأوروبية في تقليص استهلاك الطاقة، الأمر الذي قد يرفضه الأوروبيون وبخاصة المتقدمين في السن والمتقاعدين.

معضلة النقل الجوي

من أهم دعائم التشجيع على الوجهة التونسية وجوب توافر خطوط جوية منتظمة ورحلات متواصلة بين تونس وأوروبا علاوة على التشجيع على رحلات "الشارتر" القصيرة المدى، الأمر الذي يتطلب التوقيع على اتفاق "السماوات المفتوحة" الذي تأخر في تونس سنوات عدة.

يقول وزير السياحة محمد معز بلحسين إنه لا توجد أية عقبة يمكن أن تحول دون توقيع الاتفاق المتعلق بالسماء المفتوحة مع الاتحاد الأوروبي. وعبر في تصريح إعلامي عن ثقته في التوقيع قريباً على الاتفاق الذي يقضي بفتح الأجواء التونسية إلى جانب المطارات الوطنية أمام الطائرات من مختلف شركات الطيران الأوروبية، بخاصة ذات الأسعار المنخفضة.

من جانبها، أكدت درة ميلاد رئيسة "الجامعة التونسية للنزل" ضرورة الإسراع بالانضمام إلى هذا الاتفاق بعد تأخره سنوات، معتبرة أن "آلية السماء المفتوحة تبقى فرصة لموسم سياحي جيد كما هي الحال بالنسبة إلى دول عدة".

كما دعا سفير الاتحاد الأوروبي بتونس ماركوس كارنارو، عبر حسابه على "تويتر"، تونس إلى التوقيع على اتفاق "السماوات المفتوحة" معتبراً أن "للاتفاق انعكاساً إيجابياً فورياً على المطارات".

عائدات سياحية متواضعة

زار تونس نحو 4.1 مليون سائح إلى حدود يوم 10 سبتمبر (أيلول) 2022، أي بزيادة في نسبة التدفق بلغت 161.4 في المئة مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2021، لكن بتراجع بنسبة 38.1 في المئة مقارنة بعام 2019.

وبلغت قيمة العائدات السياحية 2662.7 مليون دينار (نحو 876 مليون دولار) في 31 أغسطس (آب) 2022، أي بارتفاع نسبته 82 في المئة مقارنة بعام 2021، وبتراجع 29.4 في المئة مقارنة بعام 2019، مما يعني أن كل سائح أنفق في تونس نحو 213 دولاراً وهي عائدات ضعيفة جداً لا ترتقي إلى تطلعات أهل المهنة ولا البلاد التي يعد القطاع السياحي أحد أهم ركائزها في توفير العملة الأجنبية.

يرى المهنيون والمتخصصون في الشأن السياحي أن من الضروري تحسين العائدات المالية السياحية عبر الاستعداد الجيد لموسم السياحة الصحراوية، وتوظيف المزايا التي تتمتع بها الصحراء التونسية في فصل الشتاء، بتنويع العرض والاشتغال أكثر على استشراف الأوضاع الجيوسياسية الحاصلة الآن.

يقول هادي حمدي الصحافي التونسي المتخصص في الشأن السياحي إن من الصعب جداً نجاح تونس في هذه المسألة، في ظل عدم توافر خطوط جوية منتظمة ورحلات "شارتر" متواصلة لجلب السياح الأوروبيين لقضاء الشتاء في تونس.

ويضيف "الاعتقاد أن الوجهة التونسية غير مكلفة للأوروبيين لا يستقيم بالمرة ولا يمكن اعتماده كشعار لجلب السياح الأوروبيين، بل يتعين التعجيل بحملة ترويجية جديدة".

ويؤكد أن عدداً من السياح الأوروبيين المتقاعدين يتحولون آلياً إلى تونس سنوياً لقضاء عطلة الشتاء فيها والاستمتاع بالشمس بخاصة في الجنوب التونسي.

ويخلص إلى أن "الأوروبيين في فصل الشتاء يشتغلون، والدراسة متواصلة، ومن المستبعد ترك العمل والدراسة والتحول إلى بلد مثل تونس لقضاء بضعة أسابيع بعيداً من الشتاء القاسي في أوروبا".

الفرص موجودة ولكن

تقول درة ميلاد رئيسة "الجامعة التونسية للنزل" إن أهل المهنة والجامعة توقعوا أن ارتفاع أسعار النفط في العالم سيكون له تأثير في حركة تنقل الأشخاص خلال فصل الشتاء.

وتضيف أن أصحاب وكالات السفر الذين التقتهم على هامش "الصالون الدولي للسياحة والسفر" (توب ريزا) الذي احتضنته العاصمة الفرنسية باريس أخيراً، أكدوا أن هناك طلبات للإقامة المطولة في الفنادق التونسية تخص السياح المسنين.

لكنها تشير بالمقابل إلى أن أصحاب الوكالات اعتبروا أن هؤلاء لا يحبذون التنقل بعيداً من بلدانهم، ولديهم تخوفات من ناحية تأمين العلاج في حال تعرضهم لوعكات صحية أثناء سفرهم، لذلك لا ينتظر أن تكون هناك نسبة حجوزات مهمة.

من جانب آخر، صرحت درة بأن هناك جهات سياحية في تونس بصدد طرح نظام إقامات مطولة بأسعار مدروسة وكذا إقامات مشتركة بمعنى تقسيم مدة الإقامة على جهات عدة، علاوة على أن هناك فنادق وضعت برامج رحلات سياحية وأنشطة ثقافية للترفيه عن المقيمين لديها.

لكن رئيسة "الجامعة التونسية للنزل" أقرت بأنه لا توجد رؤية واضحة حول فصل الشتاء في ظل وجود تخوفات لدى المهنيين والعاملين في القطاع السياحي من إمكانية عودة "كوفيد-19".

وختمت بأن "الشتاء من الجانب السياحي في تونس سيكون أفضل من العامين الماضيين"، متمنية أن تفضي المفاوضات الجارية الآن مع كبرى شركات الطيران إلى تنظيم رحلات وخطوط مباشرة من فرنسا إلى محافظة توزر (جنوب غربي البلاد)، التي تعتبر وجهة سياحية شتوية مهمة لترويج سياحة المجموعات والوفود شرط توافر النقل الجوي المنتظم والمباشر.

المزيد من منوعات