Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مجسّ مبتكر يحمي من الأشعة ما فوق البنفسجية المسببة لسرطان الجلد

مجسّ مبتكر يحمي من الأشعة ما فوق البنفسجية المسببة لسرطان الجلد

تتمتع مجسات الأشعة الشمسية بالمرونة وتستطيع قياس أنواع مختلفة من الأشعة (عن مجلة "ساينس ترانسلايشنل ميديسن")

أحياناً، تكون الأشياء الأصغر هي الأكثر أهمية.  الأرجح أن هذه الكلمات تنطبق على مجس "سِنسور" sensor ابتكره العلماء أخيراً، ويحمل أهمية حاسمة لصحة البشر. إنه مجس فائق الصغر، يعمل بالموجات اللاسلكيّة على غرار الراديو والخليوي. ولعل الميزة الأهم فيه هي أنّه لا يحتاج إلى بطارية، لكنه يستطيع أن "يتحسّس" وجود الأشعة الشمسيّة، بل ربما ساهم في الوقاية من أمراض فتّاكة تتصل بتلك الأشعة، وفق تصريحات الباحثين الذين ابتكروه.
لا يزيد حجم هذه الأداة المنوط بها مقايسة الاشعاعات الشمسيّة عن حجم الأظفر، لكنه يعطي مستخدميه معلومات عن كمية الأشعة ما فوق البنفسجية التي تصل إليهم عند تجوالهم خارج منازلهم. ومن الناحية العلمية، يشتهر عن الأشعة ما فوق البنفسجيّة أنها تساهم في زيادة خطورة الإصابة بمجموعة من سرطانات الجلد التي تكلّف 8 بلايين دولار سنويّاً في الولايات المتحدة وحدها.  وتسود بعض الخبراء خشية من تزايد انتشار سرطانات الجلد إلى حدّ ملامستها مستويات وبائيّة، وهذا ما يعني أن إعطاء الناس أداة تقدر على قياس مستويات الأشعة ما فوق البنفسجية، يساهم في الحد من ذلك الضرر.
وتذكيراً، شكّلت تلك الأشعة هماً مقلقاً للبشرية، خصوصاً عندما تبيّن وجود تأكل في طبقة الأوزون في أعالي الغلاف الجوي، وهي الطبقة التي تشكّل درعاً طبيعيّة تحمي الأرض وبشرها من التدفق الفائض لسيول الأشعة ما فوق البنفسجية.  وتضرب تلك الأشعة مكوّنات في التركيبة الجينية للجلد، وهذا ما يساهم في إحداث مجموعة من الأمراض لعل أبرزها سرطان الجلد من نوع "ميلانوما"  Melanoma. وفي ثمانينات القرن العشرين، عرف العلماء أن استخدام مواد كيماوية متطايرة من نوع يسمّى "هالوكاربون" Halocarbon، يؤدي إلى تأكل الأوزون في الغلاف الجوي، ومن ثم انكسار درع الحماية من التدفق الزائد للأشعة البنفسجية.  وظهرت خروق في طبقة الأوزون فوق أماكن عدّة في الكرة الأرضيّة. وكانت تلك المواد مستخدمة بكثافة في صناعة البرادات المنزلية وبخّاخات تصفيف الشعر وغيرها.  ثم تنادت دول العالم إلى صوغ اتفاقات بيئيّة دولية لتخفيض استعمال تلك المواد مع استبدالها باخرى لا تؤثّر في طبقة الأوزون.  ونجحت تلك الجهود نسبياً في تقليص بعض الثغرات في طبقة الأوزون، لكن المضار المتصل بالأشعة ما فوق البنفسجيّة، بقي موضوعاً لقلق دائم. 
في المقلب الآخر من الصورة نفسها، هناك فوائد صحيّة جمّة تحملها الأشعة ما فوق البنفسجية عندما تأتي بكميات مناسبة، وهذا ما يزيد أهمية التعرف إلى المقدار الذي يتعرض المرء له من تلك الأشعة.  إذ تشتهر تلك الأشعة بقدرتها على تحفيز الجسم على تصنيع فيتامين "دي" المفيد للـهيكل العظمي والأعصاب، بل حتى الحال النفسيّة للإنسان.  وكذلك تفيد الأشعة ما فوق البنفسجية في مكافحة مجموعة من الميكروبات المؤذية للجلد، إضافة إلى مساعدتها على شفاء أمراض كالصدفيّة. ومعروف أيضاً أن مادة الميلانين التي تعطي الجلد لوناً أسمر، تساعد على وقاية الجلد من التأثيرات المضرة للأشعة ما فوق البنفسجية، لأنها تمتصها وتحول دون وصولها إلى الطبقات العميقة في الجلد.
ومن ناحية اخرى، تؤثّر تلك الأشعة سلبيّاً في الشعر، وهو أمر يحمل دلالة خاصة للإناث ممن يحرصن على نضارة شعورهن. إذ تتألف الشعرة من مواد بروتينية بنسبة تقارب الـ90%، وهذا ما يجعلها هشّة أمام التعرض للتأثيرات القويّة للأشعة ما فوق البنفسجية، خصوصاً عند الذهاب إلى البحر وتعريض الشعر إلى تأثيرات المياه المالحة.
وفي الوقت الحاضر، هناك مشاكل عدّة تعانيها أجهزة قياس مستوى الأشعة ما فوق البنفسجية، من ضمنها المدة الزمنية المحدودة لبطارياتها، وهذا ما أدى إلى قلة الاهتمام بها في صناعة التقنيات، وكذلك الحال بالنسبة لعامة الناس. 
وأخيراً، أعطى بحث أجراه علماء في كليتي "نورثويسترن" للطب و"نورثويسترن ماكورميك" للهـندسة، سبيلاً جديداً للتغلّب على المصاعب المرتبطة باستعمال أدوات قياس الأشعة فوق البنفسجية.  وتضمّن ذلك الأمر، استخدام نوع جديد من الفيزياء التي يؤدي تطبيقها الى صنع أنواع جديدة من المجسّات القادرة على قياس مستويات تلك الأشعة، إضافة إلى كونها رخيصة وسهلة الاستعمال، وهذا ما يتيح التغلّب على المعوقات التي حالت دوماً دون انتشار أجهزة قياس مستويات الأشعة ما فوق البنفسجيّة.
وفي ذلك السياق، ابتُكِر مجس يستطيع قياس ثلاثة أنواع من موجات الأشعة الشمسية، وهذ ما يفسح المجال أمام الباحثين للتمييز بين ثلاثة أنواع من التعرّض للشمس. وكذلك يمكنه قياس مستوى التعرض للضوء الأبيض الذي يتمتع بأهمية كبيرة نظراً لتأثيره في الحال المزاجية للناس، خصوصاً الذين يعانون تقلّبات مزاجيّة مرضيّة تتصل مع تغيّر الفصول كأن يكونون أكثر كآبة في فصل الشتاء.
إضافة إلى ذلك، يتمتّع المجس عينه بالمرونة والقدرة على العمل فترات طويلة، بل يفترض أنه يستطيع العمل طوال العمر، وفق تأكيدات صنّاعه الذين حاولوا تحطيمه تجريبيّاً، من دون جدوى!
"من وجهة نظر المستخدم، لا شيء أسهل من استعمال ذلك المجس، إذ يكون في وضعية التشغيل بصورة دائمة، ولا يحتاج إلى إعادة شحنه بالكهرباء على الإطلاق"، وفق كلمات العالِم جون روجرز، قائد فريق البحث العلمي الذي توصل إلى ابتكار ذلك المجس.  ويضيف روجرز: "لا يزيد وزن المجس على قطرة مطر، وهو متناهي الصغر في المساحة، ولا يزيد سُمْكاً عن بطاقة الائتمان... تستطيع أن تثبّته على قبعتك أو تلصقه بنظارتك أو ساعتك".
 
 

© The Independent

المزيد من صحة