Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما ينتظر تحولات الطاقة وسط زيادة الاستهلاك وتداعيات الأزمات ؟

المصادر المتجددة في الدول الآسيوية بند رئيس على أجندة قمة المناخ في شرم الشيخ

مندوبون من دول مختلفة يقفون لالتقاط صورة جماعية في قمة المناخ "كوب 26" في اسكتلندا (أ ب)

ستطغى احتياجات الدول الآسيوية المتزايدة للطاقة وتأثير ذلك في تعهداتها ضمن اتفاق الأطراف لمكافحة التغيرات المناخية على قمة المناخ "كوب 27" التي تستضيفها مصر في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. على رغم أن غالبية تلك الدول (وآخرها الهند، الشهر الماضي) أعلنت عن مساهماتها الوطنية في تحقيق أهداف الحد من التلوث البيئي المسبب للاحتباس الحراري، وكانت الإعلانات الوطنية تأكيداً لما التزمت به تلك الدول في قمة "كوب 26" في اسكتلندا العام الماضي، فمن غير المتوقع أن تقدم خططاً تفصيلية لتحقيق تلك الأهداف في قمة شرم الشيخ.

وضمن تقرير لها حول توقعات أسواق الطاقة للسنوات الـ10 المقبلة، ركزت وحدة تحليل المعلومات في مجلة إيكونوميست "إيكونوميست إنتلجنس يونيت" على الدول الآسيوية باعتبار أنها ستكون الأبرز في تلك الفترة في عملية التحول من الطاقة من المصادر التقليدية ذات الانبعاثات الكربونية إلى المصادر المتجددة لكن من دون أن تستطيع التخلي عن الفحم والنفط والغاز. ويخلص التقرير إلى أن ذلك قد يعقد عملية إحراز أي تقدم في مؤتمر المناخ في شرم الشيخ، على رغم أن المباحثات والمناقشات ستتسم بالسخونة والجدل.

الطلب على الطاقة والفحم

حسب الخطوط العريضة للتقرير، ستشهد منطقة آسيا أسرع نمو عالمياً في زيادة الطلب على الكهرباء في فترة السنوات الـ10 التي يغطيها التقرير، أي من العام الحالي 2022 إلى عام 2031. وعلى رغم أن منطقة آسيا ستظل أكبر سوق في العالم للاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة، فإن اعتمادها على الفحم في توليد الطاقة الكهربائية سيظل كبيراً جداً في تلك الفترة، بالتالي فإن خفض انبعاثات الكربون من تلك الدول سيكون مشكلة، حتى مع زيادة استهلاك الكهرباء في الصناعة.

ومع أن كثيراً من الحكومات في دول آسيا بدأت في التفكير باستخدام الطاقة النووية لتوليد الكهرباء بهدف خفض الانبعاثات الكربونية وتقليل الاعتماد على استيراد الطاقة بشكل عام، إلا أن ذلك لن يساعد كثيراً في تلبية الطلب المتزايد على المدى القصير وربما على المدى المتوسط أيضاً.

كل ذلك، بحسب تقرير "إيكونوميست إنتلجنس يونيت" سيشكل ضغطاً على دول العالم المتقدمة في مفاوضات قمة المناخ المقبلة "كوب 27" في شرم الشيخ. وستجد تلك الدول نفسها أمام خيار زيادة استثماراتها في مصادر الطاقة المتجددة في منطقة آسيا على رغم الضعف الحالي في الاقتصاد العالمي، وذلك ليس فقط من أجل العمل على تحقيق أهداف مكافحة التغير المناخي وإنما لما تمثله فرص الاستثمار تلك من فوائد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومن بين منطقة آسيا يركز التقرير على الدول الأربع الأكثر نمواً في مصادر الطاقة المتجددة وهي الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية. وستظل الدول الأكثر اعتماداً على الفحم في توليد الطاقة الكهربائية في مقدمتها الصين والهند وإندونيسيا. ويساعد في زيادة الاعتماد على الفحم ما تشهده سوق الغاز الطبيعي من مشكلات تعود في قدر كبير منها إلى الحرب في أوكرانيا والعقوبات على روسيا، التي أدت إلى ارتفاع أسعار الغاز وتحويل كثير من شحنات الغاز الطبيعي المسال من وجهاتها الآسيوية إلى أوروبا.

فرص الطاقة المتجددة

وعلى مدى الفترة التي تشملها توقعات التقرير في السنوات الـ10 المقبلة سيرتفع نصيب المصادر المتجددة في توليد الطاقة الكهربائية في دول آسيا بشكل كبير. ففي الصين، أكبر أسواق الطاقة المتجددة نمواً في منطقة آسيا، ستزيد مساهمة مصادر الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء من 15 في المئة حالياً إلى 26 في المئة بحلول عام 2031. وفي الهند سيرتفع نصيب الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء من 11 في المئة إلى 21 في المئة. وفي اليابان سيرتفع نصيب المصادر المتجددة في توليد الطاقة الكهربائية من 15 في المئة حالياً إلى 23 في المئة. وفي كوريا الجنوبية سترتفع تلك المساهمة من 7.5 في المئة إلى 19.5 في المئة.

وستظل الصين الوجهة الكبرى لاستثمارات الطاقة المتجددة في المنطقة، إذ يقدر التقرير أن يزيد إنتاجها للكهرباء من مصادر متجددة بمقدار 700 غيغاواط في الفترة من 2022 إلى 2031، بينما في الهند سيزيد الإنتاج من مصادر متجددة بنحو 200 غيغاواط. وستضيف اليابان ما يصل إلى 54 غيغاواط من الكهرباء المولدة من مصادر متجددة. وتضيف كوريا الجنوبية 36 غيغاواط في فترة السنوات الـ10 المقبلة.

ويشير التقرير إلى أنه على رغم أن القدر الأكبر من الاستثمارات في المصادر المتجددة سيذهب إلى مشروعات توليد الطاقة من الرياح، ستظل الطاقة الشمسية المصدر الأكثر نمواً بسبب الكلفة الأقل في توليد الطاقة الكهربائية من الشمس. ويقدر التقرير أنه في فترة السنوات الـ10 ستضيف الدول الأربع 577 غيغاواط من الكهرباء المولدة من الطاقة الشمسية و408 غيغاواط من الكهرباء المولدة من الرياح.

على رغم المشكلات التي أحاطت بمحطات الكهرباء التي تعمل بالمفاعلات النووية، كما ظهر في فرنسا وألمانيا وغيرهما، فإن دول آسيا تخطط لزيادة توليد الطاقة الكهربائية بمحطات نووية باعتبارها أقل كلفة وتلويثاً للبيئة وتساعد في خفض انبعاثات الكربون.

وفي اليابان التي اضطرت إلى وقف عمل 10 محطات طاقة نووية من بين 50 في البلاد بعد كارثة مفاعل "يوكوشيما دايشي"، تخطط الحكومة لزيادة نصيب المحطات النووية من توليد الطاقة الكهربائية في البلاد من 27 في المئة العام الماضي إلى 30 في المئة. ولدى الصين خطط لزيادة إنتاج الكهرباء من محطات نووية من 50 غيغاواط العام الماضي إلى 70 غيغاواط في عام 2025. ويتوقع التقرير أن تولد الصين 104 غيغاواط من محطات نووية في عام 2031، أي زيادة نصيب الطاقة النووية من سوق الكهرباء في الصين من 4.8 في المئة حالياً إلى 7.1 في المئة.

استمرار الاعتماد على المصادر الكربونية

ولن يتحول إنتاج الطاقة من مصادر متجددة في آسيا من الطاقة الشمسية إلى الطاقة من الرياح قبل نهاية فترة السنوات المقبلة التي يتناولها التقرير. وفي هذه الفترة سيزيد الاستثمار في محطات الطاقة من الرياح، بخاصة المحطات البحرية.

على رغم النمو المتوقع في إنتاج الكهرباء من المصادر المتجددة فلن ينخفض اعتماد منطقة آسيا على توليد الطاقة من الفحم والنفط والغاز. ويقدر التقرير أن الدول الأربع ستزيد من إنتاج الكهرباء من محطات تعمل بالوقود التقليدي في تلك الفترة. وستضيف الصين 120 غيغاواط في السنوات الـ10 المقبلة بينما ستضيف الهند 26.5 غيغاواط من الكهرباء من محطات تعمل بالوقود التقليدي، أما كوريا الجنوبية فستضيف ثلاثة غيغاواط.

على رغم تعهد دول آسيا بالوصول إلى صفر انبعاثات كربونية في ما بين 2050 و2070 ضمن اتفاقات المناخ الدولية، فسيكون من الصعب مواجهة زيادة الطلب على الكهرباء من دون زيادة توليد الطاقة من مصادر تقليدية تؤدي إلى انبعاثات كربونية، وإن كان النمو السريع والقوي لتوليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة سيخفف من حدة تخلف دول آسيا عن جهود مكافحة التغير المناخي العالمية.