Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"دبلوماسية السوشيال ميديا" هل تحول السفراء في مصر إلى "إنفلونسرز"؟

تزايد استخدام السفارات مواقع التواصل لمخاطبة الشعوب ومراقبون يرونها جزءاً من تغيير مشهد الاتصال الحكومي

صورة شاركها سفير نيوزيلندا في مصر غريغ لويس لمشاركته في مهرجان الإسماعيلية للمانغو (حساب السفير على تويتر)

لم تعد السفارات الأجنبية في مصر مجرد أسوار وسفير في بذلة أنيقة، وإنما تحول كثير منها إلى محط أنظار المصريين عبر مواقع التواصل الاجتماعي بعد أن نجحت في الاشتباك مع قضايا جماهيرية تحظى باهتمام المواطن الذي بدوره كثيراً ما يشارك بالتعليق على بعض منشورات صفحات تلك السفارات التي تروج لمواقف دولها الفكرية والسياسية.

الحرب الأوكرانية والتنافس بين أميركا وروسيا على استقطاب الرأي العام الدولي انعكسا على صفحة كلتا السفارتين بالقاهرة، فعلى سبيل المثال نشرت السفارة الأميركية في صفحتها على "فيسبوك" في يونيو (حزيران) الماضي منشوراً يتهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بوقف تصدير الحبوب لابتزاز العالم وإنهاء العقوبات المفروضة على موسكو.

وفي المقابل وضعت السفارة الروسية عبر حسابها على "فيسبوك" في أغسطس (آب) الماضي منشوراً عن استمرار صادرات القمح الروسي إلى دول الشرق الأوسط. وكان لافتاً في هذين المنشورين وغيرهما التفاعل الكبير من جانب المصريين، إذ كان قسم كبير منهم يبدي تأييداً للموقف الروسي، بينما وصف أحد المعلقين منشور السفارة الأميركية بـ"الدعاية الرخيصة".

أما صفحة "إسرائيل في مصر" على "فيسبوك" التي يتابعها أكثر من 262 ألف شخص فتحرص بشكل شبه يومي على عرض اختراعات وابتكارات توصل إليها علماء إسرائيليون، ويقابل ذلك بتعليقات تتهم السفارة بـ"دس السم في العسل"، بينما نسبة قليلة من المعلقين يكتبون إشادات بتلك المنجزات العلمية ويتحدثون عن "تمني الخير والسلام" للعالم.

 


تغير المشهد

استخدام "السوشيال ميديا" في تواصل البعثات الدبلوماسية مع شعوب الدول تحول إلى توجه من جانب الاتحاد الأوروبي، إذ دعا المجلس الأوروبي الدول الأعضاء وبعثاته في عواصم العالم إلى اعتبار "الدبلوماسية الرقمية" مكوناً أساسياً وجزءاً لا يتجزأ من سياسات العمل الخارجي للاتحاد، بحسب مذكرة وجهتها الأمانة العامة للمجلس الأوروبي إلى بعثاتها في يوليو (تموز) الماضي، وجاءت نتيجة اجتماع عقد في 18 يونيو الماضي لبحث "الدبلوماسية الرقمية للاتحاد الأوروبي".

ورأى الباحث في مجال الإعلام ياسر عبدالعزيز أن "مشهد الاتصال الحكومي والمؤسسي تغير في العالم بأسره لصالح ما يسمى مواقع التواصل الاجتماعي على حساب وسائل الاتصال التقليدية"، موضحاً أنه "في القرن الماضي أو في عصر ما قبل السوشيال ميديا كانت المؤسسات الحكومية والأطر السياسية ومنها السفارات تستخدم وسائل الإعلام التقليدية، وعلى رأسها وكالات الأنباء في بث رسائلها الخاصة وتواصلها مع الرأي العام إلى جانب المؤتمرات الصحافية، لكن خلال السنوات القليلة الماضية حلت مواقع التواصل محل تلك الوسائل التقليدية"، ضارباً عدة أمثلة باستخدام تلك المواقع في الإعلان عن أحداث مهمة، "ففي عام 2013 أعلن الشيخ محمد بن راشد تشكيل الحكومة عبر (تويتر)، وفي عام 2015 أعلن وزير الخارجية الإيراني السابق محمد جواد ظريف عن التوصل إلى اتفاق نووي عبر (تويتر) أيضاً إلى جانب مؤسسات سياسية رئيسة مثل الاتحاد الأوروبي أضحت تستخدم (تويتر) كوسيلة تواصل أساسية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


ردود الفعل

وأوضح عبدالعزيز أن "السفارات هي جزء من الاتصال المؤسسي الحكومي، ووجدت في وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة عوائد أسرع وأكثر فاعلية وقدرة على الانتشار إلى جانب أنها تتيح لها التعبير عن مواقفها بدقة شديدة لأنها تصوغ رسالتها وتنشرها من دون وجود وساطة من وسائل الإعلام، بالتالي تتفادى أي لبس أو تغيير لمعاني ما يصدر عنها مع إمكانية قياس ردود الفعل المباشرة مع الجمهور وتحليلها جيداً لتطويرها مستقبلاً".

وأشار عبدالعزيز إلى أن "نشاط السفارات عبر مواقع التواصل الاجتماعي لا يقتصر على مصر"، إذ إنه وفقاً لدراسة أجرتها شركة العلاقات العامة الدولية "ماس كلارك"، فإن 97 في المئة من قادة العالم والمؤسسات الحكومية يستخدمون هذه الوسائط في التعامل مع الجمهور مباشرة، لافتاً إلى أن "أغلب سفارات العالم في جميع الدول لها صفحات رسمية ناطقة باسمها عبر مواقع التواصل، ويكون تفاعلها نسبياً بحسب حيوية الملفات التي تتناولها"، مؤكداً أن "وسائل التواصل الاجتماعي منحت قدراً كبيراً من الحيوية لمؤسسات سياسية مثل السفارات، وكذلك أضافت كثيراً من الأهمية والحيوية لعدد من القضايا السياسية في قائمة اهتمامات المواطنين العاديين".


دبلوماسية ناعمة

كذلك، أكد مدير منتدى شرق المتوسط للدراسات السياسية والاستراتيجية بالقاهرة محمد حامد أن "وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من الدبلوماسية الأساسية لأي دولة من خلال طرح نوع من الترويج لها"، مضيفاً أن "ذلك يحارب أي محاولة لتشويهها من خلال تلك المواقع، بخاصة أن كثيراً من المواطنين حول العالم يستغلون مواقع التواصل الاجتماعي للوصول إلى معلومات أكثر عن الدول المختلفة".

ويشير مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير جمال بيومي إلى أن "الدبلوماسية الناعمة التي تمارسها السفارات الأجنبية للتقارب مع المصريين هو جزء من عملها الطبيعي"، لافتاً إلى أن "المتوقع من أي سفارة توضيح موقفها تجاه مختلف الملفات السياسية بجانب مد جسور التواصل الاقتصادية والثقافية مع مصر وشعبها، فهي في الأساس موجودة لتوطيد العلاقات بين بلدها ومصر".

وأوضح بيومي لـ "اندبندنت عربية" أن "تواصل السفارات المباشر مع الجمهور نسميه الدبلوماسية الشعبية، ولم تعد النظرة القديمة بتوغل العناصر والسفارات الأجنبية والتخوف من ممارستها أعمال تجسس موجودة كما كان في الماضي"، مشدداً على أنه "يجب أخذ شكل التواصل الجديد بين المصريين والسفارات بحسن نية، بخاصة أنها غير مقتصرة على السياسة، بل بها أنواع مختلفة، سواء على شكل منح تعليمية وثقافية قد يستفيد منها كثيرون".

ويحرص عديد من السفراء الأجانب في مصر على نشر صور لجولاتهم للتعرف على الشعب المصري وعاداته مثل تناول الكشري، أحد الأطباق الشعبية المصرية في أحد المطاعم الشهيرة وسط القاهرة. وخلال الأشهر الماضية قام بذلك سفراء عديد من الدول مثل اليابان وهولندا وبلجيكا.

المزيد من تقارير