إسقاطات بورقعة في تلك المداخلة التي استغرقت نحو خمس دقائق، قارنت بين "ميليشيات العام 62 وبين الجيش الجزائري في الفترة الحالية"، ما كلّفه تهمة "إضعاف الروح المعنوية للجيش"، وتهمة ثانية هي "إهانة هيئة نظامية".
ووفقاً لبيان للعدالة، فإن بورقعة ملاحَق، أولاً بنص المادة 75 من قانون العقوبات الذي "يعاقب بالسجن المؤقت من 5 إلى 10 سنوات كل مَن يسهم وقت السلم، في مشروع لإضعاف الروح المعنوية للجيش يكون الغرض منه الأضرار بالدفاع الوطني وهو عالم بذلك"، وثانياً بنص المادة 146 "معدلة" والتي تُطبَق "على الإهانة أو السب أو القذف الموجه بواسطة الوسائل التي حددتها المادة 144 مكرر ضد البرلمان أو إحدى غرفتيه أو ضد الجهات القضائية أو ضد الجيش الوطني الشعبي أو أي هيئة نظامية أو عامة أخرى" العقوبات المنصوص عليها في المادة المذكورة أعلاه وفي حالة العود تضاعف الغرامة.
وكان بورقعة على خصومة مع بومدين، وسُجن لهذا السبب سنوات عدة نهاية الستينيات، كما اشتهر بتوقيعه بياناً لـ19 شخصية جزائرية في العام 2019، بقيادة الأمينة العامة لحزب العمال، لويزة حنون، كان مضمونه استفساراً عن "الجهة الحقيقية التي تقود البلاد؟" في تلك الفترة. وانسحب بورقعة لاحقاً من قائمة الموقّعين بدعوى أن "نية البيان لم تكن كما صوّره له أصحابه في البداية".
بقدر ما كانت "هالة القدسية" تحيط بنشاط بورقعة في الثورة التحريرية، بقدر ما كانت الصدمة كبيرة بين المراقبين نظراً إلى المفاجأة في خبر اعتقاله، ثم نعته بأوصاف تكاد تقترب من "حركيي" الثورة التحريرية، وهم فئة من الجزائريين تعاونت مع جيش الاستعمار الفرنسي.
وتعكس "فظاظة" التعليق الرسمي، استعداداً كاملاً من السلطة القائمة حالياً، لقلب موازين كثيرة، سواء تعلق الأمر بسحب الحصانة عن كبار المسؤولين مثلما كان الأمر مع سجن كل من السعيد بوتفليقة (شقيق الرئيس المستقيل)، الجنرال توفيق (محمد مدين، قائد الاستخبارات السابق)، ورئيس الوزراء السابق أحمد أويحيى، أو التعامل بـ "حدة" مع تصريحات تطاول المؤسسة العسكرية.
وصرّح المؤرّخ محمد الأمين بلغيث حول ما إذا كان يُعتقد بوجود نية لكتابة التاريخ الرسمي من جديد، أنه "لو يُفتح ملف أرشيف الفترة الاستعمارية والثورة التحريرية، فالأمر أشبه بحرب أهلية"، ويُعتقد أن "أي مسألة تتعلق بالتاريخ يجب أن تُسند إلى مؤرخين وأكاديميين".
ويختلف المحلّل السياسي عيسى منصور مع طرح بلغيث، فيقول إن "المجاهد لخضر بورقعة مرجع من مراجع التاريخ وشاهد من شهود الثورة... أصبح اليوم منتحل شخصية ومن محاربي الجيش الفرنسي، هذا تشويه لرموز الثورة وهو مسار لن يخدم الوطن".
ويُخشى أن تستعين السلطة القائمة بمنطق "القوة" في إعلان تاريخ رسمي جديد، كما كان الحال في أيام بوتفليقة، حين ألغت الجزائر مثلاً احتفالات 19 يونيو، التي ترمز رسمياً إلى "تصحيح ثوري" أجراه الرئيس السابق هواري بومدين ضد حكم أول رئيس للجزائر المستقلة، أحمد بن بلة.
ويطالب مؤرخون جزائريون، أن تؤول كتابة التاريخ في حال اتُخذ قرار بذلك إلى أكاديميين، بعيداً من العواطف والشحن التي ميّزت العلاقة بين ولايات تاريخية إبان الثورة التحريرية.