Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بعد سنتين على انفجار مرفأ بيروت لا يزال لبنان ينتظر التغيير

في العام 2020 بدا أن لبنان وصل إلى الحضيض، اليوم، بعد سنتين، لا يبدو أن شيئاً دفع لتغير الحال

لحظة الانفجار لا تغيب عن بالي (أ ب)

في أعقاب الانفجار المأسوي في مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس (آب) 2020، انتشرت كلمات الشاعرة اللبنانية نادية تويني في كل أنحاء المدينة على الطرق والجدران: "بيروت ماتت ألف مرة، وولدت من جديد ألف مرة" - تذكير يبعث على الأمل في حال الوهن.

ومع ذلك، فإن كلمات تويني المبالغ فيها، ليست سوى صدى وتضخيم للاعتقاد السائد على نطاق واسع، يكاد يوشك أن يكون احتفالاً، بأن بيروت "نجت" من الدمار مرات عدة على مدى تاريخها الطويل. ولكن في سياق الزمن القريب للانفجار الذي وقع قبل عامين، يبدو هذا الاعتقاد أجوف ومن دون اقتناع.

اللحظة التي حدث فيها الانفجار لا تفارق ذهني: توقفت عقارب الساعات على 6:08 مساء. كان هناك انفجار هائل أدى إلى مقتل 218 شخصاً على الأقل. لا يزال دوي الانفجار العالي يتردد في عظامي وفي أذني حتى الآن. عندما أفكر في الأمر، أعيش من جديد الصدمة وعدم التصديق والحزن.

أتذكر ما فكرت به في أعقاب ذلك: "إنها كارثة أخرى. هذا البلد ملعون - ملعون ومحبوب".

من السهل التفكير في لبنان على أنه "ملعون". الأزمات الأخيرة - الاقتصادية والأخلاقية والسياسية والاجتماعية - هي لعنة وجود اللبنانيين. ماذا عن حبنا للوطن أيضاً؟ هل هذا مجرد تصوّر مأسوي؟ اعتقاد خيالي؟

في عام 2020، كان من السهل الاعتقاد بأن لبنان وصل إلى الحضيض - كل ما كنا نأمله هو أن تؤدي الكارثة إلى إحداث تغيير وإصلاح دائم نحن في أمس الحاجة إليه. ومع ذلك، وبعد مرور عامين، لم يحصل شيء لتغيير الوضع الراهن. في الواقع، جعلت النخبة الحاكمة الأمر أسوأ - أسوأ بكثير. ولا أحد يستمع.

نحن في وسط انهيار اقتصادي، ودولة في حال إفلاس وانهيار لعملتنا. لدينا نظام صحي مدمر وأزمة طاقة وصناعتنا اندثرت والناس يكافحون من أجل المال وفقراؤنا يتضورون جوعاً. ما يقرب من 80 في المئة من المواطنين اللبنانيين يعيشون الآن تحت خط الفقر.

منذ الحرب الأهلية، طبقت الحكومات المتعاقبة في لبنان سياسات الهندسة المالية التي أدت إلى نشوء واقع ديستوبي حقيقي [واقع مرير]: وهم "المعجزة الاقتصادية" اللبنانية.

خزائن الأمة التي كانت تعرف سابقاً باسم "سويسرا الشرق الأوسط"، فارغة؛ الجانب المظلم لنظامه المصرفي (تقديم أسعار فائدة وهمية) جرى فضحه. الخزنة السابقة للخدمات المصرفية في الشرق الأوسط ليست سوى حصالة نقود مزودة بقفل لكل من فاتهم تخزين أموالهم تحت فراشهم في الوقت المناسب.

وبينما ينخرط المودعون والمصرفيون في نزاع فوضوي، سريالي، وغير أخلاقي، نحن متروكون للغرق في هذا الانهيار. يبدو الأمر كما لو أن الأطراف السياسية الحاكمة نبذت وتخلت عن شعبها، وأساءت إلى صبره وحسن نيته، وتنكرت لثقته، وأغضبت الأجيال الشابة - التي تسير الآن في الشوارع احتجاجا. كما نجحوا في قتل الأمل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في رأيي، السياسة اللبنانية هي في صميم مشكلاته. تمنح القوانين الانتخابية الملتوية السياسيين سيطرة خانقة على الشعب. يقضي المسؤولون ساعات في النقاش والجدال حول تفاصيل فارغة لا طائل منها، بينما الهيكل هو في الواقع يحدد النتيجة - بغض النظر عن خيارات الأشخاص.

والأسوأ من ذلك أننا على ما يبدو نقبل على نطاق واسع، من دون أي دليل، الأعذار حول تدخل "القوى الخارجية" باعتبارها مسؤولة عن الوضع الذي وصلت إليه الدولة. وتهيمن النخب السياسية ذات الولاءات المتعددة الأشكال على لبنان. من الصعب الجزم بوجود شخص ضمن النخبة السياسية الحاكمة ممن يسعى إلى مصلحة لبنان الفضلى.

ومع ذلك، فإننا نصوت في كل انتخابات للأشخاص من التحالف الفضفاض نفسه. لبنان مجتمع تعددي. ليس من السهل تصميم قانون انتخابي يعالج القضايا الطائفية المشحونة في هذا البلد. إنه ينطوي على توازن صعب: 18 طائفة دينية معترف بها في الدستور. لكن كيف يمكن أن نتظاهر بأنها [انتخابات] ديمقراطية في حين أنها لا تعتمد نظام تصويت: صوت واحد مرشح واحد؛ وبدلاً من ذلك يجري التصويت لقائمة كاملة لا تمثل الناخب لا من قريب ولا بعيد؟

سياسياً وجيولوجياً، تسيطر على لبنان خطوط تصدع هيكلية. نحن نتجاهلهم على مسؤوليتنا الخاصة. نحن أيضاً على شفا كارثة اجتماعية: لم يعد لبنان بلداً للشباب. لقد تم تدمير النظام التعليمي - الذي كان في يوم من الأيام مصدر فخر الشرق الأوسط، إن لم يكن العالم. إنه ينهار أمام أعيننا.

لبنان، في الواقع، أصبح داراً للمتقاعدين بلا مستقبل. فهل من المستغرب أن يثور الشباب من جميع أنحاء البلاد - من جميع المناطق وجميع الأديان - ضد الفساد؟

في أعقاب الانفجار المدمر للمرفأ، تبدو مساحات شاسعة من واحدة من أجمل مدن العالم الآن وكأنها مواقع من نهاية العالم. كما كتبت تويني أثناء الحرب الأهلية اللبنانية: "أولئك الذين يعيشون في ضوء الكلمة، فوق حصان الشعارات الهارب، أولئك، يحطمون نوافذ الكون".

لا تزال كلماتها صالحة لوصف يومنا هذا، وتردد صداها في مرفأ بيروت المحطم، والمستشفيات، والمتاجر، والمطاعم، والمنازل، والنوافذ - وحياة سكانها الذين طالت معاناتهم.

يقيم الدكتور سام مطر في لبنان ويدير شركة استشارية مستقلة لتعزيز استخدام ديناميكيات النظام في فهم المشاريع

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء