Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تعويم تدريجي: الدولار الأميركي يواصل حصار الجنيه المصري

لا يزال الخلاف قائماً بين القاهرة ومسؤولي صندوق النقد الدولي حول موقف سعر الصرف

قيمة الخفض المرتقب في قيمة الجنيه المصري لا تقل عن 23 في المئة وفقاً لتوقعات بنوك الاستثمار العالمية والمحلية (أ ف ب)

يواصل الدولار الأميركي حصاره للجنيه المصري للشهر السادس على التوالي بعد التحرك الكبير في مارس (آذار) الماضي بنحو 18 في المئة، وبعد استقرار وهدوء نسبيين بين العملتين الخضراء والمصرية في النصف الأول من الأسبوع الحالي تراجع الجنيه مجدداً مقابل الدولار، الأربعاء، ليسجل حاجز الـ 19.51 جنيه مقابل كل دولار.

وسجل سعر صرف الدولار الأميركي على الشاشة الرئيسة بالبنك المركزي المصري 19.5181 جنيه لسعر البيع مقابل 19.44 جنيه لكل دولار كسعر الشراء، بينما وصل سعر صرف الجنيه مقابل الدولار في البنوك الوطنية، وعلى رأسها "الأهلي" 19.51 جنيه لسعر بيع مقابل كل دولار، وسعر الشراء 19.44 جنيه في الوقت الذي سجّل سعر الصرف في بنك مصر نفس مستويات الأسعار.

أما في البنوك العاملة بالقطاع المصرفي الخاص، منها البنك التجاري الدولي (أكبر ذراع مصرفية من القطاع الخاص) فسجّل سعر الجنيه مقابل العملة الأميركية نحو 19.52 جنيه لسعر البيع لكل دولار، ليصل الدولار الأميركي إلى أعلى مستوى في التاريخ مقابل الجنيه المصري. بينما سجل سعر الشراء 19.46 جنيه مقابل كل دولار. وفي بنك الإسكندرية وصل سعر الجنيه المصري مقابل الدولار إلى 19.52 جنيه مقابل كل دولار لسعر البيع، في حين بلغ سعر الشراء 19.44 جنيه.

وكان الهبوط التاريخي الأكبر للجنيه المصري مقابل العملة الخضراء في الـ20 من ديسمبر (كانون الأول) 2016، عندما سجّل الدولار 19.51 جنيه، بعد قرار تحرير سعر صرف العملة المحلية (التعويم) في الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني) 2016.

وفي الأسبوع الأول من سبتمبر (أيلول) الحالي، أعلن البنك المركزي المصري، عن تراجع جديد في رصيد الاحتياطي الأجنبي من العملات الأجنبية، إذ سجل في نهاية أغسطس نحو 33.141 مليار دولار متراجعاً 0.07 في المئة عن رصيده في نهاية يوليو (تموز) عندما سجل 33.143 مليار دولار.

ويتشكل رصيد احتياطي مصر من سلة من العملات الدولية الرئيسة، تشمل الدولار الأميركي والعملة الأوروبية الموحدة (اليورو) والجنيه الإسترليني والين الياباني واليوان الصيني، وهي نسبة توزع حيازات مصر منها على أساس أسعار الصرف لتلك العملات ومدى استقرارها في الأسواق الدولية، وتتغير بحسب خطة موضوعة من قبل مسؤولي البنك المركزي المصري.

وقال نائب رئيس البنك العقاري المصري، وليد ناجي، إن "العملة المصرية تقيم في الوقت الحالي أمام العملات الأجنبية، خصوصاً الدولار الأميركي، وفقاً لقوى العرض والطلب". موضحاً لـ"اندبندنت عربية" أن "تراجع قيمة الجنيه في الوقت الحالي وضع طبيعي في ظل ارتفاع الطلب على العملة الخضراء ونقص المعروض منها بالتالي طبيعي أن ترتفع قيمة العملة الخضراء طالما النقص موجود".

ويترقب مجتمع المال والأعمال المصري مساء غد الخميس اجتماع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري، لبحث موقف أسعار الفائدة بعد رفع مستويات الأسعار بمقدار 300 نقطة أساس، ما يعادل الثلاثة في المئة منذ بداية العام الحالي 2022.

تحرير تدريجي

تحركات الدولار أمام الجنيه تأتي في إطار سياسة يتبعها البنك المركزي المصري لتحرير سعر الصرف بشكل تدريجي تنفيذاً لمطالب ومفاوضات القاهرة مع مسؤولي صندوق النقد الدولي للحصول على تمويل جديد لا تقل قيمته عن 5 مليارات دولار، وفقاً لما أكده المتخصصون والمحللون في حديثهم إلى "اندبندنت عربية"، إذ اعتبر رئيس لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان المصري فخري الفقي ما يحدث في سوق الصرف بين الجنيه والدولار في الوقت الحالي "تحريراً تدريجياً بين العملتين"، مضيفاً أن الخلاف بين الحكومة المصرية ومسؤولي صندوق النقد الدولي حول موقف سعر الصرف "لا يزال قائماً" وموضحاً أن "القاهرة تتمسك بالتحرير التدريجي للعملة بخفض الجنيه كل أسبوع نحو خمسة قروش تقريباً في وقت يريد فيه مسؤولو الصندوق التحرير دفعة واحدة".

وأكد أن "تمسك مصر بالتحرير التدريجي هو الخيار الأفضل أمامها وإلا قد يتسبب عكس ذلك في اضطراب اقتصادي لا يمكن السيطرة عليه ويتحول إلى اضطراب اجتماعي يهدد الأمن والسلم المصري"، مشيراً إلى أن "مسؤولي الصندوق سيرضخون في نهاية الأمر لمطالب القاهرة على أن يتم توقيع عقد الاتفاق للحصول على تمويل يتراوح بين 5 إلى 7 مليارات دولار أميركي قبل نهاية الشهر الحالي أو قبل انتهاء النصف الأول من أكتوبر (تشرين الأول) على الأكثر".

من جانبه قال المحاضر في الجامعة الأميركية هاني جنينة إن "سعر صرف الجنيه يتجه تدريجاً صوب القيمة الحقيقية العادلة للعملة المحلية مقابل الدولار الأميركي"، مضيفاً أن "القيمة الحقيقية أو العادلة للجنيه ليست رقماً مطلقاً" وموضحاً أن "العلاقة بين أي عملتين يحكمها قانون العرض والطلب، فإذا زاد حجم المعروض وتراجع الطلب انخفضت القيمة والعكس هو الصحيح"، وأشار إلى أن "إصرار مسؤولي صندوق النقد على الوصول إلى القيمة العادلة للجنيه مقابل الدولار نتيجة نقص حجم المعروض من الدولار بما لا يوفي حجم الطلب على الدولار وهو يعني ارتفاع القيمة بحسب قانوني العرض والطلب، وهذا ما لا يراه مسؤولو الصندوق في سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار"، ولفت إلى أن "قوائم الانتظار الطويلة من طلبات الاستيراد من خارج البلاد لدى البنوك المحلية أبرز ما يستشهد به مسؤولو صندوق النقد الدولي في مفاوضاتهم مع القاهرة حول سعر الصرف".

قائمة انتظار طويلة بالبنوك للاستيراد من خارج البلاد

في سياق آخر قريب الصلة قال رئيس غرفة الصناعات الهندسية لدى اتحاد الصناعات المصرية محمد المهندس إن "المصانع المصرية، خصوصاً في قطاع الصناعات الهندسية، تعاني نقص مستلزمات الإنتاج وقطع الغيار وبعضها أوقف عدداً من خطوط الإنتاج لعدم توافر المواد الخام أو مستلزمات الإنتاج أو حتى قطع الغيار"، مشيراً إلى أن "المستوردين وأصحاب المصانع لا حيلة لهم في هذا الأمر، إذ هم فعلوا ما عليهم كمستثمرين أو مصنعين وتقدموا بطلبات إلى البنوك المحلية لاستيراد المواد الخام ومستلزمات الإنتاج وقطع الغيار ولم تف البنوك بتلك الطلبيات الاستيرادية بحجة عدم توافر العملة الأجنبية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وطالب محمد المهندس مجلس الوزراء بالتدخل لتنفيذ توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي باستثناء مستلزمات الإنتاج وقطع الغيار من القيود التي يفرضها البنك المركزي المصري والإفراج عن البضائع والمواد الخام المكدسة في الموانئ المصرية من دون سبب واضح.

في الأول من مارس الماضي أوقف البنك المركزي المصري التعامل بمستندات التحصيل في تنفيذ عمليات الاستيراد والعمل بالاعتمادات المستندية فحسب مبرراً ذلك بتسهيل عملية شراء البضائع من الخارج، ودعا رجال الأعمال إلى الإسراع في معالجة أوضاعهم قبل أن يتدخل السيسي خلال اجتماع مع المجموعة الوزارية الاقتصادية في مايو (أيار) باستثناء المواد الخام ومستلزمات الإنتاج من قواعد تنظيم الاستيراد التي طبقها البنك المركزي.

مفاوضات القاهرة و"النقد" دخلت في مراحل متقدمة

في غضون ذلك قال مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور إن "المفاوضات بين الحكومة المصرية وإدارة الصندوق دخلت في مراحل متقدمة للغاية وإن القاهرة تقترب من الحصول على الموافقة النهائية لتمويل الصندوق"، مضيفاً أن "مفاوضات صندوق النقد الدولي مع مصر للحصول على تمويل في تقدم مستمر وخلال فترة قريبة سيتم الانتهاء منها" ومشيراً إلى أن "المفاوضات تجري على برامج جديدة تواكب عمليات إصلاحية وبرامج اقتصادية وضعتها الحكومة المصرية"، وفقاً لوكالة "بلومبيرغ".

قيمة الخفض المرتقب في قيمة الجنيه المصري لا تقل عن 23 في المئة، وفقاً لتوقعات بنوك الاستثمار العالمية والمحلية، إذ ترجح "بلومبيرغ إيكونوميكس" خفض قيمة الجنيه بنحو 23 في المئة، ما يعادل 4.5 جنيه، ووفقاً لسعر الصرف الحالي لتهبط قيمة الجنيه مقابل الدولار 24 جنيهاً للدولار.

بينما ترى بنوك الاستثمار "غولدمان ساكس" و"دويتشه بنك" و"سيتي غروب" أن الجنيه يحتاج إلى الانخفاض بنسبة في حدود 10 إلى 15 في المئة أي ما يعادل 1.6 جنيه تقريباً ليرتفع سعر الصرف إلى 21 جنيهاً مقابل الدولار.

اقرأ المزيد