Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لحساب من يطبع العراق كتبه المدرسية خارج البلاد؟

خروقات وفساد وتجاوزات وأصحاب المطابع الأهلية يدفعون الثمن

أكد مدير عام المناهج في وزارة التربية أن "جميع المناهج تطبع داخل العراق" (اندبندنت عربية)

مع بداية كل عام تعليمي جديد ترتفع المطالبات بفتح ملف طباعة الكتب المدرسية خارج العراق إلى القضاء ومجابهة هذا التوجه، في وقت تمتلك البلاد عدداً من المطابع تنافس في قدرتها وكفاءتها المطابع العالمية.

هذه الأزمة تسببت عام 2005 في تعطيل الطاقات الإنتاجية للمطابع الأهلية والعاملين فيها وارتفاع الاحتجاجات الواسعة التي أدت إلى لجوء بعض هذه المطابع إلى إغلاق أبوابها وتسرح الباقين من عمالها على أمل أن تعاد طباعة المناهج داخل العراق ليعاودوا الاستمرار في العمل.

وتؤكد مصادر صحافية أن المطابع الأهلية المتوقفة تقدر بـ130 مطبعة في بغداد، فضلاً عن تلك المنتشرة ضمن بقية المحافظات.

قلة خبرة  

بعد 2003 اتجهت الحكومة العراقية إلى دعم المستثمرين في جميع المطابع الحكومية مثل الشركة العامة للمستلزمات التربوية التي تشتمل على المطبعة التي تطبع كتب ومناهج وزارة التربية والتي تعد جزءاً من هيكل الوزارة، وكان الهدف من ذلك استثمار إدارة المطابع وتوفير مكائن جديدة وصرف رواتب العمال والأهم من كل ذلك أنهم يملكون الأفضلية في طباعة المناهج والكتب المدرسية.

 وقال صاحب "مطبعة الأديب" العراقية هيثم فتح الله إنه "قبل ما يزيد على خمسة أعوام تقدم أصحاب المطابع العراقية الخاصة بشكوى إلى مجلس الوزراء بسبب استمرار طباعة مزيد من الكتب في بيروت مما يسبب لهم الضرر وأصدر بعدها مجلس الوزراء قراراً يمنع طباعة الكتب المدرسية خارج العراق ورفع قيمة الجمرك على الكتب المدرسية الداخلة إلى البلاد عبر المنافذ الحدودية بنسبة  200 في المئة، ولأن العملية بذلك ستنتهي بخسائر، حصرت الطباعة داخل العراق ونالت المطابع الوطنية حصتها".

فساد وضرائب مجحفة

خاطب مستثمرو المطابع الحكومية مثل مطبعة التعليم العالي ومطبعة التبوغ ومطبعة الوقف السني وزارة التربية، مطالبين بإعطائهم الأولوية في طباعة الكتب المنهجية، وفعلاً باشروا بالطباعة وكانت 80 في المئة من نسبة عقود الكتب من حصتهم وتطبع باسم الدولة وفي مطابعها، لكن الفائدة كانت تعود إلى المستثمرين نفسهم، أما النسبة الباقية الـ20 في المئة فكانت من حصة المطابع المحلية، إذ تقاسمت جميع المطابع العراقية هذه النسبة وكانت العملية برمتها مشبوهة، بحسب فتح الله الذي أكد أنه على صاحب المطبعة تسديد ما نسبته  15 في المئة من قيمة العقد إرضاء لموظفين معينين مهمين بالوزارة، فضلاً عن تسديد الرسوم الأخرى مثل رسم الطابع ورسم المعلم وضريبة أخرى وهذا بمجموعه يفوق ما نسبته  30 في المئة التي تمثل كلف الطباعة.

 

وأضاف "عانى أصحاب المطابع الخاصة، فضلاً عن هذا الموضوع، ارتفاع أسعار الورق والعمالة وتواصل انقطاع التيار الكهربائي الذي تسبب بوقف حال معظم المطابع"، مشيراً إلى أنه "أحياناً يطالب أصحاب المطابع بتسديد نسبة الـ15 في المئة مقدماً"، ولفت إلى أن "الدولة تشترط على الراغبين والمستعدين لطباعة المناهج المدرسية من أصحاب المطابع الأهلية التهيؤ لأن تكشف لجنة خاصة من الوزارة عن قدرتهم الفنية وهذا من حق الوزارة بمقابل مالي يبلغ 3 آلاف دولار".

ضغوط الأحزاب الدينية

"تأسست بالعراق أفخم ثلاث مطابع في الشرق الأوسط من جميع النواحي الفنية والتكنولوجية"، يواصل صاحب "مطبعة الأديب" حديثه، لكن "كانت تنقصها الكفاءة الإدارية وأقصد بها مطبعة جريدة الصباح التابعة لشبكة الإعلام العراقية ومطبعة الكفيل التابعة للعتبة العباسية ومطبعة الوارث التابعة للعتبة الحسينية"، مضيفاً أنه "باستطاعة المطابع الثلاث إنجاز كتب وزارة التربية جميعها وبسهولة تامة".

خصصت وزارة التربية العام الماضي مبلغ 90 مليار دينار لطباعة الكتب في العراق، أخذت إحدى مطبعتي الوقفين 70 ملياراً من المبلغ بحجة امتلاكها الطاقة والكفاءة العالية، فيما تركت الـ20 ملياراً الباقية لتوزع على المطابع المحلية.

وقال فتح الله "نعلم أنه ليس من مصلحة الوزارة منح العقد لمطبعة الوارث أو الكفيل أو حتى للصباح لأنهم لا يدفعون الرشى ويصعب أن تؤخذ منهم رشوة، لكن بسبب ضغوط الأحزاب الدينية يتم إجبار وزارة التربية على الطباعة لدى هاتين المطبعتين، وأنا على ثقة بأنهما لن ترفضا".

وأوضح فتح الله أنه "قبل أسابيع وبسبب وجود أرصدة لمصلحة الحكومة العراقية في مصارف لبنان ولعدم إمكان تسديدها من قبلها تقررت طباعة المناهج في لبنان لسداد الدين"، ولذلك تشكلت لجنة من بعض الشخصيات في وزارة التربية والتعليم والبنك المركزي ورئاسة الوزراء من أجل التفاوض مع المطابع اللبنانية.

سياسة فتح الحدود

وللاستفهام عن وضع المطابع الأهلية العراقية بعد تعاقد وزارة التربية مع مطابع خارج العراق، علق مدير إحدى المطابع الذي رفض ذكر اسمه قائلاً إن "أفضل أنواع عقود الطباعة هي تلك التي توقع مع الدولة، ليس فقط بسبب كمياتها الكبيرة، بل أيضاً بسبب التزام الطرف الثاني الحكومة الدفع المباشر بعد التسلم"، وأضاف "تقسم أكثر المطابع إمكاناتها في العمل التجاري والحكومي وقد تضرر الأخير (الحكومي) بسبب سياسة فتح الحدود من دون رقيب، فبعد عام  2003باشرت وزارة التربية بالتعاقد لطباعة المناهج الدراسية مع مطابع أردنية وإيرانية ولبنانية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشار مدير المطبعة إلى أنه "لو كانت هناك قوانين تطبق جدياً وتفرض على المطبوعات الداخلة من خارج البلاد، خصوصاً إيران وتركيا والأردن وسوريا ومصر، فستضمن المطابع العراقية ديمومتها واستمرارها"، وأفاد المصدر بأن "هناك مطبوعات مدرسية تنفذ بالصين، علماً أن المطابع العراقية جاهزة عدة وعدداً، كما أن هناك كثيراً من المطابع يعيش عمالها على مواسم طباعة الكتب".

وأوضح أنه في لقاء مع قطاع المطابع المحترفة والمعروفة في تركيا والكويت سألنا كيف تحققون الربح مع هذه الأسعار البسيطة؟ وكانت إجابتهم "لأننا لا نعطي الرشى كما تفعلون".

عدم إقرار الموازنة

من جانبه قال متحدث وزارة التربية حيدر فاروق إنه "لم تخصص مبالغ ضمن الموازنة الاتحادية لطباعة الكتب المدرسية وذلك لعدم إقرارها حتى الآن وتختلف المبالغ المخصصة لطباعة المناهج الدراسية من عام لآخر، بحسب حاجة المديريات العامة للتربية ويتم احتساب المتبقي في المخازن المركزية والفرعية، وأضاف أن "جميع الكتب المنهجية تطبع في العراق بمطابع حكومية وأهلية وتمنح ضمن ضوابط وشروط معينة"، مشيراً إلى أن "كتاب اللغة الإنجليزية يطبع خارج العراق بعقد خاص يشمل تأليف الكتاب ويتم هذا بإشراف المديرية العامة للمناهج في وزارة التربية وكذلك الطباعة والتدريب، وهذا العقد تعمل به دول عربية عدة مثل الإمارات وقطر والأردن".

 

ومن جهته، أكد مدير عام المناهج في وزارة التربية رياض كريم عبدالله أن "جميع المناهج تطبع داخل العراق"، موضحاً أن عدد العناوين التي تتم طباعتها سنوياً تبلغ 186 عنواناً وأشار إلى أن الوزارة تحرص في كل عام على الاستفادة من الكتب المسترجعة من الطلبة والتلاميذ، خصوصاً تلك التي تكون بحال جيدة.

تهديد بالقتل

سبق أن تعرض وزير التربية بالوكالة قصي السهيل عام  2019 لتهديد بالقتل بعدما أحال صفقة طباعة المناهج الدراسية إلى مطابع عراقية بقيمة 80 مليار دينار، أي بفارق 120 مليار دينار عراقي عما كلفه خلال الأعوام الماضية بعد أن كانت المناهج تطبع بواسطة "مافيات مشبوهة" بـ200 مليار دينار عراقي خارج البلاد.

ولدى مراجعة التاريخ يتبين أنه منذ الاحتلال الأميركي دخل عدد من المتنفذين وفاقدي الخبرة في هذا القطاع الذي أدى إلى تراجع الدعم الحكومي له مسبباً خسائر مالية فادحة.

ويؤكد مصطفى يونس أحد أصحاب المطابع أن "المتنفذين استوردوا مطابع حديثة بدأت تنافس القطاع الخاص فاضطررنا إلى بيع مطابعنا (خردة)، مما زاد في أعداد العمال العاطلين من العمل".

وأكد عضو اتحاد المطابع في بغداد حسين الحلي إغلاق خمس مطابع خلال شهرين فقط ببغداد والأنبار والنجف وقال إن "الفساد المالي والإداري دفع مسؤولين عراقيين إلى التعاقد مع إيران لطباعة كتب المدارس والجامعات بدلاً من طباعتها في العراق، على رغم جودتها وقلة كلفتها".

وقارن الحلي كتاب الفيزياء للمرحلة الرابعة الإعدادية المكون من 90 صفحة الذي تكلف طباعته في العراق ستة دولارات، في وقت يكلف تسعة دولارات في إيران وبجودة سيئة وتأخير كبير".

المزيد من تقارير