Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل دخل ملف ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل مراحله الأخيرة؟

عون يؤكد استمرار التواصل مع الوسيط الأميركي حول مسائل تقنية

لا يبدو أن إسرائيل تزمع تأجيل مشروع استخراج الغاز من "كاريش" على الرغم من رسائل "حزب الله" التحذيرية (أ ف ب)

خرق اللقاء الذي عُقد على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك بين رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي والوسيط الأميركي آموس هوكستاين الجمود الذي اكتنف ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، في وقت كان لبنان ينتظر العرض الجديد المكتوب الذي قدمته إسرائيل للوسيط الأميركي، ومن ضمنه ما يتصل بخط الطفافات الجنوبية المزروعة منذ عام 2000 خارج المنطقة الاقتصادية الخالصة التابعة لها.  

البيان الرسمي للقاء ميقاتي وهوكستاين جاء مقتضباً من دون أية تفاصيل، باستثناء عبارة واحدة مفادها أنه تم خلال الاجتماع استكمال البحث في ما وصلت إليه المساعي الأميركية.

أما نائب رئيس مجلس النواب إلياس أبو صعب، الذي لم يكن حاضراً الاجتماع، فقد كشف من نيويورك أيضاً أنه تم عقد أكثر من اجتماع مع الوسيط الأميركي، مؤكداً على أن هناك تقدماً كبيراً في التفاوض الذي دخل مرحلته النهائية، لكنه أعلن في الوقت نفسه أن الطرح الإسرائيلي الخطي لم يأت بعد. 

وفي انتظار تسلم لبنان العرض الإسرائيلي، كثرت المواقف المضادة من قبل الطرفين وسط تضارب في تفسيرها، بين من أعطاها بعداً تفاؤلياً باقتراب الحسم، وبين من رأى فيها عرقلة أو تأجيلاً.

نصرالله يواصل تهديداته

و لم يأت كلام الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصرالله الأخير بجديد في ما يتعلق بملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، فكرر الرسالة التصعيدية ذاتها في وجه إسرائيل وقال "عيننا على ’كاريش‘ وصواريخنا كذلك"، في موقف ضاغط لمنع إسرائيل من بدء استخراج الغاز من الحقل قبل حصول لبنان على "مطالبه المحقة".

وشدد نصرالله مرة جديدة على أن لبنان أمام فرصة ذهبية وتاريخية لاستخراج الغاز والنفط لمعالجة أزمته، لكن الجديد في كلامه الأخير أنه لم يأت على ذكر مهلة سبتمبر (أيلول) التي كان حددها سابقاً كحد أقصى لبت الملف، مما دفع إلى التساؤل عما إذا كانت نوايا التصعيد تراجعت مقابل ارتفاع حظوظ المفاوضات الدبلوماسية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هذه الفرضية عززها كلام لمساعدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى السفيرة باربرا ليف أكدت خلاله أن الهوة تتقلص بين الاختلافات وكشفت عن تقدم في المناقشات بموضوع ترسيم الحدود البحرية، وقالت "يظهر الجانبان مشاركة جيدة وبناءة"، مؤكدة أنها تتحدث إلى مبعوثهم الخاص آموس هوكستين بشكل منتظم وهو ملتزم جداً بحل هذه المسألة إذا كان الجانبان يرغبان في ذلك وموضحة أن الأمور تسير على ما يرام حتى الآن.

كلام السفيرة باربارا ليف ترافق مع كلام لرئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون، الإثنين، خلال استقباله المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يونا فرونتسكا الذي كرر فيه أن "مفاوضات ترسيم الحدود البحرية الجنوبية باتت في مراحلها الأخيرة بما يضمن حقوق لبنان في التنقيب عن الغاز والنفط في الحقول المحددة في المنطقة الاقتصادية الخالصة له"، وأشار عون إلى أن التواصل مع الوسيط الأميركي مستمر حول بعض التفاصيل التقنية المرتبطة بعملية الترسيم وأمل أن يسهم التنقيب في المياه اللبنانية في إعادة إنهاض الاقتصاد اللبناني، فضلاً عن تعزيز الأمن والاستقرار بالجنوب.

في مقلب إسرائيل

لا يبدو أن إسرائيل تزمع تأجيل مشروع استخراج الغاز من "كاريش" على الرغم من رسائل الأمين العام لـ"حزب الله" التحذيرية ولم تشر المواقف المعلنة للمسؤولين في إسرائيل إلى أي تراجع عن المواعيد المحددة لمشروع استخراج الغاز وإن كانت تل أبيب، بحسب ما نقل الوسيط الأميركي إلى المسؤولين في لبنان، مصممة على إنهاء هذا الملف.

وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد، الإثنين، أن من الممكن بل ومن الضروري التوصل إلى اتفاق في شأن الحدود البحرية مع لبنان، فيما أعلنت وزيرة الطاقة الإسرائيلية أنها أصدرت تعليمات لشركة "إنرجين" لاستخراج الغاز في أقرب وقت ممكن من حقل "كاريش" ونفت تأجيل العملية الاستخراج بسبب تهديدات نصرالله التي اعتبرتها موجودة في كل وقت، علماً أن شركة "إنرجين" كانت أعلنت في الثامن من سبتمبر الحالي أنها "في الطريق لتسليم الكميات الأولى من الغاز من مشروع ’كاريش‘ في غضون أسابيع".

في السياق ذاته، أعلنت هيئة البث الإسرائيلية أن رئيس الأركان الإسرائيلي أفيف كوخافي سيزور فرنسا حيث يلتقي مستشار الرئاسة لشؤون الأمن القومي للبحث في النزاع على حقل "كاريش" والتحديات على الحدود مع لبنان، وكشفت مصادر دبلوماسية موجودة في فرنسا لـ"اندبندنت عربية" أن كوخافي سيطلب من باريس استخدام علاقاتها مع "حزب الله" لثنيه عن أي تصعيد ولإقناعه بأن في الاتفاق إفادة للبنان بينما ستكون أية مواجهة مكلفة للحزب وللبنانيين.

آخر النقاط العالقة

بحسب المعلومات فإن المفاوضات غير المباشرة التي قادها الوسيط الأميركي آموس هوكستين بين بيروت وتل أبيب أفضت إلى حصول لبنان على حقل "قانا" بالكامل مقابل حصول إسرائيل على "كاريش" بالكامل، لكن هوكستين بحسب ما كشفت مصادر مطلعة لـ"اندبندنت عربية" نقل أيضاً اشتراط إسرائيل التخلي عن "قانا" بأن تقتطع الشركة التي ستستثمر فيه، وهي شركة "توتال" التي سبق للبنان أن وقع اتفاقاً معها، حصة من الاستثمار لإسرائيل، كما طالبت تل أبيب بدفع الخط 23 شمالاً في عرض البحر لكي تتمكن من الحصول على جزء من البلوك رقم 8 لتمرير أنابيب الغاز من إسرائيل إلى قبرص إلى اليونان، والمعلوم أن البلوك 8 هو من حصة لبنان.

إلى هذه المطالب، برزت إشكالية جديدة تمثلت في الإحداثيات التي قدمتها للخط واحد وصولاً إلى الطفافات التي جاءت متعارضة مع إحداثيات لبنان التي درسها الفريق التقني وأدخل تعديلات عليها موصياً بأن يبدأ الخط من رأس الناقورة كما كان محدداً سابقاً.

ويقول العميد المتقاعد خليل الحلو لـ"اندبندنت عربية" أن مطالبة إسرائيل بتثبيت الخط "B1" الذي يصل باتجاه البحر إلى الطفافات أو العوامات إنما تسعى بها إلى إلغاء الخط 29، لأن الفارق الوحيد بين خطي 29 و23 هو النقطة "B1" التي تبعد 30 متراً من رأس الناقورة، وهذه النقطة اعتمدتها اللجنة العسكرية التي رسمت الخط 23 لتفادي مشكلة الصخرة "تخريت" التي تعتبرها إسرائيل جزيرة.

وإذ يؤكد الحلو أن حدود لبنان الجنوبية تبدأ من رأس الناقورة، يذكر أيضاً أن قبرص هي التي وضعت النقطة رقم واحد أو "B1" مع إسرائيل من دون مراجعة لبنان عندما طلب منها رئيس الحكومة آنذاك فؤاد السنيورة التفاوض باسم لبنان مع إسرائيل حول الحدود البحرية وطلب السنيورة من لجنة عسكرية مؤلفة من خمسة ضباط عسكريين ترسيم الحدود بشكل يقضي بأن يحصل لبنان على كامل حقه وأبلغ اللجنة حينها بأن "لا تتهاونوا واعتمدوا القساوة"، فرسمت اللجنة اللبنانية الخط 23 ورفضته إسرائيل وبقي لبنان في سجال معها حول هذه النقطة طوال 11 عاماً، علماً أنه خلال هذه الأعوام من التفاوض غير المباشر رسم لبنان 10 بلوكات لم تتجاوز الخط 23، كما أن إسرائيل التي تتذرع بأن حدودها تبدأ من النقطة "B1" رسمت أيضاً البلوكات التابعة لها عند حدود الخط 23 ولم تتجاوزه شمالاً، وحتى خط "هوف" كما يقول الحلو الذي يعطي لبنان الثلثين وإسرائيل الثلث بقي بين الخط واحد والخط 23.

إسرائيل غير متعجلة

بحسب العميد المتقاعد من الجيش اللبناني، فإن إسرائيل تطالب بتثبيت النقطة "B1" خلافاً للنقطة المحددة من رأس الناقورة والمثبتة في وثيقة تعود إلى أيام الانتدابين البريطاني والفرنسي لفلسطين ولبنان، وهذا الخط تم رسمه عام 1923 ومعروف بخط "بوليت نيوكومب" تيمناً بالضابطين الفرنسي والبريطاني اللذين رسماه وثبتا النقطة الحدودية عند رأس الناقورة.

أمام هذا الواقع، يقرأ الحلو في شروط إسرائيل مماطلة وهو لا يرى أنها متعجلة في إنهاء ملف الترسيم على عكس الجانب اللبناني المفاوض الذي يجلس في صفوفه الخلفية "حزب الله" كما يقول.

بحسب الحلو، يسعى الرئيس عون إلى تحقيق إنجاز قبل مغادرة القصر الجمهوري وفي حساباته مدى تأثير هذا الإنجاز في تحسين وضع صهره رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل، أما "حزب الله"، فيستعجل الاتفاق على الحدود البحرية للقول إن تهديداته وسلاحه شكلا ميزان القوى ودفعا إسرائيل إلى الرضوخ وأسهما في استرجاع حقوق لبنان واستخراج الغاز الذي سينقذه من الانهيار المالي.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير